اليابان وبناء الروابط حول العالم

اليابان تساعد العالم في التخلص من الألغام

مجتمع

لا تعتبر الألغام الأرضية مجرد سلاح حرب، بل يمكن أن تمثل تهديدات قاتلة لعقود متعاقبة حتى بعد انتهاء الحروب. وقد قامت منظمة هالو تراست والتي تعمل من أجل القضاء على هذا التهديد بتنظيم فاعلية بطوكيو في شهر يونيو/حزيران لإلقاء الضوء على العمل الذي لا يزال يتعين القيام به من أجل التخلص من هذه التهديدات.

ميراث ثقيل

لقد سمح التمويل المقدم من اليابان ودول أخرى بإزالة ملايين الألغام الأرضية المضادة للأفراد من المناطق التي مزقتها الحرب في جميع أنحاء العالم، ورغم ذلك لا يزال هناك عدد لا يحصى من الألغام المدفونة والتي تتسبب في قتل وتشويه آلاف الأبرياء سنوياً بشكل عشوائي وكثير منهم من الأطفال.

ميراث الحرب هو المصطلح الخاص الذي أطلقه جيلز دولي على الألغام الأرضية، وهو صحفي بريطاني قضى ما يقرب من العقدين في توثيق عواقب الصراعات على المدى البعيد.

ويعمل جيلز دولي كناشط حقوقي من أجل نزع الألغام وقد كان هو نفسه ضحية لعبوة ناسفة انفجرت فيه خلال مهمة عمل في أفغانستان عام 2011، فقد بسببها رجليه وذراعه الأيمن، فكفاحه الطويل من أجل الشفاء وإعادة بناء حياته والعيش بذلك الألم المستديم لجروحه كل هذا أعطاه فهماً قريباً لما يعانيه مئات الآلاف من الناس حول العالم يومياً. فقد واصل السفر إلى المناطق التي دمرتها الحروب مثل أنغولا وكولومبيا وسوريا لأخذ صور للضحايا وعرض قصصهم على موقعه على الأنترنت الذي يحمل اسم ’’ميراث الحرب“ وهو توثيق قاسي للأثر الدائم الذي تتسبب فيه الألغام الأرضية المضادة للأفراد.

صورة لجيلز دولي وهو يروي قصة إصابته جراء انفجار عبوة ناسفة وعمله المستمر لتوثيق جرحى الألغام الأرضية.

وقد وجه دولي مؤخراً رسالته من أجل أرض خالية من الألغام عام 2025 في الفاعلية التي نظمتها كل من هالو تراست بطوكيو في 11 يونيو/حزيران والمنظمة البريطانية الخيرية لدعم الحياة في المناطق الخطرة التابعة لمؤسسة الألغام البرية ورابطة المنظمات غير الحكومية اليابانية للمعونة والإغاثة. وكنا قد أجرينا حواراً مع المنظمين قبل انطلاق الفاعلية في إستوديو طوكيو من أجل الاستماع إلى آرائهم حول رحلة القضاء على الألغام الأرضية.

زيادة الوعي حول قضية الألغام الأرضية

ندد دولي بصوت عال قائلاً ’’عندما نتحدث عن الألغام أو المتفجرات المصنوعة من مخلفات القنابل أو الذخائر غير المتفجرة، فإننا نتحدث عن الأفراد الذين تُدمر حياتهم“ فقد قام بجمع سلسلة من القصص المؤلمة خلال رحلاته، كقصة تلك المرأة من دولة لاوس والتي فقدت ابنتها وشقيقها بسبب لغم ظل غير منفجر لعقود بعد إعلان السلام، ورجل من كمبوديا فقد رجليه الاثنتين وبقي دون عمل وينام في سلة تحت غطاء من البلاستيك، فالأمر لا يتعلق فقط بألم التعرض للإصابة بل بعدم إمكانية ذلك الشخص على العمل أبداً بعدها وهذا ما سيؤثر على عائلة بأكملها وبالتالي على المجتمع بأسره.

صورة لما تم عرضه في فاعلية 11 يونيو/حزيران من ألغام مضادة للأفراد ومجسم لخط نزع الألغام.

وقد ردد جيمس كوان، المدير التنفيذي لمنظمة هالو تراست، الذي كان أيضاً في اليابان لحضور هذه الفاعلية، أهمية القضاء على الألغام الأرضية في العالم، حيث يرى أنه بمجرد أن يصبح البلد خالياً من الألغام سيصبح بلداً طبيعياً فستعود كل من السياحة والصناعة والزراعة للعمل من جديد ويتمكن الناس من عيش حياة طبيعية .وهذا ما جعل كل من هالو وهي واحدة من أقدم وأكبر المنظمات الإنسانية في العالم للقضاء على الألغام والمنظمة اليابانية للمعونة والإغاثة وهي من أقدم المنظمات اليابانية الدولية غير الربحية، يعملان على حث الحكومة اليابانية على تعزيز دعمها لبرامج الإجراءات المتعلقة بالألغام.

صورة لجيمس كوان المدير التنفيذي لمنظمة هالو تراست وهو يتحدث عن حملة ’’ 2025، عالم خال من الألغام’’.

الالتزام بإزالة الألغام

وفي عام 1997، انضمت اليابان إلى ما يزيد على 130 بلداً في التوقيع على معاهدة أوتاوا، المعروفة أيضاً بمعاهدة حظر الألغام، التي تحظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام الأرضية المضادة للأفراد. وفي عام 2014 اتفقت اليابان مع دول موقعة أخرى على الهدف الطموح المتمثل في جعل العالم خالياً من الألغام بحلول عام 2025. وعلى الرغم من أن اليابان لا تزال مانحاً رئيسياً، فقد خفضت التمويل في السنوات الأخيرة بالمقارنة مع البلدان الرائدة الأخرى. ووفقاً لما جاء به مراقب رصد وإزالة الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، فقد انخفضت مساهمة اليابان في الإجراءات المتعلقة بالألغام من 6.2 بليون ين في عام 2013 إلى 3.6 بليون ين في عام 2017، أي بانخفاض يزيد عن 40 في المائة.

صورة للسيد ياما غوتشي ممثل رئيس حزب كوميتو ’’على اليسار“ وسفير أفغانستان في اليابان د. بشير موحبات، وقد كانا من بين الشخصيات البارزة في الفاعلية.

لقد كانت فاعلية طوكيو تهدف إلى لفت الانتباه الداخلي تجاه هذه القضية، وقد أعرب المنظمون عن رضاهم عن الكيفية التي تم استقبال التظاهرة بها والحشد الكبير الذي اجتذبته بما في ذلك سياسيين من الائتلاف الحاكم ’’ ياماغوتشي ناتسوو رئيس حزب كوميتو، وتسوجي كيوتو رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي والذي يشغل حاليا منصب نائب وزير الشؤون الخارجية في البرلمان، وألقى كلاهما خطاباً أمام الجمعية العامة، إضافةً إلى أعضاء أحزاب المعارضة مثل أوكادا كاتسويا، المتحالف مع الحزب الديمقراطي الدستوري في اليابان، وقد شاهد الحضور صوراً فوتوغرافية توثق أنشطة إزالة الألغام وفيديو للأمير البريطاني هاري الذي كرس نفسه لمواصلة أعمال التوعية بخطر الألغام وهو النشاط الذي كانت تتولاه أمه الأميرة ديانا قبل وفاتها.

صورة للأمير هاري خلال زيارته لأحد حقول الألغام في أنغولا عام 2013. مناصراً لقضية إزالة الألغام مثل أمه الأميرة الراحلة ديانا.

الدور المنوط باليابان

تؤكد رئيسة الجمعية اليابانية للإغاثة والمعونة السيدة أوسا يوكيء على الحاجة إلى حشد اليابان والدول المانحة للوفاء بالتزامها لتحقيق هدف 2025، وتضيف قائلة إن اهتمام اليابان بالألغام الأرضية قد تضاءل تدريجياً في السنوات التي عقبت توقيع معاهدة اوتاوا. فالناس اليوم تركز على أهداف الأمم المتحدة في مجال التنمية المستدامة، ولكنهم بحاجة إلى أن يدركوا أن قضية الألغام البرية وثيقة الصلة ببعضها وترمز فعلا إلى هذه الأهداف.

رئيسة جمعية الإغاثة والإعانة السيدة أوسا يوكيء تتحدث حول برامج الإجراءات المتعلقة بالألغام التي تضطلع بها المنظمة.

ويضيف كوان أنه في حين أن اليابان قد أقدمت على خفض نفقاتها المالية، فإنها واحدة من الدول القليلة التي دأبت على تمويل أنشطة مكافحة الألغام على مر السنين. فاليابان تتمتع بسمعة ممتازة لتمويل الأعمال المتعلقة بالألغام في جميع أنحاء العالم. ثم يضيف لقد حان الوقت مرة أخرى لخلق هذا الجو والحركة الذين كانا لدينا في عام 1997.

وفي رسالة موجهة أيضاً بشكل مؤثر إلى الجمهور في الاجتماع المسائي، يؤكد دولي أن قضية الألغام الأرضية تتعلق بأرواح الأفراد، مؤكداً أنه بدون اتخاذ إجراء سريع لإزالة الأسلحة، ستظل الآثار البدنية والنفسية للألغام الأرضية للأجيال القادمة.

ثم يضيف أنه عندما يقابل أطفالاً أصيبوا بسبب الألغام الأرضية أتذكر الألم اليومي الذي أعاني منه والأثر النفسي الذي يتسبب فيه والفرص التي أحرم منها بسبب إصاباتي. فأنا أستيقظ كل يوم وأعتقد أن طفلاً آخر في مكان ما من هذا العالم قد أصيب مثلي ويواجه نفس الحقائق. فأنا أواصل العمل والخروج لتذكير الناس على أمل أن أستيقظ يوماً ما وأنا أعلم أنه لم يصب طفل آخر بلغم وهي أمنية يمكن تحقيقها.

من اليسار إلى اليمين. جيلز دولي، جيمس سينجلتون من قسم التحرير، أوسا يوكيء رئيسة جمعية الإغاثة والمعونة, و جيمس كوان المدير التنفيذي لمنظمة هالو تراست.

(النص الأصلي باللغة الإنكليزية. صورة العنوان لسائق سريلانكي لنقل الألغام المزاحة وبحوزته لغم أ.ب4 عثر عليه في حقل الألغام موحملاي)

اليابان السياسة السلام