”لليابانيين فقط“... تثير الجدل في اليابان

مجتمع رياضة

في يوم الأحد ٢٣ مارس/أذار، وقع فريق أوراوا ريدز أحد فرق الدوري الياباني لكرة القدم للمحترفين في فخ التعادل في المباراة التي جمعته ضد فريق شيميزو أس بلس على ملعب سايتاما لكن المباراة كانت بدون جمهور في واقعة غير مسبوقة في اليابان وذلك بعد العقوبة التي تم توقيعها على ذات الفريق من قبل الإتحاد الياباني لكرة القدم. ويعتقد أن تلك العقوبة سوف تتسبب بخسارة كبيرة للنادي قد تصل الى ٣٠٠ مليون ين. وتأتي تلك العقوبة بعد قام أحد مشجعي الفريق بتعليق لافتة مكتوبة عليها ”لليابانيين فقط“ في ٨ مارس/أذار على بوابة أحد مداخل ملعب المباراة خلال مباراة ضد فريق ساغان توسو. وقد انتشرت صورة تلك اللافتة بسرعة رهيبة على مواقع التواصل الإجتماعي مما أثار النقاش على الانترنت والصحافة المطبوعة عن المقصود والهدف من تلك اللافتة لتتلقى جماهير الفريق انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام العالمية التي اعتبرت اللوحة عنصرية تمنع غير اليابانيين من الدخول إلى الملعب وتشجيع فريق اوراوا ريدز الذي فاز بلقب دوري أبطال آسيا ٢٠٠٧.

صورة الإستاد الذي استضاف المبارة ٢٣ مارس/أذار وقد كان الشجعون يلوحون بالراية. البوابة رقم ٢٠٩ تقع فقط تحت الشاشة العملاقة للإستاد.

وقد علقت اللافتة في مدخل البوابة رقم ٢٠٩ الخاصة بالإستاد، والتي تؤدي بشكل مباشر الى مقاعد المتفرجين خلف المرمى المخصصة لمشجعي الالتراس. والتراس أوراوا أعلن صراحة معادتهم للسلطوية والإستبداد مع لافتة عملاقة للثوري الكوبي الشهير تشي جيفار. أنا أعيش في أوراوا ولقد حضرت بانتظام مبارياتهم لأكثر من عقد (على الرغم من أنني لم أتمكن من حضور المباراة التي أثارت الجدل). وكوني أعرف الألتراس وهم مألوفين بالنسبة لي عندما رأيت الجدل الدائر على تويتر لطمت رأسي في فزع كبير وقلت لنفسي: ها قد بدأنا الجدل من جديد.

كلما تمعنت في الموضوع تكشفت لي الأمور أكثر فأكثر، و أدى إلى تغير رد فعلي من مجرد اللطم على الرأس إلى التفكير والتساؤل في دهشة. وجاء أول رد (أو ما شابه ذلك) من المقر الرئيسي لفريق أوراوا ريدز. وبالعادة كان النادي سريعا وحاسما بالاستجابة إلى الحوادث التي تنطوي على أنصار الفريق، لكن هذه المرة تلقوا الكثير من الإنتقادات بسبب الاستجابة البطيئة. وبدا البيان الذي نشر على موقع النادي الرسمي على الانترنت يحدد رداً على الحادث، ويؤكدا التزام ريدز بمبادئ ”الرياضة من أجل السلام“ كمسكن مؤقت وسريع للأزمة. ولم يعلن النادي حظر المجموعة المسؤولة عن تلك الحادثة الغير رياضية إلى أجل غير مسمى، كما تم حظر اللافتات والأعلام في جميع المباريات ذهاباً واياباً إلا بعد قيام الإتحاد الياباني لكرة القدم بتوقيع عقوبة صارمة على النادي في ١٣ مارس/أذار .

شيء آخر جعلني أحك رأسي وأفكر في تلك النهاية التي انتهت إليها هذه الحادثة الدرامية. حيث إن هذه الحادثة لم تمر مرور الكرام أمام الرئيس الجديد لرابطة الدوري الياباني ميتسورو موراي الذي انتقد بشدة عبر الموقع الرسمي للرابطة تهاون إدارة فريق اوراوا ريدز في التعامل بصرامة مع تلك اللوحة العنصرية، حيث قال : ”صحيح أن اللوحة تحمل عدة تفسيرات إلا أنها تدل لشيء واحد وهو التمييز والعنصرية، ظهور تلك اللوحة بجانب عدم ظهور قرار صارم من النادي ساهم في تشويه سمعة الدوري الياباني في العالم، سيتم رسمياً منع المشجعين من الحضور لمباراة ٢٣ مارس/آذار أمام فريق شيميزو بولسه“. ولكن عندما رأيت الترجمة الانكليزية لبيانه الرسمي اندهشت. على الرغم من أن المعنى الأساسي كان لا يزال كما هو، إلا أن جودة الترجمة قللت من تأثير محتوى رسالة موراي .

إن ما يثير القلق هو النظريات التي بزرت لتفسر تعليق الراية بأنها بيان صريح يجهر بالقومية اليابانية. وقد أشارت مقالة في هافينغتون بوست اليابان (باللغة اليابانية) إلى مقابلة مع ساجارا سوميتومو الزعيم المتقاعد لمشجعي للألتراس والذي قال بها أن: ”الألتراس لايحبون كوريا“. ويشير المقال أيضاً إلى أصوات الاستهجان الموجهة لنادي أوراوا بسبب اقتنائهم للاعب لي تاداناري وهو لاعب المنتخب الياباني من أصول كورية. ولكن إذا قرأت بتأن المقابلة الكاملة (التي طبعت في عدد مارس/أذار بالمجلة الرسمية لفريق أوراوا ريدز) فستجد أن ساجارا كان على الأغلب يصف التوتر الحالي في البلاد ولم يكن يقصد الترويج للتفكير العنصري.

وقد يكون كبرياء وتعصب بعض المشجعين الجاهلين هو ما أدى إلى هذه الحادثة المؤسفة وقد يكون هذا التفسير هو الأكثر منطقية في هذه الحالة. إن المساحة وراء المرمى محدودة للغاية، ومجموعات الألتراس لديها تسلسل هرمي حيث أنها تقرر اين تقف كل مجموعة. ويسمح للأنصار الأفراد بالوقوف خلف المجموعات وضغط المزيد من الأنصار يعني ارتفاع أكثر في درجة الحماسة. لقد عشت هذه التجربة من قبل عندما بدأت حضور المباريات في استاد كومابا، المعقل القديم للفريق. إن الوقوف على بعد بضعة امتار قليلة من قائد المشجعين وقارعي الطبول يعني أنه لا يمكنك التوقف عن الهتاف تحت أي ظرف من الظروف لا يمكنك حتى الذهاب إلى المرحاض.

لقد لاحظت خلال السنوات عدداً متزايداً من المشجعين الأجانب في المباريات بسبب تلك الأجواء الساخنة. كما ينجذب العديد من هؤلاء المشجعين الأجانب أو يهيمون على وجوههم في المنطقة المخصصة للالتراس بدافع الفضول أو استراق النظر، غير مدركين للقوانين الصارمة لقواعد السلوك الخاصة بمشجعي الألتراس. وبأي حال من الأحوال فإن الراية التي علقت يوم ٨ مارس/أذار لم يقصد بها الإساءة للأجانب أو السخرية منهم لكن كان رد فعل حسن النية من مجموعات الألتراس لإفساح الطريق لمشجعي ومجموعات الألتراس التي تأخذ موضوع التشجيع على محمل الجد وليس لمجرد الترفيه فحسب. كما يبدو أن هذا التفسير يتناسب أيضاً مع التعليق الذي أدلى به أنصار النادي للمحققين : ”إن المنطقة خلف المرمى هي لنا ونحن لا نريد أشخاص آخرين هنا سواء أجانب أو غير ذلك“.

قمت بحك رأسي مرة اخرى وأنا افكر. مع وجود أكثر من ١٠ مليون زائر الى اليابان في عام ٢٠١٣ وعدد متزايد من المقيمين الأجانب إن حادثة كهذه كانت ستحدث عاجلا أم آجلا. لذلك على هؤلاء الناس الموجودين في المجتمع الياباني والغير مرتاحين بشكل أو بآخر للتغيرات التي تطرأ على المجتمع أن يحاولوا إيجاد طرق أفضل للتعامل مع الحساسيات الناجمة عن تصادم الثقافات المختلفة. آمل أن تساعد تلك العقوبة الصارمة التي أوقعها الإتحاد الياباني على النادي أن تتيح الفرصة لمناقشة طرق للتعامل بطريقة متسامحة أكثر مع الأجانب. في غضون ذلك سوف أستمر في تشجيع فريق ريدز لكن من جزء مختلف من من الملعب بعيداً عن الألتراس، لأنني أصبحت كبيراً في السن لتحمل الصراخ والتشجيع المتواصل من الألتراس، وأيضا لأن المقاعد وراء المرمى هي مكان رهيب لمشاهدة المباراة، حيث لا يمكنك الرؤية بسبب تلك الأعلام الكبيرة التي يحملها المشجعون والتي لا يتوقفون عن التلويح بها. إنه جو ومناخ مثير للغاية على الرغم من ذلك فإنني سوف أتابع تطورات الموضوع عن كثب.

(المقالة الأصلية باللغة الإنكليزية)

كرة القدم الرياضة