الزبون ليس ”إلهاً“ دائماً في اليابان !

مجتمع ثقافة لايف ستايل

كان ذلك منذ بضع سنوات عندما حضر صديقي من الصين مع زميل له في العمل إلى اليابان في رحلة عمل وبعد أن تفقدنا بعض الأماكن في طوكيو ذهبنا لنأكل في مطعم دوار للسوشي في منطقة ”أوينو“. كانت زيارة اليابان بالنسبة لهما لأول مرة وبالطبع كان الأكل في مطعم دوار للسوشي أول تجربة لهما فشرحت لهما نظام المطعم وهو أن يأخذا ما يعجبهما من أطباق السوشي من على الحزام الدوار واقترحت علَيَهما تناول بعض الأنواع من الأسماك التي أفضلها وطلبتها لهما.

شتائم في مطعم السوشي

وفجأة سمعت صوت توبيخ لنا يقول: ”إذا كنت ستأكل بهذه الطريقة فلا تأتي إلى هنا واخرج حالا“ - فنظرت إلى صديقي فإذا به يفصل كتل الأرز عن مكونات السوشي ويجمعها على حدة ثم يأكلها كما يؤكل الساشيمي وهذا ما أغضب صانع السوشي. فكما يقول المثل: ”إذا كنت في روما فافعل كما يفعل الرومان“ فاعتذرت في الحال لصانع السوشي وشرحت له الوضع وخرجت من الموقف بسلام ولكن هذا الموقف كان بمثابةِ صدمة ثقافية بالنسبة لي.

لقد ترك ذلك الموقف انطباعاً في ذهني فقد كنت أعتقد أن الزبون على حق أو كما يقال في اليابان ”الزبون إله“ ولكني شاهدت بذلك موقفاً أثبت لي العكس ذلك تماما. فالزبون حتى لو كان إلهاً ربما يُهان إذا كانت الحالة المزاجية لصاحب المحل ليست جيدة. وحتى لو فرضنا جدلاً بأن غضب صانع السوشي كان له سبب ولكن شتيمته وتوبيخه لنا لم يكن بالتصرف اللائق. فقد كان خطأ كبيرا فهو تناسى نقطة هامة وهي أن ”الزبون إله“.

شيء أكبر من مقولة ”الزبون دائماً على حق“

وفي يوم من الأيام شاهدت برنامجاً للاستشارات القانونية في التلفاز يستضيف أربعة محامين ويسألهم عن رأيهم القانوني في حالة يعرضها. وتناول البرنامج في هذه الحلقة حالة صاحب مطعم ”رامين“ حيث وضع قاعدة للأكل في مطعمه وهي أن يتناول الزبون في البداية رشفة من حساء الرامين ثم بعد ذلك يتناول النودلز نفسها. ولكن قام أحد الزبائن بتناول النودلز أولاً فقام صاحب المطعم بطرده منه فغضب ذلك الزبون وقام برفع دعوى على المطعم. إلا ان شخصين اثنين من محاميّ البرنامج أيَّدَا موقف صاحب المطعم قانونياً وكان البرنامج مثيراً للاهتمام من الناحية القانونية ولكن اهتمامي انصبّ على السبب أو بالأحرى تمسك صاحب المطعم بتناول رشفة من الحساء في البداية حتى لو استاء من ذلك الزبائن.

ألم يكن الزبون إلهاً من قبل!؟ لكن وبعد التفكير توصلت إلى ما يلي: ”ان صاحب المطعم في نفس الوقت الذي يكون فيه تاجراً فهو صانع ومبتكر أيضاً فالتاجر ربما يتلخص همه في أن يرضي الزبائن وأن يحقق المكاسب المالية فقط، ولكن بالنسبة لصاحب مطعم الرامين الذي سبق ذكره فقد كان من الواضح أنه يرغب في عرض ما قام به من عمل ويفتخر به كمبتكر أو مخترع وبالتالي فحتى يستمتع الزبائن بألذ طعم أعده الصانع فقذ رأى أنه ينبغي أن يبدأ بتناول رشفة من الحساء أولاً وهنا يظهر مدى تمسك وفخر الصانع بعمله.

وهنا التعاون من الزبائن كان عنصراً هاماً لتحقيق تلك الفكرة وهي تناول الحساء أولاً. ففكرة أن ”الزبون إله“ تنطبق على من يتقدم بالتعاون من الزبائن ومن لا يتعاون من الزبائن فيرفض دخوله من البداية“. وبطريقة التفكير هذه كان تصرف صانع السوشي طبيعيا فكل من صانع السوشي وصانع الرامن هم صناع محترفون ولكل صانع جزء يتمسك به ويحافظ عليه ولا يرضى بالتنازل عنه مهما كان!

ولربما تراود المرء تساؤلات هامة مثل كم يا تُرى عدد اولئك الذين يحافظون على تلك الجزئية والتفاصيل ذات الحساسية من ثقافة الصناع في اليابان في هذه الأيام. أعتقد ان كل تجارة لا تأخذ كبرياء الصانع بعين الاعتبار وتسعى إلى إرضاء الزبائن فقط تكون تجارة لا عمق لها.

 (المقالة الأصلية باللغة الصينية، الترجمة من اللغة اليابانية)

الصين الطعام الياباني الحرفيون