إنفوغرافيك اليابان

ما الذي يجعل اليابانيين يعملون حتى الموت بـ”الكاروشي“؟

مجتمع

نشرت الحكومة اليابانية في ٧ أكتوبر/تشرين الأول أول تقرير لتقييم قضية الموت الناتج عن الإفراط في العمل ”الكاروشي“. ويكشف التقرير أن الموظفين في واحدة من كل خمس شركات يخاطرون بإلحاق أضرار كبيرة بصحتهم جراء العمل لأكثر من ٨٠ ساعة إضافية شهرياً. ولكن لماذا انتشر الكاروشي؟ وإلى أي مدى أصبح الكاروشي يمثل مشكلة رئيسية في اليابان؟ وكيف تعاملت الحكومة تجاهه؟ كلها أسئلة نجيب عليها في هذا المقال.

ساعات العمل الطويلة يمكن أن تسبب الإرهاق البدني والذهني، وإضعاف الصحة وفي بعض الأحيان تؤدي إلى ”كاروشي“ والذي يعني ”الموت الناتج من الإفراط في العمل“. وعلى الرغم من الاعتراف بهذه الظاهرة باعتبارها مشكلة اجتماعية في وقت مبكر من النصف الثاني من الثمانينات من القرن الماضي، لم يصدر قانون يتصدى للكاروشي حتى عام ٢٠١٤. في ٧ أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠١٦، أصدرت الحكومة أول ورقة بيضاء تدرس القضايا المحيطة بالموت ناجم عن الإفراط في العمل والتدابير المتخذة لمنع ذلك.

الأرقام الرسمية مجرد غيض من فيض

تعترف وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية بحالات الوفاة وحالات الانتحار التي ترتبط بالعمل في ضوء تتطابقها مع المعايير التي تم وضعها لتحديد معنى مصطلح الإفراط في العمل. ووفقا للتقرير فقد تم خلال السنة المالية ٢٠١٥ دفع تأمين ضد حوادث العمل في ٩٦ حالة حيث توفى الأشخاص بسبب قصور في وظائف القلب أو الدماغ وفي ٩٣ حالة انتحار أو محاولة انتحار ناجمة عن قضايا ترتبط بالأمراض النفسية.

وتراجعت المدفوعات في حالات الوفاة الناتجة عن قصور في القلب أو الدماغ قليلاً منذ العقد الماضي. وعلى النقيض من ذلك ارتفعت تدريجيا التعويضات المتعلقة بالوفيات الناتجة عن الأمراض النفسية. في عام ٢٠١٥، كان هناك ١٥١٥ حالة حيث سعى المطالبون للحصول على دفعات تأمين العمل بسبب الاكتئاب وغيرها من الأمراض النفسية الناجمة عن العبء النفسي الثقيل من جراء العمل. وهذه قفزة كبيرة تصل إلى ١٠ أضعاف عدد المطالبات التي حدثت في عام ١٩٩٩.

وقد شمل التقرير أيضاً بيانات من مكتب الوكالة الوطنية للشرطة ومجلس الوزراء يوضح أن قضايا العمل كانت عاملاً مساعداً تسبب في ٢١٥٩ حالة انتحار في عام ٢٠١٥. ويشير هذا الرقم أن حالات الوفاة المعترف بها رسمياً كونها ناجمة عن الإفراط في العمل ليست سوى رأس جبل الجليد.

ومن بين الحالات المعترف بها رسميا في عام ٢٠١٥، ما يقرب من جميع الموظفين الذين لقوا حتفهم من قصور في القلب أو الدماغ أمضوا تقريباً أكثر من ٨٠ ساعة من العمل الإضافي في الشهر، في حين أن العديد من الذين أقدموا على الانتحار بسبب المشاكل النفسية أمضوا أكثر من ١٠٠ ساعة. وفي ١٨ من أصل ٩٣ حالة انتحار، عمل الضحايا أكثر من ١٦٠ ساعة من العمل الإضافي.

استمرار ساعات العمل الطويلة للموظفين بدوام كامل

في عام ٢٠١٤، أمضى الموظفون اليابانيون في المتوسط ما معدله ١٧٤١ ساعة في العمل. وهذا العدد من الساعات أقل قليلاً من عام ١٩٩٥، عندما كان المتوسط على مدى ١٩٠٠ ساعة، لكنه لا يزال أطول بكثير من العديد من الدول الغربية. هذا الانخفاض هو إلى حد كبير نتيجة لزيادة نسبة العاملين بدوام جزئي في القوى العاملة، وعلاوة على ذلك، ما زال العاملون بدوام كامل يمضون في العمل حوالي ٢٠٠٠ ساعة سنوياً.

تشير دراسة أجريت مؤخراً من قبل وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية أن ٢٢.٧٪ من الشركات كان لديها موظفين بدوام كامل يعملون أكثر من ٨٠ ساعة عمل إضافي في الشهر. تم إرسال المسح الذي أجري في الفترة من ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٥ إلى يناير/كانون الثاني ٢٠١٦ إلى حوالي ١٠ آلاف شركة (استجاب منها ١٧٣٤)، وحوالي ٢٠ ألف موظف.

وفقا لمعايير حوادث العمل فإن معدل٨٠ ساعة عمل إضافي في الشهر يعرف باسم ”خط الكاروشي“. والصناعات بأعلى نسبة من الموظفين الذين يتعدون هذا الخط من خلال ساعات العمل الإضافية الزائدة هي المعلومات والاتصالات (٤٤.٤٪)، والبحث الأكاديمي والمتخصص والخدمات الفنية (٤٠.٥٪)، والنقل والخدمات البريدية (٣٨.٤٪).

وفي استطلاعات الموظفين أجاب ٣٦.٩٪ من الموظفين الدائمين بأن لديهم مستويات عالية من التوتر. وزادت هذه النسبة بالتوازي مع عدد الساعات الإضافية التي يؤدونها، مع إبلاغ ٥٤.٤٪ من أولئك الذين أمضوا أكثر من ٢٠ ساعة من العمل الإضافي في الأسبوع عن التوتر العالي.

في دراسة استقصائية مستقلة متعلقة بصحة الموظف أجريت من قبل وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية في عام ٢٠١٣، أفاد ٥٢.٣٪ من العمال أن لديهم شعور شديد بعدم الارتياح، القلق، والإجهاد في وظائفهم وحياتهم المهنية. كما طلب من المشاركين الاستشهاد بثلاثة أسباب لحالتهم، وكانت ”نوعية وكمية العمل“ السبب الأبرز الذي اختاره ٦٥.٣٪ من المستطلعين، متقدما بفارق كبير على”الأخطاء في العمل“ و”العلاقات الشخصية“.

(المقالة الأصلية كتبت باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: والدة الموظفة في شركة دنتسو للإعلانات العملاقة التي أقدمت على الانتحار، تحضر مؤتمر صحفي في طوكيو يوم ٧ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٦. تاكاهاشي ماتسوري انتحرت في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٥ بعد أقل من مرور سنة على بدء عملها في الشركة بعد التخرج من جامعة طوكيو. تم اعتبار انتحارها نتيجة للإرهاق، وقد أدى هذا إلى ضجة كبيرة وردود أفعال، بما في ذلك إجراء تحقيق في شركة دنتسو من قبل مكتب العمل في طوكيو. الصورة من جريدة يوميوري شيمبون / Aflo).

الانتحار توظيف كاروشي