فصول مسائية لمساعدة الطلاب الأجانب على التكيف مع المدارس اليابانية

مجتمع التعليم الياباني اللغة اليابانية

قدمت المدارس المسائية للعديد من السنوات، فرص تعلم حيوية للأفراد الذين لم يتموا تعليمهم الأساسي أبدا في ظل فوضى سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية. تلبي تلك المدارس اليوم احتياجات جديدة مع ارتفاع عدد الطلاب الأجانب بالمدارس اليابانية.

أعلنت لجنة التعليم بكاواغوتشي في محافظة سايتما هذا الربيع، خططا لافتتاح مدرسة إعدادية عامة ستوفر فصول مسائية مع بدء العام الدراسي في أبريل/ نيسان عام ٢٠١٩. وتقول الإدارة إن المدرسة قد تساعد بالإضافة إلى استقبال الأطفال الذين لا يستطيعون بسهولة الحضور للمدرسة في الساعات العادية بسبب ظروف المنزل، الصعوبات الاقتصادية، أو البلطجة وكذلك في تلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الأطفال الأجانب المتقدمين لفصول من أجل تحسين اللغة اليابانية مؤخرا.

كما تحوي المدينة حاليا مدرسة كاواغوتشي المسائية الإعدادية المستقلة، التي يديرها متطوعون محليون منذ الثمانينات. وتقوم مجموعة مماثلة ارتبطت طويلا بمتطوعي كاواغوتشي بمساندة مدرسة ماتسودو المسائية المستقلة بمدينة ماتسودو في محافظة تشيبا، التي حشدت السلطات المحلية والقومية لعدة سنوات لتأسيس مدرسة مسائية بشكل رسمي كجزء من النظام التعليمي البلدي للمدينة. تعد المدرسة في ماتسودو نموذج رائد لأكثر من ٣٠٠ مدرسة مسائية مستقلة في أنحاء البلاد. ولقد قمت مؤخرا بزيارة للاطلاع على كيف تتم إدارة مدارس المتطوعين تلك وإسهامهم لمجتمعاتهم المحلية.

زيادة التنوع في مدارس المدينة

إينوموتو هيروتسوغو، الذي يرأس مجموعة محلية قامت بالدعوة إلى المدرسة المسائية العامة في ماتسودو.

كانت الساعة ٥ و ٤٥ دقيقة مساء يوم الجمعة في منتصف شهر مايو/ أيار حين وصلت القاعة البلدية بماتسودو. يوجد أربع غرف بالطابق الثاني. ومكتوب على باب كل غرفة: مدرسة ماتسودو الإعدادية المسائية المستقلة. قابلت إينوموتو هيروتسوغو، رجل في الستينات من العمر يعمل ممثل للمنظمة المحلية الغير هادفة للربح التي تقوم بإدارة المدرسة المسائية. أخبرني عن زيادة عدد الأطفال الأجانب الذين يذهبون للمدارس المحلية أعطت دورا جديدا للمدرسة المسائية في السنوات الأخيرة.

”حين بدأنا المدرسة في عام ١٩٨٣، كان الكثير ممن حضر، أشخاص من أصول كورية ويتامى الحروب من منشوريا والصين. وقد كان أغلبهم كانوا في الخمسينات والستينات من العمر، والعديد منهم لم يعودوا بيننا الآن. هذه الأيام يأتينا الكثير من الأطفال الذين كبروا بالخارج وأتوا لليابان مؤخرا نسبيا مع آبائهم. يقوم هؤلاء بالذهاب إلى المدارس المحلية بالمدينة أو محيطها ويأتون إلينا لدروس إضافية بالليل. لدينا دائما ما يقارب الـ ٢٠ طالبا. يمثلون أكثر من ١٠ جنسيات ملتحقين بالمدرسة في الوقت الحاضر، من ضمنها الصين، كوريا الجنوبية، فيتنام، الفلبين، نيبال، وبنغلاديش“.

تقام الفصول من الساعة السادسة وحتى التاسعة في المساء.

لقد نمت ماتسودو التي تقع خلال مسافة ٢٠ كيلومترا من العاصمة، كـ ”مدينة إقامة“ للمسافرين للعمل يوميا بالمجتمعات الحضرية الضخمة بطوكيو. ولكن بدأ النمو السكاني في التوقف في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من ذلك، بلغ عدد السكان الرسمي ٤٩٠ ألف نسمة العام الماضي لأول مرة، بفضل زيادة عدد المقيمين الأجانب.

وفقا لتقصي أجرى من قبل سلطات المدينة، كان يوجد ١٤١٢٠ مقيم من غير حاملي الجنسية اليابانية بالمدينة بنهاية عام ٢٠١٦ (بزيادة عن ١٢٩٦٦ من عام ٢٠١٥). كانت الصين أكثر جنسية بين الجنسيات الأجنبية بـ ٥٩٩٨ فرد (بزيادة عن ٥٥٧٦ من عام ٢٠١٥)، وتلتها فيتنام بـ ٢٠٣٩ فرد (۱٨٢٨) ثم الفلبين بـ ١٦٥٣ (۱٥٩٠). وكان هناك أيضا ۱٦٥١ (١٦٠٣) من أصول كورية.

التطلع إلى الوصول للمدرسة الثانوية

يتحدث الكثير من الأطفال الذين يحضرون للفصول المسائية، اللغة اليابانية بشكل جيد جدا. ولكنهم لا يزالوا يكافحون لمتابعة ما يقوله المدرسون في الفصل بالضبط وأحيانا يجدون صعوبة في فهم شرح الكتب بشكل دقيق. وقد تمثل المواد مثل اللغة اليابانية، الدراسات الاجتماعية، والجغرافيا تحديا خاصا.

يدرس العديد من هؤلاء الأطفال مستهدفين اختبارات دخول المدارس الثانوية. تبدأ أعدادهم في الارتفاع حوالي شهر يونيو/ حزيران أو يوليو/ تموز من كل عام، وبحلول الخريف يوجد من ٢٠ إلى ٢٥ طالب. يحضر العديد الفصول المسائية بشكل شبه يومي حتى اختباراتهم في فبراير/ شباط أو مارس/ آذار من العام التالي. يقول السيد إينوموتو ”لقد أصبح الأمر جزءا معتادا في جدولنا السنوي. إنهم ينكبون حقيقة على دراستهم ويأخذون بالكاد أي عطل باستثناء رأس العام الجديد. يقوم كل شخص بالمدرسة وليس فقط الطلاب ببذل قصارى جهده لضمان نجاح الطلاب وانتقالهم للمرحلة الثانوية“.

تقدم محافظة تشيبا إجراءات اختيار خاصة للطلاب الأجانب المتقدمين لدخول المدرسة الثانوية، مع اعتبار خاص للطلاب الذين دخلوا اليابان خلال الثلاث سنوات الأخيرة والذين يعيشون أو يخططون للعيش في المحافظة مع ولي أمرهم. يستطيع الأطفال الذين تتوافر بهم هذه الشروط، التقديم للالتحاق بالمدارس حيث يتم تقييم الطلاب عن طريق مقابلة وكتابة مقال (سواء باللغة الإنجليزية أو اليابانية). يتم إعفاؤهم من اجتياز الاختبارات العادية التي يخوضها الأطفال اليابانيون (اللغة اليابانية، الرياضيات، اللغة الإنجليزية، الدراسات الاجتماعية، والعلوم) ويتم تقييمها في المقابل بالاعتماد على تقييم شامل للمقابلة والمقال، وتقييم مروا به خلال مدرستهم الإعدادية، وأوراق التقديم الخاضعة لنظام قبول الخاص بالطلاب الأجانب. أصبحت المدارس المسائية المستقلة مكان مفضل للأطفال لاكتساب المهارات الأكاديمية التي يحتاجونها لتساعدهم في اجتياز اختباراتهم الخاصة.

الحاجة لمدرسة مسائية عامة

بدأت مدرسة ماتسودو المسائية في عام ١٩٨٣، وكانت تأسست على يد متطوعين محليين. كان أغلب طلاب المدرسة في تلك السنوات ممن لم يتموا دراستهم الإعدادية لعدة أسباب في الفوضى المصاحبة للحرب العالمية الثانية وما تلاها.

ومنذ ذلك الحين، ساعدت المدرسة بشكل مطرد الأطفال الذين يعانون من البلطجة والتنمر والذين تسربوا من الدراسة والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. وإلى الآن، درس ۱٧٠٠ طالب بالمدرسة. وفي مايو/ أيار عام ٢٠١٧، كان هناك حوالي ٥٠ طالب ملتحق بالدراسة. من بينهم حوالي ١٢ طفل من غير اليابانيين.

يقوم على تشغيل المدرسة طاقم عاملين مكون من حوالي ٣٠ متطوع – مدرسين سابقين، موظفي شركات والقطاع الحكومي السابقين. ودائما ما يوجد عادة حوالي ٢٠ مدرس عامل في كل وقت. يختار الطلاب المواد والمناهج التي يرغبون في دراستها، ويتواصلون مع أحد أفراد طاقم التدريس القائم على تلك المادة. تعمل المدرسة من السادسة إلى التاسعة مساء، وتوفر دروس مشتركة، فردية وحصص خاصة. يختار الطلاب عادة دمجا بين تلك الاختيارات المتاحة.

لا يوجد اختبارات قبول، ولا مصاريف قبول ولا مصاريف شهرية في تلك الفصول. يدرس العديد من الطلاب هنا لمدة سنتين أو ثلاث سنوات ثم يكملوا الدراسة أو للعمل في مكان آخر. وتأتي الأموال اللازمة لتشغيل المدرسة من مصاريف العضوية التي يدفعها حوالي ٢٥٠ عضو من المشغلين الغير هادفين للربح ومن الـ تاكوياكي (كرات العجين المحمرة بداخلها الأخطبوط) ومن مشغولات أخرى يصنعها أفراد الطاقم ويبيعونها بالسوق المحلي للأشياء المستعملة.

ووفقا لبحث أجرته وزارة التعليم، الثقافة، الرياضة، العلوم والتكنولوجيا، يوجد ٣٠٧ مدرسة مسائية مستقلة في أنحاء اليابان في ١ مايو/ أيار ٢٠١٤، يدار معظمهم بواسطة المتطوعين المحليين. وتقوم مجموعة المواطنين التي انضم إليها إينوموتو منذ ١٩٧٩ بمطالبة لجنة التعليم في ماتسودو بتأسيس مدرسة مسائية عامة تسمح للطلاب بالحصول على مؤهل مكافئ لشهادة المدارس الإعدادية: وبمعنى أخر، مدرسة رسمية عامة تكون جزء من منظومة المدارس الإعدادية العادية التي تديرها البلدية المحلية، وتقدم فصول المدرسة الإعدادية في المساء.

أثمرت مجهودات المجموعة أخيرا في فبراير/ شباط من هذا العام حين قامت المدينة بالإعلان عن خطط لإفتتاح فصول مسائية في واحدة من المدارس الإعدادية البلدية بالمدينة. ووفقا للتعداد القومي في عام ٢٠١٠، يوجد على الأقل ١٢٨ ألف شخص في اليابان لم يتخرج من مدرسة إعدادية، ولذلك لم يتم أبدا التعليم الإجباري. ويتضمن هذا الرقم عددا من الطلاب الأجانب.

كانت الإجراءات الرسمية لمواجهة هذا الوضع مشتتة ومتواضعة. في عام ١٩٥٤، كان هناك ٨٩ مدرسة مسائية عامة في أنحاء اليابان، ولكن يوجد الآن ٣١ مدرسة فقط، موزعة على ثمان محافظات. صرحت وزارة التعليم، الثقافة، الرياضة، العلوم والتكنولوجيا أنها تهدف إلى تأسيس على الأقل مدرسة واحدة في كل من محافظات اليابان الـ ٤٧، ولكن حتى الأن يظهر إشارات ضئيلة نحو تقدم ملموس نحو هذا الهدف.

استئناف الفصول المسائية في المرحلة الثانوية

في يوم زيارتي، جلس صبي بالصف السادس وصبية بالصف الثالث مع أمهاتهم على مكتب طويل في زاوية من الفصل. وصلوا كلهم من الصين في فبراير/ شباط هذا العام إلى اليابان. يدرس الطفلان اللذان يحضر كل منهما مدرسة ابتدائية محلية، اللغة اليابانية مع مدرس في السبعينات من العمر.

حدثتني أم الطفل باللغة اليابانية.

”ليس من السهل استخدام اللغة اليابانية في التواصل. يعود ابني إلى المنزل حاملا الكثير من الواجبات المنزلية المطبوعة، ولكني لا أستطيع قراءة ما هو مكتوب. المدرسون هنا متعاونون جدا. يقومون بشرح كل شيء بطريقة يسهل فهمها. أود أن يتعلم ابني التحدث باللغة اليابانية بسرعة وخلق العديد من الصداقات. أتمنى أن يقوموا بتقديم فرص أكثر لدراسة اللغة اليابانية بمدرسته الابتدائية كذلك“.

أتى زوج السيدة إلى اليابان وحده قبل ثمان سنوات للعمل، وتم توظيفه في شركة قريبة من ماتسودو. استدعى الرجل عائلته للحاق به في فبراير/ شباط من هذا العام حين أوشك ابنهم بدء العام الدراسي السادس. يعيش ثلاثتهم معا بالمدينة. أحضرت أم أخرى قابلتها بالمدرسة يوم زيارتي، ابنتها معها للحاق بزوجها مؤخرا. يعمل زوجها باليابان منذ ست سنوات.

العديد من معلمي المدرسة كانوا في السابق موظفي شركات وعاملين لدى الحكومة.

وفي فصل آخر، يجتهد أربع طلاب أجانب في دراسة اللغة اليابانية ومواد أخرى. ثلاثة منهم طلاب ذكور التحقوا بمدارس ثانوية بلدية في المدينة في أبريل/ نيسان الماضي بعد اجتياز الإجراءات الخاصة لقبول الطلاب الأجانب في محافظة تشيبا. قرر هؤلاء حضور الفصول الدراسية بالمدرسة المسائية المستقلة حتى بعد أن تم قبولهم بالمدرسة الثانوية.

واحد منهم في عمر السادسة عشر، أتى إلى اليابان مع والديه من الفلبين قبل ثلاث سنوات. ”أتيت إلى هنا لأني أود دراسة المجتمع المعاصر. أود معرفة المزيد عن اليابان. من الصعب متابعة الدروس بالمدرسة. أتمنى أن تجعل دراستي هنا من بقائي في الفصل أمرا أسهل“. أتى الطالبان الآخران من الصين. أحدهم أتى مع والديه من شنغهاي قبل ثلاث سنوات. ”لا أستطيع فهم دروس العلوم. من الصعب متابعة ما يقوله المدرس. في الوقت الحالي، أقوم بالذهاب إلى جوكو (مركز للدروس الخاصة) أيضا. ربما لا أدرس بالقدر الكافي فقط. يبدو أن الدرس يدخل من أذن ويخرج من أخرى“. أتى الطالب الصيني الثاني إلى اليابان قبل عامين مع والدته للانضمام إلى والده، الذي عاش في ماتسودو لبعض الوقت. ”لا أستطيع متابعة الدروس بالمدرسة. ومن الصعب فهم ما يقوله المعلم“.

المتدربين الذين يبقون على حركة مصانع اليابان

تتيح المدارس المسائية كذلك تدريب حيوي للغة اليابانية للعدد المتزايد من المتدربين لآتين لليابان تحت رعاية منظمة التعاون والتدريب الدولي اليابانية التابعة للحكومة. وفقا لتقرير صدر من وزارة الصحة، العمل والشؤون الاجتماعية في يناير/ كانون الثاني عام ٢٠١٧، قدر عدد المواطنين الأجانب العاملين باليابان بحوالي ١.٠٨ مليون فرد بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول عام ٢٠١٦ – وكانت أول مرة يتجاوز هذا العدد حاجز المليون. وزاد عدد ”المتدربين الفنيين“ بـ ٢٥% في العام السابق لحوالي ٢١٠ ألف.

يأتي ”المتدربين“ من الصين، فيتنام، الفلبين، إندونيسيا ودول أخرى إلى اليابان في إطار برنامج التدريب الفني الذي أطلقته الحكومة، للعمل في المجالات التي تشهد نقص في العمالة المحلية: خاصة في التصنيع، الزراعة، والمزارع السمكية والبناء. يعد تزايد أعداد هؤلاء المتدربين سببا آخر لقرار الحكومة المحلية تأسيس مدرسة مسائية بلدية في كاواغوتشي.

يحظى هذا النظام بالعديد من المزايا للشركات: بالأساس لأنه يسمح لهم بالحفاظ بتكلفة العمالة لديهم منخفضة عن طريق توظيف الأجانب للعمل بمرتبات أقل من الموظفين اليابانيين. ولكن يوجد أيضا المشاكل المصاحبة. تكثر الخلافات حول مسائل المرتبات والأجور، وساعات العمل الطويلة التي يتوقع من المتدربين القيام بها. وفي بعض الحالات يصادر أصحاب العمل جوازات سفر المتدربين ”كضمان“، لوضع العمال الأجانب في موقف يائس ضعيف إذا وقع أي مشكلة. ومن الوارد أن يكون بعض المتدربين ممن يذهبوا إلى المدارس المسائية في أنحاء اليابان، قد تعرضوا إلى مشاكل من هذا النوع، ويحاولون التعامل مع الموقف دون إجادة تامة للغة.

تثير زيارة للمدارس المسائية باليابان تساؤلات حول وضع المجتمع ككل.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في ٧ يونيو/ حزيران ٢٠١٧. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: فصل دراسي بالمدرسة المسائية المستقلة في ماتسودو. تم تصوير كل الصور بواسطة يوشيدا نوريفومي.)

التعليم العاملون الأجانب