يحدث في اليابان

العرب اليوم: رؤية جديدة للعالم العربي من خلال الفن

مجتمع ثقافة

أول معرض يقام في اليابان للفن العربي المعاصر. تعقد فاعليات المعرض تحت عنوان "الفن العربي المعاصر" حتى ٢٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٢. وقد جذبت مجموعة الأعمال الفنية التى تعكس التغيرات السريعة والحادة فى المجتمع العربي الانتباه من جميع أنحاء العالم.

مدير متحف "موري" للفنون الجميلة " فوميو نانجو" (Fumio Nanjo).

عمل الفنان حليم الكريم بعنوان (Untitled 1) من سلسلة (King's Harem). ٢٠٠٨. من مجموعة مؤسسة برجيل للفنون (Barjeel Art Foundation) وبتصريح من XVA Gallery.

 

إن الأحداث المختلفة الذي يمر بها العالم العربي من تبعات أحداث ١١ سبتمبر وحرب العراق وصولا إلى ”الربيع العربي“ جعلته محط أنظار العالم، ولكن رغم توالي الأخبار المتفرقة عن العرب لا تزال هناك فجوة كبيرة مملوءة بالتحيز والتفكير النمطي تجاه العرب. مما جعل صورة العرب في العالم الخارجي سلبية ومبنية على الحروب والقتال، خاصة في اليابان التي تتأثر معظم أفكارها بالغرب، ولكن بعد كارثة الزلزال وانفجار مفاعلها النووي تلقت اليابان الكثير من الدعم من دول الخليج العربي فيما يتعلق بمشكلة النقص الحاد في الطاقة مما قوى العلاقات الاقتصادية معها، فساعد ذلك على تنشيط العلاقات وتحفيز الناس على محاولة التعرف على حضارة العرب وطريقة معيشتهم بشكل أعمق.

لذلك ومن هذا المنطلق  تم افتتاح معرض ”عرب إكسبريس“ في متحف موري للفنون الجميلة في حي ”روبونغي“ بطوكيو. وشارك في هذا المعرض ٣٤ فنان و فنانة من مختلف البلدان العربية بهدف محاولة تقريب اليابانيين من العالم العربي وإبراز جانب مختلف لم يسبق لهم رؤيته عن العالم العربي. شمل المعرض أعمال فنية مختلفة من دول شبه الجزيرة العربية ودول أخرى محيطة بها كسوريا والعراق ومصر. وقد شهد المعرض حضور لافت للفنانات العرب وأيضا لفنانين مغتربين معروفين بمساهماتهم الدولية. وفيما يلي سوف نستعرض أهم وأبرز الأعمال الموجودة.

أول ما يلفت انتباهك لدى دخولك القاعة وجود صورة مبهمة لشخص يرتدي عباءة حمراء، يخيل لك للوهلة الأولى وكأنها إمرة ترتدي الزي التقليدي. ولكن في الحقيقة لا يمكنك أن تحدد ما إذا كان الشخص المبين في الصورة شاب أم فتاة. ولكن طبيعة تفكير الإنسان تدفعه إلى التفكير بطريقة نمطية.

مساعد أمين المتحف "كوندو كينإيتشي" (Kondo Ken'ichi).

شدد أمين المعرض ”كوندو كينإيتشي“ (Kondo Ken'ichi) على هذه النقطة حيث صرح: ”كان الدافع وراء عرض هذه الصورة في بداية المعرض هو دعوة الزائر للتمتع بالمعرض بنظرة محايدة والابتعاد عن التحيز.“

تصوير الفنانين لحياة العرب

ينقسم المعرض لثلاثة أقسام ويضم القسم الأول الذي يحمل عنوان
(Everyday Life and Environment) مجموعة ذاخرة من المعروضات التي تصور حياة العرب اليومية. ومن الأعمال التي يشملها المعرض عمل الفنان معتز نصر الذي صور شارع في القاهرة بشكل يومي وقام بجمع تلك الصور ليشكل لوحة فسيفسائية أطلق عليها اسم (Cairo Walk).

قال معتز: ”إن الحياة بالقاهرة صعبة، وقد أحسست بأن المواطنين متعبين. هذه صورة لرجل وهو يتأمل من الشباك إلى الخارج، لقد بقي هذا الرجل يحمل الكأس تقريبا لمدة ساعة كاملة دون حراك. وتعابير وجه مليئة باليأس، فشعرت أنها تعبرعن قسوة حياته.“

معتز نصر (Cairo Walk). ٢٠٠٦.

ريم الغيث وهي تحدثنا عن عملها.

أما الفنانة الإماراتية ريم الغيث فقد استوحت المجسم الذي قامت بصنعه من ورشة عمل لمشروع معماري صادفته في مدينة دبي التي تمر بمراحل متعاقبة سريعة من التطور، فكانت لوحتها بعنوان (?Dubai: What's Left of Her Land).

ريم الغيث (Dubai: What's Left of Her Land?).١١/ ٢٠٠٨. تم نقش كلمة (حلم) في قلب اللوحة.

وصورت الفنانة العراقية مها مصطفى التي نزحت من العراق إلى السويد وكندا ”المطر الأسود“ الذي انهمر في حرب الخليج بعملها الذي يحمل عنوان (Black Fountain).

”يبرز في أعمالي العديد من أوجه التباين. قد يظن البعض أن المياه السوداء المنبثقة من النافورة تمثل النفط. وقد يتهيآ للبعض الآخر أنها تمثل البيئة الصحراوية. ولكن في الحقيقة النافورة في العالم الإسلامي ترمز للسلام ومصدر راحة يبعث الطمأنينة في قلوب الناس. وهذه هي أحد مظاهر التباين. إن حياتي أيضا متناقضة ويتجلى هذا التناقض من خلال وجودي في بغداد أيام حرب الخليج وأعيش الآن في كندا والسويد. هذه هي المرة الأولى التي أعرض فيها لوحاتي في اليابان. إن عملي يطل على مدينة طوكيو من خلال نافذة كبيرة، وهذا التمازج والتجانس بينهما هو أمر يجب أن يلفت الانتباه.“

تقول مها مصطفى: " يعجبني هذا الجمع بين عملي ومنظر مدينة طوكيو المطل من النافذة".

مها مصطفى (Black Fountain). ١٢/ ٢٠٠٨.

عمل فريق أطفال الأحداث المؤلف من ثلاثة فنانين على تنزيل صور من الإنترنت وتركيبها على صورهم الشخصية لينتج عن ذلك عمل بعنوان (Take me to this place: I want to do the memories). إن الأعمال المعروضة تعبر عن عصر التكنولوجيا الرقمية الذي نعيش فيه، فالصور المنزلة من الإنترنت يمكن أن تنقلنا إلى أي مكان.

وبواسطتها نتمكن من صنع الذكريات. يظهر ”فارتان آفيكيان“ الذي هو أحد أعضاء الفريق في الصورة وخلفه جبل فوجي وعلى يمينه برج موري الموجود في ”الروبونغي هيلز“ (Roppongi Hills).

يظهر "فارتان آفيكيان" الذي هو أحد أعضاء الفريق في معروضة (Take me to this place: I want to do the memories) و خلفه جبل فوجي وعلى يمينه برج موري الموجود في "الروبونغي هيلز" (Roppongi Hills).

 

تحطيم الانطباع الذي شكله الغرب

المحاضرة الفنية التي أجريت في متحف موري للفنون الجميلة في ١٦/ ٦. الصورة تبين الفنانة مها مأمون وهي تتحدث عن أحد أعمالها.

حمل القسم الثاني للمعرض عنوان
(The Image of Arab: Gaze from Outside, Voices from Inside)
وقد شمل لوحات ومعروضات متعددة هدفت إلى محاولة تحطيم الصورة النمطية التي رسمها الغرب عن العرب.

جمعت الفنانة مها مأمون مشاهد ظهور الأهرامات في الأفلام من الخمسينات حتى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين وعرضتها تحت عنوان (Domestic Tourism Ⅱ).

”استخدم الأهرام في خلفية بعض الأفلام  وكذلك كرمز في أفلام أخرى. لا أشعر بالراحة عندما تستخدم الأهرام بكثرة وبهذه الطريقة النمطية. أعتقد أن من خلال هذا العمل يمكننا إدراك الصورة الرجعية التي تأتي بها مخيلة الناس عن مصر وذلك من خلال دمج الأعمال السينمائية القديمة مع الجديدة.“

ومن الأعمال الأخرى، عرض فيديو يشجع على التخلص من الفكر المتحيز ضد العرب وعدم مساواتهم بالإرهابيين، وأيضا عرضت صور لطيفة وجميلة لسيدات يرتدين الحجاب بأسلوب أنيق. كان الغرض من هذه الأعمال إبراز مدى تحيز الغرب وفهمه الخاطئ للعرب والعالم العربي.

شريف واكد (To Be Continued).

ميرا حريز (Gladiator)، (Madonna)، (Dances with Wolves). ٢٠١٠ .(بتصريح من: XVA Gallery).

التحيز تجاه تاريخ غير معروف

عنوان القسم الثالث والأخير (Memories and Records, Histories and the Future)، بهذا القسم تظهر رغبة الفنانين الجامحة في ”توعية العالم للأحداث التي حدثت أمام أعينهم“.

قالت الفنانة لميا جريج من لبنان: ”إن إطلاع العالم بالأحداث التي رأيتها والتجارب التي مررت بها هي مسؤولية على عاتقي. هذا الإحساس بالمسؤولية هو الذي دفعني للشروع في هذا العمل“. فكان الناتج عملها (Beirut, Autopsy of a City) الذي يتكون من ثلاثة أقسام، ويحوي على صور وفيديو مع وصف مفصل لتاريخ مدينة بيروت، والوثائق التاريخية، والأساطير. وتضيف قائلة: ”يوجد في بيروت أحداث لا نجد لها تفسير وأشياء غير موجودة في السجلات. إن التحدي الذي يواجهني هو محاولة إعادة خلق تلك الأحداث ".

جمعت لميا جريج تجاربها الشخصية و ذكرياتها و عرضتها مع الوثائق المسجلة لتعيد إحياء تاريخ المدينة. (Beirut, Autopsy of a City). ١٢/ ٢٠١٠.

عرض الفنان السعودي عبد الناصر غارم عمله بعنوان (The Path). ويقدم بهذا العمل إجلاله للمتضررين من الكارثة الطبيعية التي نتجت عن الفيضان. في خضم هذه الكارثة لجأ المواطنون إلى الجسر الذي بني حديثا، ولكن لسوء الحظ جرف السيل الهائل الجسر ومن عليه. ذهب غارم إلى موقع الحادث الذي لم تتداوله الأخبار و ظل متروكا على حاله. وفي الموقع، صور نفسه وهو يكتب كلمة ”الصراط“ مرات عديدة على بقايا الجسر المتهدم.

إن الأحداث التي مرت ولاتزال تمر بالعالم العربي من حرب الخليج إلى الربيع العربي، أثرت بشكل جذري وعميق على العالم العربي. إن الرسالة وراء الأعمال التي قدمها هؤلاء الفنانين هي استيعاب جميع الأحداث التي تحدث أمامنا والنظر إليها بموضوعية. إن التنوع في طريقة التعبير عن هذه الرسالة هو ما يغني الفن العربي. وقد امتاز هذا المعرض بأسلوب عرض أنيق وباهر، لذلك ننصح الجميع بزيارة هذا المعرض.

عبد الناصر غارم (The Path). ٢٠٠٩. المجموعة: "Edge of Arabia".

الصور: كوديرا كي
الصورة الرئيسية في أعلى الصفحة: عمل الفنان حليم الكريم بعنوان (Untitled 1) من سلسلة (Urban Witness)

(تم إعداد المقال بالتعاون مع متحف موري للفنون الجميلة)
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية)

العرب الإسلام الفن