قراءة في رواية موراكامي هاروكي الجديدة

ثقافة

صدرت الرواية الجديدة للكاتب موراكامي هاروكي والتي تحمل عنوان ”مقتل الكومنداتور: قائد فرقة الفرسان“ في اليابان في ۲٤ فبراير/ شباط ٢٠١٧. ولم يصدر أي إعلان بعد بشأن متى سترى ترجمة إنكليزية للرواية النور، ولكن ربما سيكون على القراء التحلي بالصبر ريثما تصدر. فرواية 1Q84 صدرت بالإنكليزية بعد عام ونصف من نشر الجزء الثالث منها باللغة اليابانية في عام ٢٠١٠. كما استغرق صدور ترجمة إنكليزية لرواية موراكامي ما قبل الأخيرة المكتوبة باليابانية ”تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجه“ أكثر من عام.

لقد ظهر العنوان الإنكليزي للرواية ”Killing Commendatore“ بشكل بارز على غلاف كلا جزئي الرواية المكتوبين باليابانية. وهذا العنوان يشير إلى مقطوعة من أوبرا دون جيوفاني لموتسارت، على الرغم من أن قصة رواية موراكامي مختلفة جدا، بالإضافة إلى لوحة تحمل اسم هذه الأوبرا وقد ورد ذكرها في الرواية. وهذا العنوان قد يتغير عند نشر ترجمة إنكليزية للرواية، ولكن التسويق الظاهر في هذه المرحلة للرواية يشير إلى خلاف ذلك.

أسرار مبكرة

تدور أحداث القصة حول بطل الرواية الذي لم يرد اسمه فيها، وهو رسام متخصص بالصور الشخصية. ويعيش مؤقتا - بعد أن انفصل عن زوجته - في منزل قديم يعود لفنان شهير يدعى أمادا توموهيكو حيث إن ابنه صديق لبطل الرواية من أيام مدرسة الفنون. وأمادا البالغ من العمر ٩۲ عاما يعاني من الخرف وهو يتلقى العناية في منشأة رعاية بعيدة.

يسمع بطل الرواية أحيانا أصوات ضوضاء خافتة في الليل قادمة من العلية. وبسبب شعوره بالقلق من إمكانية وجود جرذان، يأخذ مصباحاً يدوياً ويذهب لرؤية ماذا يحدث هناك حيث يعثر على بومة. ولكن هذا ليس كل شيء. فبجانب المدخل يعثر أيضاً على لوحة كبيرة ملفوفة بورقة بنية اللون. ويشير ملصق مرفق بهذه اللوحة إلى أن اسمها ”مقتل قائد الفرسان“ وهي أحد أعمال أمادا غير المكتشفة والتي تصور مشهدا دمويا من ”دون جيوفاني“ في اليابان القديمة.

ويصور العمل الفني المرسوم وفق نمط ”نيهونغا“ الياباني التقليدي أربع شخصيات رئيسية. حيث يصور شاباً غرس سيفه بعمق في صدر رجل عجوز بلحية بيضاء، بينما ينظر كل من خادم وشابة بذهول للمشهد. وفي الزاوية السفلية اليسرى من اللوحة يبرز رأس شخصية أخرى من فتحة في الأرض، رافعاً غطاء مربعاً بشكل نصف مفتوح. ويصبح بطل الرواية مهووسا بهذا المشهد وخصوصا بالشاهد السري ذي الوجه الطويل بشكل أكبر من الطبيعي حيث يشبه الباذنجان.

وفي واقعة غريبة أخرى، يوقظ صمت غير طبيعي بطل القصة في الليل. فالغناء المألوف لحشرات الزيز الخريفية والذي لا يتوقف، لسبب ما أصبح غير مسموع. وعندما يذهب إلى المطبخ لإعداد كأس من الويسكي لنفسه، يسمع وسط الصمت رنينا بعيدا لجرس. وما إن يخطو خارج المنزل حتى يكتشف أن الرنين قادم فيما يبدو من جانب معبد صغير. وخلف المعبد توجد تلة مقبرة يتواصل خروج صوت الرنين من تحتها...

مواقف مثيرة للاهتمام

والسرد الوارد أعلاه هو جزء صغير من قصة كاملة. فالرواية تتطور من تلك المشاهد المبكرة لتركز على شخصيات تعيش في الحي الذي يوجد فيه منزل أمادا. حيث يقدم موراكامي للقراء خليطه المميز من الخيال والواقع ويعرض خبرته في تأليف مواقف مثيرة للاهتمام لجذبهم للقصة. وعلى الرغم من أن بعض الخيوط السردية لا تتطور بشكل يدعو للإثارة إلا أن موراكامي يعرض أيضا حلولا أكثر إقناعا هنا من بعض أعماله الأخيرة الأخرى. كما أن الموسيقى مألوفة الوجود في أعماله، ولكن هذه المرة هي من النوع الكلاسيكي بشكل رئيسي.

ونظراً لأن بطل الرواية فنان فإنه من المثير للاهتمام تحديد أوجه التشابه مع موراكامي نفسه. والسؤال هو ما إذا كانت الصور الشخصية هي فن يشير إلى وجود علاقات مع المؤلف سواء أكان كاتب قصص خيالية شعبية أو كاتبا أدبيا. وبغض النظر عن الطريقة التي يمكن للمرء أن يفسر بها، فإن تلك التعليقات المبعثرة حول طبيعة الفن تفيد في فهم منهجه. وهذه التوسعة في عالم موراكامي ستسعد محبيه. أتمنى أن تصدر الترجمة الإنكليزية عاجلا غير آجل من أجل هؤلاء القراء.

(صورة العنوان: نسخ من رواية ”كيشيدانتشو غوروشي (مقتل قائد الفرسان)“ معروضة للبيع في متجر تسوتايا في دايكانياما بطوكيو في ۲٤ فبراير/ شباط ۲٠١٧. جيجي برس.)

الأدب موراكامي هاروكي