الطريق إلى اليابان

كشف قناع النينجا: ما وراء الظلال والزي الأسود!

مجتمع ثقافة

احتل النينجا لعدة قرون مكانة مغرية في خيال العامة. وتم تصوير المحارب السري لليابان الإقطاعية، وهو موضوع مفضل في الأفلام والمانغا، منذ فترة طويلة على أنه عميل خفي يرتدي ملابس سوداء بالكامل ويحزم ترسانة من الأسلحة الدقيقة أثناء قيامه بمهام سرية. لكن الأبحاث الجديدة تظهر الشخصية الغامضة في ضوء مختلف تمامًا، وتساعد على إعادة رسم الصورة النمطية.

يعتبر النينجا من الشخصيات التاريخية المثيرة والغامضة في الثقافة اليابانية. كانوا مقاتلين خبراء في فنون الحرب والتجسس، وكانت لديهم مهارات فريدة في التخفي والتسلل. على الرغم من أنهم كانوا يشكلون جزءًا من الفترة التي شهدت اضطرابات في اليابان، فإن صورتهم وتقاليدهم تم تجميلها وروايتها بشكل كبير عبر الوقت.

ظهرت النينجا بشكل بارز خلال فترة الساموراي في اليابان، وكانوا يتمتعون بمهارات فريدة مثل فنون القتال والتسلل والتخفي. استُخدم النينجا في العديد من المهام، بدءًا من التجسس وحتى القيام بعمليات استطلاع وتنفيذ المهام السرية. يعود الفضل في شهرة النينجا أيضًا إلى العديد من الحكايات والروايات التي تُظهرهم كشخصيات بارعة وذكية.

مع مرور الوقت، أصبحت قصص النينجا جزءًا من التراث والثقافة اليابانية، وتم تجميل صورتهم في العديد من الوسائط الفنية والثقافية، بما في ذلك السينما والتلفزيون والألعاب.

كان النينجا يقومون بتغيير مظهرهم بشكل روتيني ليندمجوا مع الحشود. لذلك قد يرتدون ملابس المسافرين أو الرهبان، على سبيل المثال، لتجنب رصدهم. يُظهر رسم توضيحي في مخطوطة من القرن السابع عشر نينجا يشبهون الساموراي تمامًا.

وهم معروفون أيضًا بالتسلل إلى المباني، لكن مهارتهم الأكثر أهمية كانت التسلل إلى قلوب الناس. لقد كانوا بارعين في حث الناس على الكشف عن أشياء لا يخبرونها عادة لأي شخص آخر.

الصورة النمطية المعاصرة للنينجا التي نراها في الأفلام والكتب اليوم نشأت في مسرح الكابوكي في أوائل القرن الثامن عشر وتطورت من خلال الثقافة الشعبية.

النينجا والأساطير

النينجا المتشح بالزي الأسود ذو القوى الخارقة والمدرب على فنون التخفي والتجسس المعروفة بالنينجوتسو هم شخصيات أسطورية اشتهرت في اليابان وحول العالم. ومع ذلك، فإن كلمة ”نينجا“ في حد ذاتها لم تستخدم على نطاق واسع في اليابان حتى الطفرة التي حدثت في مجال الروايات التاريخية الشعبية وانتشرت حوالي عام ۱٩٥٥. ولعل هذه المآثر الأسطورية المُجَمّلة والمُبَالغ فيها جاءت نتيجة استغلال هذه التصورات حول المحاربين الجواسيس والتي تم استحداثها بعد الفترة الرئيسية لذروة نشاطهم بشكل كبير.

وقد كان الاسم السابق لهم والمتعارف عليه هو شينوبي (忍び)، والذي يشترك في نفس مقطع الكانجي لكلمة نينجا (忍者). ونظراً لأن المعلومات المتاحة عنهم قليلة جداً فإنه لا يوجد تعريف دقيق لهم. لكنهم أي شينوبي كانوا عموما يُعتبرون بمثابة جواسيس يراقبون سراً تحركات العدو ويقومون بنقل معلومات ذات أهمية استراتيجية. وكانت أكثر نشاطاتهم خلال فترة الاضطرابات المتلاحقة التي شهدتها حقبة الممالك المتحاربة (1467-1568).

ظهور الأقاليم التي اشتهرت بها النينجا

إبَّانَ عصر نارا (710-794)، بدأ الأرستقراطيون، القادة الإقليميون الأثرياء، وكهنة المعابد والأضرحة في تشييد ممتلكات ضخمة ”الشوين“ (shōen) خاصة بهم، وهذا الأمر أدى إلى نشوء نزاعات مختلفة على الأراضي. وعليه تم تشكيل ميليشيات قتالية خارجة عن القانون والتي عُرفت باسم آكوتو (akutō)، لكنّها تمكنت من التوسع بشكل كبير بحلول النصف الثاني من القرن الثالث عشر - بالرغم من عدم نظامية حشدها – لتكوّن بذلك معارضة قوية ضد نظم الشوين وحكام عسكريين وإقطاعيين (شوغون) ويعتقد أن آكوتو هم باكورة نشأة الشينوبي أو النينجا.

بدأت شينوبي في الظهور في الوثائق التاريخية في القرن الرابع عشر لاسيما أثناء حقبة الممالك المتحاربة، حيث قام الإقطاعيون (daimyo) بتوظيفهم ليقوموا بدوريات للاستطلاع عن الاستخبارات الضرورية. وقد اشتهرت بعض المناطق بمجموعات النينجا، مثل إيغا (في محافظة ميئه الحالية) وكوكا (محافظة شيغا) وتوغاكوشي (محافظة ناغانو) وكاي (محافظة ياماناشي). وكان هناك العديد من الأسماء المحلية للنينجا، بما في ذلك rappa، suppa، kusa، dakkō، و kamari.

وبجانب جمع المعلومات من أراضي العدو، فقد تم استخدام النينجا لتدعيم أهداف الحرب عن طريق تكتيكات حرب العصابات بما في ذلك الحرائق المتعمدة، وأعمال التخريب، ونصب الكمائن. ومع ذلك، فإن دورهم الأكثر أهمية كان يتمثل في تقديم تقارير عن العدو، حيث أنهم كانوا يميلون إلى تجنب التورط في صراعات لا طائل منها. ويقال إن تقنيات نينجوتسو استخدمت أساسا للدفاع عن النفس.

عرض لأسلوب كاتانا كاكوشي، أحد فنون النينجوتسو حيث يقوم النينجا بسحب السيف بخفة من مكانه المخبئ فيه تحت الأرضية

أساليب الخداع والتسلل

قاد انتصار توكوغاوا إيئياسو في معركة سيكيغاهارا اليابان إلى عهد سلام نسبي في عصر إيدو 1603-1868) وبدأت عناصر النينجا تُستخدم كحراس شخصيين بشكل أساسي.

وفي منتصف القرن السابع عشر، تم عرض كتب النينجوتسو مثل Bansenshūkai (كتاب النينجا) و Shōninki (الطريق الصحيح للنينجا) أساليب وعقلية الشينوبي. حيث يصف كتاب النينجا الأدوات التي قاموا باستخدامها، وكذلك تقنيات الخداع والتسلل.

عرض للشوريكين، أو النجوم حادة الشفرات بأحد المتاحف.

وشهدت عهود الاستقرار المتزايد للحكام العسكريين (الشوغون) تضاؤل الحاجة إلى الشينوبي. مما أدى بدوره إلى اختفاء النينجا تدريجيا بعيدا عن مجريات الحياة، وبدأت تظهر في أنماط قصصية عبر الفنون مثل الكابوكي و أوكييو إي. وكان تصويرهم يتم عادة بزي أسود يقومون بإلقاء شفرات نجوم النينجا الحادة (shuriken)، وما زلنا نجد هذه الصور مستمرة إلى يومنا هذا.

ولا يزال أحفاد أولئك النينجا يعيشون في مواقع مشهورة بتقاليدهم السابقة، والتي أصبحت الآن مزارات سياحية تلعب على وتيرة الاتصال بالسادة الأسطوريين المتخفين. كما نجد حاليا أن المقرات السابقة للنينجا، والمتاحف، وحتى الملاهي الترفيهية تقوم بتعريف الرواد عن سحر النينجا والغموض الذي يكتَنِفُها.

مدخل أحد مقرات النينجا (Koka Ninja House)، وهو متحف يحاكي بشكل عملي فنون النينجوتسو يقع بمحافظة شيغا.

(نشر النص الأصلي باللغة الإنكليزية بتاريخ5 مايو/ أيار 2017 - صورة العنوان: أداء أحد العارضين بمتحف فنون النينجا (Koka Ninja House) لفن ”هي-غوئي“ وهو أسلوب خاص بالتسلق والزحف على الجدران)

نينجا