بنك اليابان يفاجئ الأسواق بسياسة نقدية جديدة

سياسة اقتصاد

أعلن بنك اليابان المركزي يوم ٣١ أكتوبر/تشرين الأول بشكل مفاجئ عن إطلاق حزمة جديدة من عمليات التيسير الكمي وتخفيف السياسات النقدية، والذي يأتي في وقت عصيب في محاولة رئيس الوزراء آبي شينزو لإنعاش الاقتصاد الياباني من خلال سياساته الاقتصادية المعروفة باسم ”آبينوميكس“. وركود النمو الاقتصادي في اليابان وذلك منذ أن تحركت الحكومة في أبريل/نيسان عام ٢٠١٤ لزيادة ضريبة الاستهلاك بنسبة ٣٪ لتُصبح ٨٪. والسماح للاقتصاد ليظل ثابتا من شأنه أن يهدد جديا هدف رئيس الوزراء بانتشال اليابان من بيئتها الانكماشية. وهذا التوقيت غير المتوقع لإعلان البنك المركزي أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم ودفع أسعار الين للهبوط. لكن من غير الواضح معرفة كيف ستؤثر هذه الآثار على قرار آبي الذي لا يزال قيد الدراسة برفع ضريبة الاستهلاك إلى ١٠٪ اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠١٥.

مؤشر نكي يصعد لأعلى مستوى في ٧ سنوات

استيقظت الأسواق اليابانية من سباتها الطويل في الاسبوع الذي أعقب إعلان بنك اليابان المركزي. وفي ٥ نوفمبر/تشرين الثاني، وتصدر مؤشر نيكي ٢٢٥ القياسي بورصة طوكيو بعد صعوده لمدة خمسة أيام، ووصل إلى ١٧٠٠٠ نقطة للمرة الأولى منذ سبع سنوات. وشهدت أسواق العملات الأجنبية هبوط سعر صرف الين ليصل إلى ١١٤ ين مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في أكثر من ست سنوات ونصف السنة. ويتوقع المحللون استمرار هذه الاتجاهات للفترة المتبقية من العام.

ويمكن أن يُعزى التأثير الإيجابي على الأسواق بشكل أساسي إلى تأثير المفاجأة لإعلان البنك المركزي الياباني في ٣١ أكتوبر/تشرين الأول. وعند النظر إلى التفاصيل، نجد أن البنك المركزي يهدف إلى تعزيز الأسعار الراكدة من خلال زيادة القاعدة النقدية المستهدفة من خلال رفع مستوياته الحالية من ١٠ إلى ٢٠ تريليون ين إضافية، ليصل إجمالي مستوى القاعدة النقدية إلى ٨٠ تريليون ين. وسيقوم أيضا بتوسيع عمليات شرائه السنوية للسندات الحكومية طويلة الأجل التي تُقَدّر بما يعادل ٣٠ تريليون ين. وأخيرا، فإن البنك المركزي سوف يزيد مشترياته من الصناديق المتداولة في البورصة وصناديق الاستثمار التعاونية العقارية اليابانية.

وجاء إعلان بنك اليابان عن كثب في أعقاب بيان لجنة السوق المفتوحة الاتحادية لمجلس الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة بوضعه خططا لإنهاء برنامج التسهيل الكمي. وقد ساعد الإعلانان الإثنان معاً على تدفق عمليات الشراء والتي تركزت معظمها على المضاربين في الخارج. وفي اليابان، كشفت صندوق استثمار المعاشات الحكومية في نفس يوم إعلان البنك المركزي الياباني عن خططه للحد من حيازات السندات المحلية ورفع أهداف شرائه للأسهم اليابانية والخارجية.

وبشكلٍ عام فقد وجهت الإعلانات الثلاثة صدمة للأسواق متسببة في زيادة أسعار الأسهم وهبوط قيمة الين. وعلى الرغم من كل ما ظهر على السطح والذي حدث بشكل مستقل، يشك كثير من خبراء السوق في أن توقيت جزء مما حدث كان متعمدا وجهودا منسقة.

الأولوية القصوى: الوصول بنسبة التضخم إلى ٢٪

بعد فترة وجيزة من تعيين كورودا هاروهيكو محافظا لبنك اليابان المركزي، قام بالشروع في برنامج غير مألوف من التسهيل الكمي. وقد نجح البرنامج واسع النطاق في تحفيز وتحريك الأسواق، مما أعطى البرنامج لقب ”كورودا بازوكا“. ولعل هذه التسمية فجرت مرة أخرى الإعلان المفاجئ للطلقة الثانية من التيسيرات الأسواق.

وقد برر كورودا على نحو متكرر إجراءات التيسير النقدي الأخرى قائلا: ”إن الاقتصاد على وشك الخروج من دائرة الانكماش، ويجب أن نفعل كل ما بوسعنا لضمان وصول اأسعار المستهلك مُستوَياتِ مستهدفة“. وعندما تولى رئاسة البنك المركزي الياباني لأول مرة، وضع كورودا هدف رفع أسعار المستهلك بنسبة ٢٪ خلال العامين المقبلين. ويعتمد تحقيق شعار حكومة آبي على انتشال اليابان من الانكماش يعتمد على تحقيق هذا الهدف التضخمي. ومما لا شك فيه أن نجاح كورودا في هذا المسعى سوف يحدد مدى فعاليته وإمكانياته كمحافظ لبنك اليابان المركزي.

ضيق الموافقة على إجراءات التحفيز

لكن هناك ملاحظة واحدة هامة في قرار البنك المركزي الياباني وهي الهامش الضئيل الذي تمت به الموافقة على تدابير تعزيز التضخم للبنك المركزي. حيث أن التصويت على هذا القرار تم من قبل مجلس سياسة بنك اليابان، والذي يتألف من المحافظ ونائبيه، وستة أعضاء من القطاع الخاص، وانتهت عملية التصويت بنتيجة ٥-٤ لصالح المزيد من التيسيرات النقدية. وقد انضم عضوان من القطاع الخاص للمحافظ ونائبيه في الموافقة على إقرار الخطة، وتم الموافقة على الاقتراح بأغلبية صوت واحد فقط.

ولعله من غير المألوف بالنسبة لسياسة البنك المركزي الياباني أن يمر بمثل هذا الهامش الضئيل في اتخاذ القرارات، وهو ما ينبئ عن وجود اختلاف واسع في التفكير بين أعضاء المجلس بشأن مزيد من إجراءات التحفيزكما أعرب المعارضون عن قلقهم إزاء الآثار الجانبية المحتملة الناجمة عن تدابير التيسير الإضافية.

ويستند السيناريو الاقتصادي لسياسات آبينوميكس على الأسهم الثلاثة من التيسيرات النقدية الجريئة، التطبيق المرن للحوافز المالية، واستراتيجيات النمو. ومن الناحية النظرية فأنه من المفروض أن تؤدي التأثيرات المجتمعة لهذه السياسات إلى إنعاش الاقتصاد من خلال إقامة دورة اقتصادية مواتية سيما وأن هناك تحسين دخل الشركات رفع الأجور وفرص العمل، والذي يعود بدوره على تعزيز الإنفاق الاستهلاكي. وبينما رفعت التيسيرات النقدية توقعات السوق، فقد انقسم الاقتصاديون في القطاع الخاص على مدى المخاطر المحتملة التي يتعرض لها الاقتصاد من خلال الضربة القاضية على الآثار السلبية لحزمة التحفيز المالي.

لا توجد علاقة بالزيادة الضريبية المحتملة

وقد لاقت خطوة بنك اليابان المركزي ترحيبا من قبل العديد من الوزراء وأعضاء الحزب الحاكم ، مثل وزير المالية آسو تارو الذي أشاد بتلك التدابير لتوفيرها دفعة ضرورية للاقتصاد الياباني. وكان كورودا سريعا في رد ود الفعل لدحض الاتهامات بأن بنك اليابان المركزي يسعى لخلق أجواء مواتية لخطط الحكومة لرفع ضريبة الاستهلاك في أكتوبر/ تشرين الأول عام ٢٠١٥ نقطتين إضافيتين لتصبح ١٠٪.

ولا يزال الجدل مستمراً تجاه زيادة الضرائب مع استعداد آبي لاتخاذ قرار نهائي بشأن هذه القضية. حيث أن رئيس الوزراء سيبني حكمه بلا شك على أرقام الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يوليو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول. ومِن المقررأن تُعلن النتائج الأولية والتي طال انتظارها في ١٧ نوفمبر/ تشرين الثاني، كما سوف تعلن النتائج الأولية الثانية في ٨ ديسمبر/كانون الأول.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ١٠ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٤، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: محافظ بنك اليابان ”كورودا هاروهيكو“ يعلن عن مزيد من إجراءات التيسير الكمي في مؤتمر صحفي عثقد في ٣١ أكتوبر/ تشرين الأول. الصورة من Aflo/Xinhua)

ضريبة الاستهلاك الانكماش بنك اليابان الناتج المحلي الإجمالي آبي شينزو