هوندا تعود للفورميولا 1 من جديد

اقتصاد علوم تكنولوجيا

تقوم الشركات اليابانية المصنعة للسيارات بتوجيه أنظارها مرة أخرى على سباقات السيارات الدولية. وقد شهد هذا العام عودة هوندا إلى الفورميولا 1 بعد غياب سبع سنوات عن مضمار الرياضة الرئيسي، وتتجه نيسان مرة أخرى إلى سباق لو مان ٢٤ ساعة. وبالنسبة للمصنعين، فإن قرار التنافس مرة أخرى على أعلى ألقاب السباقات يمثل الوسيلة النهائية للبقاء في سوق السيارات حيث المنافسة على أشدها.

التحدي الرابع من الفورميولا 1 بالنسبة لهوندا

صرح هوندا سوإتشيرو مؤسس شركة هوندا موتور الشهيرة بأن: ”السباق يحسن من السلالة“، وأن الشركة كانت دائماً تنظر إلى رياضة السيارات على أنها وسيلة لدفع العلامة التجارية إلى الأمام.

في عام ١٩٦١، حظيت هوندا بسلسلة من الانتصارات في فعاليات الدراجات النارية، بما في ذلك سباق كأس جزيرة مان السياحية المرموق. بعد أن بدأت الشركة في تصنيع السيارات عام ١٩٦٣ وضع المؤسس نصب عينيه سباق الفورميولا 1. انتهى المصنع من الثلاثة عشر الكئيبة خلال ظهوره الأول لـ F1 في سباق الجائزة الكبرى الألماني عام ١٩٦٤. ولكن في السنة التالية مباشرة، تذوق طعم النصر للمرة الأولى عندما حاز على العلم ذي المربعات في سباق الجائزة الكبرى المكسيكي. في نهاية المطاف، انسحبت هوندا من المشاركة الأولى للفورميولا 1 في نهاية موسم ١٩٦٨، معلنة عن تحويل مواردها في اتجاه تطوير محرك منخفض الانبعاثات للسيارات التجارية .

السيارة ماكلارين - هوندا التي قادها آيرتون سينا إلى النصر في سباق الجائزة الكبرى المكسيكي عام ١٩٨٩

وتعد هذه العودة الأخيرة لهوندا لعالم الفورميولا 1 هي المرة الرابعة بالنسبة لها. كان العصر الذهبي بالنسبة للشركة في سباقات الفورميولا 1 عندما شاركت مع فريق مكلارين خلال المشاركة الثانية، حيث فازت بـ ٤٤ سباقاً في الفترة الممتدة من ١٩٨٣ إلى ١٩٩٢. وجاء موسم الذروة لماكلارين - هوندا في عام ١٩٨٨عندما اتحد السائقان الأسطوريان آيرتون سينا وألان بروست ليستحوذا على الـ ١٦ لقباً كاملة باستثناء لقب واحد.

تحولت عودة هوندا المتوقعة بشكل كبير إلى بداية باهتة. فقط واحدة من السيارتين التابعتين للفريق تمكنت من الوصول إلى خط البداية في الموسم الافتتاحي لسباق الجائزة الكبرى الأسترالي، آتية في المركز الأخير ومتخلفة بلفتين عن المركزين الأول والثاني لفريق مرسيدس - AMG المهيمن. كانت النتائج أسوأ في سباق الجائزة الكبرى الماليزي التالي، مع خروج كلتا السيارتين من السباق مبكراً.

ولم تنزعج هوندا بسبب الأداء والنتائج المتدنية التي خرجت بها قائلة إن تلك النتائج كانت أمراً متوقعاً على النقيض من الفرق الأخرى التي رفعت من مستويات جاهزية سيارتهم منذ موسم ٢٠١٤وفقاً للوائح الجديدة للفرميولا 1 والتي تم تعديلها العام الماضي. وكان السائق البريطاني جنسون باتون متفائلاً بعد سباق الجائزة الكبرى الأسترالي، قائلاً: ”لقد جمعنا الكثير من البيانات المفيدة، وسوف نركز على المزيد من التعديل السيارة“. وترددت نفس اللهجة الإيجابية على لسان عضو الفريق فيرناندو ألونسو الذي قال في أعقاب سباق الجائزة الكبرى الماليزي بأن قرار الاعتزال جاء للحفاظ على الآلة وأصر على أن هناك تقدماً يحدث في كل مرة يتم فيها تشغيل السيارة. وغني عن القول، أن المشجعين يأملون بأن لا يطول انتظارهم لحين عودة ماكلارين - هوندا إلى مجدها السابق.

نيسان تعود إلى لو مان

كانت المرة الأخيرة التي شاركت فيها نيسان في سباق الجائزة الكبرى للتحمل والكفاءة الرائعة ذات الـ ٢٤ ساعة بمدينة لو مان منذ ١٦ عاماً، أي في عام ١٩٩٩. سوف تنافس الشركة المصنعة في أعلى نماذج لو مان الفئة ١ بسيارة تمتاز بتصميم محرك أمامي ودفع أمامي نادرا الاستخدام، وتأليب مهاراتها التقنية ضد الفرق المؤسسة من تويوتا موتور، أودي وبورش.

على عكس الفورميولا 1، التي اتجهت نحو توحيد حجم المحرك، تتيح لو مان للفرق مساحة واسعة من الحرية لتطوير السيارات. أخذت نيسان وغيرها من المنافسين في فئة LMP1 يعملون على مجموعة واسعة من الأفكار رداً على اللوائح الجديدة التي أدخلت في عام ٢٠١٤. القواعد الجديدة، التي تهدف إلى جعل سباقات التحمل أكثر ملاءمة لإنتاج السيارات، تتطلب تزويد الآلات بأنظمة استعادة الطاقة وكذلك إزالة قيود القدرة بالنسبة للمحركات الهجينة.

كما أن شركة مازدا أيضاً تخطط لعودة نهائية إلى سباقات لو مان. في عام ١٩٩١أصبحت المصنع الياباني الوحيد الذي يفوز بسباق الجائزة الكبرى للتحمل. منذ عام ٢٠١٣، قامت بتزويد فريق ينافس في فئة LMP2 الأقل بمحرك ديزل توربو تم تطويره خصيصاً باستخدام التقنية الخاصة بها والمعروفة باسم سكاي أكتيف (Skyactiv).

أعلنت تويوتا عن عودتها مرة أخرى إلى بطولة العالم للراليات بعد توقف دام ١٨ عاماً. توفر بطولة العالم للراليات (WRC) فرصة فريدة للمصنعين حيث أن السيارات تقوم على النماذج التجارية، ويجب أن يتم تصميمها للاستجابة إلى مجموعة واسعة من ظروف السباق. تأمل تويوتا أن تعمل التكنولوجيا التي تطورها حالياً على دفع الإنتاج والمبيعات للعلامة التجارية. وتخطط الشركة للانضمام إلى المضمار لموسم ٢٠١٧بآلة تتمحور حول النموذج الأوروبي صغير الحجم ”ياريس“. من ١٩٧٣ إلى ١٩٩٩ عرفت تويوتا بانتظام طريقها إلى حلقة الفائزين، وخطت بذلك ٤٣ انتصاراً وثلاث بطولات شاملة.

أكيؤ تويودا رئيس شركة تويوتا يقف أمام الـ ياريس طراز بطولة العالم للراليات (WRC) في ٢٩يناير/ كانون الثاني، ٢٠١٥. الصورة من جيجي برس.

القواعد مع مراعاة تطور القيادة

تتطلب المشاركة في رياضة السيارات مبالغاً ضخمة من المال. بالنسبة للفورميولا 1، مطلوب ٤٠ بليون ين سنوياً لعمليات الفريق، بما في ذلك تطوير المحرك. لم يكن قرار هوندا بالعودة إلى المضمار سهلاً إذ أنه يأتي في مواجهة المشاكل المالية الناجمة عن موجة من سحب السيارات والتطورات الأخرى. ولكن هوندا كانت مدفوعة بإدراكه لأن التكنولوجيات الجديدة التي يستحدثها في السباق ستكون ضرورية من أجل بقائها في سوق السيارات على الطريق.

كان العامل الرئيسي الذي أعاد هوندا إلى سباق الفورميولا هو مجموعة اللوائح الجديدة التي أدخلها الاتحاد الدولي للسيارات، الذي يعتبر الهيئة الرئاسية العامة للفورميولا 1 وسلسلة سباقات أخرى. منذ عام ٢٠١٤ عمل الاتحاد الدولي للسيارات على تبني بيئة حيث يمكن تطبيق التقنيات المتقدمة للسباقات مباشرة في عملية تطوير السيارات المنتجة تجارياً. وكانت الجوانب الرئيسية لهذا هي التحول من المحركات الكبيرة سعة ٢.٤ لتر إلى محركات أصغر سعة ١.٦ لتر توربو، وإدخال أنظمة استعادة الطاقة الحركية التي تطبق الحرارة الناتجة من المحرك والفرامل نحو التسارع.

مشاركة هوندا في الفورميولا 1 تسمح لها بتجربة نفسها في بناء محرك هجين قوي وصديق للبيئة. لكن، من وجهة نظر البقاء والاستمرارية، فمن المشكوك فيما إذا كان لدى شركة صناعة السيارات أي خيار آخر سوى العودة إلى السباق.

لقد تم اتخاذ القرار من قبل هوندا والشركات اليابانية الأخرى مما يزيد من الحدة وسط توجه شركات صناعة السيارات الأوروبية خلال العقد الماضي نحو المحركات التي تعمل بالديزل. طرح مضخة الحقن في التسعينيات فتح الطريق لتطوير سيارات أنظف وأكثر هدوء تعمل بالديزل، وهي أكثر كفاءة وتقطع أميالاً أفضل من سيارات البنزين. وفقاً لجمعية مصنعي السيارات الأوروبية، فإن أكثر من نصف إجمالي السيارات الجديدة التي بيعت في دول الاتحاد الأوروبي عام ٢٠١٤ امتازت بمحركات الديزل.

سباق من أجل البقاء

إن تطوير مواد جديدة وحديثة يلعب دوراً أساسياً في السباق لجعل المركبات أخف وزناً وأكثر كفاءةً. وبالنسبة للفورميولا 1 فهي تستخدم منذ فترة طويلة ألياف الكربون في صنع هيكل السيارة لأنها أخف بمقدار الربع مقارنة بالحديد من ناحية الثقل النوعي وأقوى عشرة أضعاف من ناحية درجة القوة، وسبعة أضعاف من ناحية مرونة الشد. أصبحت ألياف الكربون الأحادي المحيطة بقمرات القيادة للسيارات من مكونات السلامة الضرورية لحماية أرواح السائقين.

في حين أثبت الفورميولا 1 براعة تكنولوجيا الألياف الكربونية، حالت التكلفة المرتفعة للمواد الخام دون استخدامها في سوق السيارات التجارية. لكن شركة صناعة السيارات الألمانية BMW فتحت آفاقاً جديدة في عام ٢٠١٣ باستخدامها لهذه المادة في سلسلة i3 من السيارات الكهربائية.

تتزايد التوقعات لشركات صناعة السيارات بأن تنتج سيارات ليست فقط سريعة وقوية، ولكن أيضاً عالية الكفاءة وصديقة للبيئة. بالنسبة للمصنعين اليابانيين فإن ذلك يعني العودة إلى سرير الاختبار لرياضة السيارات وبدء سباق من أجل البقاء في السوق.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بواسطة ناغاساوا تاكاأكي. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رؤساء مشروع ماكلارين - هوندا فورميولا 1 يقفون أمام آلة الفريق الجديدة في طوكيو يوم ١٠ فبراير/ شباط ٢٠١٥. (من اليسار إلى اليمين): رئيس المشروع أراي ياسوهيسا، رئيس هوندا إيتو تاكانوبو، سائقي الفريق فرناندو ألونسو وجنسون باتون، والرئيس التنفيذي لمجموعة ماكلارين رون دينيس. الصورة من جيجي برس).

هوندا تويوتا