الأميرة كاكو...معبودة الجماهير الجديدة ونظرة على أميرات اليابان

مجتمع ثقافة

وصلت شعبية الأميرة كاكو الابنة الثانية للأمير أكيشينو إلى أن أصبح يقال ”حُمّى الأميرة كاكو“. فجمالها اللطيف الخارجي هو أحد أسباب شعبيتها لا سيما احساس الرقي الطاغي والمتوارث في روح سيدات العائلة الإمبراطورية وفي مقدمتهم الإمبراطورة ميتشيكو.

الشعبية الطاغية للأميرة كاكو تعيد للأذهان ”شعبية ميتشيكو“

إن شغف الشعب الياباني بالأميرة كاكو ابنة الأمير أكيشينو يعيد للأذهان ”شعبية ميتشيكو“ والتي ظهرت عندما تقرر زواج الإمبراطور الحالي أكيهيتو بالإمبراطورة ميتشيكو عام ١٩٥٨. لقد كانت الإمبراطورة ميتشيكو شودا أول زوجة في التاريخ من عامة الشعب والتي حملت رياح جديدة هبت على البيت الإمبراطوري الياباني. في ذلك الوقت عرضت وسائل الإعلام حلقات خاصة عن الإمبراطورة ميتشيكو، وحينها رأت الكثير من السيدات من خلال حكمتها وجمالها طموحاتهن وأمالهن نحو المستقبل.

والآن في عصرنا الحالي عصر هيسي، أعتقد أن أفعال وأقوال الأميرة كاكو مرتبطة هي الأخرى بحمل رياح جديدة مع الحفاظ على التقاليد في النفس الوقت. فصقلها على مستوى المورثات الثقافية يفتح آمالاً كبيرة للشعب الياباني.

الظهور الأول للأميرة كاكو أمام الشعب

في ٢ يناير/كانون الثاني ٢٠١٥، شاركت الأميرة كاكو لأول مرة في تحية الإمبراطور لزائري القصر الإمبراطوري من العامة في بداية العام الجديد، والتي كانت قد بلغت العشرين من عمرها منذ وقت قريب. وقد جذب ظهور الأميرة كاكو والتي كانت قد أنهت استعدادات ظهورها لأول مرة في العام الماضي اهتمام الكثير من عامة الشعب، حيث فاق عدد الزائرين في هذا اليوم ٨٠ ألف زائر. وهذا العدد هو ثالث أكبر عدد للحضور منذ الدخول في عصر هيسي.

تلويح الأميرة ماكو الابنة الكبرى للأمير أكيشينو (على اليسار) والابنة الثانية الأميرة كاكو للزائرين في حفل زيارة العامة للقصر الإمبراطوري في بداية العام الجديد (جيجي برس)

وكان الظهور الأول للأميرة في مراسم للعمل العام للأميرة الشابة كفرد من العائلة الإمبراطورية في سن الرشد، بمكياج خفيف غلب عليه الرقي والأناقة التي تتمتع بها. وكانت الابنة الكبرى الأميرة ماكو أيضاً قد قطعت دراستها في الخارج مؤقتاً وعادت للبلاد، ليطلا سوياً من الشرفة الإمبراطورية في فساتين طويلة متناسقة مع بعضها. وكان هذا الظهور مناسبا لأختين إمبراطور المستقبل واللتين ستحملان على عاتقهما مسؤولية البيت الإمبراطوري في المستقبل، وبدى وكأنهما تجتذبا طموحات الزائرين نحو المستقبل.

وفي اعتقادي أن ”العائلة الإمبراطورية هي أقدم عائلات اليابان وهي إرث ثقافي نحافظ عليه جميعا“. هناك مراسم قراءة الشعر داخل البلاط الإمبراطوري والتي تقام في بداية كل عام في قاعة ماتسونوما (القاعة الأكثر أناقة في القصر الإمبراطوري) حيث يجتمع أفراد العائلة الإمبراطورية مع عامة الشعب لتلاوة الشعر في حدث ثقافي جلل، وهو حدث لا يوجد في أي دولة في العالم سوي اليابان.

الآن، ها هي الأميرة كاكو أكيشينو تتمتع بشعبيتها بسبب جمالها وذكائها، تحضر المراسم الرسمية لقراءة الشعر في فستان طويل باللون الأصفر الكناري وقد نسقت معه إكسسوار بنفس اللون في الشعر.
موضوع الشعر هو ”الكتاب“.

”أنام أفكر في أمي المسافرة في الليل وأنا أقرأ لأخي الأصغر فيه كتابا“

وقد احتوى هذا الشعر على كلمتي الأم والأخ الأصغر مما يستدعي في أذهاننا نمط الحياة المليئة بالدفء، فأحد أهم واجبات العائلة الإمبراطورية هي تصدير صورة الأسرة السعيدة إلى الشعب.

الإمبراطورة ميتشيكو، والأميرة كيكو (زوجة الأمير أكيشينو) والأميرة كاكو أكيشينو يحضرن المراسم السنوية لقراءة الشعر. طوكيو – القصر الإمبراطوري – قاعة ماتسونوما. (صورة عامة مشتركة /جيجي برس)

”العمل الذي رزقت به“

استقبلت الأميرة كاكو عامها العشرين يوم ٢٩ ديسمبر/كانون الأول عام ٢٠١٤. وقد علقت في المؤتمر الصحفي الذي كان قد أقيم لهذه المناسبة وهي متحدثة عن العمل العام قائلة ”أعتقد أنه يجب الانغماس في العمل الذي رزقت به بينما أهتم وأحرص على كل واحد منه“. وأعتقد أن هذه هي المرة الأولي التي تستخدم فيها سيدة من سيدات القصر الإمبراطوري تعبير”العمل الذي رزقت به“ للتعبير عن العمل العام.

أرى أن الأميرة كاكو والتي تحترم الناس بذكاء وتواضع، تدرك تماماً مكانتها فهي الأخت الكبرى لإمبراطور المستقبل. وتقول الأميرة كاكو متحدثة عن شخصيتها قائلة ”عيبي أنني أحياناً أكون سريعة الانفعال مثل أبي، ما يجعلنا نتجادل في البيت أيضاً على أمور صغيرة“.

وأجابت على أسئلة الصحفيين حول موضوع الزواج ”أريد الزواج ولكن مستقبلياً“ وعن تصورها للرجل المثالي أجابت ”يكون شخصا أشعر بالطمأنينة معه“. ومن هنا أيضا يتضح لنا قوة العلاقة بينها وبين أسرتها ومفهوم الأسرة من وجهة نظرها.

القوام الممشوق الجذاب هو ثمرة التزلج الفني على الجليد

من الآن فصاعداً، سيكون على الأميرة كاكو أن تبذل الكثير من الجهد في العمل العام والمكلفة به كواحدة من أفراد العائلة الإمبراطورية. وهو أمر أصعب بكثير مما قد يتخيله العامة. ولكن الأميرة كاكو بالفعل كانت تُستدعى للحضور والمساعدة في بعض الأعمال منذ الصغر كمراسم زارعة الأرز في القصر الإمبراطوري(*١) ومراسم تربية دود القز لإنتاج الحرير الخام ”جو شينسان“(*٢) وهي أعمال تكلف بها الإمبراطورات جيل بعد جيل.

كذلك فقد نمت قوة التركيز لديها من خلال ممارسة هويتها وهي رياضة التزلج الفني على الجليد والرقص. وبالحديث عن التزلج الفني على الجليد، فقد فازت الأميرة كاكو في مسابقة ”سبيرنج كاب للتزلج الفني على الجليد“ فئة الناشئين مجموعة B فردي بنات – المرحلة الابتدائية فوق الصف السادس.

جمال قوامها ورشاقتها التي نراها اليوم ربما هي ثمرة التزلج الفني على الجليد. الأميرة كاكو والتي أتت برياح جديدة مع الحفاظ على التقاليد، تُعرف بحيويتها ونشاطها كأميرة تمتلك أيضا قوة نادرة على التصرف واتخاذ القرار. فقد اتخذت قرارها العام الماضي بأن تترك جامعة ”غاكوشووإين“ وتلتحق بالجامعة المسيحية الدولية بنفسها وقالت إن السبب هو أنها أرادت تغيير البيئة التي لم تتغير من حولها في مدارس ”غاكوشووإين“ منذ أن التحقت بها في مرحلة الحضانة وحتى المرحلة الجامعية.

وقالت في المؤتمر الصحفي والذي أقيم قبل مراسم دخول الجامعة في ٢ أبريل/نيسان ٢٠١٥ ”أشعر بامتنان لبدأ حياة دراسية جديدة وأريد أن أستفيد من كل الوقت الذي سأقضيه فيها“ وكانت ترتدي بدلة باللون الأزرق البحري الغامق مع قميص أبيض.

الرقي إرث من سيدات القصر

أعتقد أن ”الرقي“ صفة لا تكتسب فقط لمجرد أن تولد في بيت وأسرة طيبة ولكن هي نتيجة لتراكم التربية والتعاليم الحاسمة من الأشخاص القدوة المقربين. هذا العام هو ذكرى مرور ٢٥ عاما على زواج الأمير أكيشينو والأميرة كيكو والذي يوافق نهاية شهر يونيو/حزيران. وإذا عدنا بالذاكرة نستطيع أن نتذكر إعلان خطوبتهما والذي كان في فترة حداد الإمبرطور شووا السابق في سبتمبر/أيلول عام ١٩٨٩.

أتذكر المؤتمر الصحفي لوالدي كاواشيما كيكو، وقتها قال والدها كاواشيما تاتسوهيكو وهو أستاذ في جامعة غاكوشووإين، ”لقد ربيتها على رحابة الصدر الواسعة بالابتسام دائما“ وحكت والدتها كازويو ”أفكر في ما قد ينتج إذا كانت الحرية أكثر من اللازم. لذا فقد وضعت إلى حد ما بعد القيود وربيتها عليها“ ويمكن أن نربط كلمات والدتها هذه بجمال الأميرة كيكو وطبيعتها المتواضعة.

تكِنّ الأميرة كاكو الكثير من الاحترام والتقدير لوالدتها الأميرة كيكو. ومن المؤكد أن تعبير الأميرة كاكو ”العمل الذي رزقت به“ لم يأت فقط من فكرها الخاص وإنما نابع من آراء وأفكار والديها التي تشبعت بهم.

أميرات تأثرت بهن...العمة والأخت الكبرى

الأميرة كاكو تطل بابتسامتها الرقيقة لكاميرات الصحافة والإعلام عندما ذهبت للجامعة المسيحية الدولية لحضور مراسم دخول الجامعة. (صورة عامة مشتركة /جيجي برس)

كثيرا ما يقال ”البنت من عمل الأم“، ولكني أعتقد أن الأميرة كاكو إلى جانب أنها قد تأثرت بالطبع بوالدتها إلا أن هناك أيضا عدد من السيدات المقربات لها مثل جدتها الإمبراطورة ميتشيكو وعمتها كورودا ساياكو وأختها الكبرى الأميرة ماكو واللاتي جعلتهن الأميرة كاكو القدوة التي تستمد منها الرقي والأناقة.

الأخت الكبرى الأميرة ماكو حصلت على رخصة العمل كوصية على المتاحف أثناء دراستها في الجامعة المسيحية الدولية وحاليا تكمل رسالة الماجستير في علوم المتاحف في جامعة لستر بالمملكة المتحدة. تتمتع بقوة إرادة وعزيمة وهي الأخت السند والدِعامة للأميرة كاكو. ويمكن القول إن تقدم الأخت الكبرى بخطوات جادة وثابتة هو قدوة يحتذى بها للأميرة كاكو.

العمة السيدة كورودا ساياكو (الأميرة ساياكو سابقا)، هي أول الأميرات اللاتي انهمكن في العمل العام. فقد حضرت الأميرة ساياكو في ٧٤٠ مرة من المناسبات العامة الخاصة بالقصر الإمبراطوري الحالي أو القديم داخل اليابان و٨ مرات أخرى في خارج اليابان وذلك خلال الـ ١٥ عام من بعد بلوغها سن العشرين. ويذكر أنه عندما اشتركت في ”مسيرة تكريم ضحايا هيوغو“ في ذكرى العام السادس لكارثة زلزال هانشين- أواجي الكبير، كان المسئولون قد اقترحوا ذهابها بالسيارة حتى نقطة الحدث ولكنها رفضت وصممت على السير مع أسر الضحايا والمتضررين في الطريق المظلم في الليل متمسكة بإخلاصها لهم قائلا ”لن يكون لذهابي بالسيارة أي معني فقد جئت للمشاركة في مسيرة“. كل من الأميرة ماكو والأميرة كاكو متعلقتان كثيرا بعمتهما وتنادياها ”ني نيه“ وطالما اتخذتا من موقفها الإيجابي في العمل العام قدوة يحتذى بها.

روح الإمبراطورة ميتشيكو توارثتها الأحفاد

فازت الأمبراطورة ميتشيكو بجائزة المركز الثاني من بين ٤١٨٥ شخصا تقدموا بمقالات في مسابقة المقال التذكاري ليوم البالغين بعنوان ”آمال سن العشرين“ والتي تقدمها جريدة يوميوري، وكان ذلك عام ١٩٥٥ وهي ما زالت طالبة في عامها الثاني في جامعة ”سيشين جوشي“ للراهبات. وكانت قيمة الجائزة آلفين ين قامت بمنح نصفها إلى الجريدة وتبرعت بالنصف الآخر إلى مديرة جامعتها الأم بوريتتو كمساهمة منها في تمويل المنح الدراسية.

وكان هذا الحدث قبل أكثر من عامين من ظهورها في الإعلام كأول ولية عهد في التاريخ تكون من عامة الشعب. وهذه الروح النبيلة العالية تعتبر هي الأصل في الإمبراطورة التي نعرفها الآن. وقد ورثت الأحفاد روح الاهتمام ومراعاة الآخرين من جدتهم. فعندما وقع زلزال شرق اليابان الكبير قامت كل من الأميرة ماكو والأميرة كاكو وهما ما زلتا طالبتين بالذهاب والمكوث في مكان الكارثة لتثابران نشاطات تطوعية هناك خلال أجازة الصيف.

نتطلع في أولمبياد طوكيو بعد ٥ سنوات إلى تحركات ونشاطات للأميرات واللاتي يجيدن اللغات الأجنبية بطلاقة. فسيكون للأميرة كاكو بمصاحبة أختها الكبرى تواجدا أكثر حيوية تجاه العامة. ونترقب أيضا لرؤية تواجد وحضور في المجتمع الدولي برياح جديدة تأتي جنبا إلى جنب بالطبع مع الحفاظ بتقاليد أقدم وأعرق عائلة في اليابان.

(المقال الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ١٧ أبريل/نيسان ٢٠١٥. صورة العنوان: مقدمة من جيجي برس)

(*١) ^ مراسم زرع الأرز في القصر الإمبراطوري: يقوم الأباطرة في اليابان منذ قديم الأزل بطقوس زراعة الأرز الذي يعد مركز للثقافة الزراعية في اليابان. ويستخدم الأرز الذي تم حصده في احتفالات عيد الحصاد التي تقام على مستوى البلاد في ٢٣ نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام كما يستخدم في الطقوس التي تقام بمعبد إيسي الشهير.

(*٢) ^ مراسم تربية دود القز لإنتاج الحرير الخام ”جو شينسان“: pيقوم الأباطرة في اليابان على مر التاريخ بتربية دودة القز لإنتاج الحرير بالقصر الإمبراطوري والتي تعد من الصناعات التقليدية اليابانية. ويتم استخدام الحرير الخام الذي تم انتاجه كهدايا يحملها معه الإمبراطور في الزيارات الخارجية له للدول الأجنبية.p

العائلة الإمبراطورية إمبراطور القصر الإمبراطوري