رواد العلوم

السر وراء أقلام الحبر السحرية

اقتصاد علوم تكنولوجيا

أصبحت سلسلة فريكسون لأقلام الحبر القابل للمحي من شركة بايلوت الأكثر مبيعاً في العالم في أعقاب طرحها في الأسواق عام ٢٠٠٦. وقد بيع ما إجماليه ١.٥ مليار قطعة من منتجات فريكسون في أنحاء العالم حتى الآن.

شكلت الاستمارات والنماذج التي يجب ملؤها حصرا بأقلام الحبر الجاف على الدوام مصدر استياء وارهاق للأشخاص المعرضون لارتكاب الأخطاء الإملائية عند الكتابة باليد. ولكن هذا الأمر تغير كليا قبل ١٠ سنوات عندما تم طرح أقلام حبر فريكسون في الأسواق الأوروبية. حيث يمكن وضع علامات على الأوراق باستخدام هذه الأقلام وهي مشابهة تماما لعلامات أقلام الحبر الجاف العادية، ولكن عند قلب القلم وفرك الكتابة باستخدام الممحاة فإن الحرارة الناجمة عن ذلك الاحتكاك تجعل الكتابة تختفي أمام عينيك.

الأقلام الأصلية في سلسلة فريكسون والتي تحتوي على أغطية وقطر خطها ٠.٧ ميليمتر كانت الأولى في مجموعة تضم أكثر من ٢٠ منتجاً من أقلام بايلوت تستخدم الحبر القابل للمحي والمطور خصيصاً في الشركة. وحققت هذه الأقلام والمنتجات المتعلقة بها إجمالي مبيعات على مستوى العالم بلغ ١.٥ مليار قطعة حتى تاريخه.

طرحت أقلام فريكسون في اليابان عام ٢٠٠٧ وهو العام التالي لطرحها في الأسواق الأوروبية. وحظيت بقبول من الزبائن اليابانيين بسرعة حيث لاقت رواجا لدى جميع الفئات من الأطفال وحتى رجال الأعمال. وهو ما شجع شركة بايلوت لاحقا على توسيع خط إنتاجها من فريكسون لتصنيع أقلام تحديد (highlighter pen) وأختام ذات حبر مماثل قابل للمحي.

أختام مملوءة بحبر فريكسون القابل للمحي. في عام ٢٠١٤ طُرح في الأسواق ٣٠ نوعا مختلفا، توسعت سلسلة أختام فريكسون إلى ٦٠ نوعا في العام التالي. (صورة التقويم مقدمة من شركة بايلوت).

اكتساح الأسواق الأوروبية

دفع المدير الفرنسي للتسويق بأوروبا في الشركة نحو طرح المنتجات أولا في السوق الأوروبية عوضا عن اليابان، لأن الأطفال في أوروبا كثيرا ما يستخدمون أقلام الحبر الجاف بالإضافة إلى سائل التصليح في الدراسة. بينما على النقيض، يستخدم الأطفال اليابانيون بشكل عام أقلام الرصاص الخشبية أو الميكانيكية (الكباسة) في المدارس. وقد ثبت أنه كان خيارا موفقا.

وغدت أقلام فريكسون الأكثر مبيعا في أوروبا خلال فترة طويلة، حيث حظيت بشعبية وخاصة مع شعور الطلاب بالسعادة كونهم استغنوا عن الحاجة لاستخدام سائل التصليح.

أقلام حبر فريكسون الأصلية ذات الأغطية (يسار). أقلام فريكسون الكباسة (يمين) طرحت في أسواق اليابان عام ٢٠١٠. وقبل طرح هذين المنتجين للبيع، تعين على شركة بايلوت تحسين جودة الحبر بحيث لا يجف عند عدم وجود غطاء. (الصورتان مقدمتان من بايلوت).

الحقيقة العلمية وراء الحبر القابل للمحي

أسفرت سنوات طويلة من التطوير عن اختراع حبر ميتامو الحساس للحرارة والذي شكل السبب الرئيسي لمبيعات خط إنتاج فريكسون. تحتوي الكبسولات الدقيقة التي تشكل الصباغ على مزيج متساو من ٣ مواد وهي صبغة ليوكو التي يمكن أن تتغير بين شكلين مرئي وغير مرئي، ومادة مظهر اللون، ومادة منظم تغير اللون بالحرارة. وكانت إحدى أكثر المهام صعوبة هي توسيع مجال الحرارة الذي يظهر عنده اللون ويختفي.

تحدد صبغة ليوكو في الحبر نوع اللون، ولكنها لا تنتجه فعلياً حتى ترتبط كيميائيا بمظهر اللون. أما منظم تغير اللون بالحرارة فهي المادة التي تحول دون ذلك الارتباط فوق درجة حرارة معينة وتجعل اللون يختفي. وهناك منظمات مختلفة تسمح بتغير اللون عند درجات حرارة مختلفة.

في المراحل المبكرة من التطوير، كان مجال الحرارة الذي يُظهر فيه الحبر لونه ضيقا إلى حد ما، ولذلك كان للحبر قابلية للاختفاء ومعاودة الظهور. وهذه الحساسية للتغيرات الضئيلة في درجة حرارة الوسط المحيط حدت من تطبيقات هذا الحبر، فلا أحد يرغب باستخدام حبر يمكن أن يختفي لوحده بسهولة ويعاود الظهور بعد أن يتم محيه. وتعين على الباحثين توسيع مجال الحرارة لجعل الأقلام قابلة للتسويق تجاريا.

مجال الحرارة لحبر فريكسون الحالي. (الرسم البياني مقدم من بايلوت).

نجحت الشركة في عام ٢٠٠٥ بتطوير حبر يصبح غير مرئي عند درجة حرارة ٦٥ مئوية ويعاود الظهور فقط إذا تم تبريده لدرجة حرارة ٢٠ مئوية تحت الصفر. وهذا ما أرسى الأرضية لأقلام حبر فريكسون الرائدة من شركة بايلوت، حيث تم تزويدها بممحاة مصممة لرفع الحرارة إلى ٦٥ درجة مئوية عن طريق الاحتكاك.

ثلاثة عقود من التطوير

سلسلة أقلام حبر فريكسون متوفرة بألوان قوس قزح.

تولدت شرارة الإلهام لسلسلة أقلام فريكسون عندما لاحظ باحث في أحد فصول الخريف قبل أكثر من ٤٠ عاما كيف أن أوراق الأشجار يتغير لونها خلال الليل. وقد أراد الباحث تكرار نفس ذلك التحول السحري في كأس (بيكر). حصلت شركة بايلوت على براءة اختراع بحبر ميتامو في عام ١٩٧٥، بعد فترة قصيرة من ذلك الإلهام، ولكن الأمر استغرق ٣ عقود من الشركة قبل أن تتمكن من ابتكار قلم قابل للاستخدام.

وبسبب المشاكل الناجمة عن مجال الحرارة الضيق في الأشكال الأولى من حبر ميتامو، ركزت أولى المنتجات على الحداثة والإبداع أكثر من التطبيق العملي. أحد الأمثلة على ذلك هو كؤوس ورقية يظهر عليها شكل زهرة عندما يتم ملؤها بمشروب بارد. ولكن حلم فريق الشركة البحثي في إنتاج أقلام قابلة للمحي كان مستمراً.

نينومييا ساياكا الموظفة في شركة بايلوت

العقبة الأخرى التي توجب تجاوزها لصنع أقلام حبر تمثلت في تقليل حجم جزيئات حبر ميتامو، حيث كانت كبيرة إلى حد ما لاحتوائها على ٣ مكونات مختلفة في الكبسولات الدقيقة. وكان من الأساسي جعلها أصغر بحيث يتمكن الحبر من التدفق بسلاسة من رأس القلم.

وقد قللت شركة بايلوت - بحلول عام ٢٠٠٢ - من حجم جزيئات الحبر إلى خمس حجمها الأصلي. ويبلغ عرضها ٢-٣ مايكرون، وهو أقل من قطر شعرة إنسان بنحو ٤٠ مرة. وبعد زيادة مجال الحرارة للحبر ليصبح بين ٢٠ درجة مئوية تحت الصفر و٦٥ درجة مئوية في عام ٢٠٠٥، غدت الشركة جاهزة لوضع اللمسات الأخيرة على أقلام فريكسون والاستعداد لطرحها في الأسواق.

تصف نينومييا ساياكا من قسم تخطيط المبيعات في شركة بايلوت كيف أن الشعبية التي تحظى بها أقلام فريكسون تستند إلى ثناء المستهلكين بالإضافة إلى أبحاث الشركة الخاصة وجهود التسويق. ولكن كما قالت فإن هذه الأقلام لا تعرف حدودا. فالحبر قد يصبح غير مرئي عند درجات حرارة مرتفعة بدون أن يتم محيه بالاحتكاك المادي، بينما الكتابة الممحية مسبقا قد تعاود الظهور إذا تعرضت الأوراق لدرجات حرارة منخفضة. حيث تقول: ”أخبر الزبائن أن يأخذوا بعين الاعتبار كيفية استخدام هذه الأقلام. وعلى وجه الخصوص أحذرهم من أنها غير مناسبة لكتابة المستندات القانونية أو الرسمية، أو الأسماء والعناوين على الرسائل، أو حالات أخرى قد يشكل اختفاء الحبر فيها مشكلة كبرى“.

(المقالة الأصلية مكتوبة باللغة اليابانية بتاريخ ٩ أغسطس/آب ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: أقلام فريكسون معروضة للبيع في متجر إيتويا بحي جينزا، طوكيو).

قرطاسية تصميم