الجري أسلوب حياة !

مجتمع رياضة

منذ أن بدأ ماراثون طوكيو في عام ٢٠٠٧، أصبح مشهد اجتياز العدّائين لشوارع العاصمة اليابانية مشهداً يومياً مألوفاً للمارة. في هذا المقال، يقوم تاتسونو تيتسورو، الكاتب غير الروائي وعداء الماراثون المحترف، بتحليل الخلفية المتعلقة بهذا الحماس المتقد والشغف المتزايد برياضة الجري الذي اجتاح البلاد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

لا يمكن لأحد أن يقول لنا بالتحديد كم عدد العدائين في اليابان، ولكن العدد يتراوح حسب التقديرات التي تنشر على نحو منتظم بين ١٠ و ٢٥ مليون نسمة. وقد ثبت أن هذه الطفرة التي بدأت منذ عقد من الزمن لتكون أكثر من مجرد مناسبة عابرة، حيث تحولت رياضة الجري إلى أسلوب للحياة بالنسبة لملايين الناس. ولكن لماذا أصبحت رياضة الجري متأصلة بعمق في هذا البلد وفي غضون بضع سنوات فقط؟ كلما أفكر في هذه المسألة، أعتقد أن هناك شيء ما في رياضة الجري يجذب ويناسب الشخصية اليابانية، وقد أدى تزايد شعبية رياضة الجري كهواية وأسلوب حياة إلى ظهور مجموعة جديدة من القيم داخل المجتمع الياباني في نفس الوقت. ولعل إلقاء نظرة أعمق على هذه الظاهرة يسلط الضوء على العوامل الثقافية والاجتماعية التي تكمن وراء تلك الظاهرة.

من صالات الألعاب الرياضية إلى شوارع المدينة

لقد بدأت بممارسة رياضة الجري قبل نحو ١٧ عاماً، عندما انضممت إلى صالة للألعاب الرياضية في محاولة مني لفقدان بعض الوزن واستعادة رشاقتي. في البداية استخدمت جهاز الجري الكهربائي لمدة عشر دقائق، وبشكل تدريجي استعدت مستوى من اللياقة البدنية مما جعلني قادراً على ممارسة الجري لمدة ثلاثون دقيقة ثم لمدة تجاوزت الساعة في مرحلة متقدمة. و كما نعلم جميعاً يحتوي جهازالجري على شاشة توضح المسافة المقطوعة والزمن. عند استخدام الجهاز والنظر إلى الأرقام المعروضة على الشاشة، بدأت أتساءل كم من الوقت ينبغي أن أُخصصه لإنهاء سباق الماراثون بنفس السرعة التي أجري بها على هذا الجهاز؟ وكنت دائماً استخدم هذا الجهاز وأنا أستمتع بأحلام اليقظة حول إنهائي لسباق الماراثون يوماً ما.

وبعد مرور عامين، وبناء على اقتراح أحد الأصدقاء شاركت في ماراثون ”ناها“ الذي يقام بأكبر مدن أوكيناوا. وقد كانت البداية جيدة بشكل كبير، ولكن بعد الجري حوالي ٣٢ كم استسلمت ساقي فجأة ولم أعد قادراً على الحركة. انتهت أول محاولة لإنهاء سباق الماراثون بشكل محبط ومخيب للآمال.عندما جلست في الحافلة مع المتسابقين الآخرين غير المؤهلين، انتابنا جو ثقيل من الاكتئاب بسبب الطموحات الكبيرة التي حلمنا بها ولم تتحقق. وقد أدركت في ذلك الوقت أن ممارسة الجري على الجهاز الكهربائي ليست كافية على الإطلاق لبناء عضلات الساق الضرورية لإنهاء سباق الماراثون.

بعد اكتوائي بنار الفشل والهزيمة، أخذت على نفسي عهداً بالعودة إلى مضمار السباق يوماً ما. وقمت باتخاذ شوارع المدينة مكاناً للتدريب، وبدأت الجري مسافة محددة طولها سبعة كيلومترات من مكتبي إلى جسر ”رينبو“. وقد مارست رياضة الجري على هذا المنوال مرتين أو ثلاث مرات كل أسبوع. كنت على أتم الاستعداد عند حلول سباق ماراثون ”ناها“ مرة أخرى في العام التالي. هذه المرة تمكنت من إنهاء السباق.

أنا لست بعداء سريع على أية حال، وقد يسخر مني المتسابقون الآخرون من الأزمنة التي أسجلها. حيث تصل المدة التي احتاجها لإنهاء سباق الماراثون إلى خمس ساعات، وحتى في سباقات نصف الماراثون، فإنه من الممكن لي فقط كسر حاجز الساعتين عند القيام ببذل مجهود كبير.

الأثر الذي تركه ماراثون طوكيو

منذ المرة الأولى التي انتعلت فيها زوجاً من أحذية الجري وحتى اليوم لم أحقق تقدماً يذكر في الأزمنة التي أسجلها في السباقات، ولكن مع ذلك أستطيع القول أن البيئة المحيطة بهذه الرياضة تغيرت من حولي بشكل يصعب التعرف عليها على مدى السنوات السبعة عشر الماضية.

في البداية، كان من النادر مصادفة عدّائين آخرين عند اجتياز شوارع المدينة. كان هناك دائما بعض العدائين في بعض الأماكن الشهيرة مثل حديقة كومازاوا في حي سيتاغايا، أو الحلقة الموجودة على طول الخنادق المائية المحيطة بالقصر الإمبراطوري. ولكن حتى في تلك الأماكن، لم يكن عدد العدائين كبير بها علي أي حال. وعلى الرغم من أنك قد تصادف أحياناً بعداء واحد أو اثنين، كان العداؤون متباعدين عن بعضهم وعددهم قليل نسبياً. كانت البدايات قبل حوالي عشر سنوات عندما بدأ المارة مصادفة العدائين في الشوارع أيضاً. كان هذا قبل ماراثون طوكيو الأول عام ٢٠٠٧.

أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية أدت إلى زيادة عدد العدائين.
١) تزايد أعداد الناس الذين خرجوا للجري في شوارع المدينة بعد أن ذاقوا متعة الجري على الأجهزة الكهربائية في صالة الألعاب الرياضي.
٢) ازدياد الاهتمام بصحة الجسم دفعت المزيد من الناس لممارسة الجري كجزء من برامج الحمية وفقدان الوزن.
٣) إظهار الإعلام للممثلات وعارضات الأزياء الشهيرات وهن يمارسن رياضة الجري أدى على التخلص من الصورة السلبية للجري وأعطاها صورة إيجابية وجاذبية أيضاً.

وبعدها جاء ماراثون طوكيو. وقد لعبت شعبية هذا الحدث دوراً حاسماً في تحويل رياضة الجري من مجرد موضة إلى جزء راسخ من الاتجاه العام. منذ أن بدأ ماراثون طوكيو، أصبح من المستحيل ممارسة الجري في الشوارع دون مصادفة العدائين الآخرين.

وأصبح المضمار الذي يبلغ طوله خمسة كيلومترات حول القصر الإمبراطوري مكاناً مقدساً لكثير من العدائين، لدرجة أصبح فيها العداؤون يجرون عملياً في طوابير طويلة في الأوقات المزدحمة خاصة يوم الأربعاء وهو اليوم الذي تقل فيه ساعات العمل الإضافية في العديد من الشركات اليابانية. وفي الماضي اعتدت على الاستحمام في حمام عام محلي بعد ممارسة الجري، ولكن منذ بدء الماراثون، ظهرت مرافق خاصة بالعدائين في جميع أنحاء المنطقة المحلية، وهذه المرافق هي أكثر من مجرد أماكن لتغيير الملابس والاستحمام حيث يمكن أيضاً استئجار الأحذية والمناشف وغيرها من المعدات والأدوات. هناك على الأقل ٤٠ مكاناً من هذه المرافق في محيط القصر الإمبراطوري.

ومؤخراً، بدأت أعداد متزايدة من الناس التنقل سيرا على الأقدام، حيث يغادروا مكاتبهم في نهاية اليوم ليعودوا إلى بيوتهم ركضاً على الأقدام حاملين حقائبهم على ظهورهم.

أعتقد أن أوكيناوا هي المكان الأول في اليابان الذي أصبحت فيه رياضة الجري جزءاً هاماً ومتأصلاً في الحياة اليومية. أتذكر كم كانت المفاجأة برؤية أعداد العدائين ممن صادفتهم عند قضائي شهراً أو نحو ذلك في هذه الجزر عام ١٩٩٥، وذلك على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة. اختار كثير من الناس عادة الجري هذه تحت تأثير القواعد الأمريكية الموجودة في أوكيناوا. هذا التركيز من العدائين يعني أن أوكيناوا هي أيضا موطن لعدد ليس بقليل من السباقات أيضاً. شهد ماراثون ناها الذي عقد للمرة الأولى عام ١٩٨٥، الذكرى السنوية الـ ٢٨ في العام الماضي. والسباق هو ”القاعدة القديمة“ لسباقات الماراثون اليابانية.

وعندما أُقيم ماراثون طوكيو لأول مرة، اقتصرت ظاهرة الجري إلى حد كبير على أوكيناوا وطوكيو. وأذكر أنني ذهبت مرة لممارسة الجري في الأنحاء المحيطة بقلعة أوساكا عندما كنت في تلك المدينة أثناء العمل. لم يكن هناك علامات المسافة أو مسارات الجري، وبالكاد صادفت عدّائين آخرين. كان أمراً نادراً مصادفة العدائين الآخرين. لكن في الآونة الأخيرة، بدأت الأمور تتغير وتتبدل بشكل كبير. حيث عقدت أوساكا وكوبي سباقات الماراثون لأول مرة عام ٢٠١١، وانضمت مدينة كيوتو لتعقد سباقها الأول عام ٢٠١٢. اليوم، أصبحت ظاهرة الجري منتشرة في مختلف أنحاء البلاد. وفي الوقت الحاضر، يمكنك مصادفة العدائين الآخرين أينما ذهبت في اليابان.

لماذا نمارس رياضة الجري؟

أنا مقتنع شخصياً أن الجري له تأثير قوي ليس فقط على الجسم وإنما على العقل أيضاً.

أسأل أحياناً الناس عن السبب وراء ممارستهم رياضة الجري فيجيب كثير منهم أنهم بدأوا ذلك بهدف الرشاقة أو إنقاص الوزن فقط. ولكن بعد فترة من الزمن بدأت دوافعهم تتغير بشكل ملحوظ.

إن ممارسة رياضة الجري ليست بالأمر السهل. حيث أنها تتطلب الكثير من الجهد والتحمل. ومن اللافت للنظر ملاحظة كيف يصبح التعب والهموم المتراكمة في موضع لا يسترعي الاهتمام مقارنة مع الجهد البدني المبذول عند ممارسة الجري. الجري يساعدك على أن تكون واثقاً ومتفائلاً، كما يدفعك للتركيز على المضي قدماً للأمام. ليس هناك شك في أن الجري يلعب دوراً هاماً لكثير من الناس في التخلص من الضغوطات المكبوتة والإحباطات التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الحياة في المدن الحديثة. وأعتقد أيضا أن جانب التحمل الذي تتطلبه رياضة الجري يتناسب بشكل مثالي مع الشخصية اليابانية التقليدية. تمتص كل رياضة في اليابان مؤشرات كبيرة من عقلية فنون الدفاع عن النفس في سنوات ما قبل الحرب. إن تحقيق الفوز هو المهم، ولكن ما كان مهما أكثر من أي شيء هو مرحلة الإعداد والتحضير. كان التركيز على القتال من خلال التدريب القاسي وتطبيقاته العملية. إن تحمل هذه العملية يعمل على تنقية روح الرياضي ويعلو ويسمو بها. هذا صحيح في جميع الألعاب الرياضية الرئيسية - سواء البيسبول أو كرة القدم أو الركبي، فإن السؤال الهام يبقى إلى حد كبير حول مدى قساوة وشدة التدريبات التي خضتها.

وأعتقد أنه لا يمكن إنكار أن هذه العقلية هي جانب واحد من ظاهرة الماراثون. إن الخروج لممارسة الجري في صباح الشتاء البارد أو حرارة الصيف هو شيء عليك أن تجبر نفسك على القيام به. عليك إن تقاتل ضد الوسوسة التي تتملكك لترك هذه الرياضة وربما التخلي عنها. أعتقد أن العزيمة والتصميم على الاستمرار في ممارسة الجري رغم هذه الوساوس هو جزء من روح مدرسة فنون الدفاع عن النفس الموروثة و التي تؤّكد الانضباط الذاتي من خلال العمل الجاد.

الكثيرون من أصدقاء هذه الرياضة يمارسون الجري كل يوم. بعضهم يمارسها مرتين في اليوم، مرة في الصباح ومرة أخرى في المساء. البعض منهم قادر على الشرب حتى وقت متأخر حتى يفوتهم آخر قطار، وحينها يعودون إلى منازلهم جرياً، قاطعين مسافة أكثر من ٥٠ كم في منتصف الليل. هؤلاء الناس قادرون على خوض ماراثون كامل في زمن يتراوح ما بين اثنين ونصف إلى ثلاث ساعات ونصف الساعة. مثال واحد على هذا النوع من العدائين الهواة المتفانين هو كاواتشي يوكي، وهو موظف مدني في محافظة سايتاما والذي فاز بماراثون ”بيبو اويتا ماينيتشي“ في كيوشو في الثالث من فبراير/ شباط الماضي.

قيم جديدة

أدخلت رياضة الجري نظام جديد من القيم داخل المجتمع الياباني.

ولسنوات عديدة، حددت المكانة الاجتماعية في اليابان حسب السجل الأكاديمي ومكان العمل. ولكن أدى الإنهيار الإقتصادي و الإنكماش الذي تلى الفقاعة الاقتصادية إلى تلاشي وإنهيار تلك الطريقة في التفكير بين الأجيال الشابة. كما أدى إلى نشوء ظاهرة  (Freeter) والتي تعني باليابانية الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و ٣٤ الذين يفتقرون إلى العمل بدوام كامل أو عاطلون عن العمل، باستثناء ربات البيوت والطلاب - فهناك جيل جديد من الشباب يستمتع بحياة خالية من الالتزام حيث يعملون بدوام جزئي ويتنقلون من وظيفة إلى أخرى، ساعين وراء مصالحهم الخاصة دون أن يكونوا مرتبطين بوظيفة أو عمل دائم. والآن بدأ هذا الجيل الجديد من ”الكسالى“ بتحقيق قصص نجاح علي طريقتهم الخاصة فريدة من نوعها.

بعد قضائي فترة من الوقت في عالم رياضة الجري، أدركت فجأة أنه لم يسألني أحد من زملائي العدائين ولو مرة عن عملي أو الجامعة التي تخرجت منها. وهو ما يعني أنه عندما يتعلق الأمر بالجري فالخلفية الأكاديمية والمهنية ليس لها أهمية على الإطلاق.

بالطبع، يمارس الناس رياضة الجري في فرق ذات مستويات وأحجام مختلفة، ودائرة المعارف التي أمارس الجري معها تتوسع بشكل دائم، وذلك بفضل الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي. والبعض من أعضاء فريقنا غالباً ما يجتمع لاحتساء المشروبات، ولكن الشيء الوحيد الذي يجمعنا هو اهتمامنا المشترك برياضة الجري. فبمجرد انتهاء حفلة الشراب، يعود كل واحد منا إلى عالمه الخاص به.

في ألعاب رياضية أخرى، كثيراً ما يشارك الناس كجزء من فريق يمثل المنطقة التي يعيشون فيها أو المكان الذي يعملون به. لكن رياضة الجري تساعد على خلق نوع جديد من الهوية الجماعية، نوع يتجاوز المعنى التقليدي لتحديد الهوية مع منطقة معينة أو مكان العمل.

دعم مؤثر من الجماهير

هناك شيء آخر أود أن أذكره، وهو الدعم الذي يصلنا كعدائين عند المشاركة في السباقات. منذ عام ١٩٩٨، تقدمت بطلب المشاركة في ماراثون ”ناها“ كل عام.

هناك سبب لذلك: دعم رائع من السكان المحليين على طول الطريق. من البداية إلى النهاية، كما أن هناك حشد من الناس على طول الطريق. وبسبب الحرارة الشديدة، يقوم السكان المحليين بإعداد الثلج لتقديمه للمتسابقين. إنه لأمر يحرك المشاعر عندما نرى حشود الناس وهم يبذلون جهود مضنية ليحطموا قطع الثلج من أجل إمداد المتسابقين خلال الأوقات الصعبة. إنهم يمدون العدائين بكل شيء: الملح والحلويات ومشروبات الطاقة الهلامية والمشروبات الغازية والمعكرونة المحلية في أوكيناوا، وحتى في بعض الأحيان، أكواباً من ”أواموري“ وهو المشروب الروحي المقطر الخاص بالمنطقة.

هذا الاتصال والاحتكاك مع السكان المحليين المصطفين على طول شوارع المدينة هو أحد المتع الرئيسية في تجربة الماراثون بالنسبة للعدائين الهواة الذين لا يهدفون إلى إنهاء السباق بتحقيق أسرع وقت ممكن.

في السنوات الأخيرة، بدأت أعداد متزايدة من المتسابقين بارتداء أزياء خاصة عند المشاركة. يقوم هؤلاء المتسابقين بذلك آخذين في الاعتبار حشود الناس المصطفة على جوانب الطرقات. فالناس يستمتعون كثيراً بمشاهدة العدائين الذي يرتدون ملابس رقيقة تشبه الشخصيات الكرتونية الشهيرة أو ملابس المشاهير.

في ١٠ فبراير/ شباط من هذا العام، قمت بالجري لمسافة ٤٢٫١٩٥ كم  في ماراثون سانشاين بمنطقة إيواكي. إيواكي هي واحدة من المجتمعات المحلية التي عانت من تداعيات الإشعاع الناتج عن الانفجارات في محطة فوكوشيما للطاقة النووية في مارس/أذار٢٠١١ والتي نتجت عن الزلزال المدمر وما أعقبه من موجات تسونامي مدمرة أتت على الأخضر واليابس. وقد ضم فريقي الذي يطلق عليه سونا-دوكي (الساعة الرملية) مجموعة عدائين مؤلفة من ثلاثة عدائين من الرجال والسيدات ارتدين تنانير ”هولا“ المستوحاة من الراقصين في الحديقة المائية ”منتجع سكان هاواي“ الشهيرة والتي تعد واحدة من المواقع السياحية الرئيسية في المدينة. وتبع هذه المجموعة عداء آخر حمل لافتة كتب عليها ”إيواكي في الذاكرة دائما“. كما خاض الفريق السباق بقمصان حمراء متطابقة كتب عليها من الخلف ”من أجل توهوكو“.

ركض ستة منا في مجموعة بوتيرة بطيئة ثابتة. خرجت صيحات التشجيع من أفواه الناس من على جوانب الطرقات. وقامت السيدات المتقدمات في العمر بالانحناء والتلويح وتشجيعنا على الاستمرار، وقد لوحنا لهم نحن أيضاً بحماس شديد. أعتقد أن يداي قد لامست أيدي المئات من الناس في ذلك اليوم.

وقد سمعت أحدهم يقول من بين الصيحات: ”شكراً لكم على حضوركم !“.

فجأة، شعرت بالدموع تتدفق وتنساب من عيناي رغماً عني. لقد كان الناس ممتنين لنا لأننا أتينا وشاركنا في السباق على الرغم من المخاوف المتعلقة بالإشعاعات المنبعثة من أثر الحادث. لقد عبر الناس ذلك اليوم عن امتنانهم وصرخوا بكلمة ”شكرا“ بشكل لم أشهده من أي وقت مضى من قبل.

وخلال السباق، تم تسليم إحدى العداءات في فريقنا حلوى ملفوفة في ورقة. عندما فتحت الحلوى، كانت هذه الكلمات مكتوبة على الورقة من الداخل ”شكرا لكم على شجاعتكم. احرصوا على عدم التعرض إلى أي إصابة“. 

هل هناك كلمات أخرى أكثر تشجيعاً من هذه العبارات؟

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، ١٨ فبراير/ شباط ٢٠١٣)

 

 

الرياضة المجتمع