اليابان على أعتاب عصر جديد

اختيار اسم العصر الجديد في اليابان لأول مرة من كتاب وطني

مجتمع

تم اختيار كلمة ”ريوا“ كاسم للعصر الجديد. حيث تم التفكير باختيار أول اسم عصر يعود مصدره إلى النصوص الأدبية اليابانية القديمة (كتاب وطني) عند اختيار اسم عصر هيسي (العصر السابق)، ولكن لم يتم تبنيه. وبعد إعادة المحاولة مرة أخرى بعد ثلاثين عاما تم ذلك. وكان اهتمام المواطنين باسم العصر الجديد كبيرا بشكل غير متوقع، وهناك الكثير من الناس الذين لديهم انطباع إيجابي تجاه اسم ”ريوا“.

اقتراح من قصيدة ”وليمة أزهار الخوخ“ من مجموعة قصائد مانيوشو

يعود مصدر اسم العصر رقم 248 الذي أقرته الحكومة في الأول من شهر أبريل/نيسان إلى مجموعة قصائد ”مانيوشو“ التي تعتبر أقدم قصائد شعرية في اليابان والتي اكتملت في عصر نارا. حيث تقول القصيدة التي تم اختيار الاسم منها ”أوائل الربيع، شهر الوئام، رياح لطيفة، الخوخ...“. ففي السنة الثانية من عصر تنبيو (عام 730)، وفي فترة جيدة من بداية الربيع، وعندما كان الطقس لطيفا والرياح منعشة، تم إقامة ”وليمة أزهار الخوخ“ وأمسية شعرية مع الاستمتاع بمشاهدة أشجار الخوخ التي كانت نادرة في ذلك الوقت في معبد دازايفو في منطقة كيوشو. وتم اقتراح اسم العصر الجديد من مقطع من تلك القصيدة.

يشرح رئيس الوزراء أبي معنى ”ريوا“ ويقول ”كأزهار الخوخ (التي تزهر بعد البرد الشديد)، يستطيع كل شخص من اليابانيين أن يجعل مستقبله زاهرا مع الأمل بغد واعد. مع الرجاء بأن تكون اليابان هكذا“. ويؤكد رئيس الوزراء أن مجموعة قصائد مانيوشو ”هي كتاب وطني يجمع القصائد الشعرية التي نظمتها طبقات مختلفة من الناس (من الإمبراطور وحتى المحاربين والمزارعين)، ويرمز إلى الثقافة اليابانية الغنية والتقاليد العريقة“.

يعود مصدر جميع أسماء العصور بداية بعصر ”تايكا“ الذي بدأ في عام 645 وحتى عصر ”هيسي“ إلى الكتب الصينية القديمة (الكتب المكتوبة باللغة الصينية القديمة). ومع ذلك، يبدو أنه كان هناك رغبة قوية لدى رئيس الوزراء أبي لاختيار اسم العصر الجديد من الكتب الوطنية، فقد حصل على موافقة شريحة عريضة من المواطنين، وليس فقط طبقة المؤيدين له.

ولكن كانت المشكلة في الاقتراحات التي قدمها مقدمو اقتراحات أسماء العصور والذين هم مختصون في الأدب الياباني والأدب الصيني. حيث بدأت الحكومة بالعمل بشكل جدي لاختيار اسم العصر الجديد منذ بداية السنة الحالية، ولكن حتى بعد الدخول في شهر مارس/آذار لم يكن هناك اختيار مصدره من الكتب الوطنية من الممكن للحكومة أن تعتقد أنه الاختيار الأفضل. وكما حدث عند اختيار اسم عصر هيسي، فقد تكون النتيجة في النهاية هي اختيار اسم العصر من الكتب الصينية القديمة، لذلك طلبت الحكومة اقتراحات إضافية من مقدمي الاقتراحات. وقبل موعد اختيار الاسم بفترة وجيزة، كان الاسم الذي طفا على السطح هو ”ريوا“. وكانت مهمة اختيار اسم العصر في هذه المرة مهمة شاقة للغاية. ويقال إن مقدم هذا الاقتراح هو ناكانيشي سوسومو (89 عاما)، مع أنه لا يعترف بذلك. وهو أحد الباحثين المختصين بمانيوشو، والحاصل على وسام الثقافة، والأستاذ الفخري في مركز أبحاث الثقافة اليابانية الدولي.

أشخاص يلتقطون صورا للوحة اسم العصر الجديد ”ريوا“ والتي تم تعليقها في نافذة للعرض في متجر واكو في حي جينزا = 1/4/2019، مدينة طوكيو حي تشوأو، جيجي برس.

إخبار جلالة الإمبراطور وولي العهد بأسرع ما يمكن

تم الإعلان عن اسم العصر في ظل ترقب المواطنين، ولكن لم يظهر كبير أمناء مجلس الوزراء في قاعة المؤتمر الصحفي في مكتب رئيس الوزراء حتى بعد الساعة 11:30 موعد المؤتمر الصحفي، وتأخر 11 دقيقة. حيث انتهى الاجتماع الوزاري الاستثنائي والذي يعتبر آخر إجراء من إجراءات اختيار اسم العصر الجديد في الساعة 11:25. وكان يتم القيام بشيء آخر مهم في هذا الوقت الذي قيل إنه ”11 دقيقة فارغة“ والتي تأخرها الإعلان. حيث قامت وكالة البلاط الإمبراطوري التي تلقت اتصالا من الحكومة لإخبارها باسم العصر الجديد بإخبار جلالة الإمبراطور وولي العهد بذلك. ولاسم العصر تاريخ طويل وكان يقوم باختياره الإمبراطور والبلاط الإمبراطوري حتى عصر ”شوا“، ولأن اسم العصر بعد ميجي أصبح يُستخدم كاسم للإمبراطور بعد وفاته، قامت الحكومة قبل الإعلان عن الاسم للمواطنين بإخبار الإمبراطور وولي عهده باسم العصر الجديد. حيث أجاب ولي العهد الذي تلقى الخبر وهو في قصره وقال مبتسما ”حسنا“.

يقال إن عدد المواطنين الذين شعروا بعدم الراحة للحرف ”ري“ الذي يُستخدم لأول مرة في اسم العصر عند سماعهم بالاسم الجديد لم يكن قليلا. وأنا أيضا أحد أولئك الأشخاص، وخطر على بالي فورا كلمة ”ميري (أمر)“، وشعرت بشعور غريب. ولكن تذكرت أن هناك كلمات تستخدم نفس الحرف ولها معان جيدة مثل ”ريمي (سمعة جيدة)“، واقتنعت في النهاية أنه حرف ملائم لاسم العصر. والكانجي (حرف صيني) الذي ينقلب تفسيره رأسا على عقب في وقت قصير هكذا هو نادر.

انتهت إجراءات يوم اختيار اسم العصر الجديد بساعتين فقط حيث بدأت من الساعة التاسعة والنصف صباحا. وكان اجتماع الخبراء الأول أيضا قصيرا ولمدة 36 دقيقة. وعلى الرغم من أنه كان أطول من المرة السابقة (حوالي 20 دقيقة)، إلا أنه تم عرض ستة اقتراحات مرشحة لاسم العصر وهي ضعف الاقتراحات السابقة، فهل تم النقاش حولها جيدا في مثل هذه الوقت القصير يا ترى؟ ربما تم النقاش حولها جيدا. وعلى الرغم من اجتماع تسعة خبراء من كل المجالات، إلا أنه يبدو أنهم كانوا على عجلة من أمرهم، ربما لأن وقت الإعلان كان محددا. أما بالنسبة لكيفية عكس آراء المواطنين عند اختيار اسم العصر، فربما سيكون موضوع النقاش القادم.

”ريوا“ الاسم الذي حصل على تأييد كبير من المواطنين

هناك مقطع مشابه جدا في مجموعة الشعر الصينية ”مونزن“ التي تم نظمها قبل حوالي 250 عاما من مانيوشو التي فيها مقطع ”أوائل الربيع، شهر الوئام، رياح لطيفة“ والذي أصبح مصدرا لاسم ”ريوا“. حيث كان هناك رأي يقول ”ألم يتم اختيار الاسم من مقطع مقتبس من الكتب الصينية القديمة في النهاية؟“. ولكن يعود مصدر الاختيار في هذه المرة إلى المكان الذي كُتب فيه قصيدة ”وليمة أزهار الخوخ“ في معبد دازايفو ومن مجموعة قصائد مانيوشو، لذلك أعتقد أنه من الممكن قبوله على أنه ”أول اسم عصر ياباني“ من الكتب الوطنية. ومن الممكن تصور مظهر الأشخاص الذين كتبوا قصائد مانيوشو، وأدخلوا ثقافة الكانجي، وتعلموا النصوص الصينية شيئا فشيئا، وكانوا يبذلون جهودا محاولين تطوير اليابان وثقافتها. ولو أخذنا بعين الاعتبار استمرار ثقافة نظم القصائد التي بدأت من قصائد مانيوشو حتى بعد مرور 1200 عام كفعالية تقليدية تسمى أوتاكاي هاجيمي (أمسية شعرية في رأس السنة)، فإن اختيار اسم العصر من مانيوشو كان قرارا صائبا.

ووفقا لاستطلاع للرأي قامت به صحيفة يوميئوري (العدد الصباحي الصادر في الثالث من شهر أبريل/نيسان)، تبين أن نسبة الأشخاص الذين لديهم شعور إيجابي تجاه اسم ”ريوا“ بلغت 62%، وأن نسبة الأشخاص الذين يقدرون عاليا القيام باقتباس اسم العصر الجديد من النصوص اليابانية القديمة بلغت 88%، حيث حصل ذلك على تأييد كبير.

عملية الاختيار السابقة التي تمت بشكل سري للغاية

قبل ثلاثين عاما، وفي الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم السابع من شهر يناير/كانون الثاني من عام 1989، تم الإعلان عن اسم العصر الجديد ”هيسي“ في ظل تنكيس الأعلام في البلاد. فمع وفاة الإمبراطور شوا قبل ثماني ساعات، تولى الإمبراطور الجديد العرش (توريث العرش) بموجب الدستور الحالي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تختار فيها الحكومة اسم العصر الجديد.

فمنذ الصباح الباكر وفي ظل بدء مراسم وداع الإمبراطور شوا، وبدء مراسم القصر الإمبراطوري المتمثلة بـ ”مراسم وراثة السيوف المجوهرات المقدسة“ والتي يقوم فيها الإمبراطور الجديد بوراثة ثلاثة أنواع من السيوف والمجوهرات المقدسة وغيرها، وصلت مهمة الحكومة في اختيار اسم العصر الجديد إلى مرحلتها النهائية. وتختلف هذه العملية بشكل كبير عن هذه المرة التي تم فيها تحديد موعد الإعلان عن اسم العصر الجديد بشكل مسبق، حيث كان يتم القيام بعملية تغيير اسم العصر على فرض وفاة الإمبراطور بشكل سري للغاية وفي الخفاء.

ويبين المسؤولون عن اختيار اسم العصر الجديد في ذلك الوقت أنهم طلبوا من الباحثين في الأدب الياباني تقديم اقتراحات لاسم العصر الجديد من الكتب الوطنية. ولكن لم يستطيعوا تقديم اقتراحات واقعية، وتم ترك ذلك للمرة القادمة. وفي نهاية المطاف تم عرض ثلاثة اقتراحات في اجتماع الخبراء الأول المخصص لاختيار اسم العصر، ولكن يقول الشخص المسؤول في ذلك الوقت بصراحة إنه ”تم حث الخبراء على القيام باختيار اسم هيسي“. وأكد على أن الأحرف الأولى لأسماء عصور ميجي، وتايشو، وشوا كانت M، T، S، وكان من الأفضل اختيار اسم عصر يبدأ بحرف مختلف لسهولة الاستخدام، وكان الاقتراحان الآخران غير هيسي (H) يبدأان بالحرف S. وربما كان لا بد من القيام بذلك في ذلك الوقت لأنه لم يكن هناك متسع من الوقت، وبسبب عدم خبرة الحكومة التي قامت باختيار اسم العصر لأول مرة. وبعد القيام باختيار اسم العصر الجديد بشكل رسمي، تم الاتصال بالإمبراطور الجديد كما حدث في هذه المرة.

كان هناك شعور بعدم الراحة أيضا لاسم ”هيسي“ في البداية

بعد وقت قصير، رفع السيد أوبوتشي كبير أمناء مجلس الوزراء في ذلك الوقت لوحة مكتوب عليها ”هيسي“، وشرح بأن مصدر الاسم يعود إلى النص المقتبس من الكتب التاريخية الصينية والذي يقول ”سيعم السلام في داخل البلاد وخارجها“، ”سيعم السلام في الأرض والسماء“. وكنت أستمع إلى الإذاعة في نادي الصحفيين في وكالة البلاط الإمبراطوري، وعندما تم الإعلان عن اسم ”هيسي“ تسربت أصوات مستغربة من هنا وهناك تقول ”ماذا؟“. لم أصدر أي صوت، ولكن كان لدي شعور بعدم الراحة لاسم العصر الجديد عندما سمعت كلمة ”هيسي“. لأن الحرف ”هي“ يذكرني بالعصور القديمة نوعا ما كعصر هيئانكيو وغيره، وشعرت أن نغمة الصوت لم تكون مشدودة مقارنة مع ”شوا“.

وفي صحيفة اليوم التالي لليوم الذي تم فيه تغيير اسم العصر، تم نشر تعليق قريب من انطباعي من قبل ”أحد المثقفين“. ”الانطباع الأول هو أن الاسم غير مثير. وربما أكون غير معتاد على سماعه، ولكن عند لفظ الاسم فليس هناك إلا صوت الحرف ”ي“. ومقارنة مع شوا فإن شوا كانت كلمة جيدة“. ولكن أتذكر أنني راجعت تفكيري وقلت في نفسي وأنا أحدق بأحرف كلمة ”هيسي“ لوهلة بأنه إذا فسرنا معنى كلمة هيسي حرفيا ”سيعم السلام“، فربما يكون اسم عصر جيد. واسم ”ريوا“ الذي تم اختياره في هذه المرة ينطبق عليه نفس الشيء تماما. حيث أنه يكون هناك شعور بعدم الراحة لاسم العصر الجديد بعد الإعلان عنه مباشرة، ولكن عند التفكير بهدوء بالمعنى الذي تم تضمينه في هذين الحرفين، فربما نعرف روعة كل منهما.

فاسم عصر ”هيسي“ الذي لم يعطِ انطباعا جيدا في البداية تم تقييمه عاليا من قبل جلالة الإمبراطور والإمبراطورة اللذين أظهرا تقربا من المواطنين بشكل مستمر، ومن قبل الكثير من المواطنين الذين أيدوا ذلك وعبروا عن شكرهم له على أنه ”عصر جيد لم تكن فيه حرب“. وسيبدأ العصر الجديد الذي سيُسمى ”ريوا“ في الأول من شهر مايو/أيار حاملا معه الكثير من آمال المواطنين.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: كبير أمناء مجلس الوزراء سوغا يوشيهيدي وهو يقوم بإعلان اسم العصر الجديد ”ريوا“ = 1/4/2019، مكتب رئيس الوزراء)

العائلة الإمبراطورية الإمبراطور