كيف أصبحت فرقة سماب الغنائية رمزاً وطنياً؟

ثقافة

هز خبر انفصال فرقة سماب الغنائية اليابانية بعد ٢٨ عام من نشأتها أرجاء اليابان كما وصل صداه إلى خارج البلاد. فقد أحزن هذا الخبر عشاق الفرقة في اليابان وآسيا ووالعديد من دول العالم المختلفة. سنسترجع معكم إنجازات ومميزات هذه ”الفرقة الوطنية“ والتي تتجه جميع الأنظار إلى تحركاتها حتى الانفصال في نهاية هذا العام.

حالة من الاستغراب والتعجب بعد إعلان خبر الانفصال

في ١٤ أغسطس/آب تم الإعلان عن انفصال فرقة سماب الغنائية ذائعة الصيت مما تسبب في صدمة قوية لمحبي الفرقة في من اليابان وآسيا بشكل خاص والعالم أجمع بشكل عام.

وتستمر إلى الآن الأخبار والتخمينات عن سبب هذا الانفصال وعن أنشطة كل عضو في المستقبل بشكل رئيسي في المجلات المحلية والمواقع الإعلامية داخل اليابان. والغريب في حل فرقة سماب هذا، أنه ليس هناك أي إحتمالات لإقامتهم جولة أخيرة قبل الانفصال بشكل رسمي أو ما إلى ذلك، كما أنه لم يتم إعلان أي شيئ حتى الآن حول الخطط الخاصة لأعضاء سماب الخمسة معا بعد الإعلان الرسمي بالانفصال، مثل الظهور في برامج موسيقية في التلفزيون أو إصدار سي دي بأفضل إصداراتهم. إلا أن برنامجهم التلفزيوني، برنامج ”SMAPxSMAP“ وهو البرنامج الوحيد الذي يجتمع فيه جميع أفراد الفرقة، يستمر إذاعته بشكل طبيعي كل أسبوع كما هو الحال من قبل وذلك حتى نهاية هذا العام والمحدد لإنهاء نشاط الفرقة.

ويبدو أن السبب الرئيسي للوصول لقرار الانفصال والحل ليس بسبب تدهور العلاقة بين الأعضاء، إلا أن شكل وتعبيرات وجوه وحركات أعضاء الفرقة توضح إن هناك مشاكل في التواصل بينهم على شاشات التلفزيون كل أسبوع، حتى وإن كان ذلك جزءا من التزامهم بالعقد المتفق عليه مع محطة التلفزيون هو نوع من الإعلام المريض لوسائل الترفيه. وبينما يعتبر عنصر ”الاستعراض“ أمرا ضروريا وأساسيا للنجوم والشخصيات المحبوبة، إلا أنهم في هذه المرة أصبحوا رغما عنهم هم أنفسهم ”الاستعراض“.

برنامج منوعات رائد

يعتبر برنامج ”SMAPxSMAP“ بالنسبة للفرقة هو برنامج منوعات تليفزيوني استمر في كونه يمثل شعبيتهم وشهرتهم. وهذا البرنامج الأسبوعي ظل يبث مساء يوم الاثنين منذ أن بدأ عام ١٩٩٦ بعد ٥ سنوات من ظهور الفرقة لأول مرة من خلال ألبوم عام ١٩٩١ ليستقبل عامه العشرون هذا العام، وقد ظهر فيه كضيوف للبرنامج عددا لا يحصى من نجوم العالم الذين عادة لا يمكن توقع ظهورهم في برنامج منوعات تليفزيوني ياباني أمثال: مايكل جاكسون، مادونا، روبرت دي نيرو، توم كروز، ليوناردو دي كابريو، توم هانكس، دينزل واشنطن، براد بيت، ويل سميث، آلان ديلون، صوفيا لورين، جين بيركين، مايكل غورباتشوف، ديفيد بيكهام وكريستيانو رونالدو، نيمار، يوسين بولت وغيرهم.

كما أنه قبل ذلك الحين كان نجوم فرق البوب يظهرون في برامج المنوعات كضيوف وإنما لم يسبق وكان لهم برامج خاصة في التليفزيون يكونون هم المستضيفون كما يقومون بالتقليد الساخر وتقديم الكوميديا. فبرنامج ”SMAPxSMAP“ الذي قلب الموازين المختلفة لعالم التلفزيون والترفيه، هو أكثر البرامج التليفزيونية اليابانية إنفاقا على الإنتاج وهو كذلك البرنامج الأول الذي أعطى معنى جديدا لوجود نجوم البوب على الساحة الإعلامية ووسع من حدود إمكانياتهم.

إدراك سماب لدورهم كفرقة وطنية

بعد زلزال شرق اليابان الكبير الذي وقع في مارس/آذار عام ٢٠١١ وحتى الآن وبعد مرور أكثر من ٥ سنوات يستمر الأعضاء الخمسة لفرقة سماب في ارتداء البدل الرسمية في نهاية برنامجهم كل مرة ويصطفون ليناشدوا المشاهدين للمساعدة في إعادة الإعمار (وحاليا أصبحوا يضيفون إلى ندائهم كذلك المناشدة من أجل التبرع لضحايا زلزال كوماموتو الذي وقع في أبريل/ نيسان هذا العام). إن قيام النجوم والموسيقيين بالأعمال الخيرية بعد حدوث كوارث كبرى لا يعد أمراً فريداً ولكن المواظبة واستمرار مناشدة الجمهور كل أسبوع إلى الآن هو أمرا لا مثيل له.

وقد استمر الأعضاء الخمسة في عمل وتسجيل هذه المناشدات بشكل جديد كل أسبوع حتى بعد البلبلة التي حدثت عندما أفيد على نطاق واسع في يناير/ كانون الثاني من هذا العام بأن أربعة من أعضاء الفرقة قد يستقلوا عن وكالة جانيز (Johnny&Associates)، وهي وكالة المواهب التي أنشأت المجموعة عام ١٩٨٨. فلا تعتبر فرقة سماب ”فرقة وطنية“ فقط لأن جزءا كبيرا من الجمهور الياباني ينظر إليهم ويطلق عليهم هذا المسمى فحسب، وإنما لطالما كانت مجموعة تدرك دورها في المجتمع وتفكر باستمرار في ما يمكن عمله في كل خطوة وفي الوقت المناسب استناداً إلى مركزها. أو يمكن القول إن مواكبة مراكزهم كأعضاء في الفرقة على الرغم من انخراط كل منهم في أنشطته الفردية لأكثر من عشر سنوات، كممثل مشهور أو نجم متعدد المواهب يظهر في البرامج المختلفة، ربما هو انعكاس لوعي كل منهم بدوره كعضو في فرقة وطنية.

وعندما نفكر من هذا المنطلق، نجد أن سبب استمرارهم في تقديم برنامج ”SMAPxSMAP" وحده، في الوقت الذي انفصلوا فيه وانقطع ظهورهم كفرقة في البرامج الموسيقية والإعلانات، ليس هو فقط بسبب مشاكل خاصة بفسخ العقد مع المحطة التليفزيونية، بل هم كما هو متوقع يريدون على الأقل أن يحافظوا على هذا الدور حتى النهاية.

تحقيق حلم النجومية

مما لا شك فيه أن سبب استمرار فرقة سماب منذ نشأتها ولمدة ٢٨ عاما ليس فقط من أجل الدور الذي تقوم به كفرقة وطنية. فليس هناك ما هو أهم من كونهم في الأول وفي الآخر فنانين واستعراضيين. ففي غنائهم ورقصهم على خشبة المسرح فرحة وراحة لا تستطيع الكلمات التعبير عنها. وغنائهم ورقصهم هذا استمر في جذب الكثير من المعجبين.

في السنوات الأخيرة، يقوم كبار نجوم أمريكا وكندا أمثال بيونسي وريانا، كانييه ويست وجاستن بيبر، باشراك الموسيقيين الشباب المستقلين في أعمالهم، ليبرزوا موهبة هؤلاء الشباب ويخرجونها إلى العالم. وتقوم فرقة سماب كذلك بنفس هذا الدور داخل اليابان منذ النصف الثاني للتسعينيات وذلك من خلال أعمال التلحين ومن خلال برنامج ”SMAPxSMAP“ والظهور مع المواهب الشابة على خشبة المسرح. وعندما أذيع خبر حل الفرقة في أغسطس/آب هذا العام، شعر الكثير من الموسيقيين بالأسف حيال ذلك معبرين بكلمات مثل ”كان حلمي أن أقدم لحن غنائي لفرقة سماب يوما ما“ أو ”كان حلمي أن أشارك مع فرقة سماب في عرض ما“. فقد ظلت فرقة سماب معبرا يمكن من خلاله رؤية حلم الانتقال من مسارح الأندرجرواند المغمورة إلى عالم الشهرة والنجومية.

شبح الانفصال المتكرر

تُعرف الفرق المكونة من عدد من الشباب في الخارج بـ”بويز باند“ أو ”فرق الشباب“. وفرقة سماب التي تتكون من ٥ شباب يبلغ العضوين الأكبر فيهم هذا العام سن الـ٤٤ وهم ناكاي ماساهيرو وكيمورا تاكويا، أما أصغرهم وهو كاتوري شينغو فيبلغ ٣٩ عاما. ويبدوا أن الفرقة ستنهى نشاطها بالمصادفة مباشرا قبل أن يتجاوز عمر جميع أعضاءها سن الأربعون. وبالرغم من أنه من منتصف الطريق كان لكل منهم نشاطاته وسيرته الفردية كممثل أو مقدم برامج، إلا أن استمرارهم في نشاطهم معا كمجموعة من خمسة رجال بالغين مستقلين لما يقرب من ٣٠ عاما كان من الطبيعي أن تتخلله فترات من عدم الانسجام فيما بينهم كان على رأسها انسحاب موري كاتسويوكي الذي كان العضو الأساسي السادس بفرقة سماب (عام ١٩٩٦). وكان قد كشف أعضاء الفرقة أنفسهم عن مواجهة شبح الانفصال من قبل في عدة مناسبات.

لا يوجد شيء يستمر للأبد كما هو معروف فالتغيير سنة الحياة. لقد أصبح ”وجود فرقة سماب“ أمراً بديهياً ومؤكدا بالنسبة لمعجبيهم، سواء المعجبين شديدي الحماس ممن يذهبون لمشاهدة الحفلات والعروض الحية للفرقة (علما بأنه يكون من الصعب جدا الحصول على تذاكر حفلاتهم) وأيضا المعجبون الأقل حماسا الذين يتابعون أنشطة الفرقة من خلال التلفزيون، حيث كان من المستحيل أن تخطر فكرة انفصال وتفكك الفرقة يوما ما على الأذهان. ولكن مشاعر المعجبين الذين يتمنون أن تستمر فرقة سماب بعد سن الخمسين أو حتى الستين ربما كان بها نوعا ما من القسوة إذا فكرنا في المجهود النفسي والجسدي لأعضاء الفرقة.

هل هذه هي النهاية اللائقة؟

ولكن مشكلة استقلال المديرة المسئولة التي كانت ترعى أعضاء الفرقة والضجة حول الانفصال والتفكك منذ بداية هذا العام والنتيجة النهائية بإعلان انفصال الفرقة في ١٤ أغسطس/آب، كلها أمور تجعل الأمر يبدوا في نظر الآخرين وكأنه ”إنهاء إجباري“ للفرقة من قبل الوكالة. ولا يمكن مقاومة الشعور بأن طريقة الإنهاء هذه لا تليق بـ”فرقة وطنية“ احتلت تلك المكانة الخاصة في عالم الترفيه في اليابان. وقد جاء في تعليقات الأعضاء سواء في برامج الراديو أو في تصريحاتهم، أنه إذا كان لا بد وأن يحدث الانفصال ”فلم نكن نريد أن يحدث في هذا التوقيت وبهذه الطريقة“. كما أن إذاعة خبر حل الفرقة بواسطة الإعلام من جانب واحد أثارت الريبة وسط المعجبين..!

لا يبقى سوى القليل من الوقت على انتهاء نشاط فرقة سماب رسميا في نهاية هذا العام. لا يمكن التفكير إلا أنه انفصال صاخب حدث بسبب سوء تفاهم في أحد الأمور أو ربما في أمور عدة بين الوكالة والأعضاء، ولكن نود على الأقل في آخر مشوار الفرقة الحافل أن يجتمع جميع أعضاء الفرقة وهم يفخرون بتاريخهم وإنجازاتهم وكل ما نتطلبه الآن هو أن تأتي فرصة يشاركون فيها مشاعرهم الإيجابية التي لطالما استمروا في تقديمها لمعجبيهم. وأعتقد أن الإنجازات التي حققتها الفرقة في عالم الترفيه في اليابان تؤهلهم بل وتوجب عليهم أن يتم توديعهم بالابتسامات.

(صورة العنوان: الجرائد الصباحية تنشر خبر ”حل فرقة سماب الغنائية“ في آن واحد في ١٤ أغسطس/آب. المقال الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ١٢ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦)

أيدول أغنية