الطريق إلى اليابان

«هانكو»... ما يفعله الختم الأحمر الصغير في اليابان

مجتمع ثقافة

يتمسك الكثيرون في اليابان باستخدام الأختام الشخصية بدلا من التوقيع حتى يومنا هذا، حيث لا يمكن استخراج أي وثيقة رسمية دون أن تحمل الختم الشخصي لأن الدوائر الحكومية اليابانية لا تعترف بالتوقيع العادي بخط اليد. في هذ الموضوع نتعرف على أنواع الأختام الشخصية المستخدمة في اليابان في والوقت الحالي.

الختم الشخصي الخاص

الختم الشخصي في الثقافة اليابانية يعتبر بديلاً هامًا للتوقيع باليد، ويتم استخدامه في العديد من المجالات الرسمية مثل فتح حساب بنكي، استئجار مسكن، شراء سيارة، ومراجعة بلدية المنطقة. يكتب مصطلح ”ختم شخصي“ بالكانجي بالشكل التالي: 印鑑، وينطق باليابانية ”إينكان“ (Inkan). يتم إنتاج هذا الختم الشخصي بشكل فردي لكل فرد، وقد يكون مصنوعًا من مواد مختلفة مثل الحجر أو الخشب، ويحمل غالبًا الأسماء بالكانجي أو الهيراغانا أو حتى الأحرف اللاتينية.

لتسجيل الختم الشخصي، يقوم الفرد بمراجعة بلدية المنطقة التي يعيش فيها ويطلب تسجيله كختم شخصي رسمي. بعد التسجيل، يحصل الفرد على شهادة تسجيل ختم (印鑑証明書)، والتي تثبت أن هذا الختم هو الختم الرسمي الخاص به.

أما بخصوص أهمية الختم، فتأتي من طبيعتها الرسمية والقانونية، حيث يعتبر الختم الشخصي دليلاً موثوقًا عن هوية الفرد وموافقته على المعاملات الرسمية. يحمل الختم مسؤولية كبيرة، ويتعين على صاحبه استخدامه بحذر لتجنب أي إساءة استخدام أو تزوير.

تاريخيًا، يُعتبر استخدام الأختام أحد التقاليد القديمة التي تعود إلى عدة آلاف من السنين. في بلاد الرافدين، تشير الأدلة إلى أن استخدام الأختام يعود إلى حوالي 5000 سنة قبل الميلاد. أما في اليابان، فقد عُرف استخدام الأختام منذ فترة طويلة أيضًا.

أقدم ختم موجود في اليابان هو ”كان نو وا نو ناكوكوأو“، والذي يُعتقد أنه يعود إلى العام 57 ميلادي. هذا الختم، المصنوع من الذهب، يحمل عبارة ”漢委奴国王“ التي تعني ”ملك دولة نا اليابانية التابعة لحكم سلالة هان الصينية“. يُعتبر هذا الختم كنزًا وطنيًا في اليابان، وقد منحه الإمبراطور ”ليو شو“، المعروف أيضًا باسم ”الإمبراطور غوانغ ووا“، إلى مملكة نا اليابانية كهبة في عام 57 ميلادي.

في اليابان، تغيرت العادات والقوانين حول استخدام الأختام بمرور الوقت. في العصور القديمة، كان استخدام الأختام موضوعًا طبيعيًا في المعاملات اليومية والأنشطة الرسمية. ومع ذلك، مع قانون الحكومة اليابانية الذي تم إصداره في عام 1873، أُلزم المواطنون باستخدام التوقيع بالأختام كوسيلة رسمية لإثبات الشخصية. هذا القانون أدى إلى تعزيز استخدام الأختام في المعاملات والوثائق الرسمية.

على الرغم من تطور التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الإلكتروني، إلا أن الأختام لا تزال تستخدم بشكل واسع في اليابان. حتى اليوم، يُشير إلى أهمية الأختام في مجالات مثل فتح حسابات بنكية، وتوقيع العقود، والمعاملات العقارية، والوثائق الحكومية.

 استخدام الأختام في الشركات والمؤسسات اليابانية يعكس ليس فقط الجوانب القانونية والرسمية، ولكن أيضًا العلاقات الاجتماعية والهيكل التنظيمي. عندما يضع الرئيس أو المدير العام ختمه على وثائق، يعبر ذلك عن تأكيد شخصي وتوجيه إداري للمستندات.

يعتبر الختم في هذا السياق ليس مجرد وسيلة للتوقيع، ولكنه يرمز أيضًا إلى السلطة والمسؤولية في الهيكل التنظيمي. يمكن أن يكون ذلك أيضًا جزءًا من التقاليد والاحترام في العلاقات العملية في الشركات اليابانية.

على الرغم من التحول نحو الإجراءات الإلكترونية واستخدام التوقيع الإلكتروني في بعض المجالات، إلا أن الأختام لا تزال لها أهمية كبيرة في بعض القطاعات والمعاملات في اليابان.

الختم المسجل

تنقسم الأختام الشخصية التي يستخدمها الأفراد إلى 3 أنواع. إليك شرح مختصر لكل نوع:

1. الختم المسجل (جيتسو إن): يعد هذا النوع من الأختام الشخصية الختم الرسمي المُسجل في مكتب بلدية المنطقة التابع له الفرد. يستخدم في المعاملات الرسمية والقانونية مثل تغيير الملكية، عقود الإيجار، والوصية.

2. ختم البنك (غينكو إن): يُستخدم هذا الختم بشكل خاص في المعاملات المالية والبنكية، مثل توقيع الشيكات والوثائق المالية الأخرى.

3. الختم غير المسجل (ميتومي إن): يشير هذا النوع إلى الأختام الشخصية التي لم يتم تسجيلها رسمياً في مكتب البلدية. يُستخدم في الوثائق الشخصية اليومية والعديد من المعاملات غير الرسمية.

توضح هذه الأنواع التنوع في استخدام الأختام الشخصية في اليابان والأغراض المختلفة التي يمكن استخدامها فيها.

يُعتبر الختم المسجل الأكثر أهمية، خاصة عند التعامل مع الوثائق الرسمية مثل عقود العقارات وتحويل الملكية وعقود الإيجار. يتم تسجيل الختم المسجل في مكتب بلدية المنطقة التي يقيم فيها الفرد. يمكن للأفراد، بما في ذلك الأجانب، تسجيل ختم شخصي منذ سن 15 عامًا. بعد الموافقة، يُسلم بطاقة تعرف تُعرف باسم ”إنكان كارت“ أو ”بطاقة الختم“، والتي تُستخدم فيما بعد لإصدار شهادة تُعرف باسم ”اينكان شوميشو“ لتثبت صحة الختم ومنع تزوير الوثائق الهامة.

التوقيع باستخدام الختم

يُقصد بختم البنك الختم الذي يتم تسجيله في البنك عند فتح حساب بنكي جديد، ليكون هذا الختم هو الذي يستخدم في جميع المعاملات المصرفية. في الفترة الأخيرة، بدأت بعض المؤسسات المالية في اليابان تسهيل فتح الحسابات المصرفية دون الحاجة إلى تسجيل ختم أو حتى استخدام التوقيع بخط اليد، وذلك في المؤسسات المالية التي تقدم خدماتها باللغة الإنجليزية وفي البنوك عبر الإنترنت. يخطط بعض المصارف الكبرى في اليابان مثل مصرف ريسونا ومصرف ميتسوي سوميتومو لإدخال نظام للتحقق من الهوية باستخدام البصمات البشرية أو التوقيع بخط اليد. ومع ذلك، لا يزال ختم البنك ضروريًا في العديد من البنوك والمؤسسات المالية في اليابان في الوقت الحالي.

”ميتومي إن“ أو الختم غير المسجل يُستخدم للتصديق الشخصي على العقود والمستندات، وغالبًا ما يتم استخدامه في الاستمارات والأوراق الضرورية عند إجراء الإجراءات المختلفة في مكتب البلدية أو عند استلام البريد المسجل. يُستخدم الأختام التي تُصنع بكميات كبيرة وتتوفر بأسعار منخفضة لهذا الغرض، وتكون سهلة الاستخدام، حيث يتم تضمين الحبر الأحمر داخل الختم مسبقًا ولا حاجة لاستخدام أسفنجة حبر خارجية. يمكن العثور بسهولة على الأختام الغير مسجلة بالأسماء الشائعة في متاجر اللوازم المكتبية أو متاجر ”100 ين“، ويتم نقشها بطريقة آلية. في حالة الختم الشخصي المسجل وختم البنك، يقوم العديد من الأشخاص بطلب تصنيعهم خصيصًا ليكون الختم فريدًا من نوعه.

استخدام الختم الغير مسجل لاستلام البضائع البريدية

وفي العديد من الحالات، يكون الختم الشخصي ضروريًا لإكمال إجراءات عقود هواتف الجوال أو استئجار الشقق والعقارات، وذلك بشكل لا يمكن تجاوزه باستخدام توقيع اليد فقط. لذا، يعد وجود الختم الشخصي ضروريًا حتى للأفراد الأجانب الذين يعيشون في اليابان لفترة طويلة. وفي حالة تسجيل الختم للأجانب، تسمح بعض البلديات باستخدام الأختام المنقوش عليها الاسم، ليس فقط باستخدام الحروف اللاتينية ولكن أيضًا باستخدام حروف الكاتاكانا.

الأختام الأنيقة المزخرفة

تشكيلة من الأختام الأنيقة

وفي الوقت الحالي، هناك اتجاه متزايد لإهداء الأختام كهدايا في مناسبات مثل أعياد ميلاد الأطفال أو حفلات الزفاف، خاصة للبنات اللاتي يغيّرن لقبهن بعد الزواج ليتماشى مع لقب الزوج. يحظى الأختام المزينة بالأحجار الكريمة والماسات أو المزخرفة بالطريقة التقليدية اليابانية باستخدام ورق الواشي أو الألوان الورني بشعبية كبيرة بين النساء والفتيات. بالإضافة إلى ذلك، يتم تصميم بعض الأختام بشخصيات مشهورة أو برسومات ملونة تناسب أذواق الأطفال، كما يُفضّل الرجال التصاميم القوية والمميزة مثل تلك التي تحمل صورا لقرون جاموس الماء السوداء.

آلات البيع الذاتي للأختام تجذب السياح

(على اليمين) في الأعلى: اختيار الحروف على شاشة تعمل باللمس لتبدأ الآلة في نقشها على الختم. في الأسفل: اختيار شكل هيكل الختم وإدخاله في الآلة. (على اليسار) آلات البيع الذاتي للأختام في متجر تخفيضات دونكي هوتي.

تزداد الخدمات التي تقوم بصنع أختام بأسماء الأجانب، سواءً بتحويلها إلى حروف الكانجي أو الكاتاكانا. يمكن الآن طلب صنع الأختام عبر الإنترنت، ويُقدم متجر ”طوكيو هانز“ (Tokyu Hands) خدمة صنع الأختام بشكل سريع، حيث يتم إنتاج الختم في غضون 30 دقيقة بتكلفة تتراوح بين 700 إلى 1000 ين للختم (تحتوي على حد أقصى من 3 حروف). تعد هذه الخدمة مناسبة للسياح وتُعتبر واحدة من الهدايا التذكارية المفضلة.

أيضًا، توفر متاجر ”دونكي هوتيه“ (Donki Hotte) آلات بيع ذاتية تُعرف باسم ”سيلف هانكو بوكس“، حيث يمكن للزوار صنع أختامهم باستخدام حروف الكاتاكانا (بحد أقصى 8 حروف) باستخدام مجموعة متنوعة من المواد بتكلفة تتراوح بين 500 و 1000 ين. يتم إنجاز هذه العملية في غضون 5 إلى 10 دقائق فقط.

(النص الأصلي باللغة الإنكليزية)