إنفوغرافيك اليابان

بسرعة تضاهي سرعة طائرة.. هذا أسرع قطار في العالم

علوم تكنولوجيا

أعلنت السكك الحديدية اليابانية مؤخراً عن مخطط الطريق الذي سيسلكه القطار الجديد وكذلك محطات توقفه والذي ينتمي لفئة القطارات فائقة السرعة "لينيار: أيّ يسير على خط حديدي أُحادي " حيث سيختصر هذا القطار المسافة الزمنية بين كل من طوكيو وناغويا لتصل الى ٤٠ دقيقة فقط، وسيتم البدء في العمل في السنة المالية عام ٢٠١٤ حتى الانتهاء عام ٢٠٢٧

 من طوكيو إلى ناغويا في ٤٠ دقيقة فقط !

أعلنت شركة سكك حديد وسط اليابان عن الخطط التفصيلية لبداية مشروع القطار - لينيار- فائق السرعة والذي سيتم الانتهاء منه بحلول عام ٢٠٢٧ ليربط بين طوكيو وناغويا في مدة زمنية تصل الى ٤٠ دقيقة فقط لا غير. وبعد معركة طويلة مع المحافظات المعنية والتي سيمر منها القطار، تقرر أخيراً تحديد المسار النهائي للقطار والذي سيكون في خط مستقيم بطول ٢٨٦ كيلومتراً ٨٦٪ منها داخل انفاق. وسوف يتم البدء في المشروع خلال العام القادم ٢٠١٤، ثم في عام ٢٠٤٥ يتم استكمال الخط حتى أوساكا ليقطع المسافة بين طوكيو وأوساكا (٤٣٨ كم) في ٦٧ دقيقة فقط.

سيسير القطار السريع – لينيار- بفعلِ مجال كهرومغناطيسي فائق القوة وستعمل القوة المغناطيسية على رفع عربات القطار ١٠ سم فوق القضبان بسبب المجال الناتج بين المغناطيس المركب في العربات والمغناطيس المركب في القضبان وهذا ما يمده بتلك السرعة الفائقة حيث أنه من المتوقع أن تصل السرعة وفقا للتصميم الى نحو ٥٠٥ كم في الساعة. كما تعقد أمال كبيرة في أن يلعب هذا الخط دوراً مماثلاً للدور الذي لعبه خط القطار السريع توكاي بعد افتتاحه مع أولمبياد طوكيو ١٩٦٤ كقاعدة قوية لنمو الاقتصاد الياباني في النصف الثاني من القرن الماضي، وليكون بمثابة بنية تحتية قوية للقرن الحادي والعشرين.

آبي يقوم بالدعاية للقطار في نيويورك

وقد استعرض رئيس الوزراء آبي في خطابه ببورصة نيويورك في إطار زيارته للولايات المتحدة للمشاركة في الجلسة العامة للأمم المتحدة التي عقدت في ٢٤ سبتمبر/ أيلول الماضي التطور الاستراتيجي لخطته الاقتصادية والتي يطلق عليها اختصارا ”أبي نوميكس“. وتناول تقنية قطار- لينيار- فائق السرعة. وقام بالدعاية للتكنولوجيا اليابانية، قائلا: ”إذا ما تم استخدام تلك التكنولوجيا فسيكون من الممكن الربط ايضاً بين نيويورك وواشنطن خلال ساعة واحدة فقط“.

ولكنّهُ يبقى بأنَّ الانتهاء من أعمال قطار- ليينار- فائق السرعة يأتي بعد ١٤ عاماً أي أنه لا يزال أمامه الكثير من الوقت حتى يخرج للنور ويعلن عن نفسه. ولعل تأثيرات هذا المشروع الضخم على المجتمع الياباني ستكون متعددة من النواحي الاقتصادية لكنّهُ من الصعب في نفس الوقت رسم شكل المستقبل في اليابان وتخيل ما يمكن أن يصير اليه مع هذا القطار.

وستقوم شركة سكك حديد وسط اليابان بتحمل التكاليف الضخمة لهذا المشروع الجبار بالمشاركة مع السلطات المحلية على طول الطريق، كما أن هناك اهتمام واسع بمدى الفائدة الربحية التي يمكن أن تتحقق بفضل هذا المشروع مع أخذ التأثيرات البيئية بعين الاعتبار. وربما  يتساءل المرء أي نوع من التغييرات سوف يجلبها معه القطار الجديد على المجتمع بشكل عام وليس فقط على ناغويا وحدها فحسب بل في المناطق القريبة  المحيطة ايضاً بمحطات القطار حسب المخطط على طول الطريق؟ وكيف سيتغير نمط السفر بين كل من طوكيو وناغويا؟ وما هي يا تُرى تلك التأثيرات التي يمكن أن تحدث على صناعة الطيران على المستوى المحلي؟ سيما وأنّه من الصعب الحصول على صورة واضحة للمستقبل بعد انتهاء المشروع. حيث يقول السيد تاكاشي كاومورا عمدة مدينة ناغويا: ”ربما يمثّل هذا القطار خطراً كبيراً على الحياة في مدينة ناغويا، فقد يذهب سكان ناغويا لطوكيو في ٤٠ دقيقة لمشاهدة عروض مسرح الكابوكي ثُّم يعودون في نفس ليوم“.

اليابان ستصبح أصغر من ذي قبل !!

في عام ١٩٧٣ كان هناك قول شائع (على الرغم من صغر مساحة اليابان، لماذا الاستعجال في التنقل؟) وقد استخدمت هذه العبارة من قبل هيئة سلامة المرور، ولازالت صالحة لزماننا هذا. ففي الوقت الحالي يمكن التنقل بالقطار السريع ”نوزومي“ بين طوكيو وناغويا في ساعة و ٤٠ دقيقة، وكذلك بين طوكيو وأوساكا في ساعتين ونصف. وسيؤدي قطار- لينيار- فائق السرعة لتقليص هذا الوقت لأقل من النصف. مما سيجعل من اليابان جزيرة أصغر من ذي قبل. وفي المقابل، سيستمر تناقص عدد السكان في اليابان، فمن المتوقع أن يقل عن ١٠٠ مليون نسمة مع منتصف القرن الواحد والعشرين. وهنا يوجد تساؤل حول عدد المستخدمين حتى إذا أصبح من الممكن قطع المسافة بين طوكيو وناغويا في ٤٠ دقيقة. وهناك رأى آخر يزعم بأن القطار سيتسبب في زيادة التركز السكاني في طوكيو. ومن ناحية التشغيل تثار ايضاً تساؤلات حول كيفية توقف القطار عند الطوارئ. وكذلك كيفية التصرف عند وقوع زلازل وما إلى ذلك من الكوارث الطبيعية.

نتائج البحث والتطوير لأكثر من نصف قرن

 ومقابل ذلك، تدافع شركة سكك حديد وسط اليابان بشدة عن أهمية تنفيذ المشروع وتبرير التكاليف الهائلة للمشروع والتي تصل الى نحو خمسة ترليون ين. الاّ أنَّ الخطوط الحالية والتي تمثل الدجاجة التي تبيض ذهباً للشركة لا تسمح بإضافة قطارات جديدة على الخطوط المزدحمة بالفعل. ولكن كما يدعي البعض يجب البحث عن خطوط بديلة لتفادي ما حدث وقت التسونامي حيث توقفت خطوط شركة سكك حديد وسط اليابان فائقة السرعة والتي تمثل الشريان الحيوي بين طوكيو، أوساكا وناغويا. وجدير القول أنَّه بدأت أبحاث قطار- ليينار عام ١٩٦٢ أي بعامين قبل افتتاح خط توكاي السريع وذلك من قبل فريق من التقنيين بشركة السكك الحديد السابقة. وفي عام ١٩٧٢، نجح تسيير قطار الركاب مرفوعاً عن القضبان كما انّهُ في عام ١٩٧٩ نجح الفريق في الوصول لسرعة قصوى بلغت ٥١٧ كيلومتراً في الساعة (أكبر سرعة في العالم). وبعد ذلك تم الاستمرار في اختبارات التسيير على خطوط تجريبية في محافظة ياماناشي. لذا يعد هذا الخط بمثابة نتيجة نصف قرن من الأبحاث التي تمت في القرن الواحد والعشرين.

(المقالة الاصلية باللغة اليابانية، الصورة مقدمة من شركة السكك الحديدية لوسط اليابان)

شينكانسن