أصوات نراها ونشعرها: المحاكاة الصوتية اليابانية وما بعدها

ثقافة اللغة اليابانية

مع بدء هطول المطر (بوتسو بوتسو)، يفتح الناس المظلات وهي تمطر رذاذا (شيتو شيتو) وتسرع الوتيرة حيث تمطر باطراد (بارا بارا) قبل أن يهرع الناس إلى مخبأ حين تفتح أبواب السماء وتنهمر الأمطار (زا زا) على رؤوسهم.

تزخر اللغة اليابانية بعدد ضخم من العبارات لوصف الأصوات وتتوفر العديد من الكلمات التي يوحي لفظها بمعناها وعلى نحوٍ أكثر مما عليه الحال في اللغة الإنكليزية وكذلك الكلمات المماثلة التي تتجاوز أصوات تمثيل لحالاتٍ عاطفية أو جسدية.

وتُطغي هذه العبارات، المكتوبة في مقاطع صوتية بالـ”كانا“ وهي، مفردات الكانجي المعروفة لدى الدارسين اليابانيين والأجانب على السواء. وتجدر الإشارة إلى أنه يتوجب على الأطفال اليابانيين تَعّلم عدد محدد من الكانجي كل عام خلال جميع سنوات الحياة المدرسية، في حين أنه في وسع البالغين التقدم لاختبار كانجي كينتي الشعبي واختبار مدى معرفتهم بالكانجي لغاية ٦٠٠٠ حرف أو بالأحرى رمز من الكانجي ويقيس الطلاب الأجانب عادة أيضا مستوى تقدمهم اللغوي مما تعلموه من أعداد الكانجي.

ولعل السبب وراء قلة هيبة عبارات الكانا التي تصف الأصوات (giongo) أو الحالات (gitaigo) يتمثل في تعلم العديد منها لأول مرة في مرحلة الطفولة المبكرة. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنها عبارات صبيانية. وعلى عكس ”pitter patter“ أو ”plink plink“ في الإنكليزية حيث أن كلمات الأمطار التي ذكرت في البداية تُستخدم بشكل طبيعي تماما في محادثة عامية بين اليابانيين البالغين. كما ينطبق الشيء نفسه على مجموعة أخرى من العبارات التي تبدو بسيطة وبدون تلميحات للمعنى الذي يشير إليه الكانجي، ويمكن أن يكون من الصعب تفسيرها.

إدراك الأصوات في اليابان

وتعرف العبارات التي يوحي لفظها بمعناها عموما باسم غيونغو (giongo) باللغة اليابانية، وبالرغم من أنها تنقسم أحيانا إلى غيونغو للأصوات التي تظهرها الأشياء وغيسيئيغو (giseigo) للأصوات التي يظهرها الناس والحيوانات. في الخطاب الموجه إلى الأطفال الصغار جدا، فإنّ أصوات الحيوان تُستخدم في كثير من الأحيان كأسماء للحيوانات أنفسهم، ولذا، فعلى سبيل المثال، لفظ صوت ”وان وان“ يمكن أن تمثل عواء الكلب وكذلك الكلب نفسه وذات الأمر ينطبق أيضاً على ”نيان نيان“ المواء والقط.

وعلى الرغم من أنها غالبا ما تختلف عن ما يعادلها من كلمات في اللغة الإنكليزية، فهناك بعض القواعد الواسعة التي يتوجب اتخاذها عند مصادفة عبارات غير معروفة. كالتعابير التي توجد فيها الحروف الصوتية ”i“ و”e“ والتي هي أكثر عرضة لوصف أصوات أكثر هدوءً أو ضجة أعلى من تلك التعابير مع أحرف ” “ā، o”“ أو ”ō“، والتي عادة ما تكون مرتبطة بصوت أعلى، وضجة منخفضة. وهكذا ”شيتو شيتو“ تدل على رذاذ الأمطار و”زا زا“ على هطول الأمطار بكثافة في حين يصف تعبير ”شيكو شيكو“ النحيب الخافت و”وا وا“ صوت الصياح.

كما توجد هناك اختلافات مماثلة أيضا بين الأصوات الأخف مع الكلمات التي تبدأ مع الحروف الساكنة الغير صوتية مثل ”“k، s”“، و”t“، وأصوات أثقل من تلك التي تبدأ مع الحروف الساكنة الصوتية مثل ”“g، z”“، و”d“. إذا قرع شخص الباب ”تون تون“، فهذا صوت قرع خفيف مقارنة مع ”دون دون“، وهو صوت ثقيل. كما أن ”كاسا كاسا“ يمكن أن تمثل صوت حفيف الأوراق تحت الأقدام، في حين ”غاسا غاسا“ هو صوت خشخشة فروع الأشجار وهي تتمايل في مهب الريح الغابات.

ولعل الانسجام مع هذه الأنواع من الأنماط يسهل تفسير معاني غيونغو لكن هناك بعض التداخل على الأقل مع اللغة الإنكليزية في أحرف العلة الصوتية، فعلى سبيل المثال، ”splish“ تشير إلى صوت أصغر من ”splosh“.

عبارات تُجسِّد حالات عاطفية وجسدية

إنً غيتايغو (كلمات المحاكاة) هي عبارات مكمّلة لغيونغو (الكلمات التي يوحي لفظها بمعناها) في تمثيل حالات جسدية لعاطفية بدلا من الصوت. ومن الأمثلة على ذلك ”واكو واكو“ للدلالة على الإثارة، و”بيكا بيكا“ للدلالة عن شيء لامع، وكذلك ”كوسّوري“ للإشارة إلي القيام بعملٍ من طرفٍ خَفيّ. وبالرغم من ندرتها في اللغة الإنكليزية، فإن هناك بعض الكلمات المشابهة، مثل ”wishy-washy“ (ضعيف باللغة العربية)، أو ”higgledy-piggledy“ (فوضى باللغة العربية)، والتي تشير بدورها إلى الأصوات دون تمثيلهم.

وقد يكون من الصعب رسم خط واضح بين الأصوات والحالات كما هو الحال مع ”دوكي دوكي“، التي تمثل الإثارة العصبية قبل المقابلة أو الظهور على خشبة المسرح. فعبارة ”دوكي دوكي“ تدل على صوت القلب النابض بسرعة، ولكن هذه العبارة تركز على استخدامها في الحالات العاطفية بشكل أكثر وهنالك الكثير من العبارات الأخرى بحيث يمكن أن تشير إلى أي حركة أو صوت مصاحب. كمتعلم، ومع ذلك، لن يكون هناك حاجة للتمييز بشكل دقيق.

ولبعض الكلمات أيضا معان مختلفة كالغيونغو والغيتايغو. مثل صوت الطرق الثقيل (دون دون) الذي قدمناه أعلاه حيث يمكن أن يعني أيضا ”باطراد“، كما في إنجاز مهمة. وفي حين ”غاتا غاتا“ يمثل صوت قعقعة كالتي تصدر عند المشي بالقبقاب، فإنه قد يعني أيضا ”متهالك“ أو ”غير مستقر“ عند الحديث عن مبنى. وربما هناك دليل واحد لفهم القصد وهو أن الغيونغو أكثر عرضة لتكون مكتوبة بأحرف الكاتاكانا في حين أن الغيتايغو تُكتَب بأحرف الهيراغانا، على الرغم من أن هذه ليست بأي حال قاعدة ثابتة.

أحد جوانب المفردات الأساسية

وعندما تجري الترجمة إلى اللغة الإنكليزية، تتخذ هذه العبارات في كثير من الأحيان من منطلق قواعد اللغة صبغة الصفة أو الحال حيث تُستخدم بالاقتران مع الأفعال العامة مثل ”warau (تضحك)“، ”naku (تبكي)“، و”taberu (يأكل)“، وقد تشمل أيضا نفس طريقة استخدام الأفعال الإنكليزية. ”kusu kusu warau“ هو ضحكة مكتومة أو قهقه بهدوء، بينما ”gera gera warau“ هو قهقهة أو هدير من الضحك. في حين ”gatsu gatsu taberu“ هو ابتلاع أوتناول الطعام بشراهة و”mogu mogu taberu“ هو أو مضغ الطعام والفم مغلق.

وهناك العديد من التدرج الدقيق في معنى الغيونغو والغيتايغو، ولكنها لا تتطابق دائما بدقة مع الإنكليزية، والتي يمكن أن يكون تعلمها أكثر صعوبة. وعلى الرغم من أنها لا تحصل على نفس الاهتمام الذي يحصل عليه الكانجي، فإنَّ استعمالها الشائع في مواقف الحياة اليومية يعني أنه لا ينبغي تجاهل هذه العبارات من قبل الطلاب الذين يرغبون في التحدث بطلاقة (بيرا بيرا) والقراءة بسلاسة (سورا سورا).

أمثلة عن الغيونغو والغيتايغو

الأصوات التي يُطلقها الناس
غوهون صوت سُعَال
واي واي كَلامٌ بصوتٍ عالٍ أو صراخ
أصوات الحيوانات
مو مو صوت بقرة
كا كا صوت غُراب
الظواهر الطبيعية
هيو هيو صوت هبوب الرياح
غورو غورو صوت الرعد
أصوات أخرى
رين رين رنين جرس الدراجة
ساكو ساكو صوت الطحن، وطأ على الثلج
وصف الحركات
غورو غورو دَوَران
يوكّوري ببطء
وصف الأشياء
بيشّوري قطرات النَدى على غرار التعرق
فوا فوا لين، رقة
مشاعر جسدية
كوتا كوتا استنفاد الطاقة وارهاق
موكا موكا مغث ومدعاة للاشمئزاز
العواطف
إرا إرا غضب
كويو كويو قلق

(المقال الأصلي باللغة الإنكليزية نُشر بتاريخ ١٣ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٥. صورة العنوان: من شينتشي هيغاشي)

اللغة اليابانية