الوضع الحالي للياكوزا

بزوغ نجم عصابات جديدة بعد تراجع قوة الياكوزا

مجتمع

ضيقت التشريعات المشددة الخناق على نشاط الياكوزا بشكل متزايد منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد ظهرت جماعات إجرامية جديدة لتملأ الفراغ الناجم عن ذلك. وأسوأ تلك الجماعات سمعة ضمن عصابات ’’هانغوري‘‘ هي ’’كانتو رينغو‘‘ والتي ذاع صيتها في شوارع طوكيو في العقد الأول وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. وفي مقالة اليوم يقدم لنا شيباتا دايسوكي – وهو أحد رؤسائها السابقين – نظرة من داخل هذه الجماعة.

تشكل جماعات الياكوزا وعصابات الدرجات النارية ’’بوسوزوكو‘‘ جزءاً راسخاً من عالم الجريمة في اليابان. ولكن برز نوع جديد من المنظمات الإجرامية تعرف باسم ’’هانغوري‘‘ وتتشكل إجمالا من أفراد سابقين في بوسوزوكو. وأسوأ تلك الجماعات سمعة هي ’’كانتو رينغو‘‘ وكانت نشطة بشكل رئيسي في حي روبّونغي والمناطق المحيطة به في طوكيو.

كانت جماعة كانتو رينغو في الأصل عبارة عن تحالف من عصابات الدراجات النارية. وعلى الرغم من أن الجماعة تخلت عن كونها بوسوزوكو في عام 2003، إلا أنها واصلت من الناحية الفعلية العمل لنحو عقد من الزمن، حيث قامت بعمليات احتيال عن طريق الهاتف وغيرها من الأنشطة الإجرامية.

وجماعة هانغوري أكثر قدرة على الاختلاط في المجتمع العادي، وأحيانا كانت تدخل في صراعات مع عصابات الياكوزا، وأحيانا أخرى كانت تستغل قوة تلك العصابات بكفاءة. ولإلقاء نظرة من داخل الجماعة أجرينا مقابلة مع شيباتا دايسوكي وهو زعيم سابق في جماعة كانتو رينغو والذي ألف 3 كتب غير روائية عن الجماعة تحت الاسم المستعار كودو أكيو.

س: بادئ ذي بدء، من هي جماعة هانغوري؟شيباتا دايسوكي: اعتاد المجرمون البالغون الانضمام إلى منظمات الياكوزا. وهذا كان التطور الطبيعي لهم. ولكن عصابات هانغوري تلك تعمل بدون أن تجعل من نفسها تابعة لجماعة ياكوزا. وقد صاغ هذا الاسم الصحفي ميزوغوتشي أتسوشي. فالمقطع ’’هان‘‘ يعني نصف، بينما ’’غوري‘‘ فتشير إلى كل من ’’منطقة رمادية‘‘ والفعل ’’غوريرو (يضل عن الطريق المستقيم، أو يصبح مجرما)‘‘. ولكن في الحقيقة الكلمة غامضة جدا، لأن طبيعة تلك الجماعات يمكن أن تتباين كثيرا حسب المنطقة ودرجة الإجرام.

س: ولماذا توقفوا عن الانضمام إلى عصابات الياكوزا؟شيباتا: نجم عن تشديد التشريعات تراجع قوة الياكوزا، وكان الجيل الأكثر شبابا يرى العالم بصورة مختلفة. فأشخاص مثلي ولدوا وتربوا في طوكيو وبدأوا أعمالهم من حيّ شيبويا أو روبّونغي، لم يكن نمط الحياة وفق الياكوزا مبهرا لهم. لقد كان الطريق الكلاسيكي لمن يمارسون العنف في الشوارع، لكنه لم يكن يبدو مغريا أو رائعا للانخراط فيه بغية الوصول إلى منصب من شأنه أن يعني أن تكون مقيدا بشدة. وعلاوة على ذلك، كنا نعتقد أنه من الأكيس الاكتفاء بقوة بسيطة فقط. ما أعنيه أننا اعتدنا التغلب حتى على أعضاء الياكوزا في نزالات الشوارع.

علاقات مع قادة المال في المجتمع

منطقة روبّونغي في الليل (الصورة من بوتشي/مكتبة الصور).

س:

الموارد والشبكات المالية لكانتو رينغو منفصلة عن جماعات هانغوري الأخرى. كيف أنشأت علاقاتها مع شركات كبرى؟

: السبب الرئيسي للاتحاد غير المرغوب بين مؤسسات وجماعة الشارع هانغوري الإجرامية تمثل في التقنية. فخلال فقاعة تقنية المعلومات في حوالي العام 2000، كان الكثير من رجال الأعمال الصناعيين الجدد يسهرون بانتظام في الحانات والمطاعم وغيرها من وسائل الترفيه.

وفي تلك الأثناء، كان أعضاء كانتو رينغو قد بدأوا العمل كسائقين وحراس شخصيين لرؤساء وكالات ترفيه كبرى. وبحلول ذلك الوقت، كانوا يفتتحون أعمالهم الخاصة، مثل تقديم قروض بفوائد كبيرة وإنتاج أفلام للبالغين وتقنية المعلومات. وكان الأشخاص المختلفون يدفعون قدما بأعمالهم المتنوعة. وأنا شخصيا كان لدي شركة مرخصة للدعاية على شبكة الإنترنت وكانت عالية الربحية وتنمو بشكل سريع.

كنا نجني الكثير، ولذلك تعرفنا على مديري مشروعات تكنولوجيا المعلومات الذين كانوا يتبخترون في مناطق طوكيو المبهرة مثل روبّونغي ونيشي أزابو حاملين معهم مبالغ مالية ضخمة ينفقونها هنا وهناك. كانوا لا يهابون شيئا ومفعمين بالطاقة، مثلنا من جوانب كثيرة. ومن خلالهم قمنا بتأسيس علاقات مع المديرين التنفيذيين في الشركات و كذلك مع أثرياء المجتمع الياباني.

لم نكن ياكوزا، بل كنا مشهورين بأننا مقاتلون عنيدون. وبالنسبة للمديرين والفنانين الذين يذهبون للحفلات، كان أمراً شرعياً أن تتم مرافقتهم من قبل أفراد أشداء من جماعتنا، لقد كنا مفيدين لهم.

تصاعد العنف

استحوذ تصاعد عنف هانغوري على اهتمام الصحافة. فقد شهد عام 2010 حادثين تورط فيهما بطل سومو سابق هو أساشوريو ونجم فن الكابوكي إيتشيكاوا إيبيزو. وفي شهر سبتمبر/أيلول من عام 2012، ضرب أفراد عصابات رجلا حتى الموت في روبّونغي. ويعتقد أن رئيس كانتو رينغو في ذلك الوقت ميتاتي شينئيتشي كان وراء الهجوم. وقد هرب إلى الخارج ولا يزال على قائمة دولية للمطلوبين. وبالتالي ما الذي يجعل من كانتو رينغو مختلفة عن عصابات الياكوزا الراسخة؟

: لم يكن لكانتو رينغو هيكلا تنظيميا قويا. فقد كانت جماعة من أعضاء بوسوزوكو سابقين من مرتبة متساوية تقريبا مسيطر عليهم بنمط ديكتاتوري من قبل ميتاتي ذي الشخصية الكاريزمية القوية. لم يكن لدينا نظام الآباء والأخوة كما هو الحال في عائلة الياكوزا والتي تتشكل بعد طقوس شرب خاصة. بل كنا نعمل فقط معا كأعضاء في عصابة.

من حيث الجوهر، كنا نرى ألا علاقة لليكاكوزا بنا إطلاقا. وإذا كانت هناك علاقة، كنا ننظر إليهم باعتبارهم أداة محتملة. ونظرا لأنه تم الحد من أنشطة ومساعدي الياكوزا بتشريعات تكافح العصابات، فقد كانوا يرغبون في استخدام شباب من هانغوري المفعمة بالحيوية كوسيلة لزيادة نفوذهم في المجتمع اليومي. ولكن بنفس الوقت، كنا نستغلهم وحافظنا على الدوام على مسافة معهم.

المبنى الذي كان يتواجد فيه مقر نادي الزهرة ’’كلب فلور‘‘ في روبّونغي.

صور مشتبه بهم التقطت بكاميرات أمنية كانت في الجوار بعد هجوم النادي في روبّونغي. وتظهر الصورتان في الأعلى سائقين، بينما الصور في الأسفل فتظهر ثلاثة رجال اشتركوا فيما يبدو في الاعتداء. الصور ملتقطة في حوالي الساعة 3:40 صباحا بتاريخ 2 سبتمبر/أيلول 2012. (الصور من قسم شرطة العاصمة طوكيو، جيجي برس).

الانجرار نحو الياكوزا

س: كيف تغيرت كانتو رينغو؟شيباتا: في عام 2008 تعرض أحد المساعدين المقربين من العصابة للضرب حتى الموت من قبل جماعة معادية في شينجوكو. وهو ما شكل المحفز لتحرك كانتو رينغو نحو الياكوزا. وقادت الضغينة المستمرة إلى جريمة قتل عام 2012 في نادي الزهرة (كلب فلور) في روبّونغي.

ونظرا لأن الجماعة الأخرى في حادثة القتل التي جرت في شينجوكو كان لها علاقات بالجريمة المنظمة، استغلت كانتو رينغو أيضا الياكوزا لتدخل بذلك مجال نفوذها. وفي السابق كانت كانتو رينغو تتعامل مع أفرادها باعتبارهم متساوين، ولكنها الآن دخلت في علاقة تراتبية بين رئيس ومرؤوسين.

وبالرغم من ذلك، في حين أن ميتاتي مارس سلطة مطلقة على الجماعة، حافظ على نوع من التوزان من خلال تنويع منظمات الياكوزا التي يتعامل معها. ولكن بعد هجوم نادي الزهرة فرّ إلى خارج البلاد وخسرت كانتو رينغو قوتها التي كانت توحدها. وحاليا اندمج جميع أعضائها تقريبا ضمن عصابة الياكوزا سومييوشي كاي. بعضهم أصبح جزءا من التركيبة من خلال دفع رسوم مثل شركات الواجهة، بينما انضم آخرون إلى العصابة مباشرة وأصبحوا أعضاء فيها. وبهذا الشكل، كانت حادثة نادي الزهرة حاسمة في جذب كانتو رينغو إلى عالم الياكوزا.

’’علامة تجارية‘‘ منتهية

: صنفت كبرى جماعات الياكوزا في اليابان بوصفها عصابات بوريوكودان منظمة في عام 1991 كجزء من تشريع لمكافحة الياكوزا. وفي عام 2013، استحدثت الشرطة الفئة الجديدة ’’جون بوريوكودان (عصابات شبه منظمة)‘‘ لكانتو رينغو، والتنانين الصينية – مكونة بصورة رئيسية من أشخاص منحدرين من أطفال يابانيين تُركوا في الصين بعد الحرب العالمية الثانية – وغيرها من الجماعات التي لا تنتمي للياكوزا، والتي كانت منخرطة في تزايد أعداد الحوادث الجنائية بدءا بالاحتيال والاستغلال وحتى القتل. ما هو وضع كانتو رينغو في الوقت الحالي؟

: كان صيت كانتو رينغو يتردد في أحد الأوقات في شوارع المدينة، ولكن من الناحية الفعلية أصبحت هذه ’’العلامة التجارية‘‘ الآن جثة هامدة.

بدأ الناس في الاعتقاد بأن هذه العصابة لا تختلف عن الياكوزا في أعقاب حادثتي أساشوريو وإيبيزو. وتراجع المواطنون العاديون خطوة للوراء. عندما طبقت الشرطة تسمية ’’جون بوريوكودان‘‘ في أعقاب جريمة القتل في نادي الزهرة، لم يتبقى بعد ذلك أي شيء ’’رمادي‘‘ حيال كانتو رينغو. لقد استخدمت مواردها المالية الوافرة وصلاتها للعمل على أساس متساو مع الياكوزا، وكانت مستقلة اقتصاديا واجتماعيا، ولكنها كتبت شهادة وفاتها بيديها مع حادثة القتل تلك.

: هل ستستمر هانغوري كقوة إجرامية؟

: لا يزال بعض مجرمي العصابات يدعون أنفسهم كانتو رينغو، ولكنهم تابعون أصغر سنا لم ينتموا عمليا إلى هذه الجماعة أبدا أو أشخاص كانوا في الدائرة الخارجية للجماعة وتقريبا لم يكن لهم صلات حقيقية بها. ولكن جماعة التنانين الصينية وغيرها لا تزال كبيرة وهناك بعض الجماعات القوية في كانساي أيضا.

ومنذ ازدياد التركيز على هانغوري – وهو ما أدى إلى زيادة المعرفة بهم – كان هناك على الدوام توجه لتشكيل عصابات جديدة من جماعات لم تكن بارزة جدا في السابق أو إجرامية في طبيعتها. فهم يخرجون إلى الشوارع مرتدين أحدث صيحات الموضى ويحثون بعضهم البعض لارتكاب جنح أكثر خطورة. ونظرا لأنهم لا يملكون أي قدرة تنظيمية أو اسما لأنفسهم، فقد ينتهي الأمر بهم بالانصهار في هيكل الياكوزا، والتي تجبَر الآن وأكثر من أي وقت مضى على الاختباء عن طريق تشديد التشريعات.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017. الترجمة من الإنكليزية. التقرير والنص من باور نيوز. صورة العنوان: ملصق إعلاني يظهر شخصا مطلوبا هو ميتاتي شينئيتشي الرئيس السابق لكانتو رينغو في فرع أزابو بقسم شرطة العاصمة طوكيو، ويعرض الملصق ما يصل إلى 6 ملايين ين كمكافأة للإدلاء بمعلومات عنه.)

جريمة ياكوزا