المعلم الياباني الأكثر انشغالا في العالم

مجتمع التعليم الياباني اللغة اليابانية

يتسم المدرسون اليابانيون بأنّ لديهم أطول ساعات عمل في العالم ولعل أحد الأسباب هو مسؤولية الالتزام وعلى نحو فعال بالإشراف على الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الطلاب بجانب الدراسة.

أطول ساعات عمل في العالم

يعمل المدرسون اليابانيون أكثر من طاقاتهم بشكل كبير مقارنة بالمعلمين على مستوى العالم. إذ أنّهم يعملون يوميا من الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من الليل، كما يعمل الكثير منهم خلال عطلة نهاية الأسبوع أيضاً، مما يحرمهم من الحصول على الراحة الكافية قبل بداية الإسبوع الجديد مرة أخرى.

وقد وَجَد الباحثون كما جاء في الاستبيان الدولي للتعليم والتعلم عام ٢٠١٣، والذي أجري في ٣٤ دولة ومنطقة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ”OECD“ أنّ المعلمين اليابانيين يقضون أطول ساعات عمل في العالم.

وهذا لا يُرجَع إلى مقدار الوقت الذي يُمضيه المدرس الياباني في التدريس. ففي الواقع، كان وقت الدراسة في اليابان أقل من المتوسط حسب عدد الساعات في الاستبيان سيما وأن تلك الساعات الطويلة كانت دلالة عن واجبات أخرى مختلفة بما فيها الاجتماعات وإعداد الدروس لكِّن الأكثر لفتا للنظر من ذلك كله هو مقدار الوقت الطويل الذي يقضيه المدرسون في اليابان الإشراف على الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الطلبة بجانب الدراسة، كما هو مبين في الشكل ١.

التمتع بالرياضة والثقافة

في المدارس الثانوية والاعدادية اليابانية، تجري أنشطة الأندية في الصباح قبل الذهاب إلى الحصص الدراسية، كما تُقام مرة أخرى بعد انتهاء الحصص، أو في عطلة نهاية الأسبوع. ويقضي المدرسون عدة ساعات في الإشراف على الأنشطة الطلابية المتعلقة بالرياضة والثقافة.

وتنص المبادئ التوجيهية الحكومية المتعلقة بالتعليم في المدارس الثانوية على أن أهداف أنشطة الأندية هي لتنمية التمتع بالرياضة والثقافة والعلوم، وغيرها من المجالات بغية المساهمة في زيادة الرغبة في الدراسة من جانب ولتعزيز المسؤولية والتضامن من جانب آخر. ونظرا للطبيعة العامة تُقدم المدارس هذه الأنشطة للطلاب بتكلفة قليلة أوبمعنى آخر، فإنَّ الغرض من تلك الأنشطة هو التأكد من أن الطلاب لديهم وسيلة غير مُكلِفَة للاستمتاع بالرياضة والثقافة خارج أوقات الدراسة.

أنشطة محورها المدرسة

من منظور عالمي فإنه من غير المألوف للمدارس إقحام نفسها بشكل كامل في أنشطة الطلاب خارج الفصل. وحسب نتائج استبيان دولي حول أماكن إقامة الأنشطة الرياضية، كما هو موضح في الجدول ١، تشير إلى أنه في حين أن المدارس هي الأماكن الرئيسية في اليابان وبعض الدول الآسيوية الأخرى، فإن أندية المجتمعات المحلية في كثير من الأحيان تحتضن هذه الأنشطة في أجزاء أخرى من العالم.

الجدول ١: مواقع الأنشطة الرياضية في المدارس الإعدادية والثانوية حول العالم

بشكل أساسي في المدرسة في المدرسة وفي المجتمع المحلي بشكل أساسي في المجتمع المحلي
اليابان الصين كوريا الجنوبية تايوان الفلبين كندا الولايات المتحدة البرازيل أسكتلندا إنكلترا هولندا بلجيكا فرنسا إسبانيا البرتغال بولندا الاتحاد السوفيتي (روسيا حاليا) إسرائيل مصر نيجيريا كينيا بوتسوانا ماليزيا أستراليا نيوزيلاندا النرويج السويد فنلندا الدنمارك ألمانيا سويسرا زائير (الآن جمهورية الكونغو الديمقراطية) اليمن تايلاند

المصدر: ناكازاوا أتسوشي، “Undō bukatsudō wa Nihon dokutoku no bunka de aru: Shogaikoku to no hikaku kara” (أنشطة الأندية الرياضية هي فريدة من نوعها في اليابان: مقارنات مع دول أخرى)، Synodos، ٢٧ يناير/كانون الثاني ٢٠١٥.

وفي الواقع فإن اتساع نطاق الأنشطة الرياضية التي تنظمها المدرسة هي ظاهرة خاصة باليابان، حتى بالمقارنة مع الدول الآسيوية الأخرى. وفي هذا الصدد يقول ناكازاوا أتسوشي الأستاذ المشارك في جامعة واسيدا والذي أجرى الدراسة المذكورة والخبير في هذا الموضوع: إنّ اليابان فريدة من نوعها في غلبة وحجم الأندية المدرسية عندما يتعلق الأمر بالرياضة الشبابية.

نشاطات طوعية بالاسم فقط

تقول المبادئ التوجيهية للحكومة إن مشاركة الطلاب في نشاطات الأندية طوعية ومع ذلك تشترط بعض المدارس على جميع الطلاب الانضمام لأحد الأنشطة.

وحتى في المدارس التي لا تشترط ذلك فإن معظم طلبة المدارس الإعدادية والثانوية ينتمون إلى نشاط بشكل أو بآخر وقد كشفت دراسة أُجريت عام ٢٠٠٩من معهد بينيس ”Benesse“ للبحوث التربوية والتنمية أن ٩٠٪ من الطلاب في التعليم الثانوي يشاركون (أو شاركوا سابقا) في أنشطة.

من الناحية النظرية، فإن الأنشطة طوعية للمعلمين وكذلك الطلاب، كما أنها ليست جزءا من المنهج الدراسي. المعلمون هم من الناحية الظاهرية فقط غير ملزمين بالخدمة كمشرفين على تلك الأنشطة ويقومون بذلك بمحض إرادتهم.

ومع ذلك، فمن المعتاد لجميع المعلمين وخاصة في المدراس الإعدادية المشاركة في الإشراف على الأنشطة. وقد تكون تلك البيانات قديمة نوعا ما ولكن دراسة عام ٢٠٠٦ من وزارة التربية وجدت أن نسبة ٩٢.٤٪ من معلمي المدارس الإعدادية تتحمل مسؤولية نشاطات الأندية كما هو مبين في الشكل ٢.

معاناة المدرسين

ونظراً لأن عملية الإشراف على نشاطات الأندية طوعية من الناحية الظاهرية فإن المدرسين لا يحصلون على أجور لقاء العمل الإضافي في أيام الأسبوع حيث ينظر إليهم بأنهم يقومون بذلك من تلقاء أنفسهم وبشكل طوعي لذلك ليس هناك ضرورة لصرف بدل مالي لهم مقابل بقائهم في المدرسية بعد أوقات العمل. أما إذا ما أشرفواعلى الأنشطة خلال عطلة نهاية الأسبوع فإنهم غالبا ما يحصلون على مبلغ ضئيل من المال. فيتم ضمان وسيلةً غير مُكلفة للطلبة للاستمتاع بالرياضة أو بالثقافة بسبب عدم دفع الأجور أو البدلات المالية للمدرسين الذين يشرفون على تلك الأنشطة.

وبما أنّ معظم المدرسين يتعرضون لضغوطٍ عديدة بغية القيام بالإشراف بلا أجر على أنشطة الأندية فإن قضية ساعات عملهم الطويلة ستترك آثارها على نطاق أوسع.

وللمدرسين حقوق مُماثلة أيضاً للعاملين في المهن الأخرى ولعل معالجة عبء الأنشطة خارج الصفوف المدرسية يساعد على ضمان حقوقهم الأساسية ولى تمكينهم من التفاعل بشكل صحيح بين الطلاب والمعلمين ولذا هنأك حاجة إلى أفكار وتدابير جديدة لتخفيف ساعات العمل الطويلة التي يقضيها المدرسون اليابانيون.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية بتاريخ ١٢ أغسطس/آب ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية.)

التعليم المدرسة