استراتيجية اليابان للنمو في العهد الجديد

إحياء الزراعة اليابانية لمواجهة المنافسة الدولية

اقتصاد

يشكل قطاع الزراعة الغير تنافسي في اليابان عقبة في طريق المشاركة في اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الأخرى. يشرح دوموتو هيروشي كيف أن السياسات الزراعية اليابانية تسببت في إضعاف القطاع الزراعي، وخاصة زراعة الأرز، ويقترح خطوات عملية من أجل تطوير هذا القطاع على الصعيد الدولي.

الصادرات الضئيلة هي جوهر المشكلة

يحتل الطعام الياباني مكانةً عظيمةً على قائمة الطعام في مختلف بلدان العالم، لكن الإهتمام بالحديث عن الزراعة والثروة السمكية التي تعتبر المصدر الأصلي لهذا الطعام يقتصر فقط على المختصين ونستطيع القول أن اليابانبون فقط هم على دراية كاملة بهذا الموضوع. ويقال إن لدى الزراعة اليابانية وقطاع صيد الأسماك مشاكل كثيرة، ولكن نظرة واحدة على أرقام التجارة تكشف لنا عن جوهر المشكلة الحقيقية وهو أن صادرات البلاد من المنتجات الزراعية ضئيلة جدا، من حيث القيمة المطلقة (٣ مليارات دولار فقط في السنة) ومقارنة مع الدول الكبرى الأخرى على حد سواء (شاهد الرسم البياني المرفق).

 

يتم تجاهل الصادرات في مناقشات الزراعة في اليابان بشكل دائم تقريبا. وبدلا من ذلك، تركز الناس على الجانب المتعلق بالاستيراد وتأكد على أن اليابان هي أكبر مستورد للغذاء في العالم، بالإشارة الى ان الاعتماد على المصادر الخارجية هو أكثر من نصف الإمدادات الغذائية في البلاد. وتستخدم هذه النقاط لتعزيز الحجج ضد تحرير واردات الأرز والدعوات لحماية القطاع الزراعي المحلي المتدهور.

قد تكون واردات اليابان الصافية (الواردات ناقص الصادرات) للمنتجات الزراعية في الواقع الأكبر في العالم، ولكن تكشف الأرقام المنفردة للاستيراد والتصدير عن صورة مختلفة. تحتل اليابان المرتبة الخامسة في العالم من حيث صافي الواردات. ومن حيث نصيب الفرد، تتصدر بريطانيا العالم في الواردات على مستوى ٨٨٠ دولار أمريكي للشخص الواحد سنويا، تليها ألمانيا بمبلغ ٨٥١ دولار، وفرنسا بمبلغ ٧٢٢ دولار. ويصل نصيب الفرد الواحد في اليابان إلى٣٦٠ دولار وهو نصف نصيب الفرد في فرنسا وأكثر بقليل من نصيب الفرد في الولايات المتحدة الذي يصل إلى ٢٤٤ دولار. إذا لا يصح القول بأن الواردات الزراعية في اليابان كبيرة بشكل خاص.

المشكلة هي أن الصادرات اليابانية من المنتجات الزراعية صغيرة جدا، مجرد ٣ مليارات دولار في السنة إجماليا. وحتى منتصف الستينات كانت الصورة في الدول المتقدمة من أوروبا نفسها كما في اليابان الآن. ولكن على مدى السنوات الخمسين الماضية، رفعت بريطانيا من قيمة الصادرات الزراعية بنسبة ٢٠ مليار دولار سنويا، وألمانيا بنسبة ٤٢ مليار دولار، في حين تمكنت اليابان من زيادة قدرها ٢٫٧ مليار دولار فقط. وبعبارة أخرى، اعتمدت الزراعة اليابانية لسنوات عديدة اعتمادا كليا على العملاء في الداخل وفشلت فشلا ذريعا لتطوير الأسواق الخارجية.

العامل الرئيسي وراء هذا الفشل هو اتجاه السياسة الزراعية في اليابان. حيث ركزت هذه السياسة على تدابير تدعم مزارعي الأرز وتحفاظ على الأسعار المحلية المرتفعة للأرز عن طريق الحد من المساحات المزروعة. وأدى ذلك إلى إضعاف قطاع الزراعة. سوف أعمل في الفقرة التالية على وصف كيفية فشل هذه السياسة.

اخفاقات السياسة الزراعية في اليابان

١- تدليل مزارعي الأرز العاملين بشكل جزئي والغير منتجين

مثلت المشكلة الأولى في سياسة اليابان الزراعية بعدم قدرتها على توفير الدعم الكافي للمزارعين المحترفين والعاملين بشكل كامل، وهذا هو نتيجة للتركيز على تقديم الدعم لمزارعي الأرز، والذي انتهى بتدليل مزارعي الأرز العاملين بشكل جزئي والغير منتجين.

>تدل البيانات الأساسية لمزارعي الأرز على أن أنهم يختلفون عن الأنواع الأخرى من المزارعين، مثل هؤلاء الذين يزرعون الخضر والفاكهة، وأولئك الذين يربون الماشية. الاختلافات لها علاقة بحقيقة أن أسواق المنتجات مثل الفواكه والخضروات وتربية الماشية مفتوحة، في حين ظل سوق الأرز تحت حماية مشددة. وهنا بعض الحقائق:

  • حوالي ٦٠ ٪ من المزارعين هم من مزارعي الأرز.
  • يمثل الأرز ٢٢ ٪ من مجموع الانتاج الزراعي.
  • متوسط مبيعات مزارعي الأرز السنوية هي ١٫٤ مليون ين (بالمقابل ٦٫٧ مليون ين لمزارعي الخضر، ٣ مليون ين لمزارعي الفاكهة، و ١٫٥ مليون ين لمربي الماشية).
  • حصة العاملين بشكل جزئي مرتفعة بنسبة ٦١ ٪ بين مزارعي الأرز (مقارنة بـ ٢٠ ٪ إلى ٣٠ ٪ لأنواع أخرى من المزارعين).
  • متوسط عمر مزارعي الأرز هو ٦٦٫٦، وهي أعلى نسبة بين جميع أنواع المزارعين.

يشير الناس في كثير من الأحيان إلى أن مزارعي الأرز، يواجهون مصاعب اقتصادية بسبب انخفاض مبيعاتهم، وأن متوسط أعمارهم المرتفع يبين عدم وجود الشباب المستعدين لتولي المزارع العائلية من والديهم المسنين. ولكن وبعد الاطلاع على الحقائق أعلاه نجد أن هذا الانطباع لا يتطابق مع الواقع.

هناك ما يزيد على ٦٠ ٪ من مزارعي الأرز العاملين بشكل جزئي، ولكن لدى معظم هؤلاء وظائف ثابتة في المكاتب الحكومية والتعاونيات الزراعية والمصانع أو في مكان آخر، حيث توفر لهم هذه الوظائف مصدرا ثابتا للدخل غير الزراعي. أيضا، بينما تجبر الشركات والحكومة عموما الموظفين على التقاعد في سن ٦٠ أو ٦٥،  لا يتم إجبار المزارعين على سن محدد للتقاعد.

عندما يتقاعد أولئك الموظفين في المكاتب والذين يمارسون الزراعة كهواية في الوقت نفسه يتم تسجيلهم كمزارعين بشكل كامل لأغراض إحصائية.

هذا يساهم في ارتفاع يتعذر تغييره في متوسط عمر المجتمع الزراعي. يشار الى أن المتقاعدين من هذا النوع يشكلون حوالي ١٠ ٪ من جميع مزارعي الأرز. وبالإضافة إلى ذلك، تشمل صفوف العاملين بشكل كامل بعض الناس الذين هم من أسر زراعية أصلا ولكن يعملون في الشركات أو المكاتب الحكومية ولا يمارسوا الزراعة أبدا خلال حياتهم المهنية. يتوجه هؤلاء مرة أخرى إلى مزرعة العائلة بعد الوصول إلى سن التقاعد للبدء بمارسة الزراعة كهواية. يشكل هؤلاء العائدين إلى الزراعة ١٠ ٪ إضافية من المجموع، وقد تزايدت أعدادهم في السنوات الأخيرة.

إذا أخذنا هذه الأرقام والحقائق في الاعتبار، نرى أن ٢٠ ٪ فقط من مزارعي الأرز من يعملون بدوام كامل واحترافية. وأكثر من ٨٠ ٪ من الناس المتبقية لا تعاني من الانخفاض في مستوى الدخل الزراعي، وليسوا في حاجة خاصة إلى الشباب لتولي مزارعهم. عندما يمارس أولئك المتقاعدين الزراعة كهواية أو عندما يعملون في الزراعة إلى جانب الوظيفة المكتبية، فمن المرجح أن يختاروا الأرز كمحصول لأن زراعته لا تستغرق سوى ٤٥ ساعة وسطيا في السنة.

ضخت سياسة اليابان الزراعية كميات هائلة من الأموال في القطاع الزراعي، وكان لهذا نتائج سيئة حيت تم الحفاظ على زراعة جزئية ذات نطاق ضيق، في حين فشلت هذه السياسة في تحسين الوضع التنافسي للمزارعين المحترفين.

٢- تفاقم مشكلة الأراضي الزراعية المهجورة

تتمثل المشكلة الثانية التي خلفتها السياسة الزراعية في اليابان بوجود مساحات متزايدة من الأراضي الزراعية التي تم التخلي عنها. حتى عام ٢٠١٠، تم التخلي عن مايقارب ٣٩٠ ألف هكتار من الأراضي الزراعية في اليابان، هذه المساحة هي ضعف مساحة العاصمة طوكيو. وتقع حوالي ٢٥ ٪ من هذه المنطقة في أراضي مسطحة مناسبة تماما للزراعة. السبب الرئيسي هو برنامج الحد من مساحة حقول الأرز، والتي كانت الركيزة الأساسية للسياسة الزراعية في اليابان.

يعتبر برنامج خفض مساحة حقول الأرز ساري المفعول منذ عام ١٩٧٠، حيث أطلق هذا البرنامج بهدف الحفاظ على سعرالأرز المرتفع حتى مع مستويات الاستهلاك التي واصلت انخفاضها. ويقدم البرنامج الدعم للمزارعين الذين يتعاونون من خلال ترك حقول الأرز غير مزروعة أو عن طريق استخدامها لزراعة محاصيل أخرى. يصل الدعم إلى حوالي ٢٠٠ مليار ين في السنة، وقد بلغ الدعم على مدى فترة البرنامج أكثر من ٧ تريليون ين. في نهاية الأمر هجرت هذه الحقول التي لم يزرع فيها الأرز في إطار هذا البرنامج، ما عدا الحقول التي استخدمت لزراعة محاصيل أخرى.

لم يكن هذا البرنامج السبب الوحيد للتأثير السلبي. بل كان السبب أيضا إلى حد كبير ما أشير إليه في البداية وهو وجود الكثير من مزارعي الأرز الغير منتجين والغير المتفرغين للزراعة وعدد قليل جدا من العاملين بشكل كامل. وقد شجع البرنامج هؤلاء المزارعين الغير حرفيين على الإبقاء على حقولهم الصغيرة والحفاظ على زراعة محصول الأرز، والذي يمكن بيعه بسعر مرتفع. وقد زاد هذا بدوره من صعوبة الأمر بالنسبة للمزارعين المهنيين لتكبير مزارعهم وتحقيق أرباح اقتصادية، حتى لو كانوا يزرعون الأرز، وهذا يعني أن أرباحهم لا تزيد بشكل كبير.

واجه البرنامج عندما قدم للمرة الأولى الكثير من ردود الأفعال السلبية في أماكن كثيرة. أبرزها حركات المعارضة في المناطق التي حقق مزارعي الأرز فيها مستويات عالية من الإنتاجية، مثل قرية أوغاتا في محافظة أكيتا وأجزاء من محافظة نيجاتا. كان من الممكن لهؤلاء المزارعين كسب المزيد من خلال الاستمرار في زراعة الأرز بدلا من قبول الإعانات المقدمة من الحكومة لترك الحقول غير المزروعة. يشير هذا المثال كذلك إلى كيفية تدخل برنامج خفض المساحات المزروعة هذا في الجهود الرامية لتوسيع نطاق المزارع ولتحسين الإنتاجية أيضا.

كان الشعب أكبر الخاسرين في إطار هذا البرنامج. حيث عمل برنامج الحد من مساحة الأراضي الزراعية كاتحاد احتكاري للمنتجين، يجبر الناس على دفع أسعار مرتفعة لشراء الأرز، وأيضا لدفع فاتورة الإعانات الحكومية التي قدمت في إطار هذا البرنامج من خلال دافعي الضرائب.

ردا على الانتقادات الموجهة للبرنامج، قامت الحكومة بسن تشريعات منقحة في عام ٢٠٠٤، حيث غيرت أساس الإعانات من مساحة الأراضي الزراعية المخفضة إلى حجم الإنتاج المعدل (المخفض). ولكن هذا لم يغير من جوهر البرنامج، الذي يهدف للحفاظ على الأسعار المرتفعة للارز. وهكذا مازال لدى هذا البرنامج نفس النوع من الآثار السيئة كما كان من قبل.

وقد ساهم انخفاض تكلفة امتلاك الأراضي الزراعية لزيادة مساحات الأراضي المهجورة. كما تسبب كلا من ضريبة الميراث والضرائب العقارية المحلية تقطيعات خاصة في مساحات الأراضي الزراعية. كانت هذه التقطيعات في الأصل لمنع الحالات التي يكون فيها أصحاب المزارع أو الورثة غير قادرين على دفع فواتيرهم الضريبية حيث يبيعوا أجزاء من أراضيهم، مما أدى إلى تقطيع الأراضي وتجزئتها بشكل غير متسلسل وانخفاض الإنتاجية. للأسف، رغم ذلك، كانت هذه التقطيعات فعليا كحوافز لزيادة مساحات الأراضي الزراعية المهجورة. في إطار كل من ضريبة الميراث وضريبة العقارات المحلية، يتم تقطيع الأراضي التي تم تسجيلها رسميا كأراضي زراعية بغض النظر عما إذا كانت هذه الأراضي مزروعة أم لا. يعمل الناس على الاستفادة من هذه الثغرة عن طريق الحفاظ على أراضيهم المهجورة المسجلة على النحو الوارد كأراضي زراعية.

إحياء الزراعة اليابانية

نظرا لانخفاض معدلات المواليد والشيخوخة التي يعاني منها المجتمع الياباني، جنبا إلى جنب مع التغيرات التي طرأت على الذوق الغذائي للسكان، من المتوقع أن ينخفض الاستهلاك المحلي تدريجيا خلال السنوات القادمة. من أجل إحياء الزراعة في هذا السياق، نحن بحاجة إلى القيام بمبادرات شاملة ترمي إلى تعزيز الربحية في هذا القطاع.

أولا، يجب أن نتوقف عن ممارسة تدليل المزارعين غير المنتجين. يتوجب علينا على وجه الخصوص معالجة هيكل زراعة الأرز الغير مجدي، حيث هناك العديد من المزارعين العاملين بشكل جزئي، ووجودهم يحول دون التحول إلى الزراعة على نطاق أوسع. في شروط محددة، سوف نحتاج إلى التوصل إلى حلول فيما يتعلق بسياسة تخفيض المساحات المزروعة، وانخفاض تكلفة ملكية الأراضي الزراعية.

ثانيا، نحن بحاجة إلى تسخير طاقات الشركات. في السنوات القليلة الماضية، قامت الحكومة بتنفيذ عدد من التدابير الرامية إلى تشجيع الشركات التجارية على المشاركة في مجال الزراعة، ولكن مازال هناك العديد من القيود السارية، وما زالت الظروف غير مواتية للمشاركة الفعالة من قبل الشركات.

سوف أناقش أدناه هذه البنود من جدول الأعمال.

١- التوقف عن تقديم الدعم للمزارعين غير المنتجين

برنامج خفض مساحات حقول الأرز (المطبق حاليا باسم ”التكيف الإنتاجي“) هو نوع من الاحتكار، ويجب أن يلغى، وينبغي إجراء الصفقات بأسعار السوق. في مواجهة هذا التغيير، سيكون لدى المزارعين الممارسين للزراعة بشكل جزئي وأصحاب الإنتاجية المنخفضة أربعة خيارات:

(١) مواصلة زراعة الأرز، وتجاهل أهمية الربحية.
(٢) التحول إلى المحاصيل الأخرى غير الأرز.
(٣) التخلي عن الزراعة لأنها غير مربحة.
(٤) تأجير أراضيهم للمزارعين المهنيين الأكثر كفاءة.

في حالة الخيار الأول، فإن أسعار سوق الأرز ستنخفض بشكل طبيعي، وبالتالي سوف يتمكن الشعب من شراء الأرز بأسعار أرخص من قبل. في هذه الأثناء، سيواجه المزارعون الأقل الكفاءة الذين لجأوا إلى هذا الخيار صعوبة في الاستمرار في العمل، وبالتالي قد يلجؤا إلى خيار آخر في مرحلة ما. أما الخيار الثاني فهو ذو إشكالية حيث أن المحاصيل الأخرى تتطلب مزيدا من اليد العاملة مقارنة مع محصول الأرز. لذلك سيكون لدى المزارعين الأقل كفاءة حافز لاختيار واحد من الخيارين المتبقين.

والخيار الثالث يعني استمرارية وجود مساحات الأراضي الغير المزروعة، على افتراض أن النظام الحالي من الاعفاءات الضريبية لم يتغير. لمنع حدوث هذا الأمر، سيكون من الضروري تشديد النظام وتعزيز عمليات جمع الضرائب وتغيير نظام ضريبة الأراضي التي يتوجب على أولئك الذين تخلوا عن الزراعة دفعها لتصبح مماثلة لمعدلات ضرائب الأراضي السكنية العادية.

بعد تولي الحزب الديمقراطي الياباني السلطة في عام ٢٠٠٩، وضعت الحكومة برنامجا الدعم المباشرة إلى الأسر الزراعية. هذا النوع من النظام، والذي يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للسوق، قد اعتمد على نطاق واسع في بلدان أخرى. ولكن كما هو الحال في اليابان، يطبق البرنامج بجعل الدعم مشروطة بالتعاون مع برنامج التكيف الإنتاجي.

وكان القصد من الدعم إلى الأسر الزراعية السماح بتخفيض سعر الأرز مع الاستمرار في حماية الزراعة اليابانية. كانت الفكرة أن يتمتع المزارعون بنفس الفوائد التي حصلوا عليها من أسعار الأرز المرتفعة حتى لو طرأ انخفاض على الأسعار الفعلية للأرز. وهذا من شأنه تحسين وضعهم التنافسي وإنتاج نوعية عالية الجودة من الأرز الياباني قادر على التنافس دوليا حتى لو دخلت اليابان في الشراكة عبر المحيط الهادي، وفتحت أسواقها المحلية إلى الأرز المستورد.

يوفر برنامج الدعم إلى الأسر الزراعية الذي يجري تنفيذه حاليا:

(١) الدعم على أساس المناطق المزروعة بمحصول الأرز (بعد التعاون مع برنامج التكيف الإنتاجي).
(٢) الدعم (ابتداء من عام ٢٠١٢) بناء على حقول الأرز التي تم تحويلها إلى الاستخدامات الزراعية الأخرى.

نظرا للضغوط الشديدة على الموارد المالية في الحكومة اليابانية، سيكون من الأفضل الحد من المدفوعات لهؤلاء المزارعين العاملين على أو فوق مستوى معين، وإعطاء الإعانات لخطوات من شأنها تسهيل الإنتاجية من خلال توسيع حجم المزارع بدلا من هذا النوع من البرامج التي يقدم الدعم الموحد دون تمييز للمزارعين.

٢- استغلال طاقات الشركات

قامت الحكومة في عام ٢٠٠٩ بمراجعة مضمون قانون الأراضي الزراعية ونفذت برنامج لتحديد ملكية الأراضي الزراعية. بموجب القانون المعدل، تم تخفيف الشروط الواجب اتباعها من قبل الشركات من الصناعات الأخرى للدخول في مجال الزراعة. بعد مراجعة هذا القانون، أصبحت الشركات العادية قادرة على استحواذ حصص تصل الى ٢٥ ٪ في شركات الإنتاج الزراعي، وكذلك تم رفع القيود المفروضة على تأجير هذه الأراضي الزراعية للأغراض الزراعية. لكن العوائق التي تحول دون مشاركة الشركات التجارية في مجال الزراعة لا تزال موجودة.

تشكو العديد من الشركات التي اتخذت حصصا في شركات الإنتاج الزراعي من عدم تمكنهم من السيطرة على الإدارة بسبب اقتصار ملكية الأسهم على ٢٥ ٪، مما يصعب المشاركة بإخلاص في القطاع الزراعي. أما بالنسبة لخيار تأجير الأراضي الزراعية، تلتمس الشركات التجارية مخاطر من الإيجارات التي قد لا يمكن تجديدها بيسر كما تشير إلى أنه من الصعب تأمين عقود إيجار لأراض زراعية جيدة.

يعتبر تدخل الشركات في الزراعة مساهمة في تبني الشباب الذين سيصبحون مزارعين في المستقبل، لا بد من تشجيع هذه المشاركة من خلال تدابير مثل رفع الحد الأقصى للاستثمار في شركات الانتاج الزراعي. وكانت إحدى التغييرات التي نفذتها الحكومة في عام ٢٠٠٩ برنامجا لمعالجة مشكلة الأراضي الزراعية المهجورة عن طريق ترشيد ملكية الأراضي الزراعية.

وقد اقتصرت الهيئات التي تعمل في الإرشاد على الحكومات المحلية والتعاونيات الزراعية. حيث أوكل البرنامج إلى ٤٧ من الشركات العامة الزراعية التابعة للمحافظات، و١٦٠ ”منظمة تسيير“ (مؤسسات زراعية عامة في البلديات) و٣٨٠ تعاونية زراعية.

لم تسفر المبادرة عن نتائج مثمرة ويرجع ذلك جزئيا إلى اقتصارها على سنة واحدة. تم تأسيس العديد من المنظمات، ولكن تم استبعاد شركات القطاع الخاص، كما اشتكى البعض من أن هذه العملية لم تكن أكثر من مجرد استيلاء على السلطة وتمويل للميزانية. لذلك ما زال يشكل التعامل مع الأراضي الزراعية المهجورة قضية رئيسية. يجب ان يفتح المجال الى القطاع الخاص وذلك للاستفادة من الشركات التي هي على دراية في مبيعات العقارات وإدارتها.

٣- الانضمام إلى الشراكة عبر المحيط الهادي (TPP): الفرصة الاخيرة للزراعة اليابانية؟

أشارت اليابان في نوفمبر ٢٠١١ عن عزمها على المشاركة في محادثات الشراكة عبر المحيط الهادي التي ترمي إلى تهيئة ضخمة للتجارة الحرة في جميع أنحاء المنطقة المطلة على المحيط الهادي. وكانت المشاركة في TPP موضوع جدل على نطاق واسع في اليابان، كما ينظر إلى القطاع الزراعي باعتباره الأكثر تضررا. لا بد لهذا الاتفاق التجاري أن يكون له تأثير على الزراعة اليابانية، ولكن المشاركة أمر ضروري من أجل جعل هذا القطاع أكثر قدرة على المنافسة.

بما أن مفاوضات هذه الشراكة ستستغرق وقتا يتم من خلاله توفير فترات للقضاء على التعريفات الجمركية، سيكون لدينا ما لا يقل عن ١٠ سنوات أخرى حتى يتم الشعور تماما بالنتائج. السؤال هو ما يمكننا القيام به في هذه الأثناء، ببساطة الحفاظ على الوضع الراهن ليس خيارا يستحق النظر إليه.

لقد استعرضت في هذا المقال ضرورة الابتعاد عن نهج الحد من مساحة الأراضي الزراعية وتسوية الإنتاج وإعادة النظر في التدابير الخاصة المنصوص بها للأسر الزراعية، مع التأكيد أيضا على أهمية إزالة الحواجز أمام المشاركة في الزراعة من قبل الشركات التجارية. إذا انتقلنا إلى تنفيذ مثل هذه الخطوات، يجب أن تكون العشر سنوات القادمة وقتا كافيا، ربما ليس وافرا، ولكنه واف لتحضير الزراعة اليابانية من أجل التنفيذ الكامل للشراكة عبر المحيط الهادي. وإذا لم نتخذ مثل هذه المبادرات، فمن شأن مخاوف ”موت الزراعة اليابانية“ أن تتحقق حتى من دون دمج بلادنا في إطارهذه الشراكة.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من اللغة الإنكليزية)  

انظر إلى الروابط باللغة الانكليزية للاطلاع على مقالات متعلقة بالموضوع

Beyond the Myth of the Economic Superpower
The TPP as an International Public Good
Defusing Japan’s Demographic Time Bomb

TPP النمو الإقتصادي الشراكة عبر المحيط الهادي الزراعة