مقابلة مع واحد من أبرز حرفيي صناعة الدمى في اليابان

مجتمع ثقافة سياحة وسفر

أماري يوئيتشيرو هو واحد من أواخر الحرفيين الذين يصنعون رؤوس دمى لمسرح الدمى الياباني التقليدي. يحدثنا أماري في هذه المقابلة عن حرفته ويعرض لنا بعضا من إبداعاته.

أماري يوئيتشيرو AMARI Yōichirō

ولد في محافظة توكوشيما عام ١٩٤٥. اكتسب شهرته كصانع لرؤوس دمى تستخدم في مسرح الدمى التقليدي. تُستخدم الدمى التي صنعها في مسرح بونراكو الوطني بمدينة أوساكا.

مسرح الدمى في أوساكا وتوكوشيما

اجتذب مسرح الدمى التقليدي في اليابان حشودا من المشاهدين في القرنين السابع عشر والثامن عشر كواحد من أكثر الأشكال شعبية من وسائل الترفيه الجماعية في البلاد. وبينما ازدهر هذا الفن في مدينتي أوساكا وكيوتو على وجه الخصوص، إلا أن منطقة أوا (تقع حاليا ضمن محافظة توكوشيما) في جزيرة شيكوكو أصبحت أيضاً مركزاً محليا مهما.

عرض من مسرحية ”كيئيسي أوا نو ناروتو (المومس ودوامة أوا)“ من مسرح أوا نينغيو جوروري.

وبشكل عام يُطلق على مسرح الدمى الذي يقدم عروضا حسب طراز مدينة أوساكا ”بونراكو“، بينما العروض المتنوعة التي كانت تقام في أحد الأوقات على نحو ٣٠٠ من مسارح القرى في شيكوكو فتدعى ”أوا نينغيو جوروري“. وقد تراجعت شعبية هذين الشكلين من العروض المسرحية بشكل كبير على مر السنوات وذلك مع بروز أنواع أخرى من وسائل الترفيه.

ويعتبر أماري يوئيتشيرو واحدا من عدد قليل من الحرفيين الذين لا زالوا يصنعون أجزاء من الدمى لاستخدامها في العروض المسرحية. وقد قام nippon.com بزيارته في الاستوديو الذي يعمل به.

رأس بثمن يصل حتى مليون ين

دأب أماري على صناعة رؤوس دمى لنحو ٤٠ سنة. وقد اكتسب خبرته في بادئ الأمر كحرفي يقوم بتشكيل دمى هاكاتا من الصلصال ويصنع رفوفا لزجاجات خمر ومشروبات كحولية. ويقول أماري: ”لقد بدأت عملي الحالي لأن صانع الدمى في مسرح جوروري القديم القريب من سكني في ذلك الوقت غادر المكان. وقد قضيت السنوات الـ٥ الأولى كمساعد لحرفي“. وتضم جمعية صناع رؤوس الدمى المحلية أقل من ٤٠ فردا معظمهم مجرد هواة. ويضيف أماري ”هناك فقط نحو ٣-٤ أشخاص لهم خبرة طويلة في هذه الحرفة“.

رأس دمية تستخدم في مسرح أوا نينغيو جوروري (يسار) ومسرح بونراكو (يمين).

تكون رؤوس دمى مسرح أوا جوروري أكبر حجما من تلك المستخدمة في بونراكو. ويشرح أماري هذه النقطة بالقول: ”نظرا لأن دمى مسرح أوا جوروري كانت تستخدم في تقديم عروض على مسارح في القرى تبدأ منذ المغرب وحتى الليل حيث يكون قد خيم الظلام ومن الصعوبة بمكان رؤية الدمى باستخدام مصابيح الزيت أو الشموع. والحل الأمثل لهذه المشكلة كان في استخدام رؤوس أكبر بحيث يمكن رؤيتها من بعيد“. تُصنع رؤوس دمى مسرح بونراكو من شجر السرو ”هينوكي“، ولكن رؤوس دمى مسرح أوا جوروري الأكبر حجما بحاجة إلى مواد أقل وزنا ولذلك فهي تصنع من شجرة بولفنية ملكية ”كيري“.

تستغرق صناعة رأس دمية واحد نحو شهر من الزمن ويقدر أماري أنه صنع حتى الآن نحو ١٥٠ رأسا، على الرغم من أنه في حقيقة الأمر غير راضٍ عنها باستثناء واحد أو اثنين من تلك الرؤوس. وقد أخبرنا أن رأس دمية مسرح أوا الذي يعمل عليه الآن يكلف ٣٥٠,٠٠٠ ين (مقارنة برؤوس دمى بونراكو والتي تكلف نحو ٦٠٠,٠٠٠ ين). وعند إضافة الشعر للرأس فإن المبلغ يرتفع ليتراوح بين ٨٠٠,٠٠٠ ين ومليون ين.

قناع رعب

يقول أماري إنه على الرغم من أن صناعة رؤوس دمى رجال مسألة ليست بالغة الصعوبة إلا أن تجسيد التعابير على وجه رؤوس دمى النساء يمثل أمر أكثر تحديا. وقد أرانا أماري رأسا سيُستخدم في تجسيد شخصية كييوهيميه في مسرحية ”أسطورة أنتشين وكييوهيميه“ والتي تقع في حب كاهن اسمه أنتشين. وعندما يهرب بعيدا منها مستقلا قاربا يقطع فيه نهر هيداكا، يتحول إحساس الخيانة لديها إلى غضب عارم حيث تقفز إلى النهر وتسبح للحاق به متحولة إلى ثعبان عملاق في وسط النهر.

تحول كييوهيميه في مسرحية ”أنتشين كييوهيميه دينتيتسو (أسطورة أنتشين وكييوهيميه)“.

ويقول أماري: ”إن شخصيات النساء تكون مرعبة إذا تعرضت للخيانة“. ولإيضاح الأمر، قام بسحب خيط ليتحول وجه المرأة إلى قناع رعب. مضيفا ”إنهن يصبحن بهذا الشكل. يجب أن يكون الوجه في البداية وجه فتاة شابة فاتنة وإلا لن يكون مؤثرا“.

التأثير على التقنيات الحديثة

كما يوجد في ورشة أماري عدد من الوجوه بهيئات أكثر حداثة. أحد هذه الوجوه مصنوع على هيئة وجه الدمية ”كويداؤريه تارو“ التي كانت تستخدم لعمل دعاية لأحد مطاعم مدينة أوساكا قبل إغلاقه ومن ثم إزالة الدمية. ونظرا لشهرتها الواسعة، تم صنع رأس هو نسخة عن هذه الدمية لعرضه في مسرح بونراكو.

وقد شرح أماري كيف أن فريقا مشتركا من الأستاذة من جامعتي طوكيو وكيئيو قام بزيارته وطلب منه صناعة دمية.

”يريدون وضع ٧ مستشعرات في جسم الدمية. في الرأس واليدين والرقبة والكيمونو وأماكن أخرى. وعندما سألت عن السبب، قالوا إن دمى مسرح بونراكو أكثر قدرة تعبيرية من البشر ويرغبون في قياس ذلك من خلال حركات الجسد واليدين. لقد كانوا بصدد استخدام تلك التقنية في صناعة روبوتات. إنه لأمر يشبه حلما رائعا، فالتقنية التي نمتلكها ولها تاريخ يتمد إلى ٤ قرون لها تأثير على أحدث أنواع التقنيات“.

رأس دمية تستخدم في مسرح أوا نينغيو جوروري (يسار) ومسرح بونراكو (يمين).

في هذا الفيديو (باللغة اليابانية)، يعرض أماري بعضا من الرؤوس خلال أداء مسرحي.

(المقالة الأصلية مكتوبة باللغة اليابانية ومأخوذة من مقابلة مع أماري يوئيتشيرو في ورشته في مدينة توكوشيما بمحافظة توكوشيما ومنشورة في ٢٠ أبريل/نيسان ٢٠١٥. الترجمة من الإنكليزية. النص كتبه هارانو جوجي والصور مقدمة من ناكانو هاروؤ. الشكر الجزيل لجمعية السياحة في محافظة توكوشيما ومسرح محافظة توكوشيما للدمى أوا جوروبيه ياشيكي)

السياحة مسرح توكوشيما بونراكو حرف