أحكام قاسية: النظام القضائي الجنائي في اليابان

مواطنون على مقاعد القضاء: تقييم نظام هيئة المحلفين في اليابان

مجتمع

في عام 2009، أدخلت اليابان نظام المحاكم القائمة على هيئة المحلفين "القضاة غير المحترفين" في بعض القضايا الجنائية، ومن وقتها قامت بإصلاحات أكثر على المنظومة القانونية. ويقوم إثنان من علماء القانون بتقييم آثار ذلك على العدالة الجنائية في البلاد.

ثمار الموائمات

المحاور: أدخل نظام القضاة الغير محترفين، أو النسخة اليابانية من المحلفين المدنيين، في مايو/ أيار عام 2009 رغبة في تسريع المحاكمات وتحقيق فهم أعمق للمجتمع إزاء المنظومة القانونية. وبعد عقد من الزمان، كيف تقيمون هذه المنظومة؟

مورأوكا كييتشي: أشعر مثلي كمثل الكثير من الخبراء القانونيون بإن منظومة القضاة الغير محترفين لازالت قيد التنفيذ وأن هناك العديد من القضايا التي لازال يجب مواجهتها، ولكن أدعم تلك المنظومة رغم أي شيء. القانونيون المحترفون يعرفون كيف يفسرون القانون، ولكن لا يعني هذا وجود أقدر من المواطنين العاديين من تقرير حقائق القضايا. في الواقع، يستفيد النظام القانوني من اشتراك أشخاص عدة في الأمر.

ويجب أن نتذكر إن نظام القضاة غير المحترفين كان ناقصًا منذ البداية. وحاولت اليابان تبني نظام محلفين في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، ولكن الترتيبات لذلك كانت معيبة مما تسبب في تركها عند بعث النظام القانوني من جديد بعد إنتهاء الحرب. وبالتالي، نادى العديد من علماء القانون وحتى من القضاة بإعادته، متعللين بكون معدل الإدانة في اليابان 99.9% في المحاكمات الجنائية والتي تشير إلى كون ميزان العدالة بعيد كل البعد عن الاعتدال.

وكان هيرانو ريوئيتشي، أحد الخبراء القانونيين ورئيس جامعة طوكيو، أحد المنادين بذلك الأمر. وفي عام 1985، أعد ورقة عمل تناقش أى من المحلفين أو القضاة الغير محترفين ضرورين لعلاج العوار الحاد الذي وجده في منظومة العدالة الجنائية في اليابان. وقام في الواقع بنقد كلتا المحاولتين، ولكن نظرًا لأهمية رأيه، دعّم الإتجاه نحو استعادة نظام المحلفين. وفي النهاية، لجأت الحكومة إلى خلق توازن واعتمدت نظام مساعدي مستشارين غير محترفين مكونين مجلس من القضاة المواطنين ليحكموا في القضايا جنبًا إلى جنب مع القضاة المحترفين.

مشاركة المدنيين في المحاكمات الجنائية

نظام مساعدي المستشارين نظام المحلفين نظام القضاة غير المحترفين
البلد اليابان بريطانيا، الولايات المتحدة فرنسا، ألمانيا
المشاركة بالمشاركة مع القاضي المحلفين فقط بالمشاركة مع القاضي
الاشتراك في الحكم نعم نعم نعم
الاشتراك في النطق بالحكمة نعم لا نعم
المدة الحالات الفردية الحالات الفردية فترة محددة
الاختيار عشوائي عشوائي بالتوصية أو التعيين

من إعداد باور نيوز بناء على بيانات المحكمة العليا اليابانية.

الأحكام البطيئة في حالات عقوبة الإعدام

مورأوكا كييتشي: ساند المحامون بقوة اقتراح منظومة المحلفين، وحين شكل مكتب الحكومة مجلس الإصلاح القضائي في عام 1999 لمراجعة منظومة العدالة، برز على السطح موضوع مشاركة المدنيين كقضية أساسية. وناقش أعضاء المجلس مزايا وعيوب كل من أنظمة المحلفين والنظام المختلط المكون من قضاة ومحلفين. وفي النهاية قرروا اختيار نظام مساعدي المستشارين الغير محترفين والذي جمع الجوانب الإيجابية لكل من الحلين.

لقد كنت في البداية ميالًا للمحاكمات بحضور المحلفين من منطلق ضرورة إعطاء المدنيين العاديين صوتًا في النظام القضائي. ولكن تنامت لدي مخاوف كبيرة حول كيفية عمل النظام في الواقع. وإحدى الإحصائيات التي تدق ناقوس الخطر، هو أن الأحكام بعقوبات الإعدام أعلى بحوالي 20% في حالة وجود مساعدي المستشارين الغير محترفين عن حالة وجود قضاة محترفين. ويعلل العديد من الخبراء أن هذا يعكس الدعم الشعبي الواسع لعقوبة الإعدام، ولكني أشكك جدًا في ذلك التفسير.

إن مسار ما قبل انعقاد المحاكمة تم استعادته لتسريع قضايا المحاكمات، ولكن يوجد عامة نقاط أخرى يجب تجهيزها أكثر مما يمكن تغطيته في حدود الوقت المتاح. ونتيجة لذلك، لا يستطيع مساعدي المستشارين الغير محترفين عادة مراجعة الأدلة ذات الصلة بشكل متعمق واللازم لاتخاذ قرار حول وجود مبرر لعقوبة الإعدام بعد الإلمام بجوانب القضية. وزيادة أحكام العقوبة بالإعدام ليس لها علاقة بوجود دعم شعبي لها من عدمه، ولكن يرجع لأسباب متعلقة بالمبالغة في التأكيد على تسريع مسار التقاضي. وحجم المشكلة كاد أن يجعلني معارض صريح لنظام مساعدي المستشارين الغير محترفين.

موراي: أظل مع هذا النظام، ولكن يوجد بالتأكيد مساحة لتحقيق تحسينات. والخطوة الأولى من الممكن أن تكون إلغاء عقوبة الإعدام تمامًا. فصعوبة اختيار مساعدي المستشارين الغير محترفين تزيد فقط في قضايا عقوبة الإعدام، والتي جرت العادة أن تكون بطيئة بسبب عظم العقوبة. ومن الظلم اتخاذ خطوات لتسريع المحاكمات، حيث أن ذلك سيبقى على العديد من المعالم الحيوية للقضية بعيدّا عن حصولها على الاهتمام الكامل اللازم لها.

عادة ما يأخذ مساعدي المستشارين الغير محترفين في قضايا الإعدام، المعالم القهرية للقضية مثل فداحة الجريمة وعدد الأشخاص المقتولين. ولا يأخذوا في الاعتبار عوامل مثل الدافع أو التاريخ الشخصي للمشتبه به، وبالتالي تغير المحاكم الأعلى درجة في بعض الأوقات الحكم التي تجده قاس جدًا. وغياب الوضوح والمعاييرالعادلة لطلب عقوبة الإعدام هو عيب كبير في نظام مساعدي المستشارين الغير محترفين.

مشكلة المشاركة المنخفضة

مورأوكا: يجب أن يكون القضاة متيقنين أن الحكم يناسب الجريمة، وخاصة في حالة عقوبات الإعدام. بينما النطق بالحكم في ظل نظام مساعدي المستشارين الغير محترفين، لا يعطي هذا الإنطباع على الإطلاق. وأنا متأكد أن مساعدي المستشارين سوف يختارون عقوبة الإعدام بشكل أقل إن كان لديهم أدلة أكثر للمراجعة ووقت أطول للنظر بتأني للحقائق.

موراي: في الواقع، يقول الكثير من مساعدي المستشارين الغير محترفين أنهم يحتاجون المزيد من الوقت للنظر في القضايا. وكلما قصر وقت المحاكمات، قل العبء على القضاة من المدنيين، ولكن وجود مدى زمني يظلل الإجراءات بالكامل يعقد الأمر بشكل أكبر المهمة المتعبة بالفعل حول تقرير إن كان على الشخص دفع حياته مقابل ارتكابه لجريمة ما.

مورأوكا: نقطة أخرى هامة هي العدد الكبير للأشخاص المطالبين بالإعفاء من القيام بمهمة مساعدي المستشارين الغير محترفين. أما المواطنين الذين يتم استدعاؤهم فهم قادرين على القيام بالعمل بشكل كبير، ولكن حقيقة أن أكثر من 60% من المحلفين القادرين يرفضون العمل يجعلنا نتسائل إن كان الهدف من تحفيز مشاركة الشعب في منظومة العدالة الجنائية متحقق أم لا.

نفور من تسجيل تحقيقات الشرطة

المحاور: بداية من يونيو/ حزيران 2019، سيكون إلزاميًا تسجيل التحقيقات صوت وصورة في حالة القضايا التي تتضمن عمل مساعدي المستشارين الغير محترفين. وقد جرى مدح الإجراء لكونه وسيلة للوقاية من استخدام سلطات تنفيذ القانون لتقنيات قسرية أثناء التحقيقات لإجبار الدفاع على الاعتراف. وكانت الشرطة تقوم بتسجيل التحقيقات بشكل ما طوال العقد الفائت، فماذا ترون نتيجة وفعالية هذا الإجراء؟

مورأوكا: تسجيل التحقيقات صوت وصورة يضيف شفافية لاستهداف الحد من الاعتماد على الأدلة الوثائقية وتسهيل اثبات مصداقية اعترافات الدفاع. وقد الأمر ناجحًا في هذا الشأن وفي التخلص من استخدام ممارسات القبضة القوية أثناء التحقيقات.

ولكن، مخاوفي من البداية كانت من تأثير فيديوهات التحقيقات على الأحكام، وقد تبين حقيقة ذلك بالفعل. ويميل مساعدو المستشارين والقضاة الغير محترفين إلى إعطاء أهمية أكبر للفيديوهات عند اتخاذ قرارهم بالمقارنة بالأدلة والحقائق الأكثر ارتباطًا بالقضية.

مورأوكا كييتشي

موراي: أوافق على كون القواعد الحالية زادت من خطورة أن تقوم أدلة الفيديو بالتأثير بشكل مبالغ على قرارات مساعدي المستشارين الغير محترفين. فيجب حقًا التحقيق مع المشتبه بهم في حضور محاميهم ويجب أن يتم مراجعة المادة الفيلمية لتحديد أي الأجزاء تعد وثيقة الصلة بالقضية. فيما عدا ذلك، يزيد مجرد تقديم الفيديوهات كدليل، من إحتمال قيام مساعدي المستشارين الغير محترفين بالاعتماد على التسجيلات في أحكامهم دون إعطاء اعتبار مناسب للأدلة الأكثر اتصالًا بالقضية، مثل اعترافات الدفاع.

مورأوكا: كانت الشرطة والنيابة العامة ضد التسجيل المرئي في البداية، ولكنهم ساندوا الإجراء بمجرد اكتشاف إمكانية استخدام المادة الفيلمية كأدلة لدعم القضايا. وبالطبع، طالب محامي الدفاع طويلًا بشفافية أكبر، وكانوا وراء هذا الإجراء منذ البداية. وبما أن المقاطع المرئية أصبحت بفاعلية نوع من الأدلة، يجري الضغط الآن للسماح بها خلال جلسات التحقيقات.

انعدام الحماية من العقوبات الخاطئة

المحاور: وأدخلت تعديلات عام 2016 على قانون الإجراءات الجنائية اليابانية، كذلك تخفيف العقوبة بالتوازي مع شفافية أكبر. وعلى الرغم من كون الإجراء قدم بشكل كبير على كونه طريقة لاغراء أعضاء جماعات الجريمة المنظمة للتعاون مع وكلاء النيابة، وبعض الخبراء أبدوا قلقهم من الأقوال الكاذبة من قبل المشتبه بهم بغية تخفيف العقوبات، مما قد يؤدي إلى اتهام خاطئ للأشخاص.

مورأوكا: إن تخفيف العقوبة هو وسيلة قوية للوصول للشركاء والمجرمين الأعلى درجة في التسلسل، ولكن يوجد حاجة لوجود إجراءات للوقاية من الإيقاع بأشخاص أبرياء باتهامات خاطئة. ولكن يفتقد نظام تخفف العقوبات الياباني لمثل تلك الإجراءات الحمائية الموثوق بها.

موراي: لم تسمح اليابان قديمًا بتخفيف العقوبة، ويساورني القلق حول إدخال هذا النظام. حكمت المحكمة العليا سابقًا بعدم دستورية مناقشة التنازلات حول المسؤولية الجنائية، مدعية عدم اتساقه مع الثقافة القانونية اليابانية. وأشار وكلاء النيابة كذلك إلى عدم امتلاك اليابان لمثل هذا النظام كدليل على نزاهة القانون الياباني.

موراي توشيكوني

دور الدفاع ليس المطالبة بتخفيف العقوبة

مورأوكا: إن نظام تخفيف العقوبة الأمريكي يتكفل بالحماية من الاتهامات الخاطئة من خلال ضمان إتاحة كل أدلة القضية للمراجعة والسماح بالمشاركة في النقاش بالمحكمة. أما في اليابان، يتناقش وكلاء النيابة مباشرة مع المشتبه به. ويقوم محامي الدفاع بفحص الإدعاء، ولكن لايزال ذلك يترك الفرصة أمام العقوبات الخاطئة لتقع على شخص بريء.

والدور الأساسي للدفاع هو الدفاع عن موكله، ولكن تخفيف العقوبة قد يفصل تلك العلاقة. فتصبح الموارد المتاحة محدودة لدى محامي الدفاع في حالة اختار موكله التعاون مع النيابة العامة. ولكن عن طريق تمثيل مشتبه به قد قام بالتغيير الأدلة، يصبح المدافعين في الحقيقة مجبرين على تقديم أدلة في قضية النيابة أمام طرف ثالث.

ولدى اعتقاد راسخ أن الدفاع يجب دائمًا أن يكون ضد النيابة العامة وغير مجبر أبدًا على دعم تحقيق الدولة ضد أي طرف آخر. ولكن حقيقة أن نظام تخفيف العقوبة الياباني، لا يتطلب من وكلاء النيابة مشاركة كل الأدلة التي قاموا بجمعها ولا تلعب المحكمة دورًا في المواءمات مما يجعل لا مفر من ذلك في بعض الظروف.

موراي: أوافق تمامًا على أن المنظومة كاملة غير عادلة على الإطلاق. فالمحامي الذي يمثل شخص مشار إليه كجزء من اتفاقية الإدعاء، يصبح في الظل تمامًا وبعيدًا عن الاتفاقية ويمكنه القيام بالشئ القليل لحماية موكله من اتهام خاطئ. وقد يكون السماح للدفاع بحضور الاتفاق هو كل ما يلزم، ولكن النيابة لن تسمح بذلك أبدًا.

حزمة مسممة

مورأوكا: في مراجعات عام 2016، نمت فضيحة تتضمن عقوبات خاطئة ضد موراكي أتسوكو، رئيسة قسم بوزارة الصحة، العمل والشؤون الاجتماعية. فبعد أن وجد أن المحققين من مكتب النيابة العامة لمنطقة أوساكا، قد قاموا بتبديل بيانات على قرص مرن، كدليل اتهام رئيسي في القضية، أجبرت السلطات على زيادة الشفافية وجعل التسجيل المرئي للتحقيقات إلزاميًا. ولكن مكتب النائب العام استفاد من هذه الدفعة لتحقيق إصلاحات ودفعوا بذكاء نحو تبني نظام تخفيف العقوبة.

موراي: تكمن المشكلة في طريقة إدخال تقنيات التحقيق الجنائي الجديدة. فإن أقترح اتحاد المحامين أجراءات، يقوم وكلاء النيابة بسحب اقتراحاتهم. وأي اقتراحات بعد ذلك يتم جمعها في حزمة واحدة ويقوم الطرفان بالتصويت على جميعها معًا. وعادة، يميل اتحاد المحامين للتردد في ضمان تلبية بعض طلباته، ولكن يظل بعدها في وضع غير جيد بالاتفاق. وهذا النوع من التصويت على الكل أو لاشئ، أمر سخيف ويمتد أبعد من مجرد النظام القانوني.

مورأوكا: وضع مكتب النائب العام العمل الميداني وأنتظر فرصة لإدخال اتفاقات الادعاء لتخفيف العقوبات. وكان عزمه مؤثرًا، ولكني لازلت لا أستطيع تفهم كيف يمكن لقضية تتضمن قرص مرن جرى التلاعب به أن تؤدي بشكل منطقي إلى تبني تخفيف العقوبات.

محاكمات مساعدي المستشارين الغير محترفين (2016)

محاكمات غير مذنب عقوبة الإعدام سجن مدى الحياة أكثر من 20 سنة حتى 20 سنة حتى 15 سنة حتى 10 سنوات أحكام أخرى
إجمالي القضايا 1104 12 3 24 28 39 110 205 683
قتل 292 2 1 8 13 22 55 44 147
سرقة أفضت إلى إصابة 197 1 - - - 2 8 39 147
حريق متعمد 135 1 - - 1 4 6 9 114
قتل غير متعمد 102 2 - - 2 - 5 32 61
إجبار على الرذيلة أفضى إلى موت أو إصابة 96 - - - 1 1 - 4 90
إعتداء جنسي أفضى إلى موت أو إصابة 72 1 - - 1 3 11 22 34
اتجار في المخدرات 36 - - - - - 2 14 20
سرقة أفضت إلى موت 33 - 2 15 5 4 6 1 -
جرائم العقاقير 31 5 - - - 1 6 16 3
أخرى 110 1 5 2 11 24 67

من إعداد Nippon.com  بناء على وثائق المحكمة العليا اليابانية.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية بناء على حوار مع تاكاهاشي يوكي من باور نيوز. صور الحوار من تصوير إيغاساكي شينوبو. صورة العنوان: موراكي أتسوكو، مديرة مكتب التوظيف العادل، الطفل والعائلة بوزارة الصحة، العمل والشؤون الاجتماعية، عائدة إلى الوزارة في 22 سبتمبر/ أيلول، 2010، بعد تبرئتها من قضية احتيال بريدي. جيجي برس).

جريمة المحكمة العليا ياكوزا