الاقتراب من عالم ثقافة الآيدول في اليابان

تعرف على كواليس صناعة الآيدول في اليابان

مجتمع

بعد النجاح الذي حققته نجوم الأندرغراوند والآيدول المحليون في الظهور بشكل جديد، تجذب صناعة الآيدول العديد من الطّموحين بعد ما صار من السهل عليهم تحقيق حلمهم بأن يصبحوا نجوم الآيدول. ومع ذلك فإن هذا القطاع المزدهر يواجه مشاكل عديدة. في السطور القليلة التالية تحدث إلينا ناكاموري أكيو مؤلف وناقد صناعة الآيدول عن مستقبل هذه الصناعة.

ناكاموري أكيو Nakamori Akio

كاتب وناقد متخصص في صناعة الآيدول ومحرر عمود. ولد في عام 1960 في محافظة ميه. ابتكر مصطلح أوتاكو الذي يستخدم الآن على نطاق واسع للإشارة إلى المشجعين المهووسين الموجودين في بعض الثقافات الفرعية. منذ الثمانينات، قام بإجراء مقابلات مع العديد من الآيدول واستمر في تقديم تقارير عن جاذبيتهم. ومن مؤلّفاته الرئيسية AidoruNippon (أيدول اليابان)، Sabishisa no chikara (قوة الحزن)، Aidoruninaritai! (أريد أن أكون من الآيدول!). رشحت روايته Anākīin za JP (فوضى في جي بي) للحصول على جائزة ميشيما.

الوظيفة: كسب حب الجمهور

إن كتاب Aidoruninaritai! (أريد أن أكون من الآيدول!) لناكاموري أكيو الذي نُشر في عام 2017، هو دليل لكل المبتدئات ممن لديهن رغبة في العمل كأيدول يابانية. قام بكتابته بأسلوب بسيط، موضحًا فيه تاريخ ظاهرة الآيدول وما ينطوي عليه العمل كأيدول. سألنا ناكاموري عن سبب تأليفه لهذا الكتاب.

"منذ عام 2010 تقريبًا، حدثت طفرة في سوق الآيدول في اليابان. حيث أصبح هناك عدد متزايد من صغار السن ممن لديهن رغبة في العمل كأيدول إلى جانب تزايد عدد الآباء الذين يشجعون أطفالهم على التطلع إلى هذا الدور. كانت مينامي ساؤري حقًا أول أيدول محلية، وكان أول ظهور لها منذ 48 عامًا في عام 1971. إن ظاهرة الآيدول لا تزال جديدة نسبيًا، وكثيراً ما يُنظر إليها بشيء من الاستخفاف، لذلك قررت كتابة تقدمة وافية عن هذا الأسلوب الفني الخاص.

”أولاً، الناس لا يفهمون حقًا ماهية الآيدول وما يقومون به. في هذا الكتاب، أقوم بتعريف الآيدول باعتبارها وظيفة مهمتها الأساسية هي كسب حب الجمهور “.

يحذّر ناكاموري كل من يطمح في أن يصبح أيدول بأن يكون حريصًا في اختيار الوكيل ويشير أيضًا إلى أهمية العقد.

”المشكلة الآن هي وجود عدد كبير من الآيدول. حيث تملك فرقة AKB48 وحدها مئات الأعضاء. ومع غياب الإحصائيات الدقيقة، إذا تمت إضافة الآيدول المحليين وما يسمى بأندرغراوند أيدولز فقد يتجاوز عددهم 10 آلاف. ولا شك أن المشكلة تتفاقم بشكل طردي مع أعدادهم الضخمة وازدياد تشغيل الهواة“.

الجوانب السلبية للعمل التجاري

ومن أحدث الأمثلة على ذلك، الحادث الذي وقع يوم 8 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حين قام رجلان بالاعتداء على ياماغوتشي ماهو (عضوة في فرقة الشقيقات AKB48 في نيغاتا، NGT48) أمام مسكنها. أُلقي القبض على الجناة في اليوم التالي ولكن تم إطلاق سراحهما في 28 ديسمبر/كانون الأول دون توجيه أي تهم إليهم.

علم الجمهور بالحادث عندما تحدثت عنه ياماغوتشي في تغريدة لها على حسابها في تويتر وعلى برنامج البث المباشر الخاص بها (Showroom) الذي تم بثه يوم 9 يناير/ كانون الثاني. وفي برنامجها قالت ياماغوتشي: ” اعتقدت أنني سأُقتل“، وواصلت الحديث قائلة ” لقد انتظرت شهرًا كاملاً، ولكن لم يُتخذ أي إجراء“. على تويتر، بدا وكأنها تقول إن آخرين في فرقتها قاموا بإخبار الرجلين عن مكان إقامتها: ” كوني لا أقيم علاقات شخصية مع المعجبين، هل يعطي هذا الحق لباقي الأعضاء ممن لديهم علاقات مع المعجبين لكي يقدموا على تسريب معلوماتي الشخصية؟ “

ومع ذلك، وبرغم أن ياماغوتشي كانت الضحية، إلا أنها اعتذرت علنًا عن "التسبب في الإزعاج" خلال استعراض قدمته الفرقة يوم 10 يناير/ كانون الثاني. فيما بعد، عقد مديرو الوكالة مؤتمرًا صحفيًا بخصوص الحادث، واستمرت ياماغوتشي في انتقادها لهم نافية بذلك تصريحاتهم. في 21 أبريل/ نيسان، كان الوضع لا يزال عالقًا عندما أعلنت ياماغوتشي وزميلتان لها في فرقة NGT48 "اعتزالهن". ادعت ياماغوتشي في ذلك الوقت أن رئيس وكالة AKS الذي يدير فرقة NGT48 قد أخبرها أن "أي شخص يهاجم الشركة يعتبر معتدياً".

ينحني المدراء التنفيذيون AKS اعتذارًا عن الغضب الذي أثاره هجوم المعجبين على ياماغوتشي ماهو، وهي عضوة في فرقة الآيدول NGT48 التابعة للوكالة. يظهر في الصورة من اليسار إلى اليمين: ماتسومورا تاكومي الرئيس التنفيذي لشركةAKS  ورئيسها، هاياكاوا مايكو مديرة مسرح NGT48، أوكادا تسويوشي مساعد مدير مسرح NGT48. بتاريخ 4 يناير/ كانون الثاني 2019، (الصور من جيجي)

ويُعلق ناكاموري عن الحادث قائلاً: " كان ينبغي ألا يحدث هذا أبداً. على الأقل لم تكن هناك محاولة التستر عن الحادث وتم إبلاغ الشرطة بالاعتداء. ومع ذلك، لم توجه للرجلين أي تهمة وكانت تقارير وسائل الإعلام المتعلقة بهما محدودة لأنهما مواطنان عاديان. ولم تتصرف الوكالة بسرعة ولم تتعامل بشفافية مع الحادث، كما أن كل هذا الكم الضخم من التكهنات والشائعات التي انتشرت على الإنترنت زادت الأمور سوءًا بالنسبة لياماغوتشي وللأعضاء الآخرين في الفرقة. كان ينبغي عليهن التعامل مع المشكلة على نحو أفضل من ذلك ".

هل بإمكان أندية الآيدول المدرسية المساعدة؟

إن مثل هذه الحوادث تعمل على تشويه سمعة الآيدول وتدل على ضرورة تغيير النظام الحالي. ومن أجل الحفاظ على هذا الأسلوب الفني المميز، يقترح ناكاموري في كتابه بأنه يجب على المدارس أن تسمح بإنشاء ”أندية الآيدول“ كجزء من أنشطتها المدرسية لضمان إشراف البالغين والإدارة المسؤولة.

”يقوم المدرسون على إدارة الأندية اللامنهجية في المدارس. حيث توفر المدرسة بيئة آمنة تتيح للطلاب شيئاً من الاستقلالية. كما أن المدارس تملك بالفعل أندية للدراما ونوادي للرقص. وفي الواقع، فإن قائدة نادي الرقص في المدرسة الثانوية توميؤوكا بأوساكا، التي ظهرت بقوة على الساحة الوطنية عندما احتلت المركز الثاني في المسابقة الوطنية للرقص لعام 2017 بمشاركة جميع المدارس الثانوية في اليابان برقصة”Bubbly Dance“  التي كانت تسخر من الموضة وتصفيفات الشعر في عصر الفقاعة الاقتصادية في اليابان، قد تمكنت فيما بعد من الانضمام إلى صناعة الترفيه. أعتقد أن سبب عدم امتلاك المدارس لأندية الآيدول حتى الآن، هو التصور النمطي السائد بأن مهنة الآيدول ”لا شأن لها“. ولكن الآيدول في الواقع تفعلن أشياء كثيرة. فالبعض يغني ويرقص; والبعض الآخر يعمل على تأليف الموسيقى أو تصميم الأزياء، بل إن بعضهن يعملن كمنتجات. لا أرى سببًا يمنع دمج هذه الأنشطة في نادي الآيدول المدرسي. “

ناكاموري أكيو يتحدث عن إيجاد المناهج الصحيحة لصناعة الآيدول.

ومن العوامل الأخرى التي أعاقت تشكيل أندية الآيدول في المدارس هو الطابع المحافظ لهذه الصناعة.

يقول ناكاموري: ”وهذا بسبب اعتبار الآيدول نموذجًا مثاليًا، ولكون الاتجاه السائد هو التقليد والنسخ، الذي يقلل بدوره من الجوانب الإبداعية للمهنة. إن صورة الآيدول الآن لا تختلف كثيرًا عن ما كانت عليه في السبعينيات مع Pink Lady أو the Candies، وأن فرقة  AKB48برغم ما تضمه من أعداد كبيرة، تعتمد على نظام تم تطويره منذ فترة طويلة بواسطة فرقة تاكارازوكا رفيو. لذا، وفي سياق الحديث عن مجال الترفيه المسرحي، لا أرى تطورًا كبيرًا قد حدث منذ سبعينيات القرن الماضي“.

ومع ذلك، هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى وجود تغيرات طفيفة. نأخذ على سبيل المثال، ساتو ماساكي وهي عضوة بارزة في أحدث تجسيد لفرقة الآيدول الشعبية مورنينغ موسومي. ففي أثناء حديثها إلى برنامج إذاعي تستضيفه الشخصية التلفزيونية أكاشيا سانما في 16 فبراير/ شباط، رفضت بشكل قاطع أي رغبة لديها في أن تصبح عارضة أزياء على أغلفة المجلات، حيث قالت "أنا أفهم أن الكثيرين يرونه جزءًا من وظيفتي، ولكن في هذه الحالة أريد أن أتقاضى 180 مليون ين مقابل ارتداء ثوب السباحة و60 مليار ين إذا طُلب مني الظهور عارية ".

يقول ناكاموري: " هنيئاً لها، فمنذ وقت ليس ببعيد كانت وكالتها ستطلب منها الاستقالة إذا كانت لا تريد أن تصبح آيدول. ولكنها أوضحت موقفها حيال ذلك، وسمحت لها الوكالة بالتحدث بحرية لذا أعتقد أننا سنرى المزيد من هذا النوع الجديد من الآيدول في الأيام القادمة".

ظاهرة خاصة بلا تمويل ضخم

يشير ناكاموري كذلك إلى تغييرات أخرى.

”لقد كان العقد الماضي حقبة من التنافس الشرس في صناعة الآيدول. في عام 2018، كان من الصعب على فرق مشهورة مثل Babyraids Japan وPasspodisbanded الحفاظ على نموذج الأعمال الذي كانوا يعتمدون عليه، ولكن على الرغم من ذلك، لا أعتقد أننا سنشهد ظهور "العصر الجليدي" مع حدوث ركود ملحوظ في صناعة الآيدول“.

يستطرد قائلاً: ”إن السبب في ذلك هو أنهم لا ينبغي عليهم الاعتماد على التلفزيون. وعوضًا عن ذلك، سنرى المزيد من العروض الحية المتاحة على الإنترنت. عندما ظهر بيكوتارو على الإنترنت وهو يغني ويرقص على أغنية ”PPAP“ ، أصبح يمثل إحساساً عالمياً. وبالمثل، فإن كوميديا الزومبي Kamera o tomeruna [قطعة واحدة من الموتى] لم تكلف سوى 3 ملايين ين لإنتاجها ولم تكن مخصصة أصلاً للعرض المسرحي ولكنها حققت مع ذلك نجاحًا كبيرًا من خلال بساطة الكلمة المنطوقة، وبات من الواضح أن إنتاج عمل ناجح عالمياً لا يتطلب بالضرورة ميزانية ضخمة. أعتقد أن نفس الشيء يمكن أن يحدث مع صناعة الآيدول“.

أي نوع من الآيدول سنشهد في هذه الظروف؟ أدلى ناكاموري برأيه: "لا يمكننا معرفة ذلك حتى يبدأوا بالظهور. تعتمد ظاهرة الآيدول على العلاقة التكافلية بين الآيدول والمعجبين. بغض النظر عن مدى حرص محترفين الترفيه على حساب كل الاحتمالات، وبغض النظر عن مقدار الأموال التي يتم استثمارها، فلا يوجد هناك ما يضمن نجاحهم. وذلك ما يجعل هذا النوع مثيرًا للاهتمام".

وفي نفس الوقت، يشير بأن قضية الاعتداء على فريق NGT48 تثبت تأثير المشجعين على الأعمال.

”في العقد الأول من الألفية الحالية، بدأت ظهور مناسبات الاستقبال والترحيب حيث أصبح ممكنًا أن يتراصف المشجعون لانتظار مصافحة الآيدول المفضل لديهم. لقد انتقد الكثيرون هذا الشكل الجديد من الأعمال التجارة. ولكنه في الحقيقة مجرد شكل آخر من أشكال التواصل الضرورية بين الآيدول والمعجبين، ولا أعتقد أننا سوف نراه يتلاشى في أي وقت قريب. يوجد في المدارس أندية بيسبول، حيث برزت من هذه النوادي نجوم جدد للبيسبول الذين ساعدوا في خلق مشجعين لفرق البيسبول في جميع أنحاء البلاد. بنفس الطريقة، أعتقد أن نوادي الآيدول في المدارس الثانوية ستخلق أيضًا نجومًا جددًا الذين سوف يساعدهم معجبيهم على نشر هذا النوع في جميع أنحاء البلاد ولربما حول العالم. في الواقع، أظن أننا نرى بالفعل بداية هذا التيار. “

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. تم إعداد المقابلة والنص بواسطة كوواهارا ريكا من باور الإخبارية. صورة العنوان: نادي الرقص في المدرسة الثانوية توميؤوكا بأوساكا يقومون بحملة مكثفة لتوعية الناخبين للانتخابات المحلية في محافظة أوساكا عام 2019. الصور من جيجي برس)

الشباب الفن الموضة الشبابية