دليل معابد الشنتو

اليـابـان وعبـادة الطبيعـة

ثقافة سياحة وسفر

قبل البدء في ممارسة الشنتو داخل المعابد المشيدة، كانت تتمحو بشكل رئيسي حول العبادة المباشرة للطبيعة نفسها. يقوم تويا مانابو بدراسة حول أوجه العبادة المختلفة التي شكلت محور الارتكاز الأصلي لعقيدة الشنتو.

ترتبط ديانة الشنتو الحالية ارتباطاً وثيقاً بالعديد من معابد الشنتو المنتشرة في جميع أنحاء اليابان. هذه الأبنية تمثل مجموعة متنوعة من الطرز المعمارية، منها ما يضرب بجذوره في فنون العمارة المحلية القديمة، ومنها ما يبدو بوضوح تأثره بفنون العمارة البوذية المقدسة المستوردة من القارة الآسيوية منذ القرن السادس. يعد أسلوب تايشا- زوكوري الموجود في معبد إيزومو تايشا، وأسلوب شينميئي- زوكوري الموجود في معبد إيسي أقدم الأساليب، حيث يعود تاريخها إلى ما يقرب من ١٥٠٠ عام. ومع ذلك، فإن جذور الشنتو، الديانة الأصلية لليابانيين، تسبق بناء هذه المعابد بمئات أو ربما حتى آلاف السنين.

يشار إلى الشنتو الذي بدأت ممارسته في الماضي البعيد، قبل ظهور معابد الشنتو، بكلمة Koshintō (الشنتو القديمة). جوهر الـ Koshintō هو عبادة الطبيعة. وهو دين يضفي صفة الألوهية على كل عنصر من عناصر الطبيعة. فالجبال والبحار، والأنهار كلها آلهة (أرواح مقدسة للإله)، وكذلك الشمس والقمر، ونجم الشمال والرياح والرعد. حتى الوقت وفصول العام تعتبر من المعبودات. باختصار، ترى الـ Koshintō أنه لا يوجد شيء في هذا العالم أو هذا الكون يخلو من الطاقة الإلهية. فالإله موجودة في كل مكان.

تركز Koshintō على عبادة أربعة أشياء هي: كانّابي، إيواكورا، هي ، هيموروغي. وتشكل جميعها محور التركيز الأصلي الأوّلي لعقيدة الشنتو وممارستها.

”كانّابي“ هي الجبال الشامخة أو رائعة الجمال والتي تعامل على أنها مقدسة وتعبد باعتبارها آلهة في حد ذاتها. لعبت الجبال دورا بارزا في الديانة اليابانية منذ عصور ما قبل التاريخ. واعتبرت الجبال الشاهقة أماكن عدائية خطيرة للإنسان لا ينبغي المغامرة فيها. وفي الوقت نفسه، كانت تبجل باعتبارها مصدراً للجداول التي تهب الحياة وللأنهار التي تتغذى عليها المزارع والقرى الموجودة في سفحوح هذه الجبال، أو قد تغمرها بالمياه عندما تفيض ضفتاه. مثل هذه الجبال التي ترتفع في السماء وتتوج قممها السحب كان ينظر إليها باعتبارها عالماً منفصلاً ويتم التعامل معها برهبة وخشوع. وتعد جبال فوجي، وهاكوسان وتاتي-ياما أفضل أمثلة الكانّابي. (في عصر معابد الشنتو، أصبحت هذه الجبال مرتبطة بمعابد سينغن، شيراياما، أوياما بالترتيب.)

معبد أوياما (تاتي-ياما، محافظة توياما) يقبع فوق إحدى قمم تاتي-ياما، الجبل المقدس الذي خصص له المعبد.

”إيواكورا“ هو التكوينات الصخرية البارزة التي تعبد باعتبارها يوريشيرو وليست إلهاً في حد ذاتها وإنما مجرد أماكن أو أشياء تجذب إليها الأرواح الإلهية. ومن الأمثلة على ذلك غوتوبيكي- إيوا في محافظة واكاياما (معبد كاميكورا)، ميتسوئيشي في محافظة إيواتي (معبد ميتسوئيشي)، وإيواكورا في محافظة ميئي (معبد هانا نو إيوايا).

معبد هانا نو إيوايا في محافظة ميئي، أحد أقدم المعابد في اليابان، وهو مخصص للبروز الصخرية الضخمة في الخلفية، ويعتبر مسكنا للإله.

”هيموروغي“ هي الغابات القديمة (تشينجو نو موري) أو الشجرة المقدسة (شينوبوكو) التي يزورها أو يسكنها الإله. ومن ضمن أكثر الأشجار المقدسة المعروفة، شجرة الكافور كامو في محافظة كاجوشيما (معبد كامو هاتشيمان)، وشجرة الكافور كينوميا في محافظة شيزوؤكا (سوغوهوكوواكى نو ميكوتو أو معبد كينوميا)، وزيلكوفا اليابانية ريوجينبوكو في محافظة سايتاما (معبد تشيتشيبو إيماميا).

غابة معبد كيتا (هاكوي، محافظة إيشيكاوا) والتي تعبد باعتبارها هيموروغي ويحظر الدخول إليها. الصورة مجاملة من معبد كيتا.

تندرج ”هي“ في فئة مختلفة إلى حد ما عن الثلاثة معبودات السابقة. تكتب بأشكال مختلفة مع كانجي الروح ()، الشمس ()، أو النار (

)، فإنه يعبر عن جوهر كل ما هو مقدس وغير مادي، كما في مصطلح الشنتو موسوهي (أو موسوبي)، ويترجم أحيانا بمعنى ”القوة الدافعة“ أو ”قوة الحياة“.

الشنتو كما نعرفها اليوم يمكن الربط مباشرة بينها وبين عبادة كانّابي، إيواكورا، هي، وهيموروجي - مجموعة القيم الإيمانية الأصلية للصيادين اليابانيين في عهد جومون. البوذية، بمعابدها المتقنة والصور المقدسة، كانت أمراً غريباً تماماً بالنسبة لليابانيين حتى تم إدخالها من شبه الجزيرة الكورية في القرن السادس. ليس من قبيل الصدفة، أن معابد الشنتو قد بدأت في الظهور أيضاً في القرن السادس. لكن مواقع هذه المعابد كانت هي نفس الجبال المقدسة، والغابات، والتكوينات الصخرية حيث عكف اليابانيون على ممارسة عبادتهم لعدة قرون.

معظم المعابد التي نعرفها اليوم، بما في ذلك إيسه وإيزومو، بنيت حول حرم يعرف باسم هوندين. في داخل هوندين يوجد شينتاي، أو ”الجسد الإلهي“، وهو نوع من الكنز يعتقد بأن روح الإله تسكن فيه. ولكن فكرة وجود قطعة أثرية مثل يوريشيرو كانت غريبة على عبادة الطبيعة في وقت مبكر من ظهور الشنتو. في أكثر أنواع المعابد البدائية، يكون المعبود هو الجبل نفسه. وبالتالي، نجد هايدين، أو قاعة العبادة، ولكن لا نجد هوندين. ومن الأمثلة على ذلك معبد أوميوا (محافظة نارا)، سووا تايشا (محافظة ناغانو)، ومعبد كاناسانا (محافظة سايتاما). في الأصل، كانت جميع معابد الشنتو من هذا النوع دون شك. فقط في وقت لاحق ، عندما ترسخت ممارسة تكريس القطع الأثرية مثل شينتاي، أصبح أمراً شائعاً أن يتم بناء حرم منفصل لكي تحفظ فيها تلك القطع.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في ٧ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٦. صورة العنوان: الشمس تشرق بجانب جبل فوجي كما هو المنظر من فوتاميغاورا في إيسي، بمحافظة ميه، في وقت قريب من انقلاب الشمس في الصيف. نور الفجر الذي يسطع بين الصخرتين المقدستين في هذا المكان كان يعبد منذ العصور القديمة، باعتباره ”هي“ الطاقة الإلهية).

المعبد الطبيعة الشنتو