حفلات الشاي تنير السفارات بوصفها مراكز ثقافية في طوكيو

سياسة مجتمع ثقافة

تحظى حفلات شاي تنظمها منظمة غير ربحية في سفارات بطوكيو بشعبية كبيرة. وعلى اعتبار أن السيدات يلعبن دورا قياديا في تلك الفعاليات - من قبل السفارات والجانب الياباني - فإن تلك الحفلات تتسق بصورة جيدة مع هدف الحكومة الحالية في إيجاد مجتمع تتألق فيه النساء، بالإضافة إلى سياستها في الترويج لتبادل ثقافي لطيف. وتلعب هذه التجمعات دورا بوصفها وسيلة مهمة للتعريف بثقافات البلدان المضيفة وتعميق أواصر الصداقة.

”شاركنا شرب الشاي في السفارة“

يتم تنظيم حفلات شاي في السفارات من قبل مركز الفنانين الدولي (IAC) الذي أسس عام ١٩٦٠ كمنصة لنشر التبادل الثقافي من خلال التعاون مع بعثات دبلوماسية في اليابان. وقد شملت أعمال المركز على مدى سنوات مبادرات لمشاركة رؤى ثقافية من خلال الأطعمة وحرف تقليدية ومهرجانات، بالإضافة إلى الرقص والدراما والفن.

وقد أطلق مركز الفنانين الدولي مبادرته الجديدة عام ٢٠١٥ تحت شعار ”شاركنا شرب الشاي في السفارة“. وبالعمل من خلال ممثلين عن الهيئات الدبلوماسية هم أعضاء في المركز، يستعين المركز ببعثات دبلوماسية للمشاركة في إقامة حفلات مفتوحة (عامة). ويستطيع الضيوف خلال التجمعات رؤية عروض عن التاريخ والثقافة والفنون والموضة وأساليب الحياة لدى الدولة المضيفة، بينما يستمتعون بشرب الشاي وتناول مشهيات.

وحتى الآن استضافت ٤ بعثات دبلوماسية من أذربيجان وبوتسوانا وصربيا وتنزانيا فعاليات ”شاركنا شرب الشاي في السفارة“ بالتعاون مع مركز الفنانين الدولي، ومن المخطط عقد حفلة خامسة في سفارة مدغشقر في مارس/آذار. تكون الحفلات ودية وغير رسمية، ودائما ما يتجاوز عدد طلبات المشاركة فيها عدد المقاعد المتاحة، وهي عادة بحدود ٣٠ شخصا.

تقريب أفريقيا من اليابان

استمتع المشاركون في أول حلفة شاي والتي أقيمت في السفارة التنزانية بشرب القهوة وشاي بالأعشاب من الدولة المستضيفة وشاهدوا أقمشة كانغا الملونة وغيرها من الأدوات التي تعكس الحياة هناك. ويستذكر أحد الضيوف تلك المناسبة بالقول ”مباشرة بعد الدخول إلى السفارة، رأينا لوحات تشع بالحياة مرسومة بأسلوب تينغاتينغا ومنحوتات ماكونديه مفعمة بالحيوية. ورحبت بنا دبلوماسيات ارتدين أزياء عرقية جميلة. وسمعنا من السفيرة شرحا عن الكنوز الطبيعية في تنزانيا وعن تاريخها وثقافتها الغنية وأخلاق شعبها. وقد شعرنا كيابانيين بجاذبية خاصة نحو شعب تنزانيا عندما علمنا عن تقاليدهم باستخدام كلمات تشريفية عند مخاطبة المسنين“.

وقالت السفيرة باتيلدا صالحة بوريان في ترحيبها لنا ”من المؤكد أن هذه الفعالية ستعمق فهمكم حول تنزانيا وسترفع من أسهمنا لدى اليابان. دعونا نواصل العمل لتوطيد أواصر الصداقة بصورة أكبر بين دولتينا“. كما دعت السفيرة إلى زيادة الاستثمار في بلدها من قبل شركات يابانية ولفتت اهتمامنا للجاذبية السياحية التي يتمتع بها متنزه سيرينغيتي الوطني ومحمية سيلوس جيم وجبل كيليمانجارو وبحيرة فيكتوريا في تنزانيا.

السفيرة (ثاني شخص من اليسار) تتبادل أطراف الحديث مع الضيوف في السفارة التنزانية.

فرص ترحيب لتوسيع الأفق

ويقول أحد الذين شاركوا في حفلتين أقيمتا في سفارتي دولتين أفريقيتين: ”اكتشفت أنني أملك وجهة نظر من طرف واحد عن أفريقيا. عندما حصلت بوتسوانا على استقلالها كانت واحدة من أفقر الدول في العالم، ولكن اكتشاف مناجم الماس فيما بعد أمّن تمويلات لبرامج التنمية في البلاد، وغدت بوتسوانا قصة نجاح أفريقي. وقد علمنا أن التعليم والرعاية الطبية فيها مجانيتان للجميع. إنه أمر رائع!“.

تشكل حفلات الشاي في السفارات فرصة لتعريف الضيوف بالدول المستضيفة، كما هو الحال في هذا العرض في سفارة بوتسوانا.

وقد تعرف الضيوف في حفلة الشاي التي أقيمت في السفارة الصربية على قصة مؤثرة حول علاقة ثنائية. فقد استمعوا كيف أن عددا كبيرا من الصرب أرسلوا رسائل تعاطف وتشجيع في أعقاب زلزال شرق اليابان الكبير عام ٢٠١١ وكيف أن صربيا قدمت مساهمة مالية في إطار جهود الإغاثة كانت كبيرة نسبيا مقارنة بإجمالي الناتج المحلي للبلاد. كما استمع الحضور كيف أن اليابانيين ردوا الجميل بالمثل بتقديم مساعدة إغاثية سخية بعد أن واجهت صربيا فيضانا هائلا في عام ٢٠١٤.

بسكويت قام بإعداده أفراد طاقم السفارة الصربية، جلب البهجة للضيوف خلال حفلة شاي أقيمت هناك.

وقد سرد السفير الأذري غورسيل إسماعيل زاده قصة نشوء الديمقراطية في بلده خلال حفلة شاي أقيمت في سفارته. حيث قال باليابانية بلسان طلق: ”حصلت العديد من الدول الإسلامية على استقلالها عند انهيار الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١، ولكن أذربيجان كانت أول ديمقراطية بين تلك الدول. وكانت أول دولة تمنح المرأة حق المشاركة في الاقتراع“. وأضاف السفير أن مساحة أذربيجان تشكل ربع مساحة اليابسة في اليابان، ولكنها تحظى بنعمة وجود وفرة من الموارد الطبيعية. وأكد أن بلده يلتزم الفصل بين الدين والدولة وأن المسلمين والمسيحيين واليهود يتعايشون بصورة سلمية هناك.

السفير الأذري يلقي كلمة أمام الضيوف الذين حضروا حفل شاي في سفارته.

السيدات في الطليعة

تقول الأمينة العامة لمركز الفنانين الدولي كانايا تيرومي: ”لم تتح لمعظم الناس أبدا فرصة الدخول إلى سفارة ما، لذلك فالمشاركون ممتنون للفرصة التي وفرتها العروض الودية والتبادل الثقافي غير الرسمي. وتلعب الدبلوماسيات دورا قياديا في تنظيم الفعاليات داخل السفارات، كما تقدم الكثيرات من اليابانيات المهتمات بالتبادل الثقافي الدعم. وعلى الرغم من أن عدد الرجال يتفوق على عدد النساء في البعثات الدبلوماسية، إلا أن الدبلوماسيات أكثر استباقية في التعامل مع قضايا التبادل الثقافي. وبمجرد الحصول على موافقة السفير للمباشرة في الفعالية، تندفع السيدات نحو المقدمة ليتولين زمام الأمور وينهين العمل“.

ومن المشاركات اللواتي يشكلن النسبة الأكبر من بين أعضاء المركز، هناك مختصات تغذية وطاهيات ومدربات شاي، كما توجد سيدات يتمتعن بقدرات لغوية عالية يقمن بنشاطات تطوعية.

الإلتزام المتبادل هو مفتاح استمرارية التبادل الثقافي

وتضيف كانايا بحماس أن ”الدبلوماسيين يستمتعون بحفلات الشاي بنفس قدر استمتاع الضيوف اليابانيين. وهذا أمر مهم لأن الاستمرارية في التبادل الثقافي تعتمد على الإلتزام المتبادل. ولذلك فنحن سنؤكد على مبدأ التبادلية في المضي قدما في هذا البرنامج“.

وتقول كانايا إن مركز الفنانين الدولي يجري محادثات مع العديد من السفارات بشأن إقامة حفلات شاي في المستقبل. يبلغ إجمالي عدد الدول التي لها سفارات في اليابان ١٥٣ دولة، وبالتالي فهناك إمكانية هائلة للتقدم في برنامج التبادل الثقافي والتفاهم الدولي من خلال مبادرة ”شاركنا شرب الشاي في السفارة“.

(المقالة الأصلية مكتوبة باللغة اليابانية بقلم هارادا كازويوشي من nippon.com ومنشورة في ٨ فبراير/شباط ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: نماذج عن ملابس عرقية تقليدية تفتح نافذة على الثقافة الأذرية في سفارة أذربيجان بطوكيو. الصور من فوجيكورا أكيهارو، الجمعية اليابانية للمصورين المحترفين).

سفارات