المأكولات الغربية...على الطريقة اليابانية

مجتمع ثقافة لايف ستايل المطبخ الياباني

أدى قرار اليونيسكو لإدراج المطبخ الياباني التقليدي أو ما يعرف بـ (واشوكو Washoko) على قائمة التراث الثقافي إلى تسليط الضوء على ثقافة الطعام العريقة في اليابان.

ويعد الـ (واشوكو) أحد أنواع الطعام الياباني إلى جانب الـ (يوشوكو Yoshoku) وهي الأطباق الغربية على الطريقة اليابانية. ومن أهم أطباق اليوشوكو المحبوبة والمفضلة لدى اليابانيين الـ أومورايسو Omuraisu (عجة محشوة بالأرز) والـ كوروكي Korokke (بطاطا مغلفة بالطحين وفتات الخبز ومقلية بالزيت) والكاري الياباني (يعتبر اليابانيون الكاري من الأطباق الغربية لأنهم تعرفوا عليها من خلال البحرية البريطانية).

وفي البداية كانت الأطباق الغربية بالنسبة لليابانيين أطباق أجنبية غريبة ولكنها تحولت مع الزمن لتصبح جزءا لا يتجزأ من أطعمة البلد تماما كما تحولت البيتزا عند الأمريكيين لتتناسب مع أذواقهم.  

وقد لا تروق لبعض الذواقين فكرة أخذ الوصفات من بلدان أخرى وتحويلها حيث يجدونها فكرة كارثية، وأنا لا أعارضهم الرأي وخاصة عندما أرى الفاجعات التي ترتكبها بعض سلاسل المطاعم الأميركية لدى تحويلها للأطعمة الأجنبية. ولكن بدون وجود هذه المحاولات لتحويل الأطباق لكانت الأطباق الموجودة على قائمة الوجبات في المطاعم أقل بكثير.

وتعد (النابوريتان) من أطباق الـ (يوشوكو) النمطية وهي ابتكار من المفروض أن يشبه (سباغيتي ألا نابوليتانا) الإيطالية ولكنه لا يشبهها إلا بالشكل.

ولا تحتاج إلى مكونات كثيرة لتصنع (النابوريتان) حيث يمكنك صنعها بـ : بعض المعكرونة، البصل، الفلفل الأخضر، الفطر، النقانق والكاتشب. وليس عليك سوى سلق المعكرونة وقلي المكونات الأخرى في المقلاة، ومن ثم تخلطها مع المعكرونة وتضع كمية ملائمة من الكاتشب. هنالك العديد من الوصفات والفيديوهات عبر الإنترنت المخصصة للنابوريتان يمكنك تصفحها وتجربتها في المنزل.

ولا تكمن شعبية هذا الطبق في طعمه بل في الذكريات التي يثيرها في النفوس. فبالنسبة للذين هم في الخمسينيات وما فوق وخاصة الرجال منهم فإن تناولهم لهذا الطبق في مقهى قديم متهالك تأجج في قلوبهم ذكريات حميمة. فبمجرد ذكر اسم هذا الطبق يتذكر هؤلاء الرجال الأيام الخوالي (التي تتراوح بين منتصف الخمسينات إلى السبعينات) وهي فترة كانت فيها الأمور أكثر بساطة على الرغم من النمو الإقتصادي المتواصل.

 يقال أن تاريخ النابوريتان في اليابان يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث ابتكرها إيريئي شيغيتادا رئيس الطهاة في فندق نيو غراند بـ يوكوهاما. وقد استوحى هذا الطبق من وجبات المعكرونة والكاتشب البسيطة التي كان جنود الإحتلال يتناولونها. استبدل إيريئي الكاتشب بصلصة الطماطم وأضاف مكونات أخرى مثل البصل واللحم والفطر. ويمكنك تذوق الوصفة الأصلية في المقهى الموجود في نفس الفندق.

وقد اختار الإسم (نابوريتان) لأنها تشبه طبق المعكرونة مع الطماطم التي يتم تقديمها في نابولي بإيطاليا. ويجادل البعض أن النابوريتان كانت موجودة قبل الحرب حيث ذكرت في كتب الوصفات باسم (نابوري فو) أي على طريقة نابولي. وقد تحرى بعض الهواة (الذين لديهم وقتا ليهدروه) الكتب فوجدوا مذكرة منشورة للكوميدي فوروكاوا روبا الذي كتب عن طبق النابوريتان الذي تناوله في مطعم ميتسوكوشي قبل الحرب، لذلك قد تكون هذه التسمية واردة قبل ظهور المعكرونة بشكلها الحالي.

وفي أي حال فإن هذا الطبق هو جسر يصل بين ما اعتاد اليابانيون على أكله وبين المطبخ الإيطالي المعروف اليوم. وقبل ظهور النابوريتان ما بعد الحرب العالمية كانت أطباق المعكرونة تعد من المعكرونة الصدفية الشكل وكانت تطهى في الفرن مثل الغراتان. لم تكن المعكرونة تصنع محليا على نطاق واسع لذلك كانت معظمها مستوردة من الخارج.

ولكن تغيرت الأمور بعد الحرب وبدأ استيراد كميات هائلة من القمح من الولايات المتحدة مما أدى إلى التصنيع والإستهلاك الكبير للمعكرونة. وكانت كميات الكاتشب الهائلة التي وردت إلى اليابان العامل الأساسي وراء إنتشار ظاهرة النابوريتان، (ولم تكن صلصة الطماطم شائعة إلى حد كبير في تلك الفترة).

وليس الاستخدام المفرط الكاتشب هو العيب الوحيد في هذه الوجبة بل حتى إن نوعية المعكرونة نفسها رديئة للغاية، حيث تكون لينة ورخوة. ويعود سبب ليونة المعكرونة إلى الطحين الناعم الذي كان مستخدماً لصناعة المعكرونة ولم يعرف السميد في اليابان حتى الثمانينات. والسبب الآخر لحب اليابانيين لهذه المعكرونة هو شبهها بالمعكرونة اليابانية الـ (ياكي أودون Yaki Udon). حتى أن طريقة تحضيرها مشابهة للياكي أودون حيث يتم إضافة الصلصة في نهاية عملية الطهو، وقد لا تكون هذه الطريقة الإيطالية الأصلية ولكنها تشعر اليابانيين بارتياح كبير لدى تناولها. والمعكرونة المقدمة في فندق نيو غراند تغلى مرة أولى ثم تترك لعدة ساعات ومن ثم تغلى مرة ثانية لتكتسب المعكرونة الليونة المميزة بهذا الطبق.

أما اليوم فإن معظم اليابانيين يفضلون أطعمة المطبخ الإيطالي الأصلية تماما كما هو الأمر في الولايات المتحدة. ولكن كما يحب الأمريكيون نسختهم الخاصة من البيتزا أو اللازانيا فإن اليابانيين ليسوا مستعدين للتخلي عن النابوريتان.

(المقالة الأصلية باللغة الإنكليزية)

الطعام الياباني الطعام