”أسادا ماو“ تسحر قلوب العالم بأدائها ودموعها

مجتمع ثقافة لايف ستايل رياضة

أداء ممتاز تصفيق مدو ودموع الفرح

في لحظة الانتهاء من أداء التزحلق بكت ”أسادا ماو“ رافعة وجهها للسماء. في تلك اللحظة كان التصفيق لها يدوي مثل الرعد من كل مكان. وهنا ”أسادا ماو“ وفي لحظة تغيرت ملامحها إلى ابتسامة جميلة وفتحت ذراعيها.

في أول يوم من مسابقة التزلج الفردي للسيدات البرنامج القصير حصلت ”أسادا ماو“ على المركز السادس عشر ولكنها في اليوم التالي وفي مسابقة البرنامج الحر تخطت أفضل رقم شخصي لها ١٣٦٫٣٣ نقطة حيث حصلت على رصيد ١٤٢٫٧١ نقطة وتعدت عشرة أشخاص لتصبح في المركز السادس.

وقد عقبت أسادا بعد العرض قائلة : ”كنت أشعر بضغط نفسي كبير في البرنامج القصير وتجدد خوفي من الأولمبياد للمرة الثانية. وشعوري تجاه نفسي لم يكن غيظا أو تحسر بل كان لوما لنفسي. ولكني في البرنامج الحر استطعت أن أرد الجميل لكل من ساندوني حتى الآن. فدموع الفرح تحمل نفس معنى الابتسامة“.

كان أداء أسادا ممتازاً. فقد كانت أول سيدة تقفز ”القفزة الثلاثية“ ثماني مرات. ونستطيع القول أيضاً بأن القفزة الثلاثية هذه كانت بمثابة هوية ”أسادا“ التي ستبقى في الذاكرة وسجل تاريخ الرياضة.

الولع منذ الطفولة بالقفزة الثلاثية

ولدت ”أسادا“ في مدينة ناجويا بمحافظة ”أيتشي“ في ٢٥ من سبتمبر/أيلول، وبدأت التزلج على الجليد مع أختها الكبرى في سن الخامسة. وكانت تمارس في نفس الوقت رياضات أخرى مثل الباليه والجمباز والرقص. كانت في فريق كرة السلة عندما كانت في المدرسة الابتدائية وكانت دائما تُختار ضمن لاعبي سباق التتابع نظرا لسرعتها في الجري. وتقول ”ماو“: لو لم أمارس رياضة التزلج الفني لمارست رياضة ألعاب القوى.

أسادا والتي تتوفر فيها كل خصائص الرياضي بالإضافة إلى سحر وجهها الجميل كانت دائما تحلم بالدخول لعالم التزلج الفني في دورة الألعاب الاولمبية. وكانت تحلم بأن تكون مثل ”تارا ليبينسكي“ الأمريكية والتي حصلت على الميدالية الذهبية وهي في سن الـ ١٥ في دورة الالعاب الأولمبية في”ناجانو“ عام ١٩٩٨. فقد كان لـ ”القفزة الثلاثية“ وجود بشكل كبير في قلب ”أسادا“ التي كانت ماتزال طفلة.

تعرف مدينة ”ناجويا“ باسم ”مملكة التزلج الفني“. وقد شارك ٨ لاعبين (من أصل ١٢ لاعب) من أهل هذه المدينة في الأوليمبياد بما في ذلك أسادا. فهناك العديد من الأمهات اللاتي تأتي لمشاهدة بنتاهن وهن يتزلجن، ولم تكن والدة أسادا استثناء من ذلك.

وعندما أصبحت أسادا في المدرسة الابتدائية وبدأت التميز بالقفز أشرفت عليها المدربة ”يامادا ميتشيكو“ وهي المدربة المعروفة التي أشرفت على ”إيتو ميدوري“ التي أحدثت طفرة غير مسبوقة في التزلج الفني في جميع أنحاء ناجويا. وهنا تدربت أسادا على ٦ أنواع أساسية من القفز وأتقنت القفزة الثلاثية وهي مازالت في المدرسة الابتدائية.

وركزت أسادا بشكل رئيسي على القفزة الثلاثية التي نجحت فيها ”إيتو ميدوري“ أول لاعبة في العالم تحقق نجاحاً في القفزة الثلاثية. فقد اختارت أسادا لنفسها أصعب القفزات حيث أن من نجح في هذه القفزة قلة قليلة من لاعبي العالم يعدوا على الأصابع. فقد كان في ذلك الوقت إيتو ميدوري في أولمبياد البرت فيل الفرنسية عام ١٩٩٢ وأسادا في أولمبياد فانكوفر في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية عام ٢٠١٠.

أسادا اشتركت ببطولة اليابان للتزلج الفني لعام ٢٠٠٤ في سن الرابعة عشر (الصورة: الأفرو).

أربع سنوات من العلاج الجذري

الرياضيون عامة يسعون إلى تحقيق أكبر الأحلام. ومقارنة باللاعبة إيتو ميدوري التي نجحت مرة واحدة في الأولمبياد فإن أسادا ماو نجحت مرة في البرنامج القصير لأولمبياد فانكوفر ومرتين في البرنامج الحر. أي أنها نجحت في القفزة الثلاثية ٣ مرات وهذا تم تسجيله في موسوعة جينيس للأرقام القياسية .

وبالرغم من أنها حصلت على الميديالية الفضية في أولمبياد فانكوفر إلا أنها صممت على أن تخضع لعلاج جذري من الأساس قائلة : ”شعرت بالغيظ والحسرة في أولمبياد فانكوفر وأريد أن أقدم عرضاً ممتازاً أكون راضية عنه في أولمبياد سوتشي“.

ومن أجل أن تعيد أسادا حساباتها من البداية ذهبت إلى المدرب ”ساتو نوبوو“ أشهرمدربي التزلج. ولكن لم يكن الأمر بالسهل أن تبدأ معه من الصفر بل بالعكس قد بدأ يؤثر تأثيراً سلبياً على قفزها وتكرر فشلها في القفزات. ولم يكن من السهل إصلاح القفزات التي كانت تفشل فيها. واستطاعت أن تستعيد الإحساس بتوقيت القفزة تدريجيا، إلا أن معدل نجاح القفزة الثلاثية لم يرتفع .

أريد أن أقفز قفزة لا يقفزها غيري

وبالرغم من أن الفشل في القفزات يؤثر بالسلب على النتيجة في المسابقات إلا أن أسادا استمرت في ”القفزة الثلاثية“ وكم من مرة تفشل فيها وتقع على الأرضية إلا أنها كانت تواصل القفز. وهذا هو ما عهدناه من اللاعبين الكبار. حتى جاءت أولمبياد سوتشي وأعلنت أسادا أمام الصحفيين قبل المسابقة قائلة: ”القفز شيء خلقت له“.

وأضافت: ”كنت مولعة منذ صغري بـ ”إيتو ميدوري“ وقد توارثت هذه القفزة عنها وأريد أن أورثها لمن بعدي“.

معجزة تتحقق بعد ٢١ ساعة

بعد ٢١ ساعة فقط من إخفاق ”أسادا“ في البرنامج القصير واصلت تدريبات الصباح بعدما غيرت طريقة تفكيرها تماما واختارت ”المقطوعة الثانية من كونشرتو البيانو“ لسيرجي رحمانينوف لعرضها وهي نفس المقطوعة التي استخدمتها ”إيتو ميدوري“ ونجحت في القفزة الثلاثية التي توارثتها عن ”إيتو ميدوري“ وكان أدائها ممتازاً ورائعاً.

حصلت أسادا على رصيد ٦٦٫٣٤ نقطة في نتيجة النقاط الأساسية للبرنامج القصير وحصلت سوتونيكوا صاحبة الميدالية الذهبية على ٦١٫٤٣ نقطة، وحصلت كيم يونا صاحبة الميدالية الفضية على ٥٧٫٤٩ نقطة وحصلت كوستونا صاحبة الميدالية البرونزية على ٥٨٫٤٥ نقطة. وبهذا أصبحت في المركز الثالث بعد سوتونيكوا وكيم يونا المنافسة الكورية إلا أن مشاركتها في المجموعة الثانية كان بمثابة عائق لها. ولو كانت تزلجت في المجموعة الأخيرة لربما اختلفت النتيجة تماماً.

وهنا تظهر روح المثابرة وهي روح المواصلة والاستمرار حتى لو تكرر الفشل مرات ومرات والتي ربما قد تكون نوعاً من العناد بالنسبة للآخرين ولكن روح المثابرة وإصرار أسادا على القفزة الثلاثية هي الصورة الحقيقة لـ ”أسادا ماو“. وقالت: الآن استطعت أن أثأر لنفسي من نفسي...وكان أفضل أداء قمت به حتى الآن... لقد قمت بكل ما أستطيع أن أقوم به". هذه هي قوة سحر ”أسادا ماو“.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ٢٤ فبراير/ شباط ٢٠١٤، الصور: نيويورك تايمز / الأفرو، أسادا ماو لحظة الانتهاء من أداء عرضها في البرنامج الحر في التزلج الفني للسيدات أوليمبياد سوتشي ودموع الفرحة على وجهها)

الميداليات التزلج على الجليد الألعاب الأولمبية