الحلوى اليابانية التقليدية

ثقافة

من المعروف أن الحلويات اليابانية التقليدية، مثل ”واغاشي“، تتميز بمذاقها الفريد وتقنيات التحضير الخاصة بها. ورغم أن مصطلح ”Sweets“ قد يشير عمومًا إلى جميع أنواع الحلويات بما في ذلك الحلويات اليابانية التقليدية، إلا أنه من المهم الاعتراف بالفروق الثقافية والفنية التي تميز الحلويات اليابانية.

بالتأكيد، يمكن تصنيف الحلويات اليابانية التقليدية، مثل ”واغاشي“، تحت فئة مختلفة أو إعطائها تمييز خاص لتسليط الضوء على تراثها الثقافي والتقاليدي. يمكن أن يساعد هذا في الحفاظ على هوية الحلويات اليابانية التقليدية وتعزيز فهمها واحترامها في السوق المحلية والعالمية.

شاركت في ربيع هذا العام في حلقة نقاش حول ثقافة الحلويات اليابانية التقليدية مع أصحاب المحلات القديمة التي لديها باع طويل في تطوير هذه المنتجات في مدينة كيوتو. الحلويات اليابانية التقليدية وأشكالها المستوحاة من جمال الطبيعة غنية عن التعريف، ومع ذلك لا يستطيع المرء أن يخفي ذهوله عند رؤية صفاء الأسلوب والدقة التي يعمل بها حرفيي هذه الصناعة. ”واغاشي“ أو الحلويات التقليدية تمثّلُ انعكاساً حقيقياً للطبيعة وكما تتجلّى في كل فصل من السنة شاملةً بذلك الجبال، الحقول، شواطئ البحار، والبحيرات والبرك، ويمكن حتى الإحساس بالشمس والرياح في تلك الحلويات. كما لا يمكن تفسير دقة هؤلاء الحرفيين على أنها مجرد مهارات في العمل، وإنما ترجع إلى التأمل والتواصل المستمر مع الطبيعة والفصول الأربعة المتعاقبة والمختلفة.

وبالتالي: ”لا ينبغي اعتبارها مجرد حلوى أو وجبة خفيفة، ولكن كجزء من الضيافة“. كان هذا رد صاحب إحدى المتاجر المتخصصة في واغاشي عندما طرحت عليه سؤالا يتعلق بالحلويات اليابانية التقليدية. في مدينة كيوتو، يتم تنظيف الممرات عند مداخل البيوت بالماء ويتم حرق البخور العطري قبل موعد الزيارة. وأنّ اختيار الوقت المناسب للقيام بهذه التحضيرات مهم جداً، فالممر لا يمكن أن يكون مبللاً جداً ولا جافاً جداً عند وصول الضيف. وأيضاً، فانه من غير المجدي حرق البخور في وقت مبكر لزوال الرائحة مع وصول الضيف، ولا يمكن حرق البخور في وقت متأخر حيث يعتبر الدخان اشارة أو بالأحرى إيماءة إلى عدم الاحترام. كما أنه من المستحسن تزيين المكان بالزهور الموسمية أو بغرسة نباتية تتناسب مع الحديث الذي سيتم التطرق إليه مع الضيف. كل هذه أمثلة هامة من بعض جوانب الضيافة اليابانية.

العين تأكل قبل الفم 

عند وصول الضيف، يقدم له فنجاناً من الشاي مع بعض الحلويات اليابانية التقليدية. أشكال هذه الحلوى، مستوحاة من الفصول الأربعة، كما أوضحت، ويطلق عليها تسميات منمقة(*١). أولا، يبدي الضيف إعجابه بجمال تصميم الحلوى، ثم يسأل عن اسمها، ويمضي الحديث مع المضيف. غالبا ما تشير تسميات هذه الحلويات إلى الأدب القديم، ولذلك تصبح مسألة استمرار الضيف بإجراء محادثة عميقة مسألة كم من الوقت حيث يرجع هذا إلى مدى تعمق الضيف في الموضوع. بعد ذلك، يمكن للضيف أن يتناول الحلوى. وبعبارة أخرى، في البداية يتمتع الضيف بالنظر إلى الحلوى المقدمة له، ثم يتم نسج قصة عنها، لتصل في النهاية إلى الفم والدخول في عالم من النكهات. واغاشي ليست مجرد طعام يتم تناوله في الفم فحسب، بل هي حلوى يستمتع بها الكبار في كل أوقاتهم.

التمعن في حلوى اورازاكورا ”Urazakura“

اللفتة الأخيرة من الضيافة هو وقت الوداع. أعتقد أن الكثير من الناس الذين زاروا مدينة كيوتو قد شاهدوا كيف يتصرف المضيف أو صاحب المطعم مع الضيف عند وداعه، حيث يقف المضيف عند الباب ويبقى واقفاً حتى يختفي الضيف من مجال الرؤية. يشمل كرم الضيافة عند اليابانيين تبادل المشاعر والاحترام والاهتمام بالآخرين، كما يطغى عليها جوانب عديدة مثل الحس الجمالي المنبعث من تبجيل الطبيعة وتعاقب الفصول الأربعة، والقدرة على فهم وجود مسافة بيضاء. لذلك، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن واغاشي هي جزء من تلك الضيافة، فلا يمكننا تجميعها مع غيرها من الحلويات تحت الاسم التافه Sweets.

قبل نحو عشرين عاماً، وفي فصل الربيع، اكتشفت حلويات تقليدية جميلة جداً في أحد المتاجر الشهيرة في مدينة كيوتو: حلوى على شكل بتول زهر الكرز وردية اللون مصنوعة من دقيق الأرز وبداخلها حشوة الفول البيضاء. أخبرني صاحب المحل أنها تسمى Urazakura (الجانب الآخر من زهر الكرز، باللغة العربية)، وهذا الاسم يعبر عن زهر الكرز وردي اللون الذي يبدو شفافاً للجالس في ظله وذلك بسبب أشعة الشمس المتساقطة على الأزهار. ولفترة من الوقت وقفت للتمعن في هذه الحلوى ... شكلها، اسمها وعمق الثقافة اليابانية التي تمثلها.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، 8 مايو/ أيار 2013)

 

 

(*١) ^ الحلويات اليابانية التقليدية، أو Wagashi، يطلق عليها أسماء من أشعار التانكا أو الهايكو، أو من عناصر الطبيعة، والأحداث التاريخية والأماكن الشهيرة.

كيوتو الهايكو الفصول الأربعة