دعوات للعمل المشترك نحو الأزمات بين اليابان والمملكة المتحدة

سياسة

حث رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ”جون ميجور“ الدول الغربية والدول الآسيوية بما فيها اليابان على ضرورة اتخاذ مواقف مُوَّحدَة وإجراءات مُنَاسِبة تجاه المخاطر والأزمات العالمية، حيث تشير الدلائل إلى استمرار تفاقم الاضطرابات والصراعات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف ”إن لدى كلاً من آسيا وأوروبا مصالح في أحداث تتعدى حدودهما الجغرافية“، وذلك حسب ما أعلنه ”ميجور“ في خطابه الرئيسي في الندوة العالمية المملكة المتحدة ـ اليابان التي عقدت في طوكيو يومي ٢ و٣ أكتوبر/تشرين الأول تحت رعاية مشتركة لكل من مؤسسة ”نيبون“ والمعهد الملكي للشؤون الدولية، والمعروف باسم ”تشاتام هاوس“ ، بالتعاون مع مؤسسة ”ساساكاوا - بريطانيا العظمى“. وتأتي هذه الندوة المميزة، بعد الأولى التي عُقدت في ”تشاتام هاوس“ في لندن ببريطانيا في يونيو/حزيران من العام الماضي.

تحذير من تداعيات التصعيد العسكري للصين

وقد قال ”ميجور“ في خطابه تحت عنوان ”تحديات الأمن في آسيا: أهمية التجربة الأوروبية“، ما يلي : ”نحن نعيش في عالم يبدو أنه أصبح محفوفا بالمخاطر أكثر من أي وقت مضى“، لافتا النظر بشكل خاص إلى ”الفوضى في سوريا والعراق والكثير من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، والقتال الدائر في شبه جزيرة القرم، والنزاعات العسكرية والسياسية في آسيا“.

وفي اشارة إلى التوترات الأمنية في آسيا، سَّلط ”ميجور“ الضوء بشكل بارز على ”الصعود العسكري للصين والإنفاق الدفاعي المتزايد لها“. وقد رحب بظهور الصين كقوة اقتصادية، لكنه أشار: ”الشيء الأقل ترحيبا هو أن الصين توسع حضورها البحري في شرق وجنوب بحر الصين، وبتلك الطريقة يتم خلق التوترات مع جيرانها الآسيويين، مثل اليابان، الفلبين، وفيتنام. كما أنّ توسعة الصين الأخيرة لمنطقة الدفاع الجوي الخاصة بها تثير المخاوف الآسيوية“.

وعلى الرغم من كل ذلك فإن الصورة ليست قاتمة تماماً. حيث أشار ”ميجور“ بالقول: ”منذ عام ١٩٤٥ نجحت أوروبا عموماً في رأب صدع الانقسامات التي كانت تهدد بتقسيم القارة في الماضي“. ومضى في الحديث بالإشارة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسات متعددة الأطراف. ”الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا سيما وأن كل واحدة منها لعبت دورا في بناء الثقة بين الدول الأوربية“.

وكان الموضوع الرئيسي للندوة يتلخص في البحث عن المجالات المحتملة للتعاون بين اليابان وبريطانيا، أو على نطاق أوسع، بين منطقتيهما. وقال ”ميجور“ : ”في الوقت الحاضر، يبدو أن آسيا تتطلع إلى تجربة أوروبا في مواجهة التحديات الأمنية لمعرفة ما إذا كان هناك دروسا يمكن تعلمها والاستفادة منها. ولعل احد من تلك الدروس هو أن أوروبا يمكن أن تكون أكثر فعالية في المساعدة على حل بعض هذه التحديات“ وكاقتراح ملموس، فقد عرض ”ميجور“ قائلا ”لقد كان للاجتماع بين آسيا وأوروبا مكانا منذ عام ١٩٩٦، ويمكن أن تلعب دورا أكثر نشاطا، على حد سواء في حل التوترات الإقليمية وتحسين العلاقات بين منطقتينا“.

وجدير التنويه أن ”ميجور“ كان على رأس حكومة المحافظين من عام ١٩٩٠ إلى ١٩٩٧. وقد تولى رئاسة الوزراء بعد غزو العراق لدولة الكويت المجاورة له تحت قيادة ”صدام حسين“، وانضم بعد ذلك للولايات المتحدة في الحرب التي شنتها على العراق من أجل تحرير الكويت. وقد ناضل أيضا لحل الأزمة الدامية في إيرلندا الشمالية و كذلك الحرب العرقية في البوسنة باعتباره واحدا من قادة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

ضرورة توخي الحذر من العمليات البرية في الشرق الأوسط

وفي أواخر سبتمبر/أيلول ٢٠١٤ انضمت بريطانيا للولايات المتحدة الأمريكية في الغارات الجوية التي شنها ضد المسلحين في العراق وسوريا، بما في ذلك القوة المتنامية لما عاد يعرف بالدولة الإسلامية. وفي الجزء المخصص للأسئلة، سُئل ”ميجور“ عما إذا كان يتوجب على البلدان الغربية أن ترسل قوات برية إلى المنطقة. فأجاب إلى أن المعركة البرية يجب أن يقودها العرب والأكراد وقوى أخرى محلية في المنطقة. وأضاف قائلاً ”إذا ساد الغرب على الأرض، فسوف تستمر الحرب لطالما الغرب هناك“. لكنه أضاف ”أعتقد أنه من الصواب“ بالنسبة للغرب لإقراضه القوة الجوية، وبالتالي المصادقة على سلسلة من الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة.

أما بشأن قضية توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فقد أصر ”ميجور“ على أن دولاً مثل اليابان وألمانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل يجب أن يسمح لها بالانضمام، قائلاً إن مجلس الأمن الموسع ”سوف يصبح أكثر كفاءة وفعالية من ناحية صنع القرار“. كما انتقد حق النقض الحالي ”الفيتو“ الذي يتمتع به الخمسة أعضاء الدائمين والذي ”يعوق كفاءة الأمم المتحدة“.

صعوبات التعامل مع الدول الفاشلة

وفي جلسات نقاش اليوم الأول، تبادل المتحدثون وجهات النظر حول ثلاث قضايا رئيسية وهي ـــ الدول الفاشلة، إدارة الكوارث، الديمقراطية التي تمر بمرحلة انتقالية.

حيث أشار ”تاناكا أكيهيكو“، رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، إلى دولٍ مثل ”كمبوديا“ و"نيكاراغوا“ بأنها حالات نجاح ”نادرة“ والتي شهدت نهاية للصراع وذلك بفضل وجود قيادات قوية أو من خلال عملية إعادة بناء دولة ديمقراطية تشمل الانتخابات. وأصر ”إينوغوتشي تاكاشي“ رئيس جامعة محافظة ”نيغاتا“ بأنَّه على أن اليابان يجب أن تشدد على المساعدات الإنسانية من خلال مؤسسات الأمم المتحدة، وكذلك في مجال التعليم.

كما انضم إلى المناقشة أيضا محاضرون بارزون أخرون، ومن ضمنهم ”آدم روبرتس“، الأستاذ الفخري في العلاقات الدولية بجامعة ”أكسفورد“، و”ديفيد مالون“، رئيس جامعة الأمم المتحدة ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة.

دور لليابان في قضايا اللاجئين

وفي جلسات اليوم الثاني للندوة، أشار ”فوجيوارا كيئيتشي“، أستاذ السياسة الدولية بجامعة طوكيو، إلى خبرة اليابان العميقة والى المهارة في مساعدة اللاجئين. وقال إنه يجب أن تركز السياسة اليابانية على المساعدات الإنسانية، وهو نهج مختلف عن بريطانيا والولايات المتحدة.

من اليسار، ”نوغامى يوشيجي“، ”فوجيوارا كيئيتشي“، ”نايغل فيشر“، و”مايكل وليامز“ يناقشون قضايا الأمن العالمي. الصورة مجاملة من مؤسسة ”نيبون“.

وجدير بالذكر أن سبق وأعلن مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة في أواخر أغسطس/آب الماضي أن عدد المسجلين من اللاجئين السوريين قد تجاوز ٣ مليون لاجئ وتم تشريد حوالي نصف سكان سوريا، كما أن واحدا من بين كل ثمانية أشخاص قد فر إلى البلدان المجاورة. وقد شهدت تركيا، لبنان والأردن أكبر تدفق لللاجئين ما مجموعه ١.١٤ مليون لاجئ في لبنان، ٦٠٨ آلاف في الأردن، و٨١٥ آلاف في تركيا.

وكان ”نايغل فيشر“، وهو مساعد أسبق للأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية، وبأنّ لبنان - من بين هذه الدول الثلاثة - يشهد تهديداً لوجوده بسبب الضغط الذي يُتعرض إليه نتيجةَ تدفق اللاجئين عليه وبشكل متزايد، الأمر الذي أدى إلى تنافس على الموارد، وإحداث نوعٍ من التوتر وظهور مشاكل أمنية.

أما ”مايكل وليامز“ المدير الدولي بهيئة الإذاعة البريطانية BBC، فقد أشار إلى أن بريطانيا، التي قال إنها حافظت على علاقات جيدة مع الأردن، قد تكون قادرة على التعاون مع اليابان في تقديم المساعدة إلى هذا البلد.

وضع قضايا الطاقة والمسائل الداخلية تحت المجهر

وبخصوص الكارثة النووية التي وقعت بمحطة توليد الطاقة الكهربائية ”فوكوشيما - دايتئشي“ النووية التابعة لشركة كهرباء طوكيو ”تبيكو“، اقترح ”كوروكاوا كيوشي“- الزميل الأكاديمي في المعهد العالي الوطني للدراسات السياسية الذي ترأس لجنة تحقيق مستقلة في الحادث والتي أنشأها البرلمان الياباني ”الدايت“ - أنه بإمكان اليابان - وبريطانيا، وكلاهما بلدان جزر مكتظة بالسكان مع ندرة في الموارد الطبيعية -، التعاون في كيفية إيجاد حلول لقضايا الطاقة.

كما أظهر ”جيف كينغستون“ مدير برامج الدراسات الآسيوية في جامعة ”تمبل“ فرع اليابان - وجهة نظر متشككة حول إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية في اليابان، مشيرا إلى المخاطر المرتبطة بها بما في ذلك عدم وجود برامج إخلاء للسكان المحليين. وانضم إلى هذا النقاش أيضا ”لوتز مز“، أستاذ العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة من ألمانيا.

وقد تُوِّجت نهاية ندوة هذا العام بمذكرة تفيض بالحيوية، مع العديد من المشاركين تقترح موضوعاتٍ يتم فعلياً تناولها في التجمع التالي الذي سيعقد مرة أخرى في بريطانيا عام ٢٠١٥.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ٦ اكتوبر/تشرين الاول ٢٠١٤، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رئيس الوزراء البريطاني الأسبق :جون ”ميجور“ يتحدث أمام الندوة. الصورة مجاملة من مؤسسة ”نيبون“.)

اليابان مؤسسة نيبون بريطانيا المملكة المتحدة الأمن