ثقافة السوشي والمانغا تجتاح دبي

ثقافة مانغا وأنيمي

يبلغ عدد سكان إمارة دبي حوالي الـ ٢ مليون نسمة وعلى الرغم من صغر حجم هذه الإمارة إلا أنها غنية بتمازج السكان المحليين مع غيرهم من المهاجرين الأجانب الذين يشكلون ٩٠ ٪ من إجمالي عدد السكان.

دبي بعين الطائر وبعين النملة


عرض خريطة بحجم أكبر

يقطن في هذه المدينة الساحرة حوالي المليونين نسمة.

تتميز مدينة دبي بامتزاج وتناغم الماضي والحاضر. حيث يتربع في منتصف المدينة رمز الحداثة متمثلا ببرج خليفة الذي يبلغ طوله ٨٢٨ مترا ويحوي على ١٦٠ طابقا. إذا صعدت إلى أعلى هذا البناء ستتمكن من مشاهدة صفوف من الناطحات السحاب التي تمتد على مدى الصحراء حيث تبدو من فوق وكأنها حبيبات متناهية بالدقة فتشعر وكأنك تطل على مجسمات صغيرة تستخدم في صناعة الأفلام السينمائية.

إن رسوم الصعود إلى البرج ليست بالرخيصة فهي تتراوح بين الـ١٣٠ درهم إذا قمت بالحجز المسبق وقد تصل إلى ثلاثة أضعاف هذا المبلغ إن أردت الحصول على تذكرة في نفس اليوم. على الرغم من ارتفاع ثمن التذاكر إلا أنني أعتقد أنها زيارة تستحق القيام بها، لتتمكن من رؤية دبي بعين الطائر.

وبعدها توجهت إلى خور دبي لأستمتع بالركوب على متن إحدى المراكب المكتظة بركاب من مختلف الجنسيات من عرب وباكستانيين وهنود أوروبيين وصينيين، وكنت أنا اليابانية الوحيدة. بخلاف برج خليفة فإن تكلفة هذه الرحلة رخيصة للغاية وتبلغ درهما واحدا فقط.

المسافرون على متن المركب. المرسى على اليسار.

مضى الوقت بسرعة البرق وأنا أستمتع بالنسيم العليل، وأتفرج على المراكب الأخرى والشواطئ الممتدة. وبعد أن رسونا على الضفة الأخرى، توجهت إلى السوق القديمة وحي الهنود الذي يجذب بمظهره التقليدي الرّحالة من كل صوب. وهذه المرة كان برج خليفة يتراءى لي وكأنه سراب بعيد بالكاد أرى شكله، فأحسست وكأنني نملة صغيرة.

يحتفظ حي الهنود بطابعه التراثي القديم.

وتعتبر مدينة دبي موقعا استراتيجيا للقراصنة، يؤمن وصول البضائع إلى الصومال ويرسو على مينائها سفن شحن ذات أحجام متعددة وغالبا ما تكون تلك البضائع مؤنا يعتمد عليها القراصنة.

ولعل هذه إحدى القصص المثيرة المتداولة في هذه المدينة التي يمتزج فيها الحاضر بالماضي ويتعايش فيها السكان المحليون مع المهاجرين الأجانب.

 ويوجد في دبي حوالي ٢٢٥ شركة يابانية (وفقا لإحصائيات ٢٠١١)، كما يسكن فيها ما يقارب الـ ٢٢٦٧ مواطن ياباني ويعد هذا العدد الأكبر في منطقة الخليج العربي. ورغم ذلك فقد ما زالت اليابان بعيدة كل البعد عن الإمارات وهي مجهولة بالنسبة لها إلا على مستوى الأعمال.

مانغا سوشي يعبر عن الحب لليابان

سلطان وهو يحمل تشكيلة من وجبات السوشي الخاصة بمطعمه.

وخلال زيارتي هذه التقيت بشخص مميز يدعى سلطان البنى مالك مطعم مانغا سوشي وقد ابتهجت لما سمعت إنه يعشق اليابان لأبعد الحدود. إن مطعم السيد سلطان معروف بين هواة المانغا والأنيمي ولكن ما جذب انتباهي هو شخصية سلطان التي تستحق التعرف عليها من قبل جميع اليابانيين والعرب على حد سواء.

وهو رجل أعمال شاب مازال في الثلاثين من عمره وقد تعرف على المانغا في الثانية عشر من عمره ولم يستطع من وقتها الكف في التفكير بها. فإن سألته سيعدد لك جميع سلاسل المانغا الحديثة منها والقديمة فقد فاجأني بمعرفته لأعمال مثل: الكابتن ماجد، إيكوسان، عبقور، هايدي، الليدي أوسكار، وأراري تشان.

علی الرغم من أن أباه كان يوبخهه باستمرار ويحثه على مواظبة الدراسة بدلا من قراءة المانغا، إلا أنه استمر بقراءتها ولقد قال لي :”إن المانغا اختراع عظيم وأنا أحبها للغاية!“

يقع مطعم مانغا سوشي في الطابق الثاني لمبنى بيش بارك بلازا المقابل لحديقة شاطئ الجميرة والمطل على الخليج العربي. وقد تم افتتاح هذا المطعم قبل خمس سنوات ليجذب إليه عشاق المانغا والسوشي على حد سواء.

يخطف هذا المطعم الأبصار بتصميمه الأنيق حيث ارتسمت على حيطانه شخصيات الكرتون، كما اصطفت على الرفوف مجسمات المانغا، وكانت بالطبع تعج فيه العديد من كتب المانغا المفضلة باللغة الإنكليزية.

تحب النادلة الموضة الرائجة في حي شيبويا في اليابان.

سلطان جدير بلقب ”سفير المانغا“

لقد تفاجأت بتنوع قائمة السوشي المقدمة في المطعم، فبالإضافة للسوشي العادي يوجد وجبات سميت بأسماء وألقاب يابانية مألوفة كالأوتاكو وغودزيللا وياكوزا ودراغون بول وهذا أمر مميز وغير موجود في مطاعم السوشي اليابانية، لم أعرف ما فحوى هذه الوجبات ولكني كنت متشوقة وبنفس الوقت متخوفة بعض الشيء من وصولها إلى طاولتي. فعلى سبيل المثال يحتوي طبق ”ياكوزا“ على تنبورا القريدس والأفوغادو والخس وسمك السلمون المدخن. وبالطبع يعلم سلطان معنى كلمة ياكوزا (أي مافيا اليابانية) ولكنه يقول إنه اختار الاسم لأن وقع لفظها يروق له.

ولم يقتصر المحل على السوشي بل يوجد فيه الأكونومي ياكي المشهور في هيروشيما، وإن كان ذلك يدل على شيء فإنه يدل على مدى معرفة سلطان الواسعة باليابان. لقد جاب سلطان أصقاع العالم ولكنه يقول إن لليابان مكانة خاصة في قلبه وقد تأثرت كثيرا بقوله هذا.

كما أنه شديد الإطلاع على التاريخ الياباني فعندما سألته عن العصر الذي يحبه، أجابني بلا تردد: ”عصر ميجي“. ولقد اعجبتني دقة ملاحظته فهو اختار هذا العصر لأنه يعتقد أنه العصر الذي طوّرت فيه اليابان نفسها. وهكذا فلعل المانغا هي الدافع الذي يحث سلطان على البحث المستمر والتعرف أكثر على الحضارة والثقافة اليابانية.

وحتى بانتهاء فترة الغداء فقد تواجد في المحل بعض الزبائن. ويأمل سلطان أن يكون هذا المحل حلقة وصل بين اليابان ودبي وإن سماعي لذلك جعلني أحس بأن الربح بالنسبة لهذا الرجل الأعمال الشاب هو أمر ثانوي. ولإني أعتقد أن سلطان هو بالفعل جدير بلقب ”سفير المانغا“ ولذلك أعلق عليه الآمال للوفاء بهذا اللقب.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ٢٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٣)

الكابتن ماجد المانغا أنيمي