جائزة نوبل وحكومة نودا

سياسة اقتصاد علوم تكنولوجيا

منح جائزة نوبل في الطب وعلم وظائف الأعضاء إلى الياباني ياماناكا شينيا

تم اختيار السيد ياماناكا شينيا الأستاذ بجامعة كيوتو ضمن الفائزين بجائزة نوبل لعام ٢٠١٢ في الطب وعلم وظائف الأعضاء وذلك لاكتشافه إمكانية إعادة برمجة الخلايا الجذعية البشرية لتصبح متعددة الإستخدامات، وهو الاكتشاف الذي يحمل وعدا وأملاً كبيراً لتطوير الطب التجديدي. وهذا خبر رائع، وأنا أتقدم بالتهنئة القلبية للأستاذ ياماناكا.

وقد كان هناك إستجابة سريعة من الأحزاب اليابانية لإعلان حصول ياماناكا على الجائزة حيث أن كل من الحزب الديمقراطي الحاكم في اليابان والمعارضة المتمثلة بالحزب الليبرالي وحزب كوميتو الجديد وافقا على مشروع قانون لتعزيز الاستخدام العملي للطب التجديدي الذي سيقدم للبرلمان في دورته الاستثنائية الحالية. بالإضافة إلى ذلك دعا رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا في اجتماع مجلس العلوم وسياسة التكنولوجيا في ٢ نوفمبر/ تشرين الثاني لاعتماد تدابير تشريعية بما في ذلك إعادة النظر في قانون الشؤون الدوائية، وفي الدورة العادية المقبلة (المقررعقدها في يناير من العام المقبل) تشجيع إستخدام الطب التجديدي باستخدام الخلايا الجذعية المحفزة (خلايا آي بي إس)، جنبا إلى جنب مع صياغة معايير السلامة وتعزيز الدعم للباحثين الشباب أيضاً. آمل أن تكون هذه الجائزة دفعة من الأستاذ ياماناكا تساعد على تنشيط البحوث الطبية في اليابان، ليس فقط في مجال الدراسات الأساسية ولكن أيضا في مجال البحوث السريرية، وهو مجال لم تكن اليابان قادرة على المنافسة دوليا فيه حتى الآن.

الدراسات السريرية للطب التجديدي جارية بالفعل. حيث تخطط تاكاهاشي ماسايو رئيسة المشروع في مركز التطوير البيولوجي لدراسة استخدامات الخلايا الجذعية لتجديد شبكية العين في ستة مرضى فوق سن الـ٥٠ المتضررة من تضرر القرنية المرتبط بتقدم السن، وهو اضطراب في جزء من شبكية العين التي تسببها الشيخوخة ويمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر. وقد تقدمت بطلب للحصول على الموافقة من اللجان الأخلاقية في مركز التطوير البيولوجي وأيضاً من المستشفى الذي تتم فيه الدراسة.

لكن في أعقاب إعلان خبر فوز ياماناكا بجائزة نوبل حدث أمر غريب، حيث أعلن موري جوتشي هيساشي الذي ادعى انه زميل زائر في جامعة هارفارد أنه قد استخدم بنجاح العلاج عن طريق الخلايا الجذعية لمرضى يعانون من أمراض خطيرة في القلب. بالطبع تم إكتشاف أن كلاً من قصة النجاح في العملية أو علاقته بجامعة هارفارد لم تكن سوى افتراءات كاذبة ليس لها أي أساس من الصحة، لن أتطرق للتفاصيل هنا، ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة التفكير بجدية في حقيقة أن مركز البحوث التابع لجامعة طوكيو للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة كان يوظف موري جوتشى كأستاذ مشروع. على الرغم من أن أساتذة المشروع يتم توظيفهم لفترة محدودة فقط، إلا أنهم يعدون من أعضاء هيئة التدريس والبحوث ومن المفترض أنهم يتعرضوا لفحوصات دقيقة قبل توظيفهم، بما في ذلك التأكد من سجلاتهم والأوراق الرسمية والمستندات الخاصة بهم. ولكن حقيقة أن موري جوتشي حصل على هذا المنصب بعد كل ذلك أمر مريب و يثير الشكوك حول مصداقية عملية الفحص والتدقيق التي يجب إعادة النظر فيها بالكامل. ببساطة لا يمكن إنهاء الموضوع بمجرد إزالة اسم موري جوتشي من الموقع الألكتروني للمركز. يجب أن توضح لنا جامعة طوكيو كيف تم تعيينه.

النزاع الإقليمي واحترام القانون الدولي

عقدت هذا العام القمة بين الاسيان وأوروبا والتي تجمع قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا ونظرائهم من أوروبا ومن دول آسيوية أخرى في لاوس في٥ و٦ نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد أعرب رئيس الوزراء نودا في خطابه أمام هذه القمة عن ضرورة احترام القانون الدولي كوسيلة لحل النزاعات، مشيرا ضمنا إلى النزاعات الإقليمية في اليابان مع كل من الصين وكوريا الجنوبية بشأن جزر سينكاكو وتاكيشيما. كان يكرر الموقف الذي أعلنه عندما تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول عندما أعرب عن عزم اليابان على البحث عن حلول سلمية للنزاعات على أساس القانون الدولي، ودعا إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتسوية النزاعات الإقليمية والمنازعات البحرية.

دعونا ننظر في أهمية ودلالة هذه الدعوة فيما يتعلق بقضية سينكاكو والتي يطلق عليها الصينيون جزر دياويو ويدعون أنها ملك لهم وجزء من أراضيهم. هذه الجزر تحت السيطرة اليابانية الفعلية، وموقف الحكومة اليابانية أنه لا يوجد نزاع دولي بشأن ملكيتها. لكن في نفس الوقت تتخذ الحكومة الصينية موقف يزعم بوجود نزاع قائم على الجزر التي لا تسيطرعليها فعلياً. والقرارالذي تم إتخاذه من قبل الحكومة اليابانية الخاص بتأميم الجزر لا يغير أي شيء من كون الجزر تابعة في الأصل لليابان، وفي غياب أي عمل عسكري، فمن غير المرجح أن تتغير الأوضاع الحالية في المستقبل. فاليابان لن تتخلى أبدا عن ملكيتها للجزر، والصين لن تتخلى أيضاً عن مطالبها. وفي الوقت نفسه، بقدر ما تنفي اليابان وجود نزاع على سيادة الجزر، بقدر ما تضغط الصين بمطالبها، هذا يعني وجود نزاع دولي موجود في الواقع من المنظور الدولي .

إذا ما الذي يجب أن نقوم به؟ إذا قبلنا وسلمنا أنه لا يمكن حل النزاع في أي وقت في المستقبل القريب، فإن الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذه المسألة هو وضع تلك الخلافات جانباً لمنعها من التأثير سلباً على العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي هذا السياق، فمن المنطقي بالنسبة لليابان دعوة الصين لقبول الإحتكام لمحكمة العدل الدولية، والاستفادة من هذه المحكمة لتسوية النزاعات الإقليمية والبحرية بموجب القانون الدولي. ولكن لا أتوقع إستجابة الصين لهذه الدعوة، ومع ذلك يمكن لليابان نزع الشرعية عن التظاهرات المناؤة لليابان من خلال الدعوة للذهاب إلى المحكمة الدولية. ليس ذلك فقط بل ستجعل أيضا من الطبيعي بالنسبة لليابان دعوة كوريا الجنوبية لقبول نفس النهج لقضية تاكيشيما، والتي تدعي اليابان بأنها تتبعها في حين أن السيطرة الفعلية على الجزيرة تعود لكوريا (يطلق عليها دوكدو في كوريا). وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لجؤ اليابان لمحكمة العدل الدولية لتسوية المنازعات على ملكية الجزر والمياه الضحلة في بحر الصين الجنوبي مع كل من الصين، الفلبين وفيتنام.

نودا ومفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادي (TPP) والدعوة لانتخابات مبكرة

وفقاً للاستطلاع الذي أجرته صحيفة نيكي وتلفزيون طوكيو في ٢٦ـ ٢٨ أكتوبر/ تشرين الأول، كانت نسبة المؤيدين لإدارة نودا ٢٠٪ فقط، بانخفاض ١٣ نقطة مئوية عن الاستطلاع السابق قبل شهر، وأدنى مستوى له منذ تنصيب نودا في سبتمبر/ ايلول ٢٠١١. هذا الرقم المنخفض يمثل معدل ١٩٪ من مؤيدي الإدارة السابقة لـ ”ناوتو كان“ في أيامه الأخيرة. لا أعتقد أنه من العدل أن نضع  نودا و”كان“ في مقارنة حيث وصل للسلطة وظل متمسكا بها دون أن يحقق أي شيء يذكر، ويعود سبب الإنخفاض الحاد لتأييد نودا إلى العديد من العوامل السلبية. أحد تلك العوامل هو إعادة تشكيل الحكومة في ١ أكتوبر/تشرين الأول والذي لم ينل الاستحسان، لا سيما تعيينه ”تاناكا كيشو“ وزيراً للعدل والذي اضطر للاستقالة بعد ثلاثة أسابيع من توليه منصبه عقب تقارير خطيرة عن علاقات مشبوهه مع العصابات وشخصيات من عالم الجريمة. وهناك عامل آخر هو تراجع نودا عن الوعد الذي قطعه لرئيس الحزب الليبرالي ”ساداكازو تانيجاكي“ في أغسطس/ أب بانه سوف يحل مجلس النواب ويدعو لانتخابات عامة ”قريباً“ بعد تأمين مرور قانون زيادة الضرائب الإستهلاكية بدعم من الحزب الليبرالي في مجلس الشيوخ. الآن، على الرغم من الإنجاز التاريخي لنودا كونه إستطاع تمرير قانون الضريبة الاستهلاكية، سوف يفقد فرصته في العودة للحياة السياسية مرة أخرى، للأسف لم يتبقى أمامه من خيارات سوى حل مجلس النواب والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة في وقت ينخفض فيه التأييد له لأدنى مستوى أو الاستقالة.

وفي الوقت نفسه، أشارت تقارير عديدة إلى أن المفوضية الأوروبية تستعد لتقديم اقتراح على أعضاء في الاتحاد الأوروبي و ذلك لتدعو إلى بدء المحادثات مع الولايات المتحدة في النصف الأول من عام ٢٠١٣ لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، بما في ذلك إتفاقية للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وسوف تكون الخطوة الأولى نحو إنشاء منطقة تجارة حرة تشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات بشأن الشراكة عبر المحيط الهادئ على قدم وساق للوصول للمراحل النهائية في مطلع العام المقبل بعد نهاية الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد أبدت اليابان اهتمامها بمفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادي TPP، الذي من شأنه أن يخلق أيضا كتلة ضخمة للتجارة الحرة، ولكن لم تقرر اليابان رسمياً مشاركتها في المحادثات من عدمه. عدم المشاركة في عملية بناء النظام التجاري الدولي في القرن الحادي والعشرين ليس خيارا متاحاً بالنسبة لليابان، رئيس الوزراء نودا يدرك بالتأكيد هذا. يواجه نودا ثلاث قضايا عاجلة يحتاج بها إلى التعاون مع كل من الحزب الليبرالي وحزب كوميتو، وهي: ضمان تمرير تفويض لإصدار سندات لتمويل الدين العام، إنشاء لجنة وطنية مستقلة لمناقشة إصلاح نظام الضمان الاجتماعي، وإعادة النظر في النظام الإنتخابي. يجب على رئيس الحكومة معالجة هذه القضايا الهامة على الفور، كما يجب عليه أيضا أن يقرر إذا ما كانت اليابان سوف تشارك في مفاواضات الشراكة عبر المحيط الهادي TPP، آمل أن يفعل ذلك ثم يقوم بعد ذلك بحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات مبكرة دون المزيد من التأخير.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ٦ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٢)

TPP السياسة تكنولوجيا الصين الولايات المتحدة يوشيهيكو نودا الدبلوماسية الإنتخابات محكمة العدل الدولية الاقتصاد العلوم جامعة طوكيو بحر الصين