مصارعة المحترفين والانسجام الخفي في المعركة (صور)

ثقافة لايف ستايل

هناك علاقات قوية بين مصارعة المحترفين في المكسيك واليابان. وقد بنى العديد من المصارعين اليابانيين خبرتهم المهنية في بلد من بلدان أمريكا اللاتينية وجاءت أعداد كبيرة من نظرائهم المكسيكيين إلى اليابان للمصارعة. رودريغو رييس المصور المكسيكي الأصل المقيم في اليابان قد وهب نفسه لتوثيق الروابط بين مصارعة المحترفين اليابانية والمكسيكية.

لقاء غير متوقع

أمضيت معظم طفولتي بالمكسيك في مشاهدة مصارعة المحترفين، أو ”اللوتشا ليبري (حرفيا ”المصارعة الحرة“)“، على شاشات التلفزيون. شعبية هذه الرياضة كانت تعني أنه أينما تجمع الأطفال سوياً فسوف يلعبون أدواراً كما لو كانوا مصارعين. ولكن للأسف كانت هناك فترة اختفت فيها مصارعة المحترفين من على شاشات التلفزيون بسبب الضجة الإعلامية التي أعقبت سلسلة من الإصابات للأطفال الذين حاولوا تقليد حركات المحترفين الملثمين المفضلين لديهم. وكان هذا هو الوقت الذي ابتعدت فيه أنا أيضاً عن الرياضة.

ولم أعلم أنه كان مقدراً لي المشاركة من جديد مع المصارعة بعد سنوات. عندما انتقلت إلى اليابان في عام ٢٠٠٨ كانت أول وظيفة لي في مطعم مكسيكي في منطقة إبيسو بطوكيو. ذهلت عندما علمت أن أحد عملائنا الدائمين كان Último Dragón (التنين الأخير)، المصارع الياباني المحترف الذي أمضى سنوات يتدرب في المكسيك والذي غالباً ما كنت أشاهده في صباي. تدريجياً، تعرفنا على بعضنا البعض وذات يوم قال لي بأنه سوف يحضر مصارعاً مكسيكياً إلى اليابان للظهور في حدث من تنظيمه. كمصور صحفي اعتقدت أنه سيكون من المثير للاهتمام أن أحضر وأكتب مقالاً حول هذا الموضوع. سألته إذا كان يمكن أن أحضر لالتقاط الصور وأبدى موافقته.

تواصلت مع صديق قديم كان يعمل لصالح مجلة المصارعة المكسيكية ”لوتشاس ٢٠٠٠“، وشرحت له فكرتي. وكانت التجربة الأولى لي في تصوير مباراة مصارعة وقضيت الكثير من الوقت في التحضير لهذا الحدث مع التدقيق في الجوانب التقنية وغيرها من العناصر المتعلقة بتصوير مثل هذا الحدث. أصبح من الواضح بشكل مؤلم أن مهاراتي في التقاط الأجسام المتحركة في حاجة إلى الكثير من الصقل.

في مصارعة المحترفين، بكون تناوب اللعب بوتيرة سريعة، وهو الأمر الذي يبدو أكثر وضوحاً في الحلبة. من أجل تصوير هذا العمل المحموم كنت في حاجة إلى تعريف نفسي مع آليات الرياضة وتعلم كيفية قراءة حركات الرياضيين لتحديد الأوضاع التي يجب علي اتخاذها. الخطأ في تقدير التوقيت أو الزاوية يمكن أن يؤدي إلى لقطة ليس فيها إلا ساقي المصارع، أو ربما يفوتني توتر معين في عضلات الذراعين، الرقبة أو الوجه للمصارع.

متاعب الغريب

بمجرد انتهاء هذه التجربة الأولى لي كمصور للمصارعة طلب مني محرر لوتشاس ٢٠٠٠، التعاون معه في وظيفة أخرى. في عام ٢٠٠٩، كانت مصارعة المحترفين الجديدة في اليابان قد بدأت التفاوض مع الجمعية المكسيكية كونسيخو مونديال دي لوتشا ليبري (حرفيا ”المجلس العالمي للمصارعة“) لتنظيم مسابقات في اليابان والمكسيك. كجزء من هذه الصفقة وافق ميستيكو نجم المصارعة المكسيكية الكبير (الذي ظهر في وقت لاحق في المصارعة العالمية للترفيه بأمريكا تحت اسم سينكارا، وعاد حالياً للمنافسة في المكسيك تحت اسم Myzteziz على الظهور في اليابان تحت راية مصارعة المحترفين الجديدة في اليابان (NJPW). على الرغم من أنني كنت أفتقر في البداية إلى العلاقات اللازمة للوصول إلى هذا الحدث، إلا أن أوكومورا شيجيو، وهو المصارع الذي أمضى ست سنوات في المكسيك قد أنقذني.

لكن وبعد تخطي هذه العقبة الأولى، واجهت عائقاً آخر ألا وهو نادي اليابان للصحافة القومية. لا يوجد كيان مماثل في المكسيك. قواعد نادي الصحافة تقيد بشدة الدخول لغير الأعضاء وأبلغتني جمعية مصارعة المحترفين الجديدة في اليابان (NJPW) بأنه من غير المسموح لي بالتقاط الصور من الصف الأول في الحلبة، ليس ذلك فقط، بل أيضاً لا يتاح لي تصوير الصالة الكبيرة على الإطلاق. فكان خياري الوحيد أن أقوم بتصوير ميستيكو والمصارعين الآخرين وراء الكواليس. تمكنت من الالتفاف على اللوائح عن طريق الابتعاد عن الحلبة. حافظت على تفاؤلي وقضيت عامين آخرين في العمل لدى لوتشاس ٢٠٠٠ بنفس هذا الأسلوب. الحدث الوحيد الذي سمحت لي جمعية مصارعة المحترفين الجديدة في اليابان (NJPW) بتصويره كان Fantastica Mania ٢٠١٣ (الهوس الرائع)، وهي مهمة قمت بها لصالح وكالة التصوير Aflo.

التعرف على العالم الواسع لمصارعة المحترفين

أدركت بسرعة أن اليابان لديها وفرة في جمعيات المصارعة وبدأت في ارتياد الأحداث الأخرى أيضاً. وساعدني كثيراً في هذا الشأن إدغار كورتيز صاحب المطعم الذي يتمتع بعلاقة وثيقة مع مصارعة المحترفين اليابانية، المعروفة بـ puroresu من خلال منشأته تيكيلا. وقدمني لـ أوميموتو كازوتاكا، وهو مصارع اشتهر بتقمصه لشخصيات في الحلبة مثل ميستر كاكاو، وماتشو بمب وكذلك بتنظيمه للحدث Fukumen Mania (هوس الأقنعة).

رييسف يعرض ٢٠١٤ ”Arena México, 80 años de Lucha Libre (٨٠ عاماً من المصارعة الحرة في ساحة مكسيكو سيتي)“ الذي عقد في حديقة تشابولتيبيك في مكسيكو سيتي.

في أجواء تشبه إلى حد كبير المكسيك، يقوم جميع المصارعين في Fukumen Mania (هوس الأقنعة) بارتداء الأقنعة. وكانت تلك هي الأحداث التي أتيحت لي فيها الفرصة لالتقاط الصور من الصف الأول في الحلبة.

في نفس الوقت تقريباً، تعرفت في أروقة جمعية مصارعة المحترفين الجديدة في اليابان (NJPW) على أراي هيروشي، وهو مقدم برامج من تلفزيون ساموراي بقناة الرياضات القتالية الذي يكتب أيضاً لمجلة Shukan Puroresu للنشرالأسبوعي. ساعدني أراي في الوصول إلى أحداث المصارعة النسائية التي نظمتها Ice Ribbon للدعاية. بعد ذلك بفترة قصيرة قدمني أوكومورا إلى رئيس Reina، شركة دعائية أخرى للنساء. مما أتاح لي الفرصة لتصوير المسابقات الساخنة بين المتصارعات الإناث من كل من المكسيك واليابان. لقد كانت تجربة كبيرة حيث أن المتصارعات من كلا البلدين يتميزن بكونهن معبرات جداً، وكثيرا ما يتفاعلن مع المشجعين.

في بعض النواحي يمكن القول بأني كنت محظوظاً لأن طريقي كان مسدوداً في وقت مبكر بسبب لوائح نادي الصحافة. وهو ما دفعني لمعرفة المزيد عن العروض الترويجية الأخرى وأنواع مختلفة من الأحداث في العالم الواسع لمصارعة المحترفين اليابانية puroresu. كما أتاح لي الفرصة لأعيش طفولتي من جديد من خلال الالتقاء بمصارعين أذكرهم من شبابي، مثل .Blue Demon Jr (الشيطان الأزرق الابن)، Máscara Dorada (القناع الذهبي)، وEspectrito (الشبح الصغير).

المصارعة كالعلاج

في المكسيك تجاوزت مصارعة المحترفين كونها مجرد رياضة، لتصبح جزءاً أصيلاً من ثقافة الأمة ذاتها. وانعكس هذا في الأقنعة وتخطيط الألوان، القصص الخلفية التي تعطي معنى لأداء المصارعين، والتفاصيل الرمزية للأزياء. يعمل الرياضيون على بناء علاقة وثيقة مع المشجعين لجذبهم إلى عالم اللوتشا ليبري (المصارعة الحرة).

هناك أصبحت هذه الرياضة وسيلة فعالة لتخفيف الضغط. وعلى عكس الجماهير اليابانية، التي هي أكثر تحفظاً، فإن المتفرجين المكسيكيين يحضرون الأحداث للتنفيس عن التوتر. فهم يصرخون ويصيحون، ثم في نهاية العرض يعودون إلى ديارهم وهم في حالة استرخاء. هذا الجو الخاص يعني أن العديد من الرياضيين اليابانيين الذين تصارعوا في المكسيك يعودون ليجدوا المباريات هنا تفتقر إلى الحماسة بشكل ما.

خلال التصوير أحب أن أفكر ملياً في نوع الصور التي أرغب في التقاطها. عند قضاء ساعات في النظر من خلال عدسة الكاميرا، يجب الأخذ بعين الاعتبار التركيبة وما هي العناصر الأساسية لضمها بينما تسعى جاهداً لإبقاء التفاصيل الزائدة خارج الإطار. أحب التقاط تعابير وجه المصارعين في لحظة الاستسلام تحديداً حينما يعلقون في قبضة الخضوع مثل حركة بوسطن كراب. مع الوقت والخبرة، تتعلم كيفية توقع حركات المصارعين ومن ثم أخذ الوضعية المناسبة لالتقاط تعبيراتهم، وبالتالي تصويرالانسجام الكامن في داخل القتال.

أنا عضو في منظمة الفنون ”هذه هي اللوتشا ليبري“ ونحن نضع أهمية كبيرة على هذا المصطلح المكسيكي، الذي يدل على شيء يتميز عن كل من المصارعة الأمريكية والمصارعة الحرة اليابانية (puroresu). من خلال عملي مع هذه المجموعة أتمنى أن أنشر ثقافة اللوتشا ليبري هنا في اليابان.

(النص الأصلي باللغة الإسبانية بتاريخ ١٢ ديسمبر/ كانون الأول عام ٢٠١٤، والترجمة من الإنكليزية. الصور بواسطة رودريغو رييس مارين).


ميستيكو، الذي فاز بلقب الوزن الثقيل لصغارفي سباق الجائزة الكبرى للمصارعة الدولية (IWGP) في مباراة ضد خصمه الياباني Tiger Mask IV (النمرالمقنع). قبة طوكيو، ١٩٩٩


Último Dragó (التنين الأخير) يركل مواطنه نيغرو كاساس (التنين الأسود) في صدره. قاعة كوراكوين، 2010


Son of Fishman (ابن فيشمان) يحمل هاريكان كيد (طفل الإعصار) في وضعية leglock. شينجوكو فيس، ٢٥ ديسمبر/ كانون الأول


أكينو تدفع منافستها كوريهارا أيومي نحو الحبال. حلبة شينكيبا الأولى، ٢١ يونيو/حزيران ٢٠٠٩


المصارعة المكسيكية Amapola (الخشخاش) تعذب كوريهارا أيومي بحركة قاضية تعرف باسم el pulpo (الأخطبوط). حلبة شينكيبا الأولى، ١٨ سبتمبر/ أيلول ٢٠١١


ليون تحكم سيطرتها على Lady Aphrodita (السيدة أفروديت) في وضعية sleeper hold. حلبة شينكيبا الأولى، ٢٧ أغسطس/ آب ٢٠١١


النجمة البورتوريكية زيوسيس تنفذ الـ moonsault slam على إيشيبا شيأؤي. حلبة شينكيبا الأولى، ٢٧ أغسطس/آب ٢٠١١


المكسيكية المخضرمة La Comandante (القائدة) تستعد لإلقاء كانباياشي آكي خارج الحلبة. حلبة شينكيبا الأولى، ٢٧ أغسطس/ آب ٢٠١١


المصارع الياباني Ōwashi Tōru يلبس قبعة مكسيكية ”سومبريرو“. قاعة Zepp Tokyo، ٢٠ مارس/ آذار ٢٠٠٩


المحترف المكسيكي Mascarita Dorada (القناع الذهبي) يقدم نفسه للمشجعين اليابانيين مرتدياً إكليلاً من أوراق ١٠٠٠ ين ياباني. قاعة Zepp Tokyo، ٢٠ مارس/ آذار ٢٠٠٩

اليابان الترفيه الرياضات