شارب تعود من بعيد !
اقتصاد- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
عزم شارب على وضع إستراتيجيات تمكنها من العودة إلى المسار الصحيح
كانتا شارب وتوشيبا شركتين عملاقتين تجسدان اليابان كقوة عظمى في عالم الإلكترونيات الاستهلاكية، وقلما كان هناك تفاوت في أدائهما أو نظرتهما المستقبلية. وفي الخامس من يونيو/ حزيران الماضي أعلنت شارب عن عزمها لوضع استراتيجيات تحصنها وتدفعها للأمام في نفس الوقت، حيث أصدرت ما يصل إلى 200 مليار ين في صورة أسهم جديدة لتحسين مكانتها المالية، وقامت بالاستحواذ على شركة أجهزة الحواسيب الشخصية التابعة لتوشيبا. وعلى الرغم من إخفاق خطة الأسهم لاحقا بسبب عدم استقرار السوق الناجم عن التوترات التجارية الأخيرة، إلا أنها وضعت تصوراً للعودة إلى مسار النمو من خلال التحالف بين اليابان وتايوان، وذلك بعد عامين من إعادة الهيكلة كشركة تابعة لمجموعة فوكسكون التايوانية للتكنولوجيا. في حين لم تتمكن توشيبا في ظل العجز عن إيجاد شريك قوي من تطوير استراتيجية تساعدها على النهوض مجدداً، واضطرت على نحو متكرر إلى اللجوء إلى بيع وحدات من أعمالها التجارية.
وأوضح رئيس شركة شارب تاي جانغ وو في مؤتمر صحفي أن الشركة تعمل على زيادة حرية الإدارة بهدف إعادة التأهيل الكامل. ويمكن القول بأن الإعلان عن عملية الاستحواذ على أعمال شركة توشيبا الخاصة بأجهزة الحواسيب الشخصية بجانب خطة زيادة رأس المال المتبعة حاليا أمر يمكن النظر إليه كاستراتيجية إدارية محددة تجسد هذه الحرية.
التعاون مع مهندسي توشيبا
مرت شركة شارب بتجربة ليست بالناجحة عندما انسحبت من أعمال تصنيع أجهزة الحواسيب الشخصية، والذي كان عملاً ذا أولوية تضطلع به الشركة. حيث باعت شارب تحت اسم العلامة التجارية (Mebius) أجهزة الحواسيب المحمولة بشاشاتها الـ LCD وتكنولوجيات الملكية الفكرية المتمثلة في أشباه الموصلات (semiconductors) وغيرها من تكنولوجيا الاتصالات. وفي التسعينيات طورت شارب أصغر حاسوب محمول في العالم الذي كان مزوداً بكل من القرص المرن (floppy disk) ومحركات الأقراص الصلبة (hard disk drives)، وفي عام 2009 أطلقت شارب منتجات مزودة بألواح LCD ذات مستشعر بصري (optical sensor LCD pads) التي تمكّن بدورها من الكتابة اليدوية المباشرة على اللوح الإلكتروني. إلا أن هذه المنتجات في نهاية المطاف لم تحقق النجاح المنتظر، الأمر الذي أدى إلى توقف شارب عن الأعمال المتعلقة بتصنيع أجهزة الحواسيب الشخصية في عام 2010.
والآن بعد مرور ثماني سنوات على خروجها من عالم الحواسيب الشخصية، دخلت شارب مرة أخرى في هذا المجال من خلال استحواذها على شركة Toshiba Client Solutions التابعة لشركة توشيبا، مقابل 4 مليار ين في أكتوبر/ تشرين الأول 2018. وسوف تحتفظ شارب بالعلامة التجارية (Dynabook) المألوفة لدى العديد من المستهلكين، وستقوم باستخدام قطع الغيار العالية الجودة من شركة فوكسكون التايوانية وتعزيز القدرات الإنتاجية لتحويل أعمال تصنيع الحواسيب الشخصية إلى مركز ربح سريع.
وقد صرح رئيس الشركة تاي في تقارير صحفية بأن تعامله مع عالم الحواسيب الشخصية لم يكن إلا تعاملاً سطحياً، إلا أنه على ثقة من إمكانية تطويره باستخدام نفس أساليب الإدارة المستخدمة مع شارب. وإيماناً منه بمردودية الربح، فإنه يأمل بالعودة إلى الواجهة في خلال عام أو عامين واسترداد قيمة الاستثمار الذي تم توظيفه. ومن خلال التحالف بين اليابان وتايوان، أصبح الدخول مرة أخرى في مجال أعمال الحواسيب الشخصية من خلال صفقة الاستحواذ أمراً ممكناً.
هذا وقد أفادت شارب بأن عملية الاستحواذ كانت اقتراحًا جذابًا لإمكانية تطوير أعمال جديدة، وبخصوص مهندسي تكنولوجيا المعلومات من شركة Toshiba Client Solutions البالغ عددهم أربعمائة مهندس، فمن المتوقع أن يتم التعاون معهم من خلال شركات شارب (للذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء) (AI and IoT businesses). وكلما اتسع نطاق هذا التعاون فمن المرجح أن يكون لعملية الاستحواذ تأثيراً أكبر من مبلغ قيمة الصفقة البالغ أربعة مليارات ين.
وقبل عملية الاستحواذ الأخيرة، أشارت شركة شارب بالفعل إلى مسار إعادة التأهيل الكامل. حيث تتمثل الدعائم الرئيسية لخطة الإدارة المتوسطة الأجل للسنة المالية المنتهية في مارس/ آذار 2020 في أجهزة التلفاز العالية الوضوح بتقنية الـ 8K وتطوير المنتجات التي تشتمل على تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء.
وحاليا تتقدم خطى شارب بإيقاع سريع. فقد بدأت الشركة بيع أول تلفاز في العالم بتقنية الـ 8K في الصين في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2017، ثم في اليابان بعد شهرين في ديسمبر/. كانون الأول. كما تخطط شارب لإطلاق أجهزة تلفاز بتقنية الـ 8K ذات موالفات مدمجة في الوقت الذي ستبدأ فيه هيئة الإذاعة اليابانية (NHK) البث بتقنية الـ 8K في ديسمبر/ كانون الأول 2018. ويقال إن شركة مبيعات تابعة لمجموعة فوكسكون هي المسؤولة عن مبيعات أجهزة التلفاز بتقنية الـ 8K في الصين. ويمكننا هنا أن نرى مرة أخرى نتائج التحالف بين اليابان وتايوان.
توشيبا تُنهي عصرها الذهبي
كانت أعمال تصنيع الحواسيب الشخصية في الماضي تُدر أرباحاً ممتازة لشركة توشيبا. وباستخدامها لقدراتها التقنية المتطورة، أطلقت الشركة أول حاسوب محمول في العالم في عام 1985 وحققت مبيعات بلغت أكثر من 700 مليار ين. ولكن بحلول عام 2017، انخفضت المبيعات إلى 160 مليار ين، الأمر الذي أدى إلى خسارة تشغيلية تقدر بـ 10 مليار ين.
وكان للسيد نيشيدا أتسوتوشي الفضل في قيادة شركة توشيبا والوصول بأعمال تصنيع الحواسيب الشخصية إلى عصرها الذهبي. واستنادًا إلى نجاحاته كرئيس لوحدة الحاسوب، صعد نيشيدا إلى قمة الهرم الإداري في توشيبا، وأصبح رئيساً في عام 2005 ورئيساً لمجلس الإدارة في عام 2009. ومن المثير للسخرية أن أعمال الحواسيب نفسها كانت السبب بعد ذلك في فضيحة محاسبية أدت إلى سقوط توشيبا للهاوية.
وقد كان الكشف عن فضيحة التلاعب في بيانات الحسابات في عام 2015 بمثابة ضربة قاصمة لتوشيبا، وتحمَّل نيشيدا الذي كان كبير المستشاريين حينئذ المسؤولية وتقاعد عن العمل. وتوفي محبطاً في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2017. ولو كان استمر بالعيش ليرى أعمال الحواسيب الشخصية التي ولاها رعايته تباع مقابل أربعة مليارات ين فقط لشركة شارب لتحطم فؤاده.
وتواجه شركة توشيبا فيما يتعلق بعملية التعافي وإعادة التأهيل العديد من الصعوبات. فبعد أن أصدرت توشيبا 600 مليار ين في صورة أسهم في ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلنت في 13 يونيو/ حزيران الماضي أنها ستعيد شراء هذه الأسهم بـ 700 مليار ين. حيث كان الغرض من عملية إعادة الشراء هذه التي تمت باستخدام جزءاً من عائدات بيعها لأعمالها الخاصة برقائق الذاكرة الرائجة تسويقياً كنوع من مكافأة المساهمين الذين استجابوا وقت إصدار الأسهم. إلا أنه كان من الأفضل لو استثمرت توشيبا المبالغ الضخمة التي جمعتها من حصيلة بيع وحدتها التجارية في دعم نموها المستقبلي. ومع ذلك، لم تتمكن الشركة من تطوير استراتيجية نمو جديدة، وربما بسبب عدم وجود أهداف استثمارية فعالة، قررت أن تشارك حصيلة البيع مع صناديق الاستثمار الأجنبية التي تعاونت وقت إصدار الأسهم. ولربما كانت توشيبا اتخذت مساراً مختلفاً لو كان لديها شريكاً مثل فوكسكون لتقديم الدعم في التحرك المشترك نحو إعادة التأهيل عوضاً عن مجرد مكافأة صناديق الاستثمار التي تسعى إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل.
الشركات الصينية العاملة بالخارج تعزز من سوق العمل بجنوب شرق آسيا
وباتخاذ ما مرت به شركة شارب كنموذج يحتذى به، فإن تحالفات الشركات بين اليابان وتايوان تضرب العديد من الأمثلة الناجحة، ليس فقط على صعيد الشركات الكبرى ولكن تمتد أيضا لتشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. لذلك اعتمدت الشركات اليابانية التي دخلت السوق الصينية في السنوات الماضية بشكل متكرر على الشركات التايوانية لتوجيه دفة الأعمال. وفي الآونة الأخيرة نجد الأمثلة على ذلك تتضاعف بشأن التحالفات لتطوير سوق جنوب شرق آسيا الجاذب لرؤوس الأموال حيث النمو المستقر. وعليه يمكن القول أن الميزة التي تمتلكها الشركات التايوانية هي قدرتها على الاستفادة من الشبكة التجارية للشركات الصينية العاملة بالخارج الممتدة عبر جنوب شرق آسيا.
وكثيرا ما أسمع من قادة الشركات التايوانية اللذين التقي بهم مدى وعيهم واحترامهم لماهية ما تمثله فلسفة التصنيع في اليابان. ورئيس فوكسكون تيري غو هو بلا شك أحد هؤلاء الأشخاص. ومع النموذج الإيجابي الذي تقدمه شركة شارب في خوضها لغمار عملية إعادة التأهيل، آمل أن يتم تشكيل المزيد من التحالفات الجديدة بين اليابان وتايوان.
(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية في 27 يونيو/ حزيران 2018، الترجمة من الإنكليزية. صورة الموضوع: رئيس شارب تاي جانغ وو (الصف الأمامي في الوسط من الناحية اليمنى) وآخرون مجتمعون في طوكيو في السابع من ديسمبر/ كانون الأول 2017 احتفالاً بعودة شارب إلى القسم الأول في بورصة طوكيو. جيجي برس)