”فراغات الصمت“ في ميزان العقلية اليابانية

ثقافة

في المجتمع الياباني يعد الصمت من الصفات الحميدة.. بل قل هو شيء يرقى إلى درجة الفضيلة الأخلاقية أو ما يُعرف في اللغة اليابانية بكلمة ”bitoku “. في هذا المقال نتعرف على ثقافة الصمت لدى الشعب الياباني وكيف يتم التواصل في هذا المجتمع الفريد والغني بثقافته المختلفة والمميزة.

كان اجتماعٌ مهمٌ لأعضاء هيئة التدريس بالقسم على وشك البدء. في تلك الأثناء كان ثمة جدالٌ ساخنٌ يدور بيني وبين عدد من الزملاء حول أحد الموضوعات المهمة المتعلقة بمستقبل القسم. اضطررنا لقطع النقاش فور استقرار العميد بمقعده المعتاد بطاولة الاجتماعات، ثم بدء طرح جدول الأعمال والانتقال من نقطة لأخرى لإحاطة أعضاء هيئة التدريس ببعض قرارات مجلس الجامعة المهمة. وكالمعتاد فُتح المجال لتلقي آراء الأساتذة واستفساراتهم إزاء تلك القرارات والإجراءات المطروحة... وعلى غير ما توقعت فقد خيم الصمت والسكوت على القاعة لبضع دقائق... لقد كنت أظن ـ قبل بدء الاجتماع ـ أن اليوم سوف يكون مختلفًا عن سابقه... فكنت أعتقد أن الجدال سوف يكون ساخنًا وأن الاعتراضات سوف تكون طاحنةً، وذلك نظرًا لما كانت عليه النقاشات قبل بدء الاجتماع... لكن وكما هو معتاد لم يعلق سوى قلة من أعضاء هيئة التدريس على ما طُرح بعبارات رمادية تحمل فراغات صامتة متقطعة ...يحاول المتحدث التعبير بها دون الإفصاح عن مقصدها!.

وكما يقولون ”التلميح بالشيء أبلغ من التصريح به“، وهذا القول تجده جليًّا حاضرًا في مشاهد التواصل المختلفة بين الناس هنا بالمجتمع الياباني.

”الصمت“.. ثقافة يابانية؟

هل يمكن أن يصبح ”الصمت أو السكوت“ سمة من سمات الشعوب؟ قد تجد هذا السؤال يطرح نفسه عليك خاصة إذا كانت من المتعاملين مع الشخصية اليابانية من خلال مشاهد الحياة المختلفة. وهنا يصبح السؤال على النحو التالي” هل يمكن أن نعتبر أن سمة الصمت وقلة الكلام هي إحدى سمات الشخصية اليابانية؟“.

إنه سؤال أو تساؤل يدفعنا إلى البحث عن إجابة له في واقع مشاهد التواصل المختلفة بين أفراد المجتمع الياباني. ورغم أن عامي هذا هو العام السابع والعشرون منذ قدومي إلى اليابان، فما تزال ذاكرتي تحفظ جيدا بعضًا من ذكريات سنواتي الأولى عندما كنت حديث العهد بثقافة هذا البلد الفريد بفكره وسلوكه الحياتي ، فعندما كنت أستقل القطار في الصباح عند ذهابي إلى الجامعة كان الصمت والهدوء - القاتل - من حولي يجعلني منبهرًا أحيانًا ومنزعجًا أحيانًا أخرى... كان الإحساس بسطوة الهدوء والصمت الذي لم أعتده من قبل...خاصة عند ركوب الحافلات والقطارات في بلاد أخرى ...كان هذا يجعلني أشعر بعدم الألفة وغرابة الناس من حولي ...نعم أذكر جيدًا ذاك الصمت الذي كنت أعتبره صمتًا قاتلًا في ذاك الوقت.

لكن مهلًا...فالصمت الذي كان يبهرني لم يكن على وتيرة واحدة ...أعني أنه كان متغيرًا... فعلى ما يبدو أنه كان حاضرًا دائمًا في ساعات الصباح وحسب ...وغائبًا أو متراجعًا في المساء أو بالأحرى في قطار الليل!... أما عن قطار المساء. فحدث ولا حرج ...هنا داخل قطار المساء تجد أصوات الركاب تختلط بالحديث والضحك المتبادل. وقد تعلو أحياناً باختلاف واضح عن قطار الصباح.. ولا أقول إن ”الصمت“ يصبح منعدمًا، وإنما تجده حاضرًا، ولكن على حرج وبفارق ملحوظ.

في عالم التواصل البشري، ليست الكلمات والإيماءات فقط هي التي لها معنى، ولكن أحيانًا يوحي ”الصمت“ أو يخبر عن شيء ما. فماذا يعني ”الصمت“ في الثقافة اليابانية؟

في المجتمع الياباني يعد الصمت من الصفات الحميدة.. بل قل هو شيء يرقى إلى درجة الفضيلة الأخلاقية أو ما يُعرف في اللغة اليابانية بكلمة ”bitoku “.

معاني الصمت

لكن للصمت معاني ووظائف عديدة ...قد تختلف من بيئة لأخرى ومن ثقافة لغيرها، وذلك في أبعادها وميزانها الثقافي واللغوي المحدد لها. فهنا وحسب المعادلة الثقافية اليابانية يصبح ”الصمت“ فضيلة جميلة ذات تقدير مجتمعي كبير، لاسيما حين تتعرض للزجر أو للنقد أو الاتهام من الآخرين نتيجة فعل أو تصرف ما، قد تكون قد تكون فعلته بشكل غير مقصود أو عن طريق الخطأ!... هنا ووفق ميزان حكمة ”الصمت“ اليابانية يصبح تركُ الحق في تبرير هذا الفعل الخاطئ ـ بغير قصد ـ وتركُ الدفاع عن مصداقيته وصحته شيئًا في مقام الفضيلة الأخلاقية الجميلة لدى العقلية اليابانية. فالصمت هنا وفق معايير العقلية اليابانية آية في النبل وثمرة العقل. ويكون ”الصمت“ أيضا مطلباً اجتماعياً في حال التباهي بعمل أو فعل حسن يتطلب مهارة ممتازة وكفاءة خاصة، إذ يُصبح هنا ”العدول عن الكلام والتزام الصمت“ سلوكًا واجبًا وحاضرًا وفق المعيار الأخلاقي للعقلية اليابانية.

ولا شك أننا سوف نجد أنفسنا في حيرة وصعوبة في تفهم هذا المنطق الياباني في التعامل مع الأمور على هذا النحو، فهو يتعارض ويختلف كثيرًا عن العقلية الغربية التي ترتكز على فكرٍ وفلسفةٍ تجعل الإنسان أحق الناس بصنع طريقته بنفسه من أجل تحقيق ذاته التي تعطيه الحق في الدفاع عن نفسه وفكره، وحمايتها بوصف هذا الدفاع وتلك الحماية عاملًا محوريًّا من أجل رفع شأنه وذاته، حتى لو كان ذاك على حساب الآخرين في بعض الأحيان، وذلك من باب ”وإن لزم الأمر“.

ومثل هذا النوع من فكر العقلية الغربية في إيثار النفس على الآخر تجده متشابهًا مع واقع مجتمعاتنا العربية وسلوكياتها المعاصرة. لكننا في الوقت ذاته سوف نجد لتلك الشخصية العربية تقاطعًا فكريًا لها مع معادلة ”الصمت اليابانية“ وميزانها الثقافي. فسوف نجد كثيرًا من المقولات والحكم العربية المأثورة التي تعزز حكمة الصمت وترفع من شأنها بوصفه خلقًا حميدًا. فمن أشهر الأقوال المعروفة بمجتمعاتنا عن حكمة الصمت مقولة ”السكوت من ذهب “. وبالطبع فإن هذه المقارنة بين الكلام والسكوت جعلت للسكوت ميزةً وثمنًا أغلى. وهنا يجدر بي أن أستشهد بالمقولة الشهيرة للعالم الجليل شمس الدين التبريزي التي يقول فيها ” الصَمتُ أيضاً لَهُ صَوت، لكنَّهُ بِحاجة إلى روح تَفهَمُه“.

وهنا نجد الروح التي تفهمه بجدارة... فروح العقلية اليابانية تجد في حكمة ” الصمت “ والعدول عن الكلام ملاذًا آمنًا لجعل الذات تنأى بنفسها عن التباهي بقدراتها ومهارتها أو ما حققته من نجاحات أو إنجازات... فالميزان الأخلاقي الياباني يعتبر قلة الكلام والصمت أداةً ذات فائدة عظيمة للإنسان، إذ تعطيه قدرةً أفضل على التناغم والتوافق مع من حوله من أفراد المجتمع، وذلك طبقًا لمفهوم الـwa/和 الذي يعد عصب المنظومة الأخلاقية للتواصل البشري بالمجتمع الياباني، والــذي يرتكز في منهجه على مبــدأ مهــم، وهــو التــزام الفــرد في المجتمــع بالعمـل دائمـاً عـلى تفـادي إحـداث أي شـكل مـن أشـكال الإزعـاج للآخريـن، ســواء أكان ذلــك بالقــول أو الفعــل، حتـى وإن كان الطــرف الآخــر أقــرب المقربـين منـه كالأخ أو الـزوج والزوجـة أو الوالـد والوالـدة، وذلـك مـن أجـل تحقيـق مفهـوم فلسـفي مهـم يعـرف في اليابـان بمفهـوم الــ”wa“ ومعنـاه التناغــم والتجانــس والتوافــق والوئــام والانســجام بــين أفــراد الجماعــة الواحـدة، ويمكـن أن نلخصـه في كلمـة واحـدة وهـى ”الوفـاق الاجتماعـي“. ومفهـوم الــ ”wa“ أي التناغـم والتجانـس والتوافـق والانسـجام بـين الأفـراد، هــو القاعــدة الفلســفية الرئيســية التــي يرتكــز عليهــا ميــزان العلاقــات الإنسـانية في المجتمـع اليابـاني، وهـذه الفلسـفة تـضرب بجذورهـا في أعماق تاريـخ اليابـان الـذي يمتـد لأكـثر مـن 1300 عـام، ولا تقتـصر عـلى العـصر الراهــن فحســب. وهــو أيضــاً المفهــوم الــذي يتصــدر المــادة الأولى لأقــدم دسـاتيرها الـذي وضـع في القـرن السـابع الميـلادي عـلى يـد زعيمهـا المعـروف shotokutaishi «فقـد خلـد التاريـخ مقولتـه المعروفـة» التي يقول فيها: إن التوافـق الاجتماعي هـو أغـلى القيم بـين النـاس «.

ولا يستطيع الفرد تطويع صمته إلا إذا امتلك إرادة قوية تمكنه من التحكم فيه والسيطرة عليه. فإظهار الشخص لمهاراته والتباهي بإنجازاته يتعارض مع أهم مبادئ العقلية اليابانية، وهي إنكار الذات وإيثار الآخر والتحمل والصبر من أجل إيجاد الطريق لتحقيق الذات.

ثقافة الاستماع للآخر

في اليابان والكثير من البلدان الآسيوية والإسكندنافية أيضا، تجد التواصل البشري بين أفراد المجتمع وفئاته المختلفة قائماً على ثقافة الاستماع للآخر أكثر من ثقافة الحديث والتعبير عن الأفكار والآراء الشخصية للمتحدث، فهي تعتبر الصمت رمز “التفكير بعناية”، كما يُستخدم الصمت أحيانًا لتهدئة المكان عن طريق الفراغات الصامتة (لحظات الصمت المؤقت) التي تتخلخل المحادثات بين الأفراد، وأحيانًا للحفاظ على وقار المشاركين بالحديث. بالإضافة إلى ذلك، فهناك حالات يكون فيها “ما لا يجرؤ أحد على قوله” له معنى مهم دون ضرورة للإفصاح عنه. وهناك أيضًا حالات لا يجرؤ فيها الأشخاص الذين لديهم آراء تختلف عن إجماع المجموعة على المجادلة والنقاش، وذلك حفاظًا على آداب السلوك المتبعة بين أفراد المجتمع.

وليس بغريب على من تعامل أو خالط اليابانيين ملاحظة قلة كلامهم وميلهم إلى الصمت دون التعبير عن مشاعرهم أو ردود أفعالهم تجاه من حولهم، وذلك مقارنة بالشخصية الغربية المعروفة بالنسبة لنا.

فكثيرٌ ممن أتيحت لهم فرصة الحديث أو إلقاء كلمة أمام اليابانيين كانوا يشعرون بالحيرة تجاه رد فعلهم شبه الصامت... الذي يجعل من حولهم يتساءلون عن مدى استيعابهم أو تقبلهم للحديث ومضمونه، مما قد يسبب أحيانًا سوء فهم تجاه رد فعلهم الصامت…في الظاهر… المُعبر في الواقع!

وعلى هذا النحو، سوف تجد اختلافًا بيناً بين عموم الأجانب واليابانيين في كيفية تفسير ”الصمت“ والتعامل معه، مما يجعل الأجانب في اليابان يميلون إلى اعتبار ”الصمت أو عدم رد الفعل“ يعني بالنسبة لهم أن ” ثمة مشكلة على وشك الحدوث“.

لذا نستطيع القول إن الثقافة الغربية في أغلبها ـ وأيضا الثقافة العربية لمجتمعنا المعاصر تميل إلى تفسير الصمت باعتباره شيئًا سلبيًّا. وبالتالي إذا كنت من الذين يفضلون” الصمت“ وأسلوب ”ما قل ودل“ وذلك على وتيرة الشخصية اليابانية أثناء اللقاءات والاجتماعات اليومية، فسوف يصبح انطباع مَن حولك عنك انطباعًا غير جيدٍ في تلك المجتمعات. ذلك أن الشخصية العربية على نقيض الشخصية اليابانية تجدها دائما حريصة على إيصال انطباعاتها لمن حولها. وبصرف النظر إن كان تعليقه أو رأيه جيدًا أو سيئًا فسوف تجده سباقًا في الإدلاء برأيه خلال مشاهد الحياة والعمل اليومية.

فراغات الصمت

من ناحية أخرى، يعتقد اليابانيون أن ”فراغات الصمت“ ليس شيئًا سيئًا بشكل خاص. فلا توجد حاجة للكلمات بعد السماع لشرح أو عرض تقديمي رائع.. لذلك كان التزام الصمت عمدًا وسيلة بليغة للتعبير عن رد فعلهم وانطباعهم...وفق ميزان العقلية اليابانية!

في الماضي، كنت أعتقد أحيانًا أن رد فعل الشخصية اليابانية الهادئ في التفاعل والتعبير عن المشاعر والأفكار ما هو إلا مجرد عدم اكتراث أو عدم مبالاة بالأمر، لكني فطنت بعد ذلك إلى أنه وسيلة فعالة من وسائل ضبط النفس في التفاعل والتواصل مع الآخرين.

وعلى هذا النحو، نجد الصمت ـ وفق العقلية اليابانية ـ في علاقة طردية مع مفهوم التواضع وإنكار الذات والتحمل والمثابرة، مما يجعله يقف على مسافة متباينة الأبعاد مختلفة الزوايا عن أنواع الصمت المتعارف عليها في الثقافات الأخرى...وهنا يصبح الصمت بمثابة السور الذي يحيط بالحكمة.. فيصبح الصمت أداة تعبير وأسلوب حديث ومفهومًا اجتماعيًا يجعل الناس يأملون فيه ويرون فيه سمات الشخص النبيل الذي يعمل في صمت بجد واجتهاد وأمانة وولاء دون تباهٍ أو تفاخر.

لكن الصمت لا يتوقف عند معناه اللغوي أو التواصلي.. أقصد معناه المحدود في الحد من الكلام والتواصل عبر اللغة وقنواتها المعتادة. فالصمت هنا يتعدى تلك الحدود إلى فضاءات وعوالم أخرى …ومن بينها صمت المشاعر أو عدم الإفصاح عنها للآخرين، وأيضًا صمت تعابير الوجه وكبح جماحها عن التعبير عما يدور في داخلك… والأسباب هنا كثيرة ومتنوعة. وفي الغالب ستجدها تتركز في خانة قواعد التواصل البشري وبناء ما يعرف بدائرة الـ wa /和 أو ما نستطيع أن نطلق عليه مفهوم السلم الاجتماعي أو التناغم والانسجام المجتمعي بين أفرا د المجموعة الواحدة أو المجتمع الواحد.

وكذلك فإننا نجد الصمت أيضًا حاضرًا بين أفراد الأسرة وداخل المجتمعات المنزلية… وهنا تجد اللغة أداة بارعة في إجادة فنون الصمت من عدم الإفصاح والإيماء والإيحاء وغيرها من آداب التواصل الخفي المتفق عليه.. والتعبير الصامت قد يكون أحيانًا لفظًا مسموعًا ولكنه صامتٌ من ناحية المعنى… فيسأل الأب أو الأم ابنه أو ابنته عن شيء ما… وقد يكون السؤال متعلقًا بمعرفة اهتماماته أو اهتماماتها بعمل شيء أو… فيجيب الولد أو البنت قائلًا:”لا أكترث بهذا أو ذاك… لا يوجد شيء بعينه …“ … وهكذا يصبح الحوار حوارًا صامتًا …بعيدًا عن إبداء المشاعر والأحاسيس… متخذًا قاعدة وأسلوبًا لغويًّا فريد النوع بين لغات العالم… فهو لفظي دون مدًى فعليٍّ في التواصل بين طرفي الحديث …إنه حقًا عالمٌ فريدٌ… بل قل إنه مجموعة من العوالم المتوارية والمتوازية تعتمد سمة الصمت بوصفها أداةً بارعة في التواصل دون تواصل حقيقي!

وفي اللغة نجد كلمة خاصة باللغة اليابانية وهي ”気丈/kijo“ وهو مفهوم يتقاطع ببراعة مع مفهوم الصمت وعدم الإفصاح عن المشاعر. فكلمة kijo هو الشخص القادر على السيطرة على مشاعره عند الحزن… فيكون قادرًا على إخفاء مشاعره أو إظهارها بشكل محدود مراعاة لمشاعر الآخرين… فالحزن بقليل من التعبيرات وتحمُّلُ الصمت مهارةٌ وبلاغةٌ في التعبير… على الأقل حسب ميزان العقلية اليابانية!

ولعل أبلغ حكمة أجدها تنطبق على ميزان العقلية اليابانية بصرف النظر عن صحتها أو خطئها هي حكمة سيدنا لقمان الحكيم حين أوصى ابنه قائلًا ” إذا افتخر الناس بحسن كلامهم؛ فافتخر أنت بحسن صمتك“...ولعل اليابانيون هم أعرف الشعوب افتخارًا بصمتهم!

(صورة العنوان من بيكستا)

ثقافة التراث الثقافي ثقافة شعبية