إنفوغرافيك اليابان

اللغة اليابانية - تطورها وأهم سماتها (الجزء الثاني)

مجتمع ثقافة لايف ستايل التعليم الياباني اللغة اليابانية

تتميز اللغة اليابانية بنظام كتابي فريد من نوعه. سيعرفنا الدكتور شهاب فارس في الجزء الثاني للسلسلة عن النظام الكتابي المعتمد في اليابان.

النظام الكتابي في اللغة اليابانية

تنفرد اللغة اليابانية بنظام كتابـي لا يماثله فـي الغالب نظام آخر فـي أي لغة أخرى، حيث تعتمد بصفة أساسية فـي نظام كتابتها على نظامين من طرق الكتابة. النظام الأول، يعتمد على مقاطع الكتابة الصينية التصويرية (كانجـي)، وهي تشبه اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة؛ وذلك نظراً لأن كل مقطع أو شكل كتابـي له معنـى خاص به. فهذه المقاطع الكتابية فـي الأساس رسوم تصويرية لأصل الأشياء فـي الطبيعة كما تَصوَّرها الصينيون القدامى منذ حوالي ثلاثة ألاف عام مضت، ثم تم تبسيطها تدريجياً إلى أن أصبحت بشكلها المعروف الآن. أما النظام الثانـي للكتابة، فيعتمد على المقاطع اللفظية الصوتية ثنائية وثلاثية المقطع المعروفة باسم مقاطع الكانا. وتنقسم هذه المقاطع إلى نوعين أحدهما يُعرف بــ (هيراغانا-Hiragana)، والآخر (كاتاكانا-Katakana).

وهذه المقاطع الصوتية بنوعيها (الهيراغانا والكاتاكانا) تشبه فـي نظامها اللغات الأبجدية؛ لأنـها فونيمات أو حروف صوتية دون معنـى. فكل مقطع صوتـي على حده لا يدل على معنـى، ولكن بتجميع وربط هذه المقاطع الصوتية معاً تتكون الكلمة ومعناها. وتُستخدم هذه المقاطع الصوتية جنباً إلى جنب مع مقاطع أو أشكال الكتابة الصينية التصويرية فـي آن واحد؛ مما يجعل اللغة اليابانية من اللغات النادرة بين لغات العالم فـي طريقة كتابتها. ولتناول الآن سمات هذين النظامين بشيء من التفصيل.

النظام الأول: أشكال أو مقاطع الكتابة التصويرية الصينية (الكانجي Kanji)

يتألف النظام المعتمد على الكتابة الصينية التصويرية (كانجـي)، من أشكال تصويرية، كل شكل له معنـى خاص ودلالات خاصة به مثلما الحال بالنسبة للأشكال الهيروغليفية المصرية القديمة. (اُنظر الشكل (٣): أصل تكوين مقاطع الكانجـي فـي ملحق الجداول).

فمثلاً على سبيل المثال كلمة جبل (yama) تُكتب بشكل تصويري رمزي مختصر لشكل الجبل نفسه (山)، و كلمة نـهر (kawa) تُكتب بشكل تصويري رمزي مختصر لتدفق أو جريان النهر نفسه (川)، وكذلك كلمة شجرة (ki) تُكتب بشكل تصويري مختصر لشكل الشجرة نفسها (木)، وعند تكرار هذا الشكل إلى اثنين (林) يُصبح معناه أحراش (hayashi)، وإذا تكرر الشكل إلى ثلاثة (森) يصبح المعنـى”غابة كثيفة“ (mori).

ولكن يوجد كثير من هذه الأشكال غير مأخوذة من أصل الأشياء وشكلها، فهناك مقاطع تجريدية اُتفق علـى الرمز إليها بشكل محدد على أساس فكرة أو معيار معين يتعلق بـهذا الشيء مثلما الحال فـي معنـى كلمتـي: ”فوق“، ”تحت“. (اُنظر نفس الشكل (٣)، رقمي: ٩، ١٠).

(١) الأشكال الصينية التصويرية (كانجـي) واللغة اليابانية المحكية:

ترجع نشأة الأشكال الصينية الأصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، وقد انتقلت من الصين إلى اليابان عبر شبه الجزيرة الكورية قبل القرن الخامس الميلادي عن طريق انتقال الفلسفات الصينية مثل الفلسفة الكونفوشوسية، وكذلك من خلال التقنية الصينية آنذاك. ولم يكن هناك حروف للكتابة فـي اليابان فـي ذلك الزمن بل كانت اللغة محكية فقط، ولذلك عندما انتقل الكانجـي إلى اليابان كان يُقرأ بنفس طريقة نطقه فـي اللغة الصينية، واستخدمه اليابانيون عند كتابة الكلمات الصينية فقط. ثم فكر اليابانيون فـي طريقة لنقل هذا الكانجـي لكتابة لغتهم الأصلية، فبدأت فكرة التعبير عن اللغة اليابانية المحكية بـهذه الأشكال الكتابية التصويرية الجديدة (كانجـي)، فاقتبس اليابانيون الكانجـي على طريقتهم وبدأوا يرمزون به لأصوات لغتهم. فتكونت قراءة خاصة بـهم لهذه المقاطع الصينية بشكل يناسب الأصوات اليابانية، حيث قرأ اليابانيون هذه المقاطع بلكنتهم اليابانية، فاختلف النطق عن اللغة الصينية.

فمثلاً على سبيل المثال كلمة جبل باللغة الصينية (سنّ- sen) ولكن عندما وصلت إلى اليابان أصبحت تُنطق (صنّ - san)، أي أن النطق تحرّف من (سنّ – sen) إلى (صنّ- san)، وبذلك اختلف النطق عن نطق اللغة الصينية الأصلية. وفـي نفس الوقت لأن هذا الكانجـي يعنـي كلمة جبل، فاستخدمه اليابانيون لكتابة كلمة ”جبل“ الموجودة فـي الأصل فـي اللغة اليابانية المحكية وهي كلمة ياما- yama. وهكذا أصبح هناك قراءتان أو طريقتان لنطق هذه المقاطع الصينية، إحداهما نطق صينـي أو قراءة صينية الأصل بلكنة يابانية يُطلق عليها أُونْ يُومي- on yomi، والأخرى نطق يابانـي أو قراءة يابانية من اللغة اليابانية المحكية لنفس المقاطع يُطلق عليها كُنْ يُومي –kun yomi، وهي فـي الأصل كلمات من اللغة اليابانية المحكية تم توفيقها مع الكانجـي المناسب لها.

(٢) الكانجي وسيلة للتفاهم في صمت:

ويتميز الكانجـي بإمكانية استخدامه كوسيلة كتابية مفهومة، حيث يمكن التفاهم بالكانجـي عن طريق الكتابة فقط فـي صمت بين مختلف الشعوب المستخدمة للكانجـي فـي كتابتها مثل اليابان والصين وفيتنام والتـي يفوق تعداد سكانـها تعداد سكان متحدثـي الإنجليزية من أهلها الأصليين، حيث يزيد تعداد هذه الدول الثلاث فقط عن المليار والنصف مليار نسمة.

إذ يستطيع اليابانـي أن يتفاهم مع الصينـي من خلال كتابة الكلمات له بالكانجـي، كما يستطيع اليابانـي أو دارس الكانجـي بصفة عامة أن يفهم الإطار العام الذي يتحدث عنه نص صينـي مكتوب، وكذلك فهم عناوين الصحف مثلاً فـي الصحف الصينية بالرغم من أنه لا يستطيع قراءتـها باللغة الصينية؛ حيث أن كل مقطع أو شكل كانجـي له معنـى محدد أو دلالة محددة، ولكن بشرط الانتباه جيدا لترتيب أشكال الكانجـي فـي الكلمة أو العبارة الواحدة حيث أن تغيير الترتيب يترتب عليه تغيير فـي المعنـى.

ثانياً: النظام الثاني: مقاطع (كانا-Kana) الصوتية (هيراغانا-Hiragana، كاتاكانا-Katakana)

(١) مقاطع الـ (هيراغانا – Hiragana):

مقاطع الهيراغانا- المقاطع الصوتية الأساسية المستعملة فـي الكتابة إلى جانب الكانجـي، أصوات لفظية سهلة مقارنة بالكانجـي، وتعنـي حرفياً (المقاطع السهلة). وقد تكونت هذه المقاطع الصوتية بتبسيط واختصار للشكل الكلـي لشكل الكانجـي (اُنظر أصل مقاطع الهيراغانا فـي الشكل رقم (٤) فـي ملحق الجداول)، وكان ذلك فـي القرن التاسع الميلادي حيث اُبتكرت من قِبل النساء اللاتي استخدمنها على نطاق واسع فـي الفترة من القرن الحادي عشر إلى الثانـي عشر الميلادي، وكتبن بـها الأشعار والقصص التـي من أشهرها رواية (غينجي مونوغاتاري–Genji monogatari) للكاتبة (موراسَكي شيكيبو - Murasaki Shikibu)، التـي كُتبت فـي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، وتُعتبر أول قصة طويلة فـي العالم. وقد كانت الكتابة قبل ابتكار هذه المقاطع الصوتية تُكتب بأشكال الكانجـي وكانت مقصورة على الرجال فقط.

وعدد مقاطع الهيراغانا الصوتية الأساسية ٤٦ مقطعاً أساسياً إضافة إلى ٥٨ مقطعاً فرعياً تتفرع من هذه المقاطع، ما بين أصوات صامتة، وأصوات مجهورة، وأصوات شبه مجهورة، وتتكون بالجمع بين نفس الأشكال لتكوين مقاطع ثنائية وثلاثية. وتُستخدم هذه المقاطع عادة لكتابة الكلمات اليابانية الأصل، والحروف المساعدة، أو لتكملة الكلمات المكتوبة بمقاطع الكتابة الصينية مثل الصفات والأفعال التـي يُكتب جزء منها بالكانجـي والباقي بمقاطع الهيراغانا. ونظراً لأنـها تُستخدم على نطاق أوسع مقارنة بالنوع الثانـي من المقاطع الصوتية أي مقاطع الكاتاكانا، فهي أول ما يتعلمه الدارس الأجنبـي عند دراسة اللغة اليابانية، وكذلك أول ما يتعلمه الطفل اليابانـي فـي المدرسة الابتدائية، وغالباً ما يكون الطفل اليابانـي قد درس الهيراغانا وحفظها قبل دخول المدرسة.

(٢) مقاطع الـ (كاتاكانا – Katakana):

تتألف مقاطع الكاتاكانا أيضاً من ٤٦ مقطعًا صوتيًا أساسيًا تحمل نفس أصوات مقاطع الهيراغانا (اُنظر جدول رقم (٢): مقاطع الكاتاكانا الأساسية والفرعية)، بالإضافة إلى مقاطع فرعية مثلما الحال فـي الهيراغانا. ولكن مقاطع الكاتاكانا تختلف عن مقاطع الهيراغانا فـي الشكل، حيث تَكوَّنت ليس بتبسيط واختصار الشكل الأصلـي للشكل الصينـي كاملاً كما فـي مقاطع الهيراغانا، بل بتبسيط جزء واحد فقط من الشكل الصينـي، ولذلك سُميت بالكاتاكانا أي المقاطع غير الكاملة. (اُنظر الشكل رقم (٥): أصل مقاطع الكاتاكانا فـي ملحق الجداول).

ويُقال أن بداية استعمال هذه المقاطع كان من قِبَلْ الرهبان الذين استخدموها كرموز مبسطة لقراءة الكانجـي عند دراستهم للكُتب البوذية التـي ازدهرت آنذاك من القرن الثامن إلى التاسع الميلادي. وقد تغيرت وتطورت الكاتاكانا بمرور السنين حتى تكونت بشكلها النهائي المستخدم حاليًا، وعادة تُستخدم عند كتابة الكلمات الدخيلة الوافدة، أي الكلمات ذات أصل أجنبـي مثل كلمة ”كاميرا“ أو ”فيديو“ إلى آخره، وكذلك أسماء الدول الأجنبية والأسماء الأجنبية للأشخاص والأماكن. كما تُستخدم لكتابة أسماء الحشرات والحيوانات والنباتات بخاصة فـي الكتب العلمية. كما تُستخدم كذلك للتعبير عن الأصوات مثل أصوات الحيوانات وغيرها، وكثيراً ما تُكتب كلمات المحاكاة الصوتية بمقاطع الكاتاكانا أيضاً.

وهكذا، يوجد ثلاثة أنواع من أشكال الكتابة تُستخدم فـي آن واحد معًا عند الكتابة باللغة اليابانية وهي الكانجـي، والهيراغانا، والكاتاكانا. وكما هو معروف، فإن اللغة اليابانية تُكتب رأسياً من أعلى إلى أسفل بدءاً من اليمين إلى اليسار أو تُكتب أفقياً مثل اللغة الإنجليزية من اليسار إلى اليمين بخاصة عند كتابة الأرقام الإنجليزية ومراجع اللغات الأجنبية، وإن كانت الكتابة والقراءة رأسياً من أعلى إلى أسفل بدءاً من اليمين إلى اليسار تُعتبر الأكثر شيوعاً بالنسبة لليابانيين.

ومن ناحية أخرى، لا يمكن الاكتفاء فقط بمقاطع الهيراغانا والكاتاكانا عند الكتابة؛ إذ يتحتم حفظ أشكال كثيرة من الكانجـي، لأنه سيصبح من الصعب التمييز بين معانـي الكلمات خاصة عند عدم وجودها فـي نص. فهناك كلمات كثيرة تحمل نفس الصوت أو النطق ويختلف معناها فقط باختلاف الكانجـي المستخدم فـي كتابتها.

(المقالة مأخوذة من موقع alyaban.net)

يمكنك أيضاً قراءة الجزء الأول من الرابط التالي: اللغة اليابانية - تطورها وأهم سماتها (الجزء الأول)

إضغط على الرابط التالي لقراءة الجزء الثالث اللغة اليابانية – تطورها وأهم سماتها (الجزء الثالث)

التعليم اللغة اليابانية الأصوات اللغوية تطور اللغة اليابانية سمات اللغة اليابانية شهاب فارس