المفاهيم المغلوطة حول عملية قبول اللاجئين في اليابان

سياسة مجتمع

هل اليابان دولة غير ودية تجاه اللاجئين؟

قررت اليابان في عام ١٩٧٨ قبول توطين اللاجئين في اليابان بعد الضغوطات التي تعرضت لها من العديد من بلدان أخرى لاستقبال لاجئين. حيث أصبح هناك ما يقرب من ١.٥ مليون لاجئ (وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) ممن عارضوا حكومات الأنظمة الاشتراكية التي ظهرت في بلادهم في شبه الجزيرة الهندية الصينية (فيتنام ولاوس وكمبوديا). استقبلت اليابان ٣ أشخاص في عام ١٩٧٨، وشخصين في عام ١٩٧٩، ثم تسارعت وتيرة القبول واستقبلت ١١٣١٩ شخصا حتى الآن، بما في ذلك عدد أفراد الأسر التي تم لمّ شملها، وبعدها توقفت الحكومة اليابانية عن العمل على هذا النحو.

تعرّف المادة الأولى من اتفاقية عام ١٩٥١ المتعلقة بوضع اللاجئين الوثيقة القانونية الرئيسية التي تحدد من هو اللاجئ بوضوح ”إنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد“. إذا فإن قبول الطلب للحصول على اللجوء هو التزام دولي استنادا إلى وجهة نظر إنسانية. كانت اليابان قد انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين (”اتفاقية اللاجئين“) بعد ٣٠ سنة من موافقة الأمم المتحدة على تلك الاتفاقية وكان انضمام اليابان بمثابة استجابة لوضع اللاجئين من الدول الثلاث في شبه الجزيرة الهندية الصينية والذين رغبوا بالإقامة في اليابان.

من ناحية أخرى، تبدي اليابان اهتماما خاصا بالأشخاص الذين يطلق عليهم ”الأيتام اليابانيين في الصين“ (الأطفال اليابانيين من أبوين يابانيين تحت سن سنة ١٢ الذين لم يتمكنوا من العودة إلى اليابان لسبب أو لأخر وبقوا في الصين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية) وأحفادهم اليوم، وكذلك الهاربين من كوريا الشمالية، كما تسهل اليابان عملية استقبال أحفاد المهاجرين اليابانيين إلى بلاد أمريكا الجنوبية وغيرها، وأيضا تقوم اليابان استراتيجيا بقبول الأقليات العرقية التي فرت من ميانمار (بورما) إلى تايلاند ولو أن العدد ما زال محدودا.

شخصيا، لقد عملت في الصليب الأحمر الدولي أولا في جنوب الفيتنام عام ١٩٧٠ ثم انخرطت في عمليات إغاثة اللاجئين والنازحين الذين تصل أعدادهم إلى ١٠ مليون شخص في الحرب الهندية الباكستانية الثالثة المتعلقة باستقلال بنغلادش عام ١٩٧٢ كممثل المقيم للصليب الأحمر الدولي. كما شاركت منذ عام ١٩٧٩ في تأسيس منظمة غير حكومية ”رابطة للاغاثة والمساعدات اللاجئين“، وأعمل اليوم كمستشار خاص لها لأقدم توصيات سياسية حيث انخرط بشكل مباشر في مجال الاستجابة للاجئين في اليابان والعالم وأعمل على تقصي أوضاعهم.

ولذلك، انتقدت سياسات قبول اللاجئين في اليابان عدة مرات عبر وسائل الإعلام، وقلت أن ”هناك مشكلة كبيرة“ وبأن السياسات ”مترددة جدا“، فقبلت على منصب عضو استشاري لتقصي أوضاع اللاجئين منذ ٣ سنوات على أمل زيادة عدد القبول. لكني وجدت أن هناك سوء فهم واضح بمجرد النظر إلى عدد المقبولين في عام ٢٠١٤ عبر عبارات مفادها أن ”١١ متقدما فقط من الـ ٥٠٠٠ متقدم كانوا جديرين بالاعتراف واللجوء كلاجئين“ لانتقاد أن ”اليابان غير ودية تجاه الاجئين“ وأن ”وزارة العدل لا تحترم حقوق الإنسان“.

فحص طلبات اللجوء بعناية

بدأت اليابان نظام مستشارين فحص اللجوء في عام ٢٠٠٥. يتمثل هذا النظام في إعطاء مقدم طلب اللجوء، الذي تقدم باعتراض على الحكم الصادر عن وزارة العدل، فرصة ثانية عبارة عن جلسة استماع أمام مجموعة من المستشارين ليس لهم علاقة على الإطلاق بالإدارة، حيث يؤخذ القرار النهائي لهذه الجلسة بأقصى درجات الاحترام من قبل وزير العدل. يبلغ عدد المستشارين نحو ٨٠ شخصا على الصعيد الوطني. يقوم بإجراء جلسة الاجتماع مجموعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص لهم اختصاصات متعددة كالقضاة والمدعي العام، والمحامين وغيرهم ممن ينخرطون في الأوساط القانونية، والدبلوماسيين ومحققي البرلمان المختصين والأكادميين، وكذلك موظفي منظمات الدعم الأجنبية. وعلى الرغم من أن موظفي وزارة العدل مسؤولون عن إعداد هذه الجلسات، لن يتدخلوا بمجريات الجلسة.

في السنوات الثلاث الماضية، كنت مسؤولا عن أكثر من ١٠٠ متقدم، وكان احتمال كون المتقدم ”لاجئ“ منخفض في الحالات التي شهدتها، لدرجة أنني لم أوصي لوزارة العدل بأي أحد من المتقدمين يستحق الاعتراف به كلاجئ. هناك الكثير من أسباب الرفض التي لا يمكن طرحها جميعا هنا، ولكن أبرزها يتمثل في تناقضات محتوى الطلب وعدم تحضير جميع الوثائق، وعدم فهم المتقدم لتصريحات سابقة، وتقديم اللجوء بغرض العمل أو كوسيلة هروب من الترحيل.

في أحد الحالات ادعى المتقدم التالي ”أنا مثلي الجنس. تفرض بلدي عقوبة الإعدام على الأشخاص مثليي الجنس“، ولكن بعد الاستقصاء عنه، تبين أنه يعيش مع إمرأة يابانية ولديه طفل. وادعى آخر ”أنا مدير الشباب في المنظمة المحلية للمعارضة. إذا عدت للوطن سيقوم الحزب الحاكم بقتلي“، ولكن لم يتمكن من تقديم أي إجابة عندما سئل ”من هو زعيم الحزب؟“. وهناك أشخاص أيضاً يضغطون عبر قولهم ”أعيش في اليابان لمدة عشر سنوات، ولم أرتكب أي جريمة يعاقب عليها قانون مراقبة الهجرة، وتطلب مني أن أغادر اليابان؟".

والمثير في الأمر أن حتى الأسباب المزعومة التي يسوقنها تكون سمة مميزة لكل بلد. هناك أمثلة كثيرة في الواقع حيث يقول المتقدم من نيبال، ”أنا من أنصار الحزب الحاكم، ولكن تم تهديدي لدفع التبرعات من أعضاء حزب ماو“ ويجلب متقدم من سريلانكا برقية توصية من عضو برلماني سابق، ”كنت أدعم المرشح الذي خسر الانتخابات المحلية“. ويعترض المتقدم من تركيا، ”تعرضت للتمييز في العمل والدراسة كوني كردي“. وبالطبع، لا يمكن الاعتماد على ذلك فقط لتحديد ما اذا كان الشخص يستحق اللجوء من عدمه.

باختصار، هناك وسيط في كل بلد يحصل على نفقات السفر ويقوم بإجراءات المغادرة، ثم يستقبل الوافد الجديد في المطارات اليابانية، ويساعد في تأمين سكن فوري وعمل، ثم يشرح كيفية تقديم طلب لجوء وكيفية الحصول على دعم من محامين وجماعات الدعم كما ويعلم الشخص حتى طريقة الرد عندما يتم القبض عليه كمقيم غير الشرعي. في الواقع هناك عدد غير قليل من المتقدمين الذين يعتمدون على الوسيط.

الاعتراف باللاجئين مجاراة للواقع

أصبحت الظواهر الأخيرة كسفن الهجرة الغير شرعية التي تحاول عبور البحر المتوسط والأمواج المتدافعة من مواطني الروهينغيا الهاربين من ميانمار (بورما)، أحداث لا يمكن تجاهلها، وأعتقد أنه ينبغي على اليابان حسب قدراتها ”تقاسم العبء“. ومع ذلك، ينبغي إنقاذ الأشخاص الذين يعتبرون بمثابة لاجئين، وليس ”ليتفضل أي شخص يرغب في العمل في اليابان“.

تخطئ وكالات الأمم المتحدة بتخفيضها دون تمييز لعقبة الاعتراف باللاجئين، وفرضها هذا كمعيار دولي على الجميع. فبينما تنظر اليابان من وجهة نظر إنسانية إنه الطبيعي مجاراة الواقع والاعتراف باللاجئين كعمل سيادي للدولة.

التوسع في دعم البلدان النامية

أوافق مع هؤلاء الذين يدعون لضرورة الإعداد لإدخال العمال الأجانب كاستجابة لانخفاض عدد السكان السريع نظرا لهبوط معدل المواليد، وبالتالي محاولة الحفاظ على النشاط الاقتصادي لليابان. وقد تم اقتراح قبول ١٠ ملايين نسمة من العمال من قبل بعض المشرعين والمنظمات الاقتصادية.

ومع ذلك فمن المؤكد أن يستمر قدوم الأشخاص الواحد تلو الآخر لطلب اللجوء بسبب الرغبة في الاستمرار في العمل باليابان، ممن عمل لفترة معينة من الزمن وتعلم اللغة اليابانية ومهارات العمل ولكنه اضطر للعودة إلى بلده بعد نهاية فترة الإقامة الشرعية له في اليابان. القبول السطحي للعمال الأجانب في اليابان لن يتسبب فقط في تعطيل نظام الهجرة جذريا، بل سيكون هناك حاجة إلى الاستعداد للتحول الكبير الذي سيشهده المجتمع الياباني مع انتشار الفوضى.

جدير بالذكر أن مصطلح ”لاجئ“ أدخل في القاموس الياباني لأول مرة في عام ١٩٤٣. الخبرة التاريخية تجاه هذه الظاهرة قليلة جدا بالنسبة للحكومة والشعب الياباني. ومع ذلك، أعتقد أن اليابان يجب أن تعمل على تحقيق مجتمع التعايش مع الأجانب وقبول اللاجئين في المستقبل.

من بين العديد من طالبي اللجوء، يتوجب على الحكومة اليابانية الوصول سريعاً للاجئين الحقيقيين ودعمهم. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد ”طريقة عادلة“ سوى الاستمرار في توسيع نطاق الدعم لبناء الدولة حتى تتمكن شعوب البلدان النامية من البقاء والعيش في بلادهم.

(نشر النص باللغة اليابانية في تاريخ ١٤ يوليو/تموز ٢٠١٥. صورة العنوان: لاجئو ميانمار في طريقهم من مطار بانكوك إلى اليابان. جيجي برس)

اليابان الأمم المتحدة لاجئون المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الهجرة