الشباب الياباني بين الرضى و التحدى

مجتمع لايف ستايل

كانت سنة ٢٠١١ كارثية بالنسبة لليابان. فما هي الدروس التي تعلمتها اليابان من هذه السنة المضطربة التي تخللتها اجتياح أزمة دولية ذات مخاطر كبرى ومخاوف من موجة ثانية من الانكماش الاقتصادي منذ أزمة عام ٢٠٠٨ المالية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة؟ وماهي التحديات التي واجهتها في السنة التي تلت الكارثة (أي ٢٠١٢)

الروح العالية للمتطوعين

على الرغم من الكوارث الغير معهودة التي واجهت اليابان نتيجة زلزال ١١ مارس/آذار وحادثة انفجار المفاعل النووي بفوكوشيما إلا أن القطاع العام قد أهدر وقته في محاولة منه للتطرق إلى جهود إعادة الإعمار. وفي ظل هذه الإستجابة البطيئة للقطاع العام، شاركت المنظمات الغير ربحية ومنظمات المجتمع المدني بنشاطات مساعدة لرسم الخطوط المستقبلية ليابان ما بعد الكارثة. كما توجد مجموعات غير منتظمة من الأفراد الذين اجتمعوا للقيام ببعض النشاطات وقد أصبح هؤلاء منتظمون خلال قيامهم بتلك النشاطات. إن الأعمال التطوعية التي يقوم بها الطلاب سيكون لها تأثير كبير على حياتهم المستقبلية. والدرس المهم الذي يمكن أن نتعلمه هنا أنه في الوقت الذي تعثرت فيه جهود القطاع العام، عملت القطاعات الغير ربحية ومنظمات المجتمع المدني بجهد منقطع النظير من أجل تقييم حاجات ضحايا الكارثة والعمل على مساعدتهم.

فعلى سبيل المثال تبرع الصيادون بقوارب صيد لدعم المناطق المنكوبة. وقام بعض الأفراد بصنع موقع الكتروني لبيع المأكولات البحرية الطازجة عبر الإنترنت وذلك لجذب الصيادين إلى الموانئ المتضررة. وفي لفتة لطيفة من المتطوعين تم تعليق الثياب على مكان لتعليق الملابس بدل تركها في الصناديق لجعل الناس في المناطق المتضررة يشعرون وكأنهم يتسوقون.

كانت مثل هذه من النشاطات في بداية الأمر غير ربحية ولكن عندما ترتكز هذه النشاطات على أسس متينة يصبح لها القدرة على النمو والتحول إلى شركات تغطي تكاليف العاملين عليها، وهذا هو الجانب العملي لها. ويمكننا أيضا أن نلاحظ من خلال هذه الظاهرة عملية الاستفادة بشكل إيجابي من المجتمعات الهرمة.

الشباب الياباني والبحث عن التغيير

في نفس الوقت يوجد بين جيل الشباب من هو راض عن حياته ولا يهمه حدوث أي تغيير في الوضع الحالي. ويتضارب هذا الموقف مع العالمية في مقالة الإيكونوميست (التضارب الكبير) في ١٠ سبتمبر/أيلول ٢٠١١. وقد ذكرت المقالة بعض التطورات العالمية المثيرة للمفاجئة ومنها:

- أصبحت فرص العمل للأيدي العاملة الغير مؤهلة نادرة في الإقتصادات النامية.

- تعصف رياح التغيير لتوجيه الدول النامية والصاعدة نحو الأعمال الروتينية ووظائف الطبقة المتوسطة في قطاع أعمال الياقات البيضاء خاصة في الدول التي تتحدث باللغة الإنكليزية.

على الرغم من التغيرات الهائلة في نظام التوظيف في العالم فإن اليابان تواجه وضعا مختلفا تماما. ففي المسح الذي أجري من قبل مكتب مجلس الوزراء بعنوان (مسح الرأي العام حول حياة الناس) نجد حقائق مفاجئة عن أراء الشباب الذين هم في العشرينات. ففي السبعينيات كانت نسبة الراضين عن حياتهم حوالي الـ ٥٠٪، ولكن بحلول عام ٢٠١٠ ارتفع هذا الرقم ليتجاوز الـ ٦٥ ٪. وقد تكون إحدى الأسباب وراء ذلك هو أن هؤلاء الشباب يعيلهم أهاليهم الذين عاشوا في فترة النمو الإقتصادي الهائل لليابان ولذلك يبقى هؤلاء الشبان بمعزل عن العالم الخارجي بسبب حاجز اللغة في الوقت الذي تمضي فيه الشركات اليابانية قدماً نحو التخطيط للمستقبل. ولذلك لا نتفاجأ حين نعلم أن شركة باناسونيك قررت توظيف أيدي عاملة غير يابانية.

ورسالتي إلى الشباب الياباني أن في الحياة هناك العديد من الطرق التي يمكن للمرء أن يسلكها. ومن بين هذه الخيارات التشبث مدى الحياة بوظيفة في شركة عريقة أو في مؤسسة حكومية أو اكتساب مهارات في مؤسسة غير ربحية لخدمة مجتمعك المحلي. وحتى لو لم يرد الشباب التحدي والعمل على المستوى العالمي أتمنى أن يتحدوا أنفسهم داخل اليابان بشكل يجعلهم يستغلون طاقاتهم الكامنة.            

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، ١٦ يناير/كانون الأول ٢٠١٢)

كارثة الزلزال الكبير في شرق اليابان الشباب الاقتصاد العولمة