”هل أنت سعيد؟“ سيفاجئك ترتيب اليابان على مؤشر السعادة!

مجتمع لايف ستايل

تقرير مؤشر السعادة العالمي

”هل أنت سعيد؟“ سؤال يحتار أمامه الكثير من الناس. حيث توجد الكثير من الآراء المتناقضة عن السعادة، فهناك حكمة صينية قديمة (في كتاب التاريخ الصيني العظيم ”شيكي“)، تقول ”الرخاء والشدة متشابكان كخيوط الحبل“ ويقصد بها أن الرخاء والشدة يتعاقبان أي ”إن مع العسر يسرا“. كما كتب بليز باسكال الفيلسوف الفرنسي في كتابه ”خواطر“ يقول ”طالما نحن في حالة سعي وراء السعادة لن نكون سعداء!“. وبالرغم من ذلك يشغل بالنا تصنيف السعادة في العالم، والتي قد أعلنت عنه الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان في ”تقرير السعادة العالمي لعام ٢٠١٥“ (World Happiness Report 2015) وذلك من أجل دفع الدول لتخطيط سياسات نحو النمو والتطوير باستمرار. وقد حصدت اليابان المركز الـ٤٦ من أصل ١٥٨ دولة شملها التقرير.

٧ من المراكز الـ١٠ الأولي من نصيب دول أوروبا

جاءت سويسرا على قمة الترتيب في تقرير السعادة العالمي ويأتي بعدها في أول ١٠ مراكز أيسلندا، الدنمارك، النرويج، كندا، فينلندا، هولند، السويد، نيوزلاندا، وأستراليا. أي أن ٧ من المراكز الأولى كانت من نصيب الدول الأوربية.

وبالرغم من أن أيسلندا قد واجهت أزمة مالية في بداية القرن الـ٢١ إلا أن التقرير قيم مساندة ومساعدة الشعب لبعضه البعض مما دفع بمؤشر السعادة الخاص بها. أما عن دول أوروبا الكبرى، فقد جاءت المملكة المتحدة في المركز الـ٢١، وألمانيا الـ٢٦، وفرنسا الـ٢٩. وجاءت الولايات المتحدة في المركز الـ ١٥ حيث تساوت تقريبا مع إسرائيل في المركز الـ ١١ والمكسيك في المركز الـ ١٤. ومن ناحية أخرى كانت الـ١٠ مراكز الأخيرة في مؤشر السعادة من نصيب البلاد التي تستمر فيها الصراعات في أفغانستان وسوريا، بالإضافة إلى البلاد التي تعاني من الفقر والأمراض المعدية من البلاد الأفريقية توغو، بوروندي، بنين، روندا، بوركينا فاسو، ساحل العاج، غينيا، تشاد.

ويستند التقرير في التقييم على المعايير التالية: (١) الناتج القومي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد (GDP)، (٢) سنوات الحياة الصحية، (٣) وجود أشخاص يمكن الاعتماد عليهم، (٤) حرية الاختيار واتخاذ القرارات في الحياة، (٥) درجة تفشي الفساد في المجتمع، (٦) سماحة المجتمع. ويتم التقييم من قبل مجموعة من الأكاديمين والباحثين تعينهم وتأتمنهم الأمم المتحدة حيث يتم حساب كل من هذه المعايير بعد وضعها في مقياس من ٠ إلى ١٠. وقد كان المتوسط لهذا العام هو ٥.١.

تقييم الوضع بعد زلزال شرق اليابان الكبير ٢٠١١

وقد أشار أستاذ الاقتصاد ”جيفري ساكس“ من جامعة كولومبيا الأمريكية وهو أحد أعضاء لجنة تقرير السعادة العالمي، إلى أن الدول التي احتلت المراكز الـ١٣ الأولى في الترتيب هي نفس دول العام الماضي. علاوة على ذلك، نجد الدول التي تتصدر التقرير هي دول غنية تخضع لقيود اجتماعية قوية وتتميز بوجود إدارة تتحمل المسئولية بصورة عادلة نسبياً مقارنة بغيرها من الدول. وقد ذكر في نفس التقرير أن ”المال وحده ليس كافيا لتحقيق السعادة وإنما العدل على مستوى المجتمع والمصداقية والاستقامة والثقة والصحة على المستوى الفردي أيضا أمور ضرورية“. كما أوضح التقرير أن الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية لا تكون بالضرورة عقبة أو حاجزا في الحفاظ علي السعادة.

وكمثال على ذلك، فقد تم تقدير الوضع في فوكوشيما باليابان بعد زلزال شرق اليابان الكبير عام ٢٠١١ حيث ”شوهد بناء علاقة تعاون واعتماد متبادل بين الناس جميعا بشكل عام“. وعلى النقيض تماما نجد في اليونان والتي تستمر في مواجهة الديون والأزمات الاقتصادية، وقد فقد الشعب بها الثقة المتبادلة بينهم لترتفع نسبة ”فقدان الشعور بالسعادة“ بشكل كبير.

مؤشر السعادة القومية الإجمالية

بدأت الأمم المتحدة في إصدار تقرير عن درجة السعادة في دول العالم في عام ٢٠١٢. ولكن قبل ذلك كان ملك بوتان وهي دولة آسيوية صغيرة يَطلق ما يعرف بـ”مؤشر السعادة القومية الإجمالية (gross national happiness=GNH)“ وهو مقياس يبين درجة النمو الاقتصادي والتقدم الذي يخدم الثقافة البوتانية القائمة على القيم والروح البوذية، وذلك ليكون على النقيض من مقياس دول الغرب ”الناتج القومي الإجمالي (GNP)“ والذي يبين غنى وثراء البلاد من الناحية المادية فقط. ومن أهم مجالات القياس التي يستند إليها مؤشر ”السعادة القومية الإجمالية“ (١) التقدم المستدام، (٢) الحفاظ والدفع بالقيم الثقافية والتقاليد، (٣) حماية الطبيعة، (٤) إقامة الحكم الرشيد. وعلى ما يبدو فإنه لا يوجد بعد تعريف قياسي دقيق لمؤشر ”السعادة القومية الإجمالية GNH“ إلا أن حكومة بوتان تقوم على أساسه بالتقييم والمراجعة عند وضع السياسات المختلفة.

وقد توارثت أفكار نموذج مؤشر بوتان للسعادة GNH بعد ذلك ليكون الهيكل الأساسي في تقرير الأمم المتحدة للسعادة العالمي. كما استخدمت نفس الفكرة أيضا على المستوى الداخلي للدول، فقد أصدرت تايلاند ”مؤشر الخَضار والسعادة“ عام ٢٠٠٦، وبدأت كوريا الجنوبية في إعلان ”مؤشر السعادة“ الخاص بها في ٢٠١٢. ومن جانب آخر في عام ٢٠١١ بدأت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في إعلان ”مؤشر الحياة الأفضل“ والمرتبط مباشرا بالسعادة.

درجة سعادة اليابانيين متوسطة

أما عن اليابان، فكيف يمكن تحليل نتيجة حصولها على المركز الـ٤٦ في مستوى السعادة في العالم؟ فمن بين الـ٦ مقاييس نجد أن اليابان قد حققت درجات كبيرة في مقياس سنوات الحياة الصحية ولكن بالنسبة لحرية الاختيار واتخاذ القرارات في الحياة نجد أنها كانت دون المستوى مقارنة بالدول الأوربية. كذلك بالنسبة للـGDP أي العائد الحقيقي للفرد الواحد من الناتج القومي الإجمالي فلم تعد اليابان تدخل في مجموعة الدول في المراكز العليا. ومن جانب آخر فقد أظهرت ”الدراسة القومية لأفضليات أنماط المعيشة للمواطنين“ (عام ٢٠٠٨) والتي يقوم بها مكتب مجلس الوزراء الياباني العوامل المؤثرة في درجة السعادة كما هي موضحة في الجدول التالي.

عوامل تأثر بالإيجاب في مؤشر السعادة عوامل تأثر بالسلب في مؤشر السعادة عوامل لا تأثر في مؤشر السعادة
  • أن تكون امرأة
  • أن يكون كبير السن
  • أن يكون توظيفا ذاتيا
  • وجود أطفال
  • أن يكون عاطلا عن العمل
  • المرور بمشكلة أو عقبة ما
  • أن يكون متزوجا
  • وجود الضغط العصبي
  • زيادة الدخل السنوي العام للأسرة
  • المتخرج من المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا
  • أن يكون طالبا
  • وجود شخص يمكن الاستشارة معه في أوقات المحن

إن الاحساس بالسعادة من عدمه هو تجربة ذاتية تتأثر بشكل كبير بوعي كل إنسان، ولكن التسامح في المجتمع ودرجة التمتع بالصحة ووجود أشخاص يمكن الاعتماد عليهم وغيرها هي عوامل لها تأثير كبير. ومن خلال كل هذا سواء على المستوى القومي أو العالمي أصبح العمل على تحقيق التقدم المستمر في المجتمعات أمرا هاما أكثر فأكثر من أجل تحقيق الهدف وهو ”مبدأ السعادة العظمى“ لـ (”جيريمي بنثام“ الفيلسوف وعالم الاقتصاد الإنكليزي).

تقرير السعادة العالمي: المراكز الـ٥٠ الأولى

الترتيب الدولة درجة السعادة الترتيب الدولة درجة السعادة
١ سويسرا ٧.٥٨٧ ٢٦ ألمانيا ٦.٧٥
٢ أيسلاند ٧.٥٦١ ٢٧ تشيلي ٦.٦٧٠
٣ الدنمارك ٧.٥٢٧ ٢٨ قطر ٦.٦١١
٤ النرويج ٧.٥٢٢ ٢٩ فرنسا ٦.٥٧٥
٥ كندا ٧.٤٢٧ ٣٠ الأرجنتين ٦.٥٧٤
٦ فينلندا ٧.٤٠٦ ٣١ التشيك ٦.٥٠٥
٧ هولندا ٧.٣٧٨ ٣٢ الأوروغواي ٦.٤٨٥
٨ السويد ٧.٣٦٤ ٣٣ كولومبيا ٦.٤٧٧
٩ نيوزيلاند ٧.٢٨٦ ٣٤ تايلاند ٦.٤٥٥
١٠ أستراليا ٧.٢٨٤ ٣٥ المملكة العربية السعودية ٦.٤١١
١١ إسرائيل ٧.٢٧٨ ٣٦ إسبانبا ٦.٣٢٩
١٢ كوستاريكا ٧.٢٢٦ ٣٧ مالطا ٦.٣٠٢
١٣ النمسا ٧.٢٠٠ ٣٨ تايوان ٦.٢٩٨
١٤ المكسيك ٧.١٨٧ ٣٩ الكويت ٦.٢٩٥
١٥ أمريكا ٧.١١٩ ٤٠ سورينام ٦.٢٦٩
١٦ البرازيل ٦.٩٨٣ ٤١ ترينيداد وتوباغو ٦.١٦٨
١٧ لوكسمبورغ ٦.٩٤٦ ٤٢ السلفادور ٦.١٣٠
١٨ أيرلندا ٦.٩٤٠ ٤٣ غواتيمالا ٦.١٢٣
١٩ بلجيكا ٦.٩٣٧ ٤٤ أوزبكستان ٦.٠٠٣
٢٠ الإمارات العربية المتحدة ٦.٩٠١ ٤٥ سلوفاكيا ٥.٩٩٥
٢١ المملكة المتحدة ٦.٨٦٧ ٤٦ اليابان ٥.٩٨٧
٢٢ سلطنة عمان ٦.٨٥٣ ٤٧ كوريا الجنوبية ٥.٩٨٤
٢٣ فنزويلا ٦.٨١٠ ٤٨ الإكوادور ٥.٩٧٥
٢٤ سنغافورة ٦.٧٩٨ ٤٩ البحرين ٥.٩٦٠
٢٥ بنما ٦.٧٨٦ ٥٠ إيطاليا ٥.٩٤٨
(النص الأصلي باللغة اليابانية كتبه موراكامي ناوهيسا من قسم التحرير بتاريخ ٢ يناير/ كانون الأول ٢٠١٥.)

اليابان الأمم المتحدة سنوات الحياة الصحية العالم استطلاع للرأي