احتدام النقاش حول أشكال التوظيف في اليابان

مجتمع

يقال إن العمالة الغير دائمة تمثل الآن نحو ٤٠ ٪ من جميع الوظائف في اليابان. فهناك فجوة هائلة في الظروف بين الموظفين الدائمين (seishain) والموظفين المؤقتين (hi-seishain) وفي محاولة للقضاء على هذا الفجوة، تعهد رئيس الوزراء شينزو آبي بتحقيق الأجر المتساوي مقابل العمل المتساوي وذلك في خطابه السياسي في يناير/كانون الثاني ٢٠١٦.

بيد أن سد الفجوة لن تكون مهمة سهلة، ولن ترغب الشركات التي تتعرض لضغوط لرفع أجور الموظفين المؤقتين في زيادة حصص الأجور. وفي الوقت نفسه تقاوم نقابات العمال وممثلي العمال الآخرين أية تحركات من شأنها أن تقلل من أوضاع الموظفين الدائمين لجعلها تتماشى مع أوضاع الموظفين المؤقتين. وبينما يوافق الجميع بشكل عام على أوضاع متساوية، إلا أن هناك نُهجا محددة تثير موجة من المعارضة.

التركيز على الأشكال الوظيفية

يبدو أنه لا يمر يوم دون أن تواجه كلمات (seishain) و (hi-seishain) في الصحف ووسائل الإعلام المتداولة. ولكن منذ متى كان هناك هذا التركيز المكثف على هذين الشكلين المختلفين من أنواع التوظيف؟ يبين الرسم البياني أدناه عدد المقالات التي ذكرت كلمة (seishain) و (hi-seishain) في صحيفة أساهي شيمبون، استنادا على البحث عن الكلمات الرئيسية في العام المنصرم. حيث ظهرت كلمة الموظفين الدائمين في ٥٦٥ موضعاً، وكلمة الموظفين المؤقتين في ١١٠ موضعاً، واستُخدمت كلمة (seishain) في أكثر من ٣٠٠ موضع لأول مرة في عام ٢٠٠١، بينما لم تظهر أكثر من ١٠٠ مرة حتى عام ١٩٩٤.


وعلى النقيض من ذلك، فإن مصطلح (hi-seishain) لم يظهر أبداُ في المقالات حتى منتصف التسعينيات. وحتى مؤخراً في عام ٢٠٠٤ كان هناك ٢٤ موضعاً فقط أو اثنان في الشهر في المتوسط.

وقد حقق كلا المصطلحين انتشارا مفاجئا في عام ٢٠٠٩، أي بعد عام من انتشار الأزمة المالية التي نشأت في الولايات المتحدة حول العالم. ويُظهر الرسم البياني أن مصطلح (seishain) ظهر في ١٧٤٩ مقالاً في صحيفة أساهي شيمبون في عام ٢٠٠٩، بمعدل ٤٫٨ مرة يوميا. كذلك الحال بالنسبة لمصطلح (hi-seishain) حيث ظهر كل يوم تقريبا. وكان السبب المباشر وراء ذلك هو إنشاء قرية خيمية في حديقة هيبيا بوسط طوكيو في ٣١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠٠٨ لعمال الدوام النهاري الذين أصبحوا بلا مأوى بعد تسريحهم. وعلى الرغم من إغلاق القرية سريعاً، إلا أنها ألهمت مزيداً من الاهتمام العام بمشاكل التوظيف.

وحتى ذلك الحين لم تناقش الأنواع المختلفة من الأشكال الوظيفية بشكل عام إلا في الإحصاءات الحكومية والوثائق التي كتبها المتخصصون، ولم تحظى إلا باهتمام ضئيل في الحياة اليومية العادية. ومن المثير للدهشة مؤخرا أن الناس في اليابان قد اتجهوا للحديث عن الموظفين الدائمين والمؤقتين بوصفها مسألة طبيعية.

غموض حول التعريف القانوني

في خضم تسليط الضوء على قضية الموظفين الدائمين والمؤقتين، فمن المهم أيضا أن نلاحظ أنه لا يوجد تعريف واضح للماهية الحقيقية لمصطلح (seishain).

قد يعد أمراً يدعو للدهشة أن نعلم أنه لا يوجد ذكر لمصطلح الموظفين الدائمين في قوانين العمل اليابانية. فكلمة (seishain) تحمل تعبيرا مبهما لمعنى موظف بدوام كامل المطلوب منه بمرونة تنفيذ مجموعة من الواجبات في مواقع مختلفة، مما يضمن بالتالي العمل على المدى الطويل. ومع ذلك، لا توجد معايير قانونية لتصف معنى "المدى الطويل" أو ما مقدار "المرونة" المطلوبة. لهذا السبب فإن (seishain) لا يمكن تعريفها من الناحية القانونية.

إذن ما الذي يعنيه القول بأن حوالي ٤٠٪ من الموظفين مؤقتين؟ وهذا الرقم الغامض المستمد من الإحصاءات الحكومية يستند ببساطة إلى ما إذا كان أرباب العمل يصفون موظفيهم بأنهم دائمين أو مؤقتين. فالأشخاص الذين يقومون بنفس النوع من الوظائف يمكن أن يطلق عليهم (seishain) في أحد الاماكن و (hi-seishain) في أماكن آخرى.

هناك علاقة قوية بين (hi-seishain) والموظفين غير المهرة، ولكن معظم هؤلاء الناس يعملون بجد للغاية يوما تلو الأخر في ظروف صعبة، وإنه إهانة لكرامتهم القول بأنهم ليسوا موظفين مؤقتين. ولا ينبغي لنا أن نعطي شرعية سوى لجزء من القوة العاملة مثل (seishain) ونعتبر الباقي موظفين مؤقتين.

التركيز يجب أن يكون على مدة العقد

السؤال الآن ما هي أفضل البدائل لهذه المصطلحات؟ إن وصف الوظائف وفقا لمدة العقد سيكون أكثر ملاءمة، كما هو الحال في العمالة الدائمة (muki koyō) أو العمل المحدد الأجل (yūki koyō). وبمقتضى قانون معايير العمل، يكون من الضروري جعل فترة عقد العمل واضحة في وثائق العقد، إلى جانب الراتب ومكان العمل والواجبات وساعات العمل وأيام العطل والمسائل المتعلقة بترك العمل. بالإضافة إلى توضيح ما إذا كان العقد دائم أو محدد المدة، وفي هذه الحالة الأخيرة، من الضروري إدراج مدة العقد، وما إذا كان يمكن تجديده، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي متطلبات التجديد.

ومن حيث المبدأ، يبلغ الحد الأقصى للعقود المحددة الأجل ثلاث سنوات. وإذا كان الموظفون الذين يعملون بموجب عقد لمدة تزيد على خمس سنوات طالبوا بوظائف دائمة، فإن أرباب العمل ملزمون بالإمتثال. غير أنه يجوز، بصورة استثنائية، السماح بعقود مدتها خمس سنوات في حالة الوظائف التي تتطلب مهارات عالية والتي غالبا ما يشغلها مهنيون أجانب. ففي هذه الحالة، يصبح التحول إلى العمل الدائم عند الطلب إلزاميا بعد عشر سنوات.

ويحدد قانون عقود العمل بوضوح المسائل المتعلقة بفصل الموظفين أصحاب العقود المحددة الأجل. ولا يمكن فصل هؤلاء الموظفين إلا بعد انتهاء مدة العقد إلا في ظل وجود ظروف لا يمكن تجنبها. وينص القانون أيضا على أنه لا ينبغي لأرباب العمل أن يجعلوا العقود قصيرة الأجل دون داع لتجنب التجديد المستمر.

والعديد من الموظفين المؤقتين يعملون بعقود محددة الأجل، ولكن هذا لا يعني أنه يمكن فصلهم قانونيا متى أراد أرباب العمل. ويعتقد بعض الناس أيضا أن أرباب العمل أحرار في السماح ببساطة للموظفين في ترك العمل عند إكمال مدة عقودهم، ولكن هذا ليس صحيحا كذلك.

ويتعين على أرباب العمل فعليا تقديم إخطار مسبق إذا لم يعتزموا تجديد عقد الموظف، وأن يوضحوا أسباب الفصل من الخدمة إذا طُلب منهم ذلك. وأدرج تعديل عام ٢٠١٣ لقانون عقود العمل أيضا المبدأ السابق، استنادا إلى حيثيات سابقة بالمحكمة العليا تفيد بأن الموظفين لا يمكن فصلهم دون أسباب معقولة موضوعيا، وإذا كان الفصل لا يتفق مع المبادئ المقبولة اجتماعيا.

وإذا بدأ مزيدا من الناس بالتفكير في التعبيرات التي تشير إلى العقود المحددة الأجل عوضا عن مصطلح العمل المؤقت، فمن المؤكد أن ذلك سيشجع على الفهم الصحيح لللوائح الوظيفية.

الموظفون المؤقتون والعقود

الجدول أدناه يوضح الأعداد والنسب للموظفين الدائمين والمؤقتين - الجزء الأخير مقسم إلى فئات مختلفة استنادا على المصطلحات المستخدمة في كل شركة—ممن هم يعملون بعقود دائمة أو محددة الأجل. (*١)

(ملايين من الناس)

المجموع عقود دائمة عقود محددة الأجل غير معروف
المجموع ٥٣٫٥٤ (١٠٠٪) ٣٦٫٧٠ (٦٩٪) ١٢٫١٢ (٢٣٪) ٤٫٤٥ (٨٪)
Seishain (الموظفين الدائمين) ٣٣٫١١ (١٠٠٪) ٣٠٫٥٤ (٩٢٪) ١٫٣٥ (٤٪) ١٫٢١ (٤٪)
Hi-seishain (الموظفين الغير دائمين) ٢٠٫٤٣ (١٠٠٪) ٦٫١٦ (٣٠٪) ١٠٫٧٦ (٥٣٪) ٣٫٢٣ (١٦٪)
Pāto ٩٫٥٦ (١٠٠٪) ٣٫٧١ (٣٩٪) ٤٫٣٨ (٤٦٪) ١٫٣٥ (١٤٪)
Arubaito ٤٫٣٩ (١٠٠٪) ١٫٥٧ (٣٦٪) ١٫٤٩ (٣٤٪) ١٫٢٨ (٢٩٪)
Haken shain ١٫١٩ (١٠٠٪) ٠٫١٨ (١٦٪) ٠٫٨٤ (٧١٪) ٠٫١٦ (١٣٪)
Keiyaku shain ٢٫٩١ (١٠٠٪) — (—) ٢٫٧٠ (٩٣٪) ٠٫١٩ (٧٪)
Shokutaku shain ١٫١٩ (١٠٠٪) ٠٫١٨ (١٥٪) ٠٫٩٥ (٧٩٪) ٠٫٠٦ (٥٪)
أخرى ١٫١٩ (١٠٠٪) ٠٫٥٢ (٤٤٪) ٠٫٤١ (٣٥٪) ٠٫٢٠ (١٧٪)

ملاحظات: أعدها الكاتب استنادا إلى دراسة استقصائية عن أوضاع العمالة لعام (٢٠١٢) والذي أجراه مكتب الإحصاءات بوزارة الداخلية والاتصالات. وبما أن بعض المشاركين في الإستقصاء لم يجيبوا على السؤال المتعلق بوضع العقد، فإن الأرقام قد لا تصل إلى (١٠٠٪). كذلك لم يتم تضمين مدراء الشركات في الإستقصاء.

ويبين الجدول أن ٦٩٪ من جميع العمالة تعتمد على عقود دائمة. وبنسبة ٩٢٪ نجد أن الغالبية العظمى من (seishain) لديهم عقود بدون تاريخ نهائي محدد الأجل، ولكن الموظفين المؤقتين ليسوا بالضرورة على ذمة عقود محددة الأجل. وفي الواقع فإن ٣٠٪ من (hiseishain) لديهم عقود دائمة.

وفي ظل وجود العقود الدائمة، يمكن للموظفين تخطيط حياتهم في المستقبل بسهولة أكبر. وفي وقت العجز في القوى العاملة، يمكن للشركات تأمين الموظفين الموهوبين على المدى الطويل. ولضمان "الأجر المتساوي عن العمل المتساوي"، يجب على الحكومة أن تضع قانونا يعامل بموجبه الموظفون العاملون بعقود دائمة ويقومون أساسا بنفس العمل معاملة موحدة، سواء كانوا تحت مسمى موظفين دائمين أم لا.

أما أولئك الذين يعملون بعقود محددة الأجل أقل استقرارا نسبيا بما فيهم أصحاب العقود القصيرة الأجل بعقود مدتها سنة واحدة أو أقل، فيعتبرون إحصائيا موظفين "مؤقتين أو بدوام يومي". ويمثل هؤلاء الأشخاص ١٥٪ من مجموع العاملين و ٣٨٪ من الموظفين المؤقتين. وهم لا يحصلون على نفس فرص التدريب في مكان العمل كالموظفين الدائمين أو أولئك الذين يعملون بعقود طويلة الأجل. ومن شأن زيادة عدد الموظفين الدائمين وإبرام عقود طويلة الأجل، كلما كان ذلك ممكنا، أن يؤدي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين لديهم عمل مستقر.

الموظفون أصحاب العقود المبهمة الأسوأ حالاً

وهناك أيضا الأشخاص الغير متأكدين من وضعية عقودهم. وهم يجدون أنفسهم في وضع غير مستقر أكثر من الموظفين المؤقتين أو الموظفين بدوام يومي.

ويشير الجدول إلى أن ٤٫٤٥ مليون شخص—٨٪ من جميع الموظفين—أجابوا بأنهم لا يعرفون ما إذا كانوا يعملون بعقود دائمة أو محددة الأجل. ويشمل ذلك ١٦٪ من العاملين في الوظائف الغير دائمة و٢٩٪ ممن يوصفون بأنهم (arubaito). وكانت نسبة الأشخاص الذين لم تكن مسمياتهم لعقودهم واضحة بشكل خاص بين الموظفين في سن المراهقة وأوائل العشرينات، فضلا عن الموظفين الذين تتجاوزوا أعمارهم الستين. وكانت هذه النسبة مرتفعة أيضا بين النساء والموظفين في الشركات الصغيرة والأشخاص الذين يغيروا وظائفهم باستمرار.

وكان المشاركون في الإستقصاء الذين لا يعرفون وضعهم الوظيفي يتقاضوا أجورا أقل وتتاح لهم فرص تدريب أقل من قبل أرباب عملهم ليس مقارنة بالموظفين الدائمين فحسب بل أيضا بالموظفين الذين يعملون بعقود محددة الأجل. فبالإضافة إلى توسيع نطاق عقود العمالة الدائمة والطويلة الأجل، يجب على اليابان أن تبذل قصارى جهدها للحد من عدد الموظفين الذين لم يتم تحديد آجال عقودهم.

(النص الأصلي نشر باللغة اليابانية في ٢٣ فبراير/شباط ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: طلاب الجامعة في ندوة معلوماتية خاصة بالتوظيف في إحدى الشركات بطوكيو في أغسطس/آب عام ٢٠١٥. جيجي برس)

(*١) ^ وبخلاف "الموظفون الموفدون بعقود مؤقتة من شركات التوظيف" والذين يطلق عليها باليابانية "haken shain" فإن المصطلح الياباني (hi-seishain) يفتقر إلى المقابل الواضح والمحدد له في المعنى في اللغة الإنكليزية. وكثيرا ما تُميز الكلمات عن بعضها البعض من خلال ارتباطها بربات البيوت التي تحصل على بعض المال كدخل إضافي للمنزل، ففي هذه الحالة يطلق عليهم (pāto)، أما الطلاب والأشخاص الذين يعملون في أماكن أخرى ويقومون بعمل إضافي فيطلق عليهم المصطلح (arubaito)، والموظفين الذين أعيد توظيفهم بعد التقاعد فيطلق عليهم (shokutaku shain)، وعلى الرغم من وجود تداخل كبير في استخدام هذه المصطلحات، إلا أن تعبير (Keiyaku shain) يعني حرفيا "الموظفون بعقود".

المجتمع التوظيف العمالة