هل تحظى حياة المواطن حقا بالأولوية؟

سياسة

قام ياما أوكا كنجي عضو مجلس النواب (الرئيس السابق للجنة الأمن القومي العام) من الحزب الديمقراطي في الساعة الثانية عشر والنصف في اليوم الثاني من يوليو بمعارضة حكومة يوشيهيكو نودا في قرارها بزيادة ضريبة الإستهلاك، كما تقدم ٥٠ عضواً من أعضاء مجلس الشعب المنتمين إلى نفس الحزب بإستقالتهم إلى المكتب التفيذي للحزب، وفي مساء نفس اليوم، أبدى الزعيم الحزبي السابق أوزاوا إيتشيرو قائد ”الحراك الرافض“ في المؤتمر الصحفي رغبته الشخصية في الإستقالة من الحزب. وانتقد رئيس الحكومة نودا يوشيهيكو الذي قرر زيادة ضريبة الإستهلاك قائلاً: ”هناك أشياء أخرى يجب عليه القيام بها قبل زيادة الضرائب“. وأكد زعيم الحزب السابق أوزاوا على أهمية خطة ”حياة المواطن في المقام الأول“ الواردة في بيان الإنتخابات العامة في ٢٠٠٩ والتي أتت بالحزب الديموقراطي إلى الحكم. وقام السيد أوزاوا مع مجموعة النواب الجدد بمجلسي النواب والشيوخ المستقيلين من الحزب الديمقراطي بتغيير اسم مجموعتهم إلى الاسم الاستثنائي المميز ”حياة المواطن أولا“.

 ”الإنتخابات أولاً“

لكن هل حقا يفكر أوزاوا النائب السابق في أن ”حياة المواطن أولا“. لقد أثار الدافع في ذلك العديد من الانتقادات. وقد رأى مايهارا سيجي رئيس مجلس البحوث السياسية من الحزب الديمقراطي في معارضة أوزاوا للزيادة الحادة لضريبة الإستهلاك وإستقالته من الحزب (أنه يهزأ بالشعب إذا كان يرى أن بإمكانه ربح الإنتخابات لمجرد بقوله أنه: ”معارض للزيادة الحادة للضريبة وزيادة توليد الطاقة النووية“) وانتقده بشدة. أيضا صرح وزير الخارجية جنبا كوإتشيرو (أنه رغم علمه بعدم إمكانية التخلي عن زيادة الضريبة، فإن قوله بأنه قد يكون ذلك حقا تصرفا غير مخلص. حيث أنه من الواضح أنه من المستحيل في ضوء البيان الذي أوضح أن الدعم يلتهم جزء ضخم من الموارد الإقتصادية). بل و أكثر من ذلك فقد سخر أسو تارو رئيس الوزراء السابق عن الحزب الليبرالي من ذلك المنطق بالقول (أن النواب الجدد المنادين بأن حياة المواطن أولا، أليس من الأفضل لهم إطلاق شعار ”الانتخابات أولا“ على حزبهم).

نجد أن النواب الذين وافقوا على الاستقالة الحزبية للنائب أوزاوا، باستثناء النواب المحيطيبن بأوزاوا، هم في الأغلب من النواب الذين نجحوا في الإنتخابات لمرة واحدة فقط من ذوي القاعدة الإنتخابية الضعيفة. وعلى الأرجح في الإنتخابات العامة القادمة، سيخسر معظم نواب المعارضة الزائفة مقاعدهم الإنتخابية. وكما لو أن السيد أوزاوا يغذي هذا الإحساس بإثارة القلق لدى النواب بتكراره أكثر من مرة ”إن الإنتخابات العامة أصبحت قريبة جدا“. ويبدو أن الوهم يسود أغلبية النواب من ذوي القاعدة الانتخابية الضعيفة بامتلاك السيد أوزاوا للكثير من ”السحر“ و”المال“ اللازمين لإنجاحه في الإنتخابات العامة. وأعتقد بأن السيد أوزاوا لا يمتلك ولم يمتلك أبدا مثل هذا ”السحر“.

بالتأكيد تعلم السيد أوزاوا من تاناكا كاكو أيه والسيد تاكيشيتا نوبورو الاستراتيجيات اللازمة للفوز بالانتخابات وقام بتعليمها للنواب الصغار. ولكن عدد النواب المحترفون القادرون على تطبيق هذه الإستراتيجيات في الحزب الديمقراطي محدودا. كذلك لم يكن ترقي الحزب الديمقراطي في الانتخابات العامة عام ٢٠٠٩ بفضل ”سحر“ القائد أوزاوا. بل كان بسبب النقد والإحساس بتراخي الحزب الليبرالي الذي تولى الحكم لفترة طويلة. و في الحقيقة لم تكن نسبة مؤيدي الحزب الليبرالي في تلك الفترة عالية. حيث نجد وفقا للإستفتاء الذي قامت به كل من جريدة يوميوري و جامعة واسيدا، أنه في مقابل نسبة تأييد ٣٣٫٧ ٪ لصالح الحزب الليبرالى حصل الحزب الديمقراطي على ٢٣٫١ ٪ فقط في فبراير ٢٠٠٩. أما في يونيو ٢٠٠٩، أبدى ٧٣ ٪ من عينة الإستفتاء خيبة أملهم في الحزب الليبرالى.

الرد الحاد للسيد أوزاوا

رد فعل الشارع على موقف السيد أوزاوا لايزال حاداً حتى الآن. وفي الحقيقة، كانت نسبة من أجابوا بأنهم لا يعولوا على الحزب الجديد للسيد أوزاوا وفقا لإستطلاعات الرأي التي قام بها كل من جريدة سان كي (٣٠ يونيو/ حزيران - ١ يوليو/تموز)  ٨٦٫٧ ٪  و٧١ ٪ وفقا لجريدة ماينتشي (٢٧ و ٢٨ يونيو/ حزيران). ومع وضع ما سبق في الإعتبار، نجد أنه في الحقيقة من غير المنطقي أن يقوم النواب القلقين من الإنتخابات بالسير على خطى السيد أوزاوا في الإستقالة من الحزب. فالإستقالة من الحزب والإنضمام لحزب جديد تزيد من إمكانية خسارة المقاعد الإنتخابية في الإنتخابات القادمة. وقد أبدى سكان المناطق المنكوبة من ”تسونامي“ غضبهم من مثل هذه التصرفات. فقد انتقدن نحو٧٠ من السيدات المقيميات بالمساكن المؤقتة في محافظة ”أيواتة“، مدينة ريكوزن تاكاتا قائلات  ”لم يهتم السيد أوزاوا بالمناطق المنكوبة من قبل. هو لا يرى إلا نفسه والمحيطين به فقط. وبدا انه لا علاقة له بالمناطق المنكوبة“ ( جريدة السان كي، ٣ يوليو ٢٠١٢). ففي مقابل موقف قيادات و وزراء حكومة نودا الذين قاموا بزيارة المفاعل النووي لفوكوشيما داي إيتشي والمناطق المنكوبة بالتسونامي عدة مرات مثل السيد هوسونو جوشي وزير البيئة نجد أن السيد أوزوا لم يزر المناطق المنكوبة بالتسونامي بما فيها محافظة ”إيواته“ إلا مرات قليلة. مما يجعلنا نفكر جديا بمصداقية الشعار المرفوع هل حقاً ”حياة المواطن أولا“؟

وفي النهاية، أصبح السيد أوزاوا، شخصا بعيدا جدا عن ”حياة المواطن“. من المستحيل أن يشعر بالمواطن العادي بعد أن أمضى ٤٠ عاما في الحياة النيابية في منطقة ناجاتاتشو بالعاصمة طوكيو. وفي المقابل، أعتقد أن رئيس الوزراء نودا يوشيهيكو بالذات حريص دائماً على "حياة المواطن" من خلال بذل جهود مضنية لضبط الأوضاع  المالية والاقتصاد مستوعبا أيضاً الانتقادات له ولحكومته من أجل الحفاظ على حياة المواطن الياباني ومضاعفة الجهود لتفادي إنهيار إقتصادي مثلما حدث في اليونان. أي من السياسيين يضع المواطن نصب عينيه ويفكر حقاً أن ”حياة المواطن أولاً“؟ دعونا نأمل أن يكون لدى المواطن الفطنة اللازمة للحكم على الأمور بشكل صحيح .

(٦ يوليو/ تموز ٢٠١٢، الترجمة من اللغة الإنكليزية)

انظر إلى الروابط باللغة الانكليزية للاطلاع على مقالات أخرى للكاتب

Inertia and Drive in the DPJ’s Security Policy Breaking Away from Indecisive Politics Japan in Search of a New International Identity

ضريبة الاستهلاك الحزب الليبرالي يوشيهيكو نودا الحزب الديمقراطي أسو تارو