الطريق لنزع فتيل أزمة الجزر واستراتيجية الطاقة الغير مفهومة

سياسة اقتصاد

رئيس الوزراء نودا يطالب باللجوء لمحكمة العدل الدولية

قام رئيس الوزراء نودا بتناول قضية جزيرتي سينكاكو وتاكيشيما المتنازع عليهما مع الصين وكوريا خلال خطابه (الخطاب متوفر باللغة الإنكليزية) الذي ألقاه أثناء انعقاد مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك في ٢٦ سبتمبر/ أيلول، وقد أعرب السيد نودا أنه لا يمكن أبداً القبول بمحاولة استخدام الترهيب وفرض الحلول أحادية الجانب، وقد دعا لقبول جميع الأطراف بما تقرره محكمة العدل الدولية وفقا للقانون الدولي، وأضاف أن بلاده متمسكة بمبدأ الحل السلمي للنزاع حول الأراضي والمياه الإقليمية، لذلك فقد دعا للجوء لمحكمة العدل الدولية كوسيلة لتسوية هذا النزاع.

وكما صرحت من قبل في صحيفة ”يوميوري شيمبون“ بتاريخ ٢٣ سبتمبر/ أيلول (صحيفة ”ديلي يوميوري“ تاريخ ٢٤)، أن اليابان لديها بالفعل السيطرة الفعلية على جزر سينكاكو، لذلك لم يكن هناك أي سبب لاستفزاز الصين بالقيام بالإعلان عن تأميم الجزيرة. إذا حدث هذا ستغضب الصين وبقوة، وسيزيد من حدة التوتر في محيط جزر سينكاكو وتاكيشيما، وأعتقد أن تمسك اليابان بموقفها بزعمها عدم وجود نزاع دولي حول السيادة على الجزر، سيكون صعباً في ظل إطلاق الصين لحملة دولية واسعة النطاق حتى تثبت أنها أراضي محتلة تابعة لها، وفي ظل مطالبة كل من الصين وتايوان بالسيادة على الجزر. لذلك أعتقد أنه في حالة اعتراف الحكومة اليابانية بهذا النزاع القائم، سيكون من الطبيعي اللجوء لمحكمة العدل الدولية كوسيلة لتسوية هذا لنزاع حول حدود المياه الإقليمية.

الحزب الديمقراطي واستراتيجية الطاقة

موقف الحكومة من استراتيجية الطاقة غير مفهوم.

أقيمت فعاليات اجتماع الطاقة والبيئة في سبتمبر/ أيلول، وقد وضعت الحكومة هدفا وهو ”العمل على إيقاف المحطات التي تستخدم الطاقة النووية بحلول عام ٢٠٣٠ حسب استراتيجية الطاقة الجديدة واستخدام البدائل من الطاقة المبتكرة“. لذلك سيتم تطبيق صارم للوائح المنصوص عليها بخصوص تشغيل المفاعلات لمدة ٤٠ عاما، وسيتم السماح فقط بتشغيل المفاعلات التي تقر لجنة السلامة النووية بسلامتها، ليس هذا فقط بل التوقف أيضاً عن التوسع فى بناء محطات جديدة، وفي نفس الوقت أوضحت الحكومة نيتها تعزيز محطات الطاقة النووية القائمة كمصدر هام للطاقة الكهربائية .

قرر مجلس الوزراء في ١٩ سبتمبر/ أيلول بأنّ الحكومة تعتزم في ضوء ذلك اعتماد ”الطاقة المبتكرة والاستراتيجية البيئية“ (الرابط متوفر باللغة الإنكليزية فقط) لكن هذه الاستراتيجية لاقت معارضة شديدة من الولايات المتحدة ودول أخرى سيما تلك التي ترتبط من الناحيتين الصناعية والتجارية مع اليابان. وربما بسبب ذلك قامت الحكومة باتخاذ قرارات عامة فقط دون التطرق للتفاصيل وفي نفس الوقت اتخذت خطوات استثنائية للحفاظ على الاستراتيجية الخاصة بالوصول إلى تقليص اعتماد البلاد على الطاقة النووية إلى الصفر أو أدنى مستوى يمكن الوصول إليه.

وقد اتخذت الحكومة القرارات التالية:
بالنسبة للاستراتيجية المستقبلية للطاقة، استنادا إلى الطاقة والسياسة البيئية، سنقوم بعقد مناقشات مع جميع الأطراف المعنية من المجالس البلدية والمجتمع الدولي، وسنسعى للحصول على التفهم الشعبي مع التحلي بالمرونة لإعادة النظر في القرارات قبل دخولها حيز التنفيذ.

يقال دائماً أن السياسة فن، لذلك فانّ هذه الجملة في غاية الروعة والدقة بحيث يمكن تفسيرها وتأويلها من اتجاهات مختلفة تبعاً لطرق تداولها. وقد ظهر رئيس الوزراء نودا بعد قرار الحكومة فى برنامج تلفزيوني وصرح ”تلبية لمطالب الشعب لا يمكننا التراجع عن الهدف الذي حددناه وهو الوصول بالمحطات النووية للصفر خلال الـ٣٠ عاماً القادمة “. لكني قرأت هذه الجملة أكثر من مرة ولم أفهم ما الذي تريد الحكومة تنفيذه على المدى الطويل.

بهذه الطريقة، أعتقد أنه ليس من المستبعد جدا أن يكون التنسيق الفعلي لخطة الطاقة الأساسية على أساس هذه الاستراتيجية والتي سيتم الانتهاء منها خلال هذا العام موضوعاً على الرف حتى إشعار أخر. فقد قال أيضاً السيد ميمورا رئيس اللجنة الاستشارية للموارد الطبيعية والطاقة”الموضوع به تناقضات حادة، لذلك من الصعب الوصول لقرار“ وطالب بإعادة النظر في الاستراتيجية بالفعل.

ووفقا للتغطية التى قامت بها جريدة ”يوميوري“ بتاريخ ١٥ سبتمبر/ أيلول منذ اقتراح الحزب الديمقراطي في ٦ سبتمبر/ أيلول والقاضي بـ (استخدام كل مصادر الطاقة المتاحة للوصول للتخلي الكامل عن الطاقة النووية بحلول عام ٢٠٣٠) وتقوم الحكومة بالبحث عن ”مخرج“ للهروب من التقيد بمثل هذا الاقتراح. ومن ذلك إدخال كلمات مثل (التعامل المرن مهما طرأ من متغيرات) على البيان الختامي للحكومة في المؤتمر غير الرسمي للوزارات المعنية المنعقد في ١٤ سبتمبر/ أيلول مع اعلان الاتفاق حول زيادة فرص التعديل في الخطة. وهو ما يعنى ببساطة أن الحكومة تحاول أن تحافظ على مخرج للهروب من محاولات المعارضة والحزب الديمقراطي الحاكم في اجتذاب الرأي العام بالدعوة إلى ”التخلي التام عن الطاقة النووية“ وذلك من خلال الحفاظ على خطط للطاقة مرنة ومتلائمة مع الواقع. لذلك أصبح قرار مجلس الوزراء غير واضح في هذا الشأن. وبذلك تعني هذه الوثيقة أنه هناك نشاطات جارية بين صفوف الحزب الديمقراطي الذي يحاول أن يقرر سياسات الطاقة والتي هي عصب الاقتصاد القومي واضعا نصب عينيه الانتخابات القادمة من جهة، وبين الحكومة التي تحاول التملص من تلك من القيود من جهة ثانية.

التحديات الاستراتيجية لرئيس الوزراء القادم

قام الحزب الديمقراطي باختيار ممثل الحزب في المؤتمر الاستثنائي للحزب الذى عقد فى ٢١ سبتمبر/ أيلول، وفاز به للمرة الثانية رئيس الوزراء الحالي يوشيهيكو نودا وبفارق كبير. وبعد ذلك طلب رئيس الوزراء نودا من أمين الحزب كوشي إيشي أزوما الاستمرار في منصبه. كان أمين الحزب كوشي إيشي أزوما حتى الآن يعطي الأولوية لتحقيق التوافق الداخلي بالحزب. وكان ينادي بأن تجري انتخابات المجلس التشريعي ”الدايت“ في نفس اليوم مع انتخابات مجلس الشيوخ في صيف العام القادم. وبالتالي يصبح من البديهي التأكد من تخلي رئيس الوزراء نودا عن فكرة حل البرلمان هذه السنة بإعادة تسمية كوشي ايشي أزوما أميناً للحزب.

وفي المقابل، قام الحزب الليبرالي بإجراء الانتخابات الداخلية لرئاسة الحزب في ٢٦ سبتمبر/ أيلول وكانت نتيجة التصويت في الجولة الأولى تقدم رئيس لجنة السياسات ”إيشيبا شيغيرو“ على رئيس الوزراء السابق ”سينزو آبي“، لكن وفي الجولة النهائية من التصويت فاز شينزو آبي وحل ايشيبا في المرتبة الثانية. ويبدو أن رد الفعل الرافض لرئيس لجنة السياسات إيشيبا شيغيرو من الأعضاء الكبار البارزين كرئيس الوزراء السابق ”يوشيرو موري“ و”أوكي ميكيو“ الرئيس السابق للجنة أعضاء مجلس الشيوخ، له صلة بترشح رئيس الوزراء السابق سينزو آبي لانتخابات رئاسة الحزب. وبالنظر إلى جميع استطلاعات الرأي، ترتفع احتمالات فوز الحزب الليبرالي في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي ستعيدهم إلى سدة الحكم مرة أخرى. ومن المحتمل أن يقدم الرئيس آبي لرئيس الوزراء نودا في ”القريب العاجل“ طلباً لحل البرلمان وذلك (وفاءا بالعهد الذي قطعه رئيس الوزراء نودا لتانيجكي سادكازو رئيس الحزب الليبرالي السابق (وذلك قبل تبني المجلس للبيان الخاص بزيادة ضريبة الاستهلاك في شهر أغسطس/ أب الماضي).

وبالإضافة إلى ذلك تتناول وسائل الإعلام مع الأخذ في الاعتبار الحكومة القادمة الخلاف السياسي بين رئيس الوزراء الحالي نودا ورئيس الحزب الليبرالي آبي، في عدد من المسائل ذات الاولوية هل سيتم التخلي عن الطاقة النووية، حتى لو تم تقليل الاعتماد على الطاقة النووية، سيما وان الحديث عن التخلي التام عنها الآن كلام غير مسؤول بالمرة.

وهل سيتم بالفعل زيادة الضرائب الاستهلاكية إلى ٨٪ فى ٢٠١٤، ثم إلى ١٠٪ فى ٢٠١٥ أم الموافقة على رفعها ولكن إذا ظل الانكماش الاقتصادي كما هو الآن فلا يجب رفعها. لا أقول أن مثل هذه الصراعات ليس لها أهمية، ولكن لا يجب إغفال الحقائق التالية بالنسبة للاقتصاد اليابانى.

الناتج المحلى الإجمالي لليابان فى العام السابق لأزمة انهيار مجموعة ”ليمان براذرذ“ فى عام ٢٠٠٧ ما يعادل ٥١٢٫٩ تريليون ين، التصدير٩٫٨٣ تريليون ين، الاستيراد ٧٣٫١ تريليون ين، الميزان التجاري ١٠٫٨ تريليون ين فائض، صافي الإيرادات الخارجية ٢٫١٧ تريليون ين، إجمالي الدخل القومي ٥٣٠٫١ تريليون ين. أما في عام ٢٠١١ فقد تقلص الناتج المحلى الإجمالي إلى ٤٦٨٫٤ تريليون ين، التصدير ٦٦٫٥ تريليون ين، الاستيراد ٦٨٫١ تريليون ين، الميزان التجاري ٢٫٦ تريليون ين عجز، صافي الإيرادات الخارجية ١٤٫٧ تريليون ين، إجمالي الدخل القومي ٤٨٣٫١ تريليون ين. يمكننا القول بطريقة أخرى أنه خلال ٥ سنوات من ٢٠٠٧ حتى ٢٠١١ انخفض الناتج المحلى الإجمالي ما يعادل ٨٫٧٪، التصدير ٢٠٫٧٪ ، الاستيراد ٦٫٨٪ ، صافى الإيرادات الخارجية ١٤٫٥، إجمالي الدخل القومي ٨٫٧٪ . كما انّ من الأسباب الرئيسية ايضا في عجز الميزان التجاري حادثة مفاعل فوكوشيما داى إيتشى وما نتج عنها من عجز في الطاقة مما أدى بدوره للتوسع فى عمليات استيراد الطاقة لسد هذا العجز الحاد، والذي سيزيد ويتفاقم أيضاً في المستقبل. لذلك أعتقد أنه ليس من المهم شخص رئيس الوزراء القادم، حيث ان التحدي الاستراتيجي الأكبر الذي تواجهه اليابان قي الوقت الراهن يكمن في وقف هذا النزيف الحاد ووضع حد لهذا التدهور على المدى البعيد.

الذكرى السنوية الأولى وإطلاق النسخة العربية

يصادف شهرأكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام الذكرى السنوية الأولى لإطلاق Nippon.com. وهذا الشهر أيضاً قمنا بإطلاق النسخة العربية إلى جانب اللغات الموجودة لدينا، اللغة اليابانية، الإنجليزية، الصينية، الفرنسية، والإسبانية. وفي الوقت نفسه، فإن العدد الإجمالي للزيارات لموقعنا ينمو باطراد، والرقم الشهري بالفعل أكبر بكثير من أعداد النسخ المطبوعة من قبل مجلات الرأي الكبرى. وكما لعبت مجلات مثل Kōron Chūō وKaizō دورا رئيسيا في تشكيل الرأي العام في اليابان خلال عهد تايشو (١٩١٢-١٩٢٦) وعهد شووا (١٩٢٦-١٩٨٩). نحن الآن بحاجة إلى إنشاء المنتديات التي يمكن أن تلعب دورا مماثلا في عصرنا هذا. هدفنا هو جعل Nippon.com بهذا الشكل، ونتمنى أن ننال دعمكم لنا في هذا المسعى.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ١أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٢)

محكمة العدل الدولية الطاقة المبتكرة الطاقة النووية