دور التلفزيون الياباني في جذب السياحة !

مجتمع مانغا وأنيمي

شهدت أرقام صادرات برامج التلفزة اليابانية للخارج زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة. وبالنظر إلى التفاصيل، نجد تنوع في المبيعات لا تقتصر فقط على حق بث البرامج، بل وتمتد حتى حقوق البث على الإنترنت أو حق تحويل العمل لمنتجات.

استقبلت اليابان أكثر من 28 مليون سائح أجنبي في عام 2017، بزيادة أكثر من 3 أضعاف منذ عام 2010 الذي وصل فيه العدد إلى 8 ملايين سائح. وواحدة من العديد من العوامل التي يمكن تصورها والتي تساهم في هذا النمو السريع هي الزيادة في مبيعات البرامج التلفزيونية اليابانية في الخارج. حيث زادت مبيعات المحتوى الإذاعي اليابان بشكل كبير من 6.6 مليار ين في عام 2010 وصولاً إلى 39.4 مليار ين بحلول عام 2016. ولا يصعب تصور أن الاهتمام الناتج عن مشاهدة البرامج التي تقدم الثقافة والحياة اليومية اليابانية، ساهمت في الواقع في زيادة أعداد الأجانب زائري اليابان.

وفقاً لبيانات وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات حول تحليل الوضع الحالي للتوسع الخارجي في نشر المحتوى الإذاعي (العام المالي 2016)، المعلنة في يونيو/ حزيران عام 2018، مثل الأنيمي نسبة 80% من قيمة مبالغ التصدير من بين مبيعات البرامج حسب النوع (حق إذاعة البرنامج، البث على الإنترنت، الفيديو، وحق تحويل العمل لأسطوانة DVD)، تلته الدراما، والمنوعات بنسبة 20%. أحد الأسباب الرئيسية لهذا التناقض في المبيعات هو أنه على الرغم من أن القدرة على فهم اللغة اليابانية تمثل حاجزًا أمام المشاهدين الأجانب الذين يشاهدون الأعمال الدرامية المباشرة، فإن الأنيمي قادر على تجاوز هذا العائق بسهولة. كما يبين التقرير أن الأسواق الخارجية الرئيسية لمحتوى البث الياباني موجودة في آسيا وأمريكا الشمالية. ما يلي هو مناقشة خصائص مختلف قطاعات وسائل الإعلام.

آمال معقودة على الأنيمي

اتسعت شهرة الأنيمي الياباني بشكل عالمي في ثمانينات القرن الماضي. وكان ذلك العصر الذي حدث فيه نقص في المادة الإعلامية على المستوى العالمي مع تحويل الهيئات الإذاعية للقطاع الخاص في كل الدول الأوروبية، وبداية القنوات التلفزيونية المشفرة وتنوع القنوات الفضائية، مما أدى إلى تدافع عالمي في البرمجة لملء الموجات الهوائية المتوسعة. وبدأت عمليات البحث لشراء محتوى غزير وبسعر رخيص، وحدث صفقات قوية خاصة مع الدراما التلفزيونية في هوليود والأنيمي الياباني الذي كان محل اهتمام شديد بشكل خاص.

وبينما نظرت طبقة النخبة في أوروبا لهذا التدفق الضخم للمحتوى الأجنبي كغزو ثقافي، كان المنتجون اليابانيون في الواقع مدفوعين لبيع سلعهم في الخارج وليس عن طريق الرغبة في فرض ثقافتهم على الآخرين ولكن من خلال النظر إليه كنوع من أنواع التبادل الثقافي الدولي. وخلق هذا التدفق من الأنيمي الياباني جيلًا من المعجبين الأوروبيين الذين بلغوا سن الرشد وهم يشاهدون هذا المحتوى. ليقوموا بعد ذلك بعقد فعاليات الثقافة الشعبية اليابانية في كل أنحاء أوروبا، وأشهرها جابان أكسبو الذي يعقد كل عام في يوليو/ تموز.

وتكمن قوة الأنيمي الياباني في نظام الفصل بين شركات النشر التي تقوم بتطوير خطة المانغا أو الرواية وقنوات التليفزيون والشركات السنيمائية لإنتاج الأفلام. ويحتاج إنتاج الأفلام الجذابة، لقصة شيقة. وتتوافر القصص ذات الجودة العالية بفضل التضافر بين قطاع الإنتاج السينمائي والناشرين في اليابان، مما يجعل الأمر شيقاً بالنسبة للبالغين.

وحتى الآن لا يوجد تغيير في الآمال المتعلقة بقوة إنتاج أعمال جذابة في قطاع الأنيمي الياباني. وعاد نقص المحتوى الفني على المستوى العالمي مع الانتشار المتسارع للبث عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة. ويتزايد الطلب على الأنيمي الياباني من العالم أجمع في ظل فقاعة البث عبر الإنترنت. خاصة التواصل الإيجابي من قبل شركات البث عبر الإنترنت مثل المشترين الصينيين وشركة نتفليكس الأمريكية.

ويعد الأنيمي نوع من الأعمال الفنية التي تعقد عليها آمال عدة في التوسع حيث لا يقتصر الأمر على انتشارها فقط كأعمال سينمائية بفضل القابلية الكبيرة لاستغلالها كملكية فكرية. وبالإضافة لحق التحويل لمنتجات كالألعاب، والمأكولات، والأدوات المكتبية، يتم عقد فعاليات مثل مهرجان أغاني الأنيمي مؤخراً.

كما يوجد ما يطلق عليه سياحة المحتوى الفني في أوروبا والولايات المتحدة والتي يعد زيارة الأماكن المقدسة الخاصة بأماكن أحداث الأنيمي أحد أشكالها. فقد أصبحت ميزة كون الأماكن التي تدور بها أحداث الأنيمي الياباني، أماكن حقيقية، أحد دوافع زيارة السائحين الأجانب لليابان. وكذلك التوسعات الجديدة مثل إنتاج التلفزيون الياباني لفكرة برنامج مقترحة من جمعية سياحة الأنيمي القائمة على التعاون مع التلفزيون التايلاندي للتعريف بجاذبية المناطق المقدسة للأنيمي الياباني والقيام بجولات به مع أعضاء فريق الفنانين التايلاندي ذو الشعبية الكبيرة BNK48.

الشهرة العالمية بعد إعادة العمل

في عام 2017، حظي التوسع بالخارج لكل من أعمال الدراما التلفزيونية، Mother، ماذر (من إنتاج نيبون تي في، عام 2010) و Woman، وومان (من إنتاج نيبون تي في، عام 2013)، على اهتمام المتابعين. ونال إعادة إنتاج كل من العملين في تركيا ANNE (الأم) وKadin (امرأة)، شعبية كبيرة أدت إلى انتشار أوسع. فتم إذاعة ANNE (الأم) بعدها في أكثر من 20 بلدا منها المكسيك، تشيلي، كرواتيا، صربيا، وبالمثل تلقى Kadin (امرأة)" عروض من العديد من القنوات التلفزيونية. ويعد قيام القناة التلفزيونية التركية بمواءمة العمل مع ذوق كل بلد، هو مثال يستحق الالتفات إليها كسبب للنجاح العالمي للعمل. ويعد بيع حق إعادة الإنتاج للأعمال الدرامية بالتساوي مع بيع الحزم الكاملة، أحد الاختيارات المتاحة للتوسع الخارجي. فيجب أن يكون محتوى الدراما الأصلية شيقاً، لإنجاح عملية بيع حق إعادة الإنتاج.

وقد كان بيع الحزم الكاملة قائماً بالأساس على آسيا. وخاصة أصبحت الدراما التلفزيونية ذات شعبية في الصين بين فترة التسعينات من القرن الماضي وحتى العقد الأول من الألفية الحالية، وساهم الأمر في زيادة أعداد الطلاب والسائحين الأجانب القادمين إلى اليابان. ورحب كل من تايوان، كوريا الجنوبية والصين بالدراما التلفزيونية اليابانية لسنوات طويلة.

قنوات التلفزيون الإقليمية وتركيزها على المعلومات السياحية

تنشط صادرات قوالب برامج المنوعات مثلها مثل بيع حقوق إعادة إنتاج الدراما. فيمكن ذكر برنامج SASUKE NINJA WARRIOR من إنتاج TBS كأحد أمثلة البرامج التي لاقت نجاحاً كبيراً. وحتى الآن تم عرضه في 165 دولة حول العالم وحظي بشعبية كبيرة في كل من الولايات المتحدة، تايوان وماليزيا.

وبخلاف TBS، تملك القنوات الرئيسية في كل من طوكيو وأوساكا، برامج منوعات ذات معلومات لاقت قبولاً عالياً على المستوى العالمي، وتقوم بإنتاج برامج موجهة للداخل عن طريق العمل المشترك مع شركات الإنتاج والوكلاء المحلية القوية بداية من خطة البرنامج بالكامل وحتى تخطيط الفقرات داخل البرنامج. ثم يقوم شريك العمل المحلي ببيع البرنامج للقناة التلفزيونية المحلية وإذاعته. كما يقوم المنتجون المشتركون الدوليون بالاستثمار في شركات الإنتاج المحلية، وإقامة شركات محلية في تايوان وسنغافورة، في خطوة أبعد لدخول الساحة بدلاً من مجرد الاكتفاء بيع البرامج.

وبحلول عام 2010، أذيعت برامج سانبومونو(التجول سيراً) و ماتشي أروكي مونو (التجول سيراً في المدينة) وهي برامج معلومات في قالب منوعات، العديد من المرات داخل اليابان. وهي برامج تقوم على فكرة أن يتجول فنان كوميدي في شوارع المدينة بينما يقوم بالتسوق وتناول الطعام في المحلات ذات الشعبية. ومع بيع تلك البرامج للقنوات التلفزيونية الأجنبية، يتم التعريف بواقع المناطق السياحية والأكلات المحلية في كل أنحاء اليابان للخارج، مما يدفع للتفكير في زيارة اليابان ولو لمرة واحدة. وينشط توسع هذا النوع من الأعمال الفنية بالخارج، مع رغبة الحكومات المحلية في التعريف بمدنهم أمام العالم، وتقلص ميزانيات الإنتاج في القنوات التلفزيونية، ومكاتب الفنانين التي ترغب في توسيع نطاق نشاط الفنانين المسجلين بها.

وقامت قناة تلفزيون هوكايدو منذ تسعينات القرن الماضي بالعمل في هذا النوع من البرامج، وحققت نتائج جيدة. ونجحت في استقطاب السائحين من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وهؤلاء من النصف الجنوبي للكرة الأرضية حيث يكون الفصل المناخي معاكس الراغبين في الطبيعة الجذابة والمأكولات الخاصة بشهر الشتاء في هوكايدو، وساهم ذلك بشكل كبير في تحول تركيب اقتصاد هوكايدو الذي كان يعاني من الركود. كما قامت كذلك قناة تلفزيون كيوشو بالتركيز على البرامج الموجهة للخارج التي تقوم بتعريف أماكن الأونسين (ينابيع المياه الساخنة) مثل يوفوئينتشو وبيبّو. وقامت القنوات التلفزيونية في كل من أقاليم توكاي وهوكوريكو بالتضافر معاً وتقديم النقاط الرئيسية على طريق الجولة السياحية الكبيرة على طريق شوريودو. ويمكن التعريف بالخصائص المميزة للرامين كوجبة موجودة في كل أنحاء اليابان، تختلف مكوناتها وطعمها من منطقة لأخرى. ومع إذاعة برامج تعريفية بأطباق الرامين من كل إقليم، لاقت شعبية وتزايدت أعداد الزائرين الأجانب في محلات الرامين في كل مكان.

ويذاع الكثير من البرامج بالخارج مع إنتاج البرامج التلفزيونية القائمة على فكرة المأكولات (الحلويات، المأكولات البحرية، أطباق المستوى أ والمستوى ب)، والأماكن السياحية والثقافة التقليدية، بالتعاون بين القنوات التلفزيونية المختلفة. فقد كانت اليابان في المرتبة الـ 30 عالمياً في العقد الأول من الألفية من حيث عدد السائحين الأجانب، الذين لم يكن لديهم إدراك سوى بمدن طوكيو وكيوتو، قبل هذا الحجم الضخم من المعلومات التي تقدمها تلك البرامج.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. صورة العنوان: بيكستا)

أنيمي سياحة