من يتحمل مسؤولية الحرب العالمية الأولى؟

سياسة مجتمع

المشاركة الفعالة لليابان في الحرب

اندلعت الحرب العالمية الأولى فى أوروبا قبل ١٠٠ عام من الآن. كان السبب الرئيسي لتسمية هذه الحرب بـ ”الحرب العالية“ هو إعلان اليابان الحرب على ألمانيا في ٢٣ أغسطس/آب ١٩١٤، بعد أن كانت الحرب تضم كل من النمسا، صربيا، روسيا، ألمانيا، فرنسا والمملكة المتحدة. وقد كانت مشاركة اليابان في تلك الحرب هي التي أعطتها معنى الحرب العالمية، قبل انضمام الدولة العثمانية بالحرب في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام لتمتد ساحة القتال إلى الشرق الأوسط.

لقد كانت أوروبا ساحة المعركة الرئيسية في الحرب العالمية الأولى، ولكن اليابان قامت بإرسال سفن حربية وقوات عسكرية إلى الصين، المحيط الهادئ، البحر الأبيض المتوسط​​، جنوب أفريقيا وسيبيريا، لمساعدة المملكة المتحدة، روسيا، فرنسا وغيرهم من الحلفاء. وقدمت اليابان نحو نصف مليون بندقية لروسيا عام ١٩١٥، كما أمدت فرنسا أيضا بـ ١٢ مدمرة. وترمز تلك الكمية الكبيرة من الأسلحة إلى ازدياد انتاجية اليابان في ذلك الوقت.

في نهاية عام ١٩١٧ قام الجنرال فرديناند فوش القائد العام للجيش الفرنسي بطلب إرسال جنود القوات اليابانية إلى أوروبا. وقد تم رفض هذا الطلب، وبدلاً من ذلك أرسلت اليابان قوات عسكرية إلى سيبيريا، حيث كان هذا تدخلا في الحرب الأهلية الروسية المشتعلة هناك. تم الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية على إرسال ٧٠٠٠ جندي، لكن بسبب تعسف واستبداد الجيش تم في نهاية المطاف إرسال أكثر من ٧٠٠٠٠ جندي إلى شمال منشوريا وسيبيريا. ما يعني باختصار أن اليابان قد شاركت في الحرب العالمية الأولى بقوة أكثر مما هو معروف بشكل عام.

معاهدة فرساي تتضمن مسؤولية ألمانيا عن الحرب

وقد نشرت في الآونة الأخيرة نتائج لدراسات علمية جديدة تتناول قضية دور اليابان في الحرب العالمية الأولى، وأهمية تلك الحرب ومشاركة اليابان فيها في تاريخ العالم من كل الزوايا ووجهات النظر المختلفة. ومن ناحية أخرى، أثارت بعض تلك الدارسات جدلاً حاداً في أوروبا فيما يتعلق بخلفية اندلاع الحرب العالمية الأولى. ويتعلق هذا الجدل بأي حال من الأحوال عن الدولة التي تقع على عاتقها مسؤولة اندلاع الحرب. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، عقدت الدول المنتصرة اجتماعا حضره ممثلون عن المنتصرين والمهزومين في قصر فرساي قرب باريس، وفرض المنتصرون على المنهزمين شروطاً قاسية جدا، وقد عرف هذا الاجتماع بمعاهدة فرساي. نصت معاهدة فرساي عام ١٩١٩ في المادة ٢٣١ على أن ألمانيا تتحمل المسؤولية الكاملة في نشوب الحرب. وبذلك كانت معاهدة فرساي أول معاهدة للسلام تتضمن ”مسؤولية اندلاع الحرب“. وقد وجهت ألمانيا انتقادات شديدة لهذا الأمر.

وقد استمر الجدل حول مسؤولية الحرب العالمية الأولى في ألمانيا ودول أخرى حتى بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية ووضعت أوزارها. وقد ظهرت العديد من الآراء بعد عام ١٩٤٥ تقول إنه من غير المناسب إلقاء مسؤولية الحرب العالمية الأولى على ألمانيا فقط، بل المسؤولية تقع في حقيقة الأمر على آلية التحالف في أوروبا. ومع ذلك فإنه دعى المؤرخ فريتز فيشر (١٩٠٨ـ١٩٩٩)، بأن مسؤولية الحرب العالمية الأولى تقع على ألمانيا التي قامت بعمليات الغزو والاجتياح. وبناء على الجدل الذي أثاره فيشر عام ١٩٦٠، أصبحت وجهة النظر التي تقول إن ألمانيا تتحمل المسؤولية في المقام الأول عن نشوب الحرب العالمية الأولى هي المهيمنة.

تموجات كتاب ”السائرون نياما“

وقد تم نشر كتاب عام ٢٠١٣ يتناول تفسير فيشر بشكل مغاير تماما، وهو كتاب ”السائرون نياما“ للمؤرخ كريستوفر كلارك من جامعة أكسفورد. وقد اجتذب هذا قدرا كبيرا من الاهتمام في أوروبا، ولكن الآراء منقسمة حول ادعاءات كلارك في الأوساط الأكاديمية مثل ألمانيا.

ينادي كلارك بأن الشخص الذي تسبب في نشوب الحرب العالمية الأولى دون وعي هو الرئيس الفرنسي ريمون بوانكاريه، وزير الخارجية الروسي سيرجي سازانوف، السفير الروسي لدي فرنسا الكسندر إزورسكي وأخرون. وقد كان هناك رد فعل غير مرغوب فيه تجاه نظرية كلارك التي تنادي بأن مسؤولية ألمانيا عن نشوب الحرب نسبية، كذلك تم توجيه سهام النقد للأسلوب العلمي لكلارك، كما تعرض لانتقادات لاذعة بأن فرضياته غير متسقة.

وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب يعطي انطباعا بأن مسؤولية ألمانيا عن الحرب نسبية، ولكن العجيب في الأمر أن المحتوى لا ينادي ببراءة ألمانيا. وإذا بحثت في النسخة الإلكترونية ستجد أن عنوان الكتاب المثير للجدل ”السائرون نياما“، يظهر مرة واحدة فقط في الجزء الأخير من الكتاب. أعتقد أنه من الصعوبة بمكان إعادة النظر فيما يتعلق بتفسير مسؤولية ألمانيا عن الحرب العالمية الأولى بعد أن ترسخ هذا التفسير على مدى وقت طويل حتى الآن. 

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، بتاريخ ١٠ يوليو/تموز ٢٠١٤)

اليابان ألمانيا الحرب الحرب العالمية الأولى