الحلويات والمقرمشات اليابانية تغزو العالم

اقتصاد ثقافة

الحلويات والمقرمشات ”سناكس“ اليابانية مثل ”هاي-تشو Hi-Chew“، ”بوكِّي Pocky“، ”كابّا إيبيسن Kappa Ebisen“ وغيرها والتي حققت تطوراً متفرداً داخل اليابان قد نالت شعبية وتوسعت في الخارج. تغيير النكهات حسب البلد والناس وربما الديانة والمنافسات المختلفة في طرق الترويج الإعلاني وغيرها هي من عوامل النجاح في الأسواق الخارجية. وسنقدم لكم هنا تحليلاً لهذه العوامل.

حلوى اليابانية في أسواق بانكوك

دعونا نخطو خطوة وننظر داخل أسواق السوبر ماركت في واحدة من أهم عواصم جنوب شرق آسيا في بانكوك عاصمة تايلاند، ستنبهر بالتأكيد من تواجد الحلويات والمقرمشات ”سناكس“ اليابانية والتي تجدها تشغل مكانا في الركن المخصص لبيع الحلوى.

”بوكِّي Pocky“ و”بريتش Pretz“ من إنتاج شركة إزاكي غليكو Ezaki Glico، و”هاي-تشو Hi-Chew“ من شركة موريناغا سيكا Morinaga Seika، ومنتجات شركة كالبي Calbee من المقرمشات ”جاغابي Gagabee“ و”كابّا إيبيسن Kappa Ebisen“ و”سنابي شيبس بون بون Snapea Chips BUNBUN“، ومقرمشات ”كارا موتشو Kara Mucho“ من شركة كوئكيّا Koikeya وغيرها من المنتجات التي عندما تراها مصفوفة بأعداد كبيرة بأغلفتها المألوفة وقد كُتب عليها اسم العلامة التجارية باللغة التايلاندية، تجعلك تفكر بعمق في كيفما اخترقت وانتشرت هذه الحلوى اليابانية هناك ورُحب بها هكذا.

لقد سحرت الحلوى اليابانية الناس في تايلاند. وهذه الظاهرة لا تتوقف فقط على تايلاند ولكنها مستمرة في الانتشار في شتى ربوع المعمورة في الوقت الحالي. فالحلوى والمقرمشات اليابانية تتوسع وتنتشر على الساحة العالمية في سنغافورة، تايوان، هونغ كونغ، الصين، إندونيسيا، أمريكا الشمالية، أوروبا، وحتى الشرق الأوسط. دعونا نتعرف هنا على عوامل النجاح هذه من خلال تسليط الضوء على منتج ”بوكِّي Pocky“ من شركة إزاكي غليكو و”هاي-تشو Hi-Chew“ من إنتاج شركة موريناغا سيكا.

لاعب بيسبول محترف يصنع شهرة حلوى ”هاي-تشو“

قد تبدو كاللبان أو الملبّس ولكنها ليست هذا ولا ذاك، حلوى ”هاي-تشو“ والتي تتميز بمذاق وإحساس سحري فريد داخل الفم، ويمكن وصفها بأنها الممثل الأول لجميع أنواع الحلوى اليابانية الخالصة التي تطورت وانتشرت بشكل متفرد داخل اليابان. وتتزايد شعبية حلوى ”هاي-تشو“ هذه بشكل سريع في أمريكا.

لقد كان اللاعب البيسبول الياباني ”تازاوا جون إتشي“ المحترف في دوري البيسبول الأمريكي هو من أطلق الشرارة الأولى ليبدأ هجوم حلوى ”هاي-تشو“ في أمريكا. حيث كانت البداية عندما أحضر تازاوا جونإتشي والمحترف بفريق بوستون ريد سوكس معه إلى منطقة الإحماء الخاصة بالرماة حلوى ”هاي-تشو“ فأعجب بها زملاءه ليتزايد بعد ذلك محبي هذه الحلوى بشكل مفاجئ في الولايات المتحدة. وقد استغلت هذا شركة موريناغا في أمريكا وبدأت في تقديم العيّنات ليؤدي ذلك فيما بعد لأن تكون الراعية الرسمية للفريق.

والآن أصبحت هذه الشركة متعاقدة كراعي رسمي لفريق منيسوتا توين (Minnesota Twins) وفريق شيكاغو كابس (Chicago Cubs) بعد انتشار شهرة هذه الحلوى في إتحاد الـMLB بالإضافة إلى رعاية فريق نيويورك نيكس (New York Knicks) من اتحاد دوري كرة السلة الوطني للمحترفين في أمريكا الشمالية NBA.

وزادت المبيعات بشكل جيد وأصبحت حلوى ”هاي-تشو“ سلعة ثابتة في أسواق السوبر ماركت. لتكتسب زبائن بشكل ثابت ومتواصل ليس فقط من محبي ”هاي-تشو“ من الجاليات اليابانية والآسيوية التي تعيش في أمريكا، وإنما أيضا ممن أصبحوا من محبيها من المستهلكين المحليين.

تطوير النكهات وتغيير سعة العبوة

ولكن كيف اكتسبت حلوى ”هاي-تشو“ هذا القدر من الشعبية؟ فمن المؤكد أن هذا ليس فقط نتيجة ضربة الحظ التي شهرتها داخل دوري البيسبول الكبير، إنما هي ثمرة التسويق المحلي المستمر دون توقف.

فمثلا من حيث أنواع النكهات هناك ٣ نكهات رئيسية موجودة في أي مكان في العالم وهم الفراولة، العنب، والتفاح الأخضر، لكن في أمريكا أضيفت إليهم نكهة الكرز الأسود ونكهة المانجو. ونكهة المانجو هي نكهة أمريكية أصلية طورت خصيصاً من أجل السكان من أصول لاتينية والذين يزداد عددهم في أمريكا بشكل متسارع. وبالمناسبة هناك نكهة اللبن ونكهة الخوخ في حلوى ”هاي-تشو“ التي تباع في الصين. إن عملية تطوير النكهات بناءً على الذوق المختلف لكل شعب وتغييرها حسب البلد والمكان هي قاعدة مقدسة في اكتساح سوق جديد وتوطين أي منتج فيه.

حلوى ”هاي-تشو“ والتي تباع في أسواق السوبر ماركت في بانكوك من إنتاج موريناغا سيكا

كذلك تحديد سعة العبوة من أساسيات توطين المنتج. فنجد عبوات تحتوى على ٥٠٠ جرام من حلوى ”هاي-تشو“ التي تباع في سوبر ماركت كوستوكو بأمريكا والتي نالت شعبية وقبولاً، وكانت قد أطلقت عبوات الأكياس الكبيرة هذه في السوق بناءً على تصور للحفلات التي تقام بشكل متكرر في البيوت الأمريكية حيث توضع الأكياس الكبيرة على الطاولة ليأتوا الضيوف ويأخذون منها قدر ما يشاءون. ومن أجل هذا المشهد قد طرحت هذه العبوات في الأسواق.

والعبوات الكبيرة بشكل غير عادي أو الأحجام "السوبر" متواجدة أيضا في سوق حلوى ”هاي-تشو“ بالصين. ود قدمت من أجل أن تباع في متاجر الجملة المتخصصة في لوازم حفلات الزفاف. ومن ناحية أخرى في الصين نفسها أيضا تباع عبوات تحتوى على ٧ حبات فقط تستهدف طبقة منخفضي الدخل. أما في إندونيسيا فيتم حالياً دراسة تقديم العبوات الأكثر صغرا من حلوى ”هاي-تشو“ والتي تحتوي على ٣ حبات منفردة بعد أن كانت تباع بالجملة ضمن شريط مسلسل من العبوات.

العمل بالمصنع الأمريكي صيف ٢٠١٥

شعار حلوى ”هاي-تشو“ فيما يتعلق بالسعر هو أن يكون في متناول الجميع. ولكنها أيضا ليست سلعة رخيصة الثمن. فهي تسعى وراء سعر يكون في الحد الأعلى الذي تُقدر فيه قيمتها. فالوقوع في حرب الأسعار ومواجهة الخسارة والفوز يستنزف القوى ويؤدي إلى انخفاض في قوة العلامة التجارية. لذا فإن تحديد السعر ليس كأنها سلعة عابرة في المتناول وإنما على أساس أنها منتج مفضل تعود لتبحث عنه وتشتريه خصيصا وهو ما أوصل حلوى ”هاى-تشو“ إلى أن أصبحت ماركة تجارية تُشترى بالاسم.

اختيار السبيل والمنفذ أيضاً عامل مؤثر في النجاح أو الفشل في غزو الأسواق الخارجية. ففي حالة ”هاي-تشو“، تم استيرادها من مصانع تايوان إلى أمريكا وجرّب بيعها أولا في متاجر الكومبيني سيفن إلفين، وعندما نالت الاستحسان أدخلت في أسواق السوبر ماركت اليابانية والآسيوية. ولأن الاستجابة كانت جيدة هناك أيضا حان وقت تقديمها في أسواق السوبر ماركت الأمريكية لنصل إلى الآن.

وسيبدأ المصنع في أمريكا بشكل كامل في العمل من صيف عام ٢٠١٥. ومن الآن فصاعدا ربما سيزيد عدد المستهلكين الذين يعتقدون أنها حلوى أمريكية الأصل ولكن هذا هو ما يعني أن المنتج قد أثبت نفسه في السوق الخارجي. وهو الشكل الأخير لتوطين المنتجات.

استقطاب محبين جدد واستراتيجية المرح

حلوة ”بوكِّي“ هي من إنتاج شركة إزاكي غليكو والتي وصلت مبيعاتها السنوية إلى ٢ مليون علبة في ٣٠ دولة خارج اليابان، تعتبر هي الأخرى حلوى أصلية خالصة تطورت وانتشرت متفردة داخل اليابان. وعلى الرغم من أن كلا من الشكولاتة والبسكويت هي حلوى غربية الأصل إلا أن جمعهم مع بعض في شكل حلوى يمكن تناولها بسهولة باليد دون أن تتسخ أثناء القيام بعمل أي شيء هو ما لم يكن موجوداً. ويمكن أن نفهم أهمية الترويج للمبيعات في توطين المنتجات من خلال استراتيجية التوزيع التي تبعتها حلوى بوكِّي في الأسواق الخارجية.

فكرة حلوة بوكِّي هي أن يشترك العالم في السعادة ”السعادة والمرح للجميع“. ومن أجل تقديمها كحلوى ومسليات ضرورية في أي مشهد فيه استمتاع ومرح بدأت بالتركيز على أماكن معينة في دول شرق آسيا. وهذه الأماكن كانت المراكز التجارية (المولات) في حالة تايلاند، أمّا في فيتنام كانت دور السينما حيث لا يزال عدد المؤسسات ومراكز التسوق الكبرى محدوداً. وكلاهما يعتبر أماكن تجمُّع من أجل ”المرح“ بالنسبة للشباب من الجنسين وهم الهدف الرئيسي للشركة.

كانت المدارس هي أحدى السبل المهمة في إندونيسيا. وقد قامت شركة إزاكي غليكو باستخدام سيارات حمراء وقد رسم عليها صور فريق الأيدول JKT48 (وهو النسخة الإندونيسية من فريق الأيدول الياباني AKB48) والذي يقدم إعلانات ”بوكِّي“، لتساق داخل المدارس الإعدادية والثانوية وتوزع من خلالها كميات كبيرة من العينات المجانية، وذلك من أجل استقطاب محبين ومعجبين لحلوة البوكِي منذ صغر.

ويتم تطوير طرق للترويج في الدول الإسلامية وفقا لظروف كل دولة. ففي شهر رمضان يتجمع الأهل والأصدقاء مع بعضهم ليناولوا الإفطار ثم يستمتعوا بالتجول والتبضع حتى وقت السحور. وتأتي الشركة المنتجة لحلوى الـبوكِّي لتقدم وتخرج ”السعادة والمرح للجميع“ في هذا المشهد. وإذا نجحت موجة الترويج بـ”خذ لك بوكِّي وقت الإفطار“ سيصبح هناك سبيل للانتشار في دول الشرق الأوسط وغيرها من الدول الإسلامية أيضاً.

الحاجة لموارد بشرية للتوسع في الخارج

وهكذا نجد هناك بعض النقاط المشتركة في الحلوى والمسليات اليابانية التي تنجح في التوسع في الأسواق الخارجية وهي الآتية:

  1. حلوى تتميز بدرجة عالية من التميز وليس لها مثيل في الخارج (حلوة خالصة مبتكرة داخليا).
  2. تطوير نكهات لتناسب الذوق المحلي للأسواق الخارجية.
  3. تغيير سعة العبوات بما يتناسب مع الثقافة والعادات الحياتية المحلية لكل بلد.
  4. تحديد السعر بعد إضافة قيمتها كمنتج مفضل يتم شراءه بالاسم وليس منتجاً عابراً موجوداً في المتناول مع الأخذ في الاعتبار الحالة الاقتصادية المحلية للبلد.
  5. الترويج للمنتج بما يتناسب مع الثقافة والعادات الحياتية والدينية في كل بلد.
  6. الكفاءات التي تبرع في الأعمال الخارجية والتي تقوم بإنجاز الخطوات ٢-٥ بشكل سريع.

إن ادخال وادماج ثقافات ومذاقات البلاد الأخرى ببراعة ومن ثم إخراج منتج خالص وفريد ليس له مثيل في البلاد الأخرى هو نقطة قوة وإبداع الشركات اليابانية بشكل عام.

ولكن إذا تكلمنها عن النقطة رقم٦، نجد أنه في الوقت الحالي هناك عدد ليس بقليل من مصنعي الحلوى الذين يلجؤون للبحث عن الموظفين ذوي الخبرة في مجال التوسع في الأعمال في الأسواق الخارجية من الشركات التجارية العامة أو من مصنعي سلع استهلاكية آخرين. وذلك بسبب عدم تدرب الكفاءات المناسبة داخل الشركة بعد. ولكن الآن، ألم يحن الوقت الذي أصبح فيه من الضروري تدريب وإخراج مثل تلك الكفاءات من الداخل.

وتعد الموارد البشرية ذات الكفاءات المنفتحة ضرورية ولا غنى عنها في الترويج لهذه المنتجات الفريدة. فإذا تم الجمع بين هذه مع المواهب التجارية العالمية ستصبح نقطة قوة إضافية.

(المقال الأصلي كتب باللغة اليابانية بتاريخ ١٢ يونيو/حزيران ٢٠١٥. صورة العنوان: حلوة بوكِّي مرصوصة في أسواق السوبر ماركت في بانكوك. مقدمة من الكاتبة ميتامورا فوكيكو)

اليابان الموارد البشرية نكهات