كيف ينظر الشباب في أوكيناوا لقضية التواجد الأمريكي على أراضيه؟

سياسة مجتمع

بالنسبة للعديد من الشباب في أوكيناوا اليوم، لم تعد قضية القواعد الأمريكية هي الأكثر أهمية، بل إن هناك قضايا أخرى تستحوذ على اهتمامهم مثل الفقر وانعدام المساواة حيث أنها أشياء تؤثر عليهم بشكل مباشر. لذا فإن فوز ديني تاماكي في انتخابات المحافظين الأخيرة يعد بمثابة أمل جديد في التوصل إلى تفاهم بين الأجيال في أوكيناوا التي يتغير فيها الرأي العام بسرعة.

محافظ أوكيناوا الجديد هو ديني تاماكي البالغ من العمر 58 عاما وهو مرشح مستقل يدعمه تحالف "كل أوكيناوا". حتى عشية الانتخابات كان معظم المراقبين يتنبأون بمنافسة قوية، إلا أن تاماكي حقق فوزا مستحقاً في النهاية مسجلاً رقماً قياسياً بلغ 396,632 صوتا، متقدماً بذلك على منافسه ساكيما أتسوشي بأكثر من 80 ألف صوت، وهو المرشح المدعوم من الحزب الديمقراطي الليبرالي وحزب كوميتو الجديد وغيرها من الأحزاب الأخرى.

في هذا المقال، أود أن ألقي نظرة على أنماط التصويت في الانتخابات الأخيرة لتدارس ما قد تشير إليه من الاتجاهات والمواقف السياسية التي يتبناها الشباب في أوكيناوا اليوم.

ذكريات باهتة وروح أوكيناوا

أدرك من خلال تجربتي الخاصة أن الأمور تتغير، ففي السنوات الأخيرة لاحظت في عدة مناسبات التحول الذي طرأ على الاتجاهات والمواقف التي يتبناها الشباب في الجامعة التي أدرّس فيها، فعندما أتحدث عن تاريخ أوكيناوا القاتم وأهمية السلام اليوم، تساورني الشكوك عما إذا كان الطلاب يدركون حقاً المعنى الذي أريد إيصاله.

من المألوف القول بأن آراء الناس الذي يعيشون في أوكيناوا يتم تجاهلها في "بر اليابان الرئيسي". لكن من خلال تجربتي هنا كأحد أهالي أوكيناوا، أشعر أحيانًا أن التوصل إلى اتفاق حول ما يحدث داخل أوكيناوا نفسها يعد أمراً أكثر صعوبة.

لسنوات عديدة، ساهمت التجربة المشتركة لمعركة أوكيناوا الكارثية التي وقعت قرب نهاية الحرب العالمية الثانية في خلق حالة يمكن وصفها على أنها نوع من إجماع الآراء حول القضايا السياسية الهامة. لعقود من الزمان، اتحد سكان المحافظة تحت شعار "Okinawa no kokoro" أي (روح أوكيناوا).

فقد حوالي ربع السكان حياتهم في القتال للذود عن أوكيناوا ولقد أدت هذه التجربة المروعة إلى شعور عام بالتضامن وتوق شديد لتحقيق السلام. اليوم ورغم مضي أكثر من سبعة عقود على انتهاء القتال، إلا أن حوالي 70% من القوات الأمريكية في اليابان ما زالت تتمركز في أوكيناوا. بالنسبة للعديد من أهالي أوكيناوا، فإن الطبيعة الاستمرارية التي يتسم بها هذا العبء الجائر أصبحت قضية أساسية ولقد كان تقليص عدد القواعد أو التخلص منها بالكامل هو القضية الأكثر أهمية عبر تاريخ أوكيناوا في مرحلة ما بعد الحرب.

في وقت من الأوقات، ساهمت ذكرى الحرب والوجود الأمريكي المستمر في توحيد الرأي العام في أوكيناوا، لكن الأمور بدأت تتغير.

الفجوة المتزايدة بين الأجيال

في إبريل/ نيسان 2017، أجرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية NHK استطلاعًا للرأي العام بمناسبة مرور 45 عاماً على عودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية، وقد لوحظ وجود انقسام حاد بين الأجيال حول المسألة المصيرية المتعلقة بوجود القواعد الأمريكية على أراضي محافظة أوكيناوا، فبينما عارض معظم مواليد عام 1972 (الفترة التي "عادت" فيها أوكيناوا إلى السيادة اليابانية) وجود القواعد، وافق 65% من الذين ولدوا في فترة ما بعد الانتكاس على الوضع الراهن.

لم يعد الرأي العام في أوكيناوا موحداً كما كان في الماضي، وقد جاءت نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في ناغو في 4 فبراير/ شباط 2018 كدليل آخر على هذه الحقيقة، إذ تعد ناغو نقطة محورية لوجهات النظر المتضاربة حول وجود القواعد الأمريكية في المحافظة وذلك باعتبارها موطناً للمنشأة العسكرية الأمريكية المزمع إنشاؤها في هينوكو.

في البداية، كان من المحتّم أن يفوز "إينامين سوسومو" الذي عارض مقترح إنشاء القاعدة الجديدة وكان مدعوماً من تحالف "كل أوكيناوا"، لكن في الواقع تم انتخاب الوافد الجديد توغوتشي تاكيتويو المدعوم من ائتلاف الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو الجديد بهامش أصوات وصل إلى 3000 صوت.

ومن الجدير بالملاحظة أن دعم توغوتشي قد تجاوز الكتلة الانتخابية الأساسية للحزب الليبرالي الديمقراطي وشركائهم في حزب كوميتو الجديد بأكثر من 2000 صوت. وأشارت نتائج مسح اقتراع الناخبين إلى أن أكثر من 60% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة قد صوتوا لصالح توغوتشي كما أنه حصل أيضاً على دعم ما يقرب من 60% من الناخبين في العقد الثالث من العمر، وعلى النقيض من ذلك فقد ذهبت معظم أصوات الناخبين في العقد السادس من العمر لصالح إينامين.

وقد أظهرت انتخابات المحافظين الأخيرة اتجاهات مشابهة، بالإضافة إلى أن نتائج مسح اقتراع الناخبين الذي أجرته كل من صحيفة أساهي وتلفزيون ريوكيو أساهي وهيئة الإذاعة اليابانية NHK أظهرت دعماً كبيراً لصالح ساكيما بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 29 عاماً. كانت شعبية المرشحين متساوية بين الناخبين في العقد الثالث من العمر، بينما جاءت شعبية تاماكي في المركز الأول بين الناخبين في العقد الرابع من العمر أو أكثر. أما بالنسبة للناخبين في العقدين السادس والسابع من العمر، فقد حظي تاماكي بشعبية مضاعفة.

اعتاد الناخبون الأصغر سناً على تفضيل الأشخاص الذين يرشحهم الائتلاف المحافظ، في حين كان الناخبون الأكبر سناً يميلون إلى دعم المرشحين الذين تدعمهم مجموعة "كل أوكيناوا"، ولجذب أصوات الناخبين الأصغر سناً خلال انتخابات ناغو، قدم كل من الحزب الديمقراطي الليبرالي وحزب كوميتو الجديد وعوداً بإنشاء المزيد من دور السينما ومنافذ ستاربكس وغير ذلك من المرافق الترفيهية، في حين تعهد بخفض رسوم الهاتف المحمول بنسبة 40% خلال انتخابات المحافظين.

إلا أن البعض قد انتقد هذه التكتيكات معتبراً إياها مجرد محاولة "لإخفاء" قضية هينوكو من النقاش أمام الرأي العام، لكن في الواقع كان الناخبون على دراية تامة بما كان يحدث. كان يُنظر بشكل واسع إلى قرار عدم مناقشة نقاط الصواب والخطأ في قضية هينوكو، على أنه السبيل الوحيد لفوز الائتلاف المحافظ. أدرك الناخبون من صغار السن بأنه يتم تجاهل مسألة القواعد عن عمد، لكن رغم معرفتهم بأن القواعد هي قضية مثيرة للجدل إلا أنها لم تعد تمثل بالنسبة لهم القضية الأساسية ذات الأهمية الساحقة كما كانت بالنسبة للأجيال السابقة.

الأسباب واضحة، فكل مجموعة عمرية تنظر إلى مسألة القواعد بطريقة مختلفة؛ الناس الذين مازالوا يتذكرون رؤية أراضيهم تُغتصب ويتم تجريفها لديهم وجهة نظر مختلفة عن الشباب الذين نشأوا منذ الصغر معتادين على رؤية الأسوار حول القواعد منذ يوم ولادتهم.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حقيقة مفادها أنه على الرغم من حصول السياسيين المحليين على الدعم عن طريق معارضتهم لقاعدة هينوكو، إلا أن الحكومة الوطنية واصلت المضي قدماً في مخططاتها متحدية المعارضة المحلية، وأعمال البناء في القاعدة الجديدة أصبحت جاهزة لكي تبدأ في أية لحظة.

ليس من المستغرب أن الشعور بالاستسلام أصبح أمراً شائعاً بين جيل الشباب. يشعر الكثير من الشباب أنه من غير المجدي الدخول في نقاش مع الحكومة الوطنية، وأنه قد أصبح من غير الممكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

لقد ولد الطلاب الذين أدرّس لهم اليوم إبان الوقت الذي تم التوصل فيه إلى الاتفاق الذي عُقد بين الحكومتين اليابانية والأمريكية في عام 1996 لإعادة قاعدة فوتينما الجوية إلى اليابان. ولذلك فإن بناء قاعدة جديدة كان دائماً محل خلافات حادة بين أوكيناوا والحكومة الوطنية بحسب ما يتذكرون. بل لعله من الطبيعي جداً أن يجدوا صعوبة بالغة في محاولة التفكير في قضية هينوكو باعتبارها موضوع اهتمام رئيسي بعد مرور كل تلك السنوات الطويلة.

لقد مضى الآن 73 عاماً على معركة أوكيناوا. عندما دخلت الجامعة في عام 1978، كان قد مر 73 عاماً منذ انتهاء الحرب الروسية اليابانية عام 1905 بتوقيع معاهدة بورتسموث، وكطالب شاب حينها كان من المستحيل بالنسبة لي أن أدرك وزن هذا الحدث التاريخي. حتى عودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية قبل 43 عاماً ربما لم يعد يعتبر جزءاً من التاريخ الحي بالنسبة لشباب اليوم. هناك شيء واحد مؤكد، ألا وهو وجود فجوة عميقة حالياً بين الأجيال من حيث إدراكهم للتاريخ واستيعابهم له.

أولويات جديدة

كما أخبرني أحد الطلاب الجامعيين: "نحن نعلم أن السلام مهم، لكن هذا لا يعني أننا نريد أن نسمع كبار السن يتحدثون عن مدى فظاعة الحرب في كل وقت وهو أمر يصعب الاعتراف به خاصة حين يصدر عن أشخاص يتعاملون مع بر اليابان الرئيسي كما لو كان عدواً؛ أوكيناوا جزء من اليابان". واعترف آخرون بأن هناك رغبة تتملكهم بأن يصمّوا آذانهم كلما بدأ الناس في مناقشة هذه المواضيع، ربما يكون في شعورهم هذا جانب كبير من المنطق.

بالنسبة لجيل الشباب هناك قضايا أكثر إلحاحاً تأتي على رأس أولوياتهم، فهم أكثر قلقا بشأن قضايا مثل الفقر وعدم المساواة في توزيع الثروة وتدني الأجور ووجود مقترحات من شأنها زعزعة نظام المنح الدراسية. هذه هي الأمور التي تؤثر عليهم بشكل مباشر وليست مجموعة من النقاشات العقيمة حول الماضي.

يعيش حوالي ثلث أطفال أوكيناوا تحت خط الفقر، وهو ضعف المعدل القومي. ووفقًا لدراسة استقصائية أجرتها وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا عام 2016 حول اضطرابات السلوك والتغيب عن المدرسة، تبين أن 32.3 شخصاً من أصل 1000 لم يكونوا في المدرسة الثانوية ويعد هذا أعلى معدل على مستوى البلاد وأكثر من ضعف المعدل الوطني، وتعتبر العوامل الاقتصادية وظروف المنزل من بين الأسباب الرئيسية لترك الطلاب المدرسة ويستمر العديد من الطلاب في ترك الدورات الدراسية على مستوى الكلية لأسباب مماثلة. ليس من الصعب أن ندرك أن الفقر وعدم المساواة في توزيع الثروة هما من أهم العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى هذا الوضع.

إن متوسط مستويات الأجور منخفض في أوكيناوا والعديد من الشباب عالقون في وظائف غير مستقرة وغير منتظمة مع فوائد قليلة وفي ظل هذه الظروف، فإن ترك المدرسة الثانوية أو الكلية يزيد من صعوبة العثور على وظيفة محترمة. لكن لسنوات عديدة لم يهتم السياسيون المحليون بمشاكل الشباب، واستمرت نفس الحجج القديمة في إحداث الخلافات بين المحافظين والإصلاحيين بينما استخدمت الشركات المحلية والشخصيات المالية حزم التحفيز الاقتصادي لمصالحها الخاصة. وقد أدى هذا إلى اتساع الفجوة بين دخول الأفراد مما زاد الأوضاع سوءاً بشكل غير مسبوق في أوكيناوا، وجيل الشباب اليوم هم من سيضطر إلى دفع الثمن.

ولقد نشأت حركة "كل أوكيناوا" قبل أربع سنوات في محاولة للابتعاد عن هذه الخلافات السياسية وصراعات المصالح.

لكن وكما ذكرت سابقاً، فقد مثّل الناخبون في العقد السادس من العمر أو أكثر جبهة الدعم الرئيسية لمجموعة "كل أوكيناوا" في انتخابات بلدية ناغو وانتخابات المحافظين، ونتيجة لذلك فإن الأمور التي تشغل بال كبار السن تختلف عن الأمور التي تشغل بال الشيوخ، وأصبحت إمكانية إجراء حوار بناء بين الأجيال أمراً أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

ما الذي يطمح شباب أوكيناوا إلى رؤيته في المستقبل؟

حتى بين أولئك الذين ولدوا بعد عودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية، ورغم أنهم يقبلون بالأساس بفكرة وجود القواعد في أوكيناوا، إلا أن معظم الناس لا يحبون فكرة الاعتماد على القواعد أو أن يشيع اعتقاد بأنهم يعتمدون عليها.

على أية حال فقد ولّت تلك الأيام التي كانت تستطيع فيها أوكيناوا كسب قوتها من القواعد إلى غير رجعة. حالياً، يشكل الدخل من القواعد نسبة 5% فقط من إجمالي إيرادات المحافظة.

وفي الوقت نفسه، فقد وصلت عائدات السياحة الآن إلى مستوى جديد مرتفع لمدة خمس سنوات على التوالي.

في عام 2017 بلغ عدد السياح الذين زاروا الجزر 9.6 مليون سائح وتتفوق أوكيناوا الآن على جزيرة هاواي كوجهة سياحية.

وبغض النظر عن أية شكوك، فإن السياحة تعد الآن الصناعة الرائدة في أوكيناوا. في الواقع يصعب تصور مستقبل أوكيناوا دون أن تكون السياحة جزءاً منه، وهذا أمر يتفق عليه جميع الشباب تقريبا.

لكن في الوقت الحالي، لا توجد لدى كثير من الشباب فكرة واضحة عن المستقبل الذي يريدونه للجزيرة التي يعيشون عليها. وبالتالي، فإن نفسيتهم أكثر تعقيدًا وتشابكًا من الحالة الذهنية التي كانت شائعة بين الأجيال السابقة التي كانت تميل إلى تعريف نفسها من خلال الانقسام بين "القواعد أو الاقتصاد" والحجج المتعلقة بالاستقلالية والامتعاض الأيديولوجي ضد بر اليابان الرئيسي.

هل سينجح الاستفتاء في جمع الناس؟

إن هذا الاختيار القسري بين موقفين والخطاب المتطرف الذي صاحبه في كثير من الأحيان ساعد على تعميق الانقسام بين الأجيال على نحو يضر بكل المعنيين بالأمر. لقد حان الوقت للجيل الأكبر سنا الذي حاول وفشل في إيصال إحساسه بتاريخ أوكيناوا، وأنا واحد من أبناء هذا الجيل، حتى يقوم بتغيير طريقة تفكيره. نحن بحاجة إلى معالجة مشاكل الفقر وانعدام المساواة التي يعاني منها الشباب والعمل سوياً لحلها. إذا استطعنا القيام بذلك، فسوف تُحل بطبيعة الحال إشكالية الفجوة في الفهم.

وبهذا المعنى، يكون الاستفتاء المقترح على قاعدة هينوكو فرصة مثالية لإنهاء حالة الانقسام بين الأجيال.

تلقت عريضة تطالب بإجراء استفتاء أكثر من 100 ألف توقيع أي ما يزيد على أربعة أضعاف العدد المطلوب، وتقوم جمعية المحافظات بدراسة تشريع الاستفتاء.

لعب الشباب في العقد الثاني من العمر دوراً محورياً في تحريك العريضة إلى جانب الأحزاب السياسية والشخصيات الاقتصادية التي كانت تدعم المحافظ أوناغا تاكيشي الذي توفي مؤخراً. في مراحلها الأخيرة، نجحت الحركة في كسب دعم كبير من جانب المراهقين.

يقول موتوياما جينشيرو ذو الستة والعشرين ربيعاً، ممثل إحدى الجماعات المدنية التي تطالب بإجراء استفتاء لاتخاذ قرار بشأن قضية هينوكو، إن جماعته ترى في الاستفتاء فرصة ذهبية من أجل تشجيع الحوار بين الأجيال وبين سكان الجزيرة.

لقد أكدت مراراً وتكراراً أن الأجيال المختلفة الآن تريد أشياء مختلفة. لكن الوضع في أوكيناوا أكثر تعقيدا من ذلك: فهناك قدر من التنوع فيما يخص "قضايا أوكيناوا" بنفس قدر الجزر الموجودة في المحافظة.

تواجه العديد من المناطق النائية مشاكل مثل تضاؤل عدد السكان وضعف البنية التحتية الطبية والنقل وتنعكس هذه التناقضات على أنماط التصويت في الانتخابات، فعلى مستوى البلدية، تظهر الأصوات التي حصل عليها المرشحون على اختلافهم في انتخابات المحافظين الأخيرة نفس النمط الذي كانت عليه الانتخابات السابقة في عام 2014، وعلى الرغم من أن تاماكي كان مدعومًا بشكل كبير في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في الأجزاء الوسطى من الجزيرة الرئيسية، إلا أنه قد خسر أمام ساكيما في القرى الزراعية الواقعة في الشمال وفي العديد من الجزر الأصغر حجماً وفي غينوان حيث تقع قاعدة فوتينما.

إن الحوارات التي يقترح موتوياما إجراءها هي محاولة جريئة لمعالجة القضايا التي كانت الأجيال السابقة على علم بها، لكنها فشلت في مواجهتها.

أمل في المستقبل

إن الخلفية التي أتى منها المحافظ الجديد تمنحه تجربة شخصية ومعرفة بالعديد من قضايا أوكيناوا الملحة حيث كان والده جندياً أمريكيًا متمركزًا في قاعدة في أوكيناوا؛ وكانت والدته من جزيرة إييجيما. تعرض للمضايقة عندما كان طفلاً في المدرسة لكونه مختلط العرق ونشأ في فقر مدقع في منزل مع واحد فقط من والديه، إنه يعد مثالاً حياً لفترة ما بعد الحرب في أوكيناوا.

أثناء الحملة الانتخابية، كان يُشاهد كثيراً وهو يحمل غيتاراً في يده ويغني أغاني الروك بأداء مفعم بالحيوية. إن إحدى ذكريات الحملة العالقة في الأذهان هي صورة "دينى" أثناء استقباله استقبالاً حاراً من قبل حشود من النساء والأطفال، ولعل شخصيته المرحة والشابة ونظرته المليئة بالتفاؤل التي لم تنجح طفولته الصعبة في محوها، إضافة إلى الشخصية الدافئة الودودة التي يتمتع بها، كلها عوامل ساعدته في جذب دعم 70% من الناخبين المستقلين.

لقد لعب العديد من الشباب دورا هاما في دعم حملته التي تجاوزت قضية القواعد لتقدم وعداً بنوع جديد من السياسات التي سوف تشمل الجميع.

يصرح موتوياما قائلاً، "إن الكثير من الشباب الذين عملوا بجد في حملته كانوا موظفين في حملة الاستفتاء" ومع ذلك، فقد أظهر مسح اقتراع الناخبين أن نسبة دعمه بين الشباب كانت بالكاد ساحقة، فقد كانت نسبة ضئيلة فقط التي شاركت بشكل فعال. ولكن هذا لا ينبغي أن يعمي أعيننا عن حجم الفرصة التي تمثلها هذه اللحظة.

لقد تبنى الشباب هذه الحملة وجعلوا أصواتهم مسموعة للجميع، وهذه هي اللحظة المثالية للقيام بمحاولة جديدة من أجل تجميع الأجيال. ومن المرجح أيضاً أن يكون لهذه النتيجة تأثير كبير على الاستفتاء. تواجه الأجيال والمناطق المختلفة صراعات وتوترات خاصة بها ولا تتوافق دائماً مع بعضها البعض. آمل أن تكون هذه النتيجة بمثابة انطلاق لروح جديدة من الحوار والتعاون.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في 12 أكتوبر/ شباط 2018. الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان: ديني تاماكي يرقص احتفالاً بانتصاره في انتخابات المحافظين في أوكيناوا، 30 سبتمبر/ أيلول 2018، إهداء من حكومة بلدية ناها/ جيجي برس)

الولايات المتحدة أوكيناوا