جيل واعد من أبطال الملاكمة اليابانية

مجتمع لايف ستايل رياضة

صعود ملاكمين يابانيين شباب

في السادس من ابريل/نيسان الماضي تمكن الملاكم الياباني إينويه ناويا من التغلب على المكسيكي ادريان هرنانديز بمباراة استمرت ست جولات ليفوز بلقب WBC لفئة وزن خفيف الذبابة. وقد استطاع إينويه بكل ثقة وسرعة أن يتمكن من إحراز فوز مثير للإعجاب بالنيل من خصمه المعروف بخبرته العالية، والذي كان يستحوذ على حزام البطولة معظم الوقت خلال الثلاث سنوات الماضية وكان يدافع عن اللقب للمرة الخامسة. 

وقد تمكن هرنانديز من الفوز بـ ٣٢ مباراة ولم يخسر سوى ثلاث مرات حيث استطاع خلال تلك المباريات هزيمة ١٨ خصماً. ولعل هذا ما يجعل فوز إينويه أكثر إثارة، فهو حاز على لقبه الأول قبل أربعة أيام من بلوغه سن الـ ٢١ وقد كانت هذه المباراة الخامسة من أصل ست مباريات خاضها كمحترف والتي هزم فيها خصمه قبل نهاية جميع الجولات. وبذلك حطم الرقم القياسي الياباني لأسرع ملاكم ينتقل من مرتبة هاو صاعد إلى محترف وبطل عالم.

وبما أنه استطاع الوصول إلى هذه المراتب العليا بهذه السن المبكرة فنتساءل هنا : ما هو الهدف التالي الذي يمكن لإينويه أن يطمح له؟ يميل معظم الملاكمين إلى رفع وخفض الوزن للتنقل بحرية بين فئات الأوزان الخفيفة وذلك لأن نطاق الأوزان يكون متقارب بين تلك الفئات. ولذلك فإن لدى إينويه العديد من الخيارات ولكن تبقى الحقيقة أن هذا الشاب الملقب بـ (الوحش) قد رفع مستوى المعايير التي يجب عليه تخطيها.

إن إينويه ليس حالة استثنائية في اليابان، ففي فبراير/شباط ٢٠١١ توج الملاكم إوكا كازوتو من اوساكا بلقب بطل العالم لفئات الوزن الدنيا (تحت ٤٨ كيلو) قبل بلوغه سن الـ ٢٢ وذلك بعد سبع مباريات احترافية، وكان هو حامل الرقم القياسي لاسرع ملاكم يصبح بطل عالم قبل أن يحطم إينويه ذلك الرقم. وبعد ذلك تمكن إوكا من الحصول على لقب البطل المطلق بعد انتزاعه حزام البطولة من يايغاشي أكيرا في يونيو/حزيران ٢٠١٢ وكانت هذه المباراة تاريخية حيث كانت أول مباراة لتحديد البطل المطلق بين ملاكمين يابانيين يحملان اللقب في نفس الفئة. وقد تمكن إوكا من الفوز والدفاع عن اللقب ثلاث مرات وهو مايزال في الـ ٢٥ سنة وهذا ما ترك شاغراً في لقب بطل العالم لفئة خفيف الذبابة. وفي الشهر المقبل سوف يتحدى اللاعب الأولمبي لعام ٢٠٠٨ التايلندي أمنات روينروينغ على لقب IBF لفئة الذبابة. إن إوكا يجمع بين سرعة اليدين ومجموعة دقيقة وحادة من الضربات بالإضافة إلى اتقانه طرق الدفاع ولذلك إذا تمكن من الفوز فسوف تكون هذه رابع بطولة عالم يحققها في ثلاث فئات أوزان مختلفة وذلك الإنجاز سوف يضعه على لائحة الشرف.

وكذلك هناك الملاكم تاناكا كوسيه من ناغويا والبالغ ١٨ عاما والذي فاز بمباراتيه الوحيدتين منذ أن اصبح محترفا وهو يعتبر الآن الملاكم الذي من المحتمل أن ينافس للحصول على لقب خفيف الذبابة في مباراته القادمة. وبذلك سيتمكن هذا الشاب من معادلة الرقم العالمي الذي يحمله الملاكم التايلندي ساينساك موانغسورين من فئة الوزن الخفيف الذي أصبح بطلا للعالم في مباراته الثالثة في عام ١٩٧٥.

الصعود إلى القمة

في العادة يشق الملاكمين طريقهم إلى عالم الملاكمة المرهقة جسديا من خلال سلسلة من المنافسات القصيرة. ولكن هؤلاء الشبان الثلاثة تقدموا بسلاسة ليلعبوا بمباريات تتألف من١٠ ـ ١٢ جولة. وبدأ إينويه مشواره الإحترافي بمباراة من ثماني جولات وأصبح يخوض مباريات بإثنا عشر جولة بعد خمس مباريات فقط. إن المباراتين الأوليتين التي خاضهما هذا الملاكم انتهت بسرعة دون ان نستطيع اختبار تحمله ولكنه عندما اضطر لخوض مباراة طويلة قام بإجهاد المحترف سانو يوكي والتغلب عليه في الجولة العاشرة فنستطيع القول بأنه نجح في الاختبار بامتياز.

أما تاناكا فهو مختلف بعض الشيء فضرباته طويلة ويمكنها بلوغ نطاق واسع كما يتمتع بأيدي سريعة ولكنه لا يملك الطاقة الكافية لينهي المباراة بسرعة. ولذلك يمكن أن نقول أنه قد استفاد من المباراتين الأوليتين التي اضطر فيهما إلى الصمود طويلا ضد خصمين متمرسين لهما رتبة عالية وهو أعطاه فرصة ثمينة ليعرف ماهية عالم الإحتراف.

إن كل هذا هو عكس ما هو رائج في عالم الملاكمة حيث يبقى الملاكمون كهواة لفترات طويلة قبل أن يصبحوا محترفين. ملاكمين مثل الكوبي غيرمو ريغوندو (الذي فاز ٣٧٤ مباراة وخسر ١٢ كملاكم هاو) والكازخستاني غينادي غولوفكين (٣٤٥ ـ ٥) صقلوا مواهبهم لسنين طويلة قبل الدخول إلى عالم الإحتراف.

قد يتساءل البعض ما هو الدافع وراء الإسراع في تطوير هؤلاء الشبان اليابانيين للوصول إلى القمة. وقد تكون الإجابة على هذا السؤال هي الرغبة في الإستفادة من حملة الترويج للملاكمة التي بدأتها JCB بالتصديق على مباريات ألقاب IBF وWBO في بدايات السنة الماضية ومضاعفة عدد الأحزمة المتوافرة. إن السوق الذي يحقق الربح الأكبر للملاكمين اليابانيين هي السوق المحلية، فكلما ازداد عدد الأبطال المحليون ازدادت الإثارة والحماس في المباريات بين هؤلاء الأبطال. إن استمرار هذه الحلقة والحرص على بقاء اللقب في اليابان هو مفيد بالنسبة للرياضة اليابانية.

مع وجود ثماني أبطال عالم في عدة فئات ووجود الفرصة لإضافة المزيد من الألقاب في الأشهر القادمة هو أمر حماسي بالنسبة للملاكمة اليابانية. إذا تم الحفاظ على العزم الموجود يمكن أن نرى ملاكمين يتبعون خطا رواد الرياضة اليابانية من لاعبي كرة القدم والبيسبول الذين اصبحت لهم سمعة حسنة في اليابان والخارج.

(المقالة الأصلية باللغة الإنكليزية، الصورة في أعلى الصفحة للاعب إينويه ناويا بعد فوزه بلقب WBC، الصورة من جيجي)

الرياضة