الطريق إلى اليابان

راكوغو...فن رواية القصص

مجتمع ثقافة

الراكوغو هو صيغة شعبية من المنولوجات الهزلية، حيث يقوم القاص باختلاق سلسلة من الأحداث الخيالية من خلال عرض قصصي واستعمال حاذق للصوت وتعابير الوجه لتقليد عدة شخصيات. يرتدي الراوي اللباس الياباني التقليدي البسيط، ويمشي إلى وسط المنصة ويجلس على وسادة أمام المشاهدين، ممسكاً بيده منشفة ومروحة، كتعبير عن كل ممتلكاته، ويبقى جالساً هناك إلى أن يلقي سطره الأخير، والذي عادة ما يكون جملة أو حركة ساخرة (أوتشي)، وهذه هي النهاية المميزة التي منها اخترع اصطلاح (راكوغو).

إلهام مخيلة الجمهور

يُعد راكوغو أحد أشكال الفن الياباني التقليدي حيث يجلس مؤد واحد ”راكوغوكا“، يرتدي الملابس اليابانية التقليدية ”كيمونو“، على ركبتيه في وضعية الجلوس اليابانية التقليدية ويُسلي الحضور بسرد القصص المضحكة. يؤدي الفنان أدواراً متعددة عن طريق تعديل طريقة الإلقاء الصوتي واستخدام العديد من إيماءات الوجه واليدين. يستعين الفنان في أدائه بمروحة ومنشفة فقط، ويعبِّر عن كل شيء، بما في ذلك السير والجري، وهو في وضع الجلوس. ولأن راكوغوكا لا يستطيع الاعتماد على الزي الذي يرتديه أو على المشاهد فعليه أن يلهم مخيلة الجمهور من خلال توظيف مهاراته في رسم صورة عن العالم الذي تدور فيه أحداث القصة. يعرف الجزء الظريف في نهاية النكتة بـ”أوتشي“ ويعني حرفيا ”هبوط“ ويعد إلقاؤه على الجمهور بشكل جيد أمرا أساسيا حتى يكون الأداء ناجحا. كما أن الحرف الخاص بكلمة ”أوتشي“ يلفظ ”راكو“ وهو المصدر الذي اشتق منه اسم هذا الفن ”راكوغو“. ولا تزال هذه العروض تُعرض حتى يومنا هذا.

شعبية مستمرة

لا يزال هناك بعض المسارح التقليدية التي تعرض مسرحيات هزلية مضحكة أو ”يوسي“ تستضيف عروض راكوغو حية كل يوم تقريبا. ومن بين المسارح المشهورة في طوكيو مسرح شينجوكو سويهيروتيي حيث سعر التذكرة هناك يصل إلى حوالي ٣٠٠٠ ين للشخص البالغ، ومسرح سوزوموتو لفن الراكوغو في أوينو، ومسرح قاعة أساكوسا لفن الراكوغو ومسرح إيكيبوكورو لفن الراكوغو، بينما في أوساكا هناك مسرح تينما تينجين هانجوتيي.

مسرح شينجوكو سويهيروتيي تزينه أسماء راكوغوكا

يعتمد موضوع تلك المسرحيات أو ”نيتا“ بشكل عام على الكوميديا الهزلية أو الدراما العاطفية الإنسانية وتدمج شخصيات نموذجية من مدينتي إيدو (الاسم السابق لطوكيو) أو أوساكا. ولا يزال هناك حتى الآن راكوغوكا متخصصون في إلقاء راكوغو كلاسيكية فكاهية تمت روايتها لأول مرة في فترة إيدو ومن ثم انتقلت من محترفي هذا الفن إلى تلامذتهم على مر السنين. وتعتمد الحكايات الكلاسيكية المشهورة على الأداء الفردي للراوي، ولكن الأعمال الأكثر حداثة - من القرن العشرين فصاعدا - تُروى غالبا من قبل الشخص الذي كتبها فقط، وبالتالي فإن خصائص تلك المسرحيات تكمن في موضوع الحكاية بحد ذاته. والكثير منها ساخر يتناول قضايا المجتمع. وهناك الكثير من الأعمال الحديثة المعتبرة بصورة جيدة في عالم الراكوغو لأنها تلبي الطموح.

لا يزال فن راكوغو يحظى بشعبية بوصفه واحدا من الأشكال التي تمثل الفنون اليابانية الكلاسيكية. ويُظهر مسح أجري مؤخرا أن ٢٦.٤٪ من اليابانيين حضروا عروض راكوغو، متقدما على غيره من الفنون مثل كابوكي، نوغاكو، وبويو (رقص تقليدي). ومن الشائع أن تقوم المدارس بدعوة راكوغوكا للأداء أمام أطفال يدرسون فنونا تقليدية. وفي الواقع، فإن ٦٢.١٪ من اليابانيين الذين هم في العشرينيات من العمر شاهدوا أول عرض راكوغو في مدارسهم (*١).

راكوغو باللغة الإنكليزية

شهدت اليابان مؤخرا زيادة في عدد الراكوغوكا الذين يؤدون عروضهم باللغة الإنكليزية، ومن بينهم كاتسورا كايشي. كما تنشط على الساحة فنانة الراكوغو دايان كيتشيجيتسو التي تتحدث لغتين وتؤدي عروضها في مدينة أوساكا وهي مولودة في ليفربول ببريطانيا ولكنها وقعت في حب هذا الفن بعد قدومها إلى اليابان عام ١٩٩٦.

قصص راكوغو الحلقة ١ (فيديو)

الحقوق المحفوظة لدايان كيتشيجيتسو. لمزيد من المعلومات:

حول دايان كيتشجيتسو (بالإنكليزية) Watch Rakugo in English

جذور ومنشأ ”راكوغو“

راكوغوكا عند ترقيتهم إلى مستوى شين أوتشي (جيجي بريس)

أقدم المنشورات المتعلقة براكوغو هي ”سيئيسويشو“ ويعود تاريخها إلى عام ١٦٢٣، واسمها يعني ”الضحك لإبعاد النوم“. وفي حوالي مطلع القرن الثامن عشر، ظهرت أولى مسارح الراكوغو التي تتقاضى رسوما من الجماهير لمشاهدة عروضها في إيدو وأوساكا وكيوتو.

ومع ترسخ فن راكوغو في تلك المدن الثلاث، طورت كل مدينة أسلوبها المميز الخاص بها. ولا تزال مسرحيات راكوغو من طراز إيدو تُعرض في طوكيو بينما يُعرف طراز أوساكا في رواية القصص بـ”كاميغاتا راكوغو“. ولكن يبدو أن مدرسة كيوتو لم يعد لها وجود.

وفي طوكيو والمناطق المحيطة بها هناك ثلاث مستويات للراكوغوكا، ويعتبر ”زينزا“ هو أدنى مستوى يليه ”فوتاتسومي“ و”شين أوتشي“. ويتم تقرير التصنيف بناء على المجموعة التي ينتمي إليها الراكوغوكا. وبمجرد وصولهم إلى مستوى شين أوتشي يصبح بإمكانهم تدريب فنانين مبتدئين.

كما تُعرض مسرحيات راكوغو على شاشات التلفزيون في البرنامج الكوميدي المنوع ”شوتين“ والذي يبث أسبوعيا بين ١٦:٣٠-١٧:١٠ كل يوم أحد منذ عام ١٩٦٦. كما توجد قصص مصورة ”مانغا“ ورسوم متحركة عن الراكوغو مثل ”شووا غينروكو راكوغو شينجو“.

صورة العنوان: الفنان ”سانيوتيي إنجو“ أثناء أدائه. جيجي بريس.
قدم الصورة: مسرح شينجوكو سويهيروتيي: jamesjustin

(*١) ^ هذا المسح أجرته هابكين، مجموعة أساهي القابضة.

راكوغو