العد التنازلي لأولمبياد طوكيو 2020

أولمبياد طوكيو 2020.. كيف تتغلب طوكيو على مشكلة الحرارة والأعاصير أثناء الأولمبياد؟

مجتمع رياضة

بعد موجة الحر الشديدة التي ضربت البلاد في صيف عام 2018، يقوم منظمو دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو بتنفيذ تدابير لحماية الرياضيين والموظفين والمشجعين أثناء المسابقات التي ستجرى في الهواء الطلق من درجات الحرارة العالية خلال ألعاب 2020.

التغلب على حرارة الطقس 

لا يعتبر الطقس الحار مشكلة جديدة تواجه الألعاب الأولمبية الصيفية. لقد وصلت درجات الحرارة في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ستوكهولم عام 1912(وهي الألعاب الأولى التي شاركت فيها اليابان) إلى 32 درجة مئوية في الظل خلال سباق الماراثون الذي بدأ في فترة ما بعد الظهر. ومن بين 68 عداء مشارك، فشل نصفهم في إكمال السباق، بما في ذلك العداء الياباني كاناكوري شيزو الذي انهار من شدة حرارة الجو، كما انهار كذلك العداء البرتغالي فرانسيسكو لازارو وتم نقله إلى المستشفى ثم توفي في اليوم التالي، ليصبح أول رياضي يتوفى في حدث أولمبي.

وبعد مرور أكثر من قرن، حذر الخبراء بأن درجات الحرارة قد ترتفع أكثر في فترة النهار في طوكيو خلال أولمبياد 2020 وأن العاصمة قد تشهد موجة حر مشابهة للتي شهدتها في عام 2018. وخوفًا من حدوث الأسوأ، قامت اللجنة المنظمة للألعاب بتحديد أوقات بداية العديد من المسارات الطويلة والمسارات الميدانية في الصباح الباكر لتجنب الحرارة الحارقة. حدد المسؤولون في البداية توقيت سباق الماراثون للرجال والسيدات على الساعة 7:00 صباحًا، ولكن تم تغييره ليصبح على الساعة 6:00 صباحًا أي قبل المعاد بساعة. وعلى نحو مماثل، بدأوا في تقديم توقيت بداية سباق 50 كيلومتر للرجال ب 30 دقيقة ليصبح على الساعة 5:30 صباحًا، كما قاموا بتقديم معاد بداية سباق 20 كيلومتر للرجال والسيدات بساعة ليصبح على الساعة 6:00 صباحًا.

لقد سألنا أسادا كاتسوؤ من شركة Weather news وهي شركة التنبؤ الجوي تعمل مع اللجنة المنظمة للأولمبياد، عن احتمالات تأثير بداية المنافسات في وقت مبكر على السباقات.

وانطلاقًا من البيانات التي تم جمعها خلال العقد الماضي، يقول أسادا إن درجة الحرارة ستكون على الأرجح حوالي 27 درجة مئوية على الساعة 6 صباحًا عند بداية انطلاق الماراثون. ”يبلغ متوسط درجة الحرارة في فصل الصيف في منطقة طوكيو الكبرى حوالي 30 درجة مئوية، بينما تصل درجات الحرارة خلال النهار إلى 33 درجة مئوية، لذا فإن تقديم وقت بداية السباق بساعة يجعل الجو أكثر برودة“. ومع ذلك، يحذر من أن ساعات الصباح الباكر ستكون أكثر رطوبة لأن درجة الحرارة والرطوبة تحدث بنسب عكسية مع بعضها البعض. ”ستنخفض درجة الحرارة تقريبًا إلى حوالي درجة مئوية، ولكن في المقابل سوف ترتفع الرطوبة بحوالي 4%.“

يشير أسادا أن درجة الحرارة والرطوبة والتعرض المباشر لأشعة الشمس كلها عوامل تسبب ضربة الشمس. ”إن ميزة بداية السباق في وقت مبكر هي تقليل التعرض المباشر لأشعة الشمس. ومع ذلك، فإن الرياضيين الذين لا يستطيعون تحمل الرطوبة سيظلون في وضع غير موات .“

هناك أيضا مسألة الاستعداد للسباق. يوضح أسادا: ”يصل معظم الرياضيين إلى أعلى مستويات أدائهم في فترة ما بعد الظهر“، ”ومع ذلك، فإن عليهم البدء في الصباح الباكر قبل سبع أو ثماني ساعات أبكر من المعتاد“. ويشير أن هذا قد يفيد الرياضيين الذين يسافرون من مناطق ذات توقيت مختلف للوصول إلى اليابان لأن ساعاتهم البيولوجية ستظل متأخرة عن التوقيت المحلي. ومن ناحية أخرى، سيحتاج المتسابقون إلى ضبط إيقاعاتهم اليومية بشكل وثيق مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد الحرارة.

اختلاف درجات الحرارة تحت الظل وخارجه

قدم أسادا وزملاؤه في news Weather معلومات مفصلة عن الأرصاد الجوية لفريق سباقات المضمار والميدان الياباني خلال دورة الألعاب الآسيوية لعام 2018 في جاكرتا، إندونيسيا. يقول أسادا إن درجات الحرارة والرطوبة في أغسطس/ آب كانت قريبة جدًا مما هو متوقع خلال الألعاب الأولمبية في طوكيو، وأضاف إلى ذلك: "لقد تعاملنا مع الحدث وكأننا نحضر لفعاليات الأولمبياد".

لقد قام طاقم من الشركة بمتابعة الرياضيين اليابانيين على طول مسار السباق، من أجل قياس درجة الحرارة وغيرها من المعلومات وتوفير البيانات الأزمة لفريق العمل. يقول أسادا على الرغم من أن متوسط درجة الحرارة في جاكرتا في ذلك الوقت كان حوالي 30 درجة، ولكن يمكن أن ترتفع درجة الحرارة بشكل غير متوقع، كما حدث خلال سباق 50 كيلومتر مشي. ويوضح قائلاً: ”بدأ السباق على الساعة السادسة صباحًا عندما كانت درجة الحرارة أكثر برودة“. ”لم نكن نتوقع أن يصبح الجو حارًا للغاية، ولكن بحلول وقت اقتراب الرياضيون من خط النهاية، بلغت درجة الحرارة حوالي 33 درجة مؤوية وقد سقط عدد من المنافسين بالفعل.“

أسادا كاتسوؤ من شركة Weather news (الصورة من إيمامورا تاكوما)

ولقد قام أسادا وفريقه بالتقاط صور ومقاطع فيديو من مسارات السباق قبل الأحداث لمساعدة الفريق الياباني على التخطيط لاستراتيجية السباق، ويقول إنهم سيفعلون نفس الشيء في مسار الماراثون في أولمبياد طوكيو.

ويوضح قائلاً ”سيكون مسار السباق على الطرق العامة ولا يمكن للرياضيين اختبار المسار بسبب حركة مرور السيارات“.

”ولهذا السبب سوف نستخدم البيانات التي جمعناها لإنشاء خريطة تشمل المناطق المظللة والمناطق التي سيتعرض فيها المتسابقون لأشعة الشمس المباشرة“.

أظهرت دراسة استقصائية أجريت في الأيام الأكثر حرارة في طوكيو العام الماضي أن درجة الحرارة بلغت 31.7 درجة مئوية والرطوبة 70% من نقطة انطلاق الماراثون الأوليمبي. ولكن على بعد 35 كيلومتر، ارتفعت درجة الحرارة إلى 36 درجة مئوية وانخفضت الرطوبة إلى 50%. يشير أسادا إلى وجود اختلاف في درجة الحرارة يبلغ حوالي درجتين بين المناطق المظللة والمناطق المعرضة لأشعة الشمس المباشرة، فمن الواضح أن الرياضيين بحاجة إلى الركض في الظل على قدر المستطاع.

تشكل ضربة الشمس خطرًا كبيرًا خلال السباقات في ظروف الطقس الحار والرطوبة كما هو متوقع في طوكيو. قام أسادا أيضًا بفحص مسار الماراثون الأولمبي باستخدام درجة حرارة البصيلة الرطبة الكروية (WBGT) وهو عبارة عن مؤشر قياسي للإجهاد الحراري يجمع بين البيانات مثل درجة الحرارة والرطوبة وأشعة الشمس والإشعاع الحراري. تزداد احتمالية الإصابة بضربة شمس حادة عندما تبلغ درجة حرارة WBGT 28 درجة مئوية، ووجد أسادا أن طوكيو تكون بالفعل في منطقة الخطر بحلول الساعة 7:25 صباحًا. ” لقد بلغت درجة حرارة WBGT 28 درجة مئوية من بداية علامة ثماني كيلومترات وعلى طول الطريق إلى غاية خط النهاية. والاستثناءات الوحيدة هي المناطق المظللة بالمباني“.

وفقًا لوزارة البيئة في صيف عام 2018، تجاوزت درجة حرارة WBGT في طوكيو 28 درجة مئوية لمدة 27 يومًا في يوليو/ تمّوز و25 يومًا في أغسطس/ آب. وقد ارتفعت فوق 31 درجة مئوية في 20 يومًا في شهري يوليو/ تمّوز وأغسطس/ آب، أكثر من أي مدينة رئيسية أخرى في اليابان.

الأعاصير والأمطار الغزيرة

لا شك أن الأعاصير والأمطار الغزيرة المفاجئة تشكل مصدر قلق آخر لدورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو، حيث ضرب إعصاران اليابان في أغسطس/ آب عام 2018، رغم أن أيا منهما لم يضرب طوكيو مباشرة. لكن في 30 سبتمبر/ أيلول، دفع الهبوط الوشيك لليابسة بسبب إعصار ترامي شركة شرق اليابان للسكك الحديدية إلى تعليق عمليات تشغيل خطوط قطاراتها في منطقة العاصمة طوكيو من الساعة 8 مساءً. رغم أن الأضرار الناجمة عن العاصفة كانت خفيفة نسبيًا، بما في ذلك سقوط بعض الأشجار والأضرار الهيكلية التي لحقت بالمباني، إلا أن التأخر في تقديم الخدمة استمر حتى صباح اليوم التالي مما أثر بشدة على الركاب.

على الرغم من ذلك، يصر أسادا على أن الأعاصير لا تشكل خطورة كبيرة على دورة الألعاب. ويشرح قائلاً، "من السهل التنبؤ بمسار العواصف، فبعضها سوف يتباطأ فوق منطقة ما، لكن في المتوسط سوف يهب التيفون خلال حوالي ست ساعات. نحن على ثقة تامة من قدرتنا على التنبؤ بمدى ما سوف تسبب فيه العاصفة من تعطيل للأحداث الأولمبية، ونأمل في أن تساعد هذه المعلومات الرياضيين أثناء استعدادهم للمنافسة".

أما الأمطار الغزيرة فهي تشكل تحديًا مختلفًا بعض الشيء حيث سجلت أخبار الطقس عددًا أقل من العواصف الممطرة الشديدة في اليابان في عام 2018 مقارنةً بالسنوات الأربع السابقة. لكن إحدى العواصف الشديدة التي غمرت طوكيو في 27 أغسطس/ آب نتج عنها ما يقرب من 10 ألف صاعقة، وأغرقت المنطقة القريبة من حي سيتاغايا بحوالي 110 ملليمتر من الأمطار خلال ساعة واحدة فقط، وأسقطت أشجاراً في حي نيريما وسوغينامي.

ويقول أسادا إن الشركة تدرس مدى تأثير الأمطار الغزيرة وغيرها من الظواهر الجوية القاسية على الألعاب. وصاح قائلاً ”نحن نعمل بالتعاون مع جامعة تسوكوبا من أجل بناء نموذج قادر على التنبؤ بظروف الطقس في العاصمة بزيادة تصل إلى خمسة أمتار“. ”حتى الآن، معظم خرائط الطقس التفصيلية هي بزيادات تصل إلى كيلومتر واحد في أحسن الأحوال“. ويشمل المشروع جمع البيانات بواسطة طائرات بدون طيار لمراقبة الطقس، وإضافة ارتفاعات المباني ومقارنة توقعات 2018 ودرجات الحرارة الفعلية لتحديد معدل الخطأ. ”نهدف إلى تزويد الرياضيين والمتفرجين بتقارير دقيقة عن الطقس ومعلومات مفصلة في الوقت الفعلي عن الظروف في الأماكن المحيطة بطوكيو“.

التحضير للأسوأ

 في حين أن العواصف والأمطار الغزيرة تبعث على القلق، فإن المخططين معنيون أكثر بالطقس الحار. ينبع قلقهم من الموجة الحارة التي ضربت طوكيو في أغسطس/ آب 2018 وتخطت جميع الأرقام القياسية وأدت إلى نقل 2700 شخص إلى المستشفى مع الارتفاع الجنوني لدرجات الحرارة في جميع أنحاء طوكيو.

يقول أسادا ”الرياضيون يعرفون كيفية الوقاية من ضربة الشمس، نحن أكثر قلقًا بشأن المتفرجين والعاملين المتطوعين“. ويأمل أن يساعد النموذج الجديد القادر على التنبؤ بزيادة تصل إلى خمسة أمتار، الناس في إيجاد مكان ظليل لهم على طول مسار الماراثون، كما يوصي الناس بارتداء القبعات رغم اعتقاده أن المظلات توفر حماية أفضل لهم ضد ضربات الشمس.

تدرس حكومة العاصمة طوكيو طرقًا لحماية المتفرجين من ضربة الشمس، بما في ذلك توفير بخاخات الرذاذ والخيام على امتداد طرق المشاة من محطات القطار ومترو الأنفاق إلى مواقع المنافسة، وتقديم معلومات حول التدابير الوقائية وتوزيع المراوح والقبعات على الجمهور. وسوف يقوم المخططون باختبار هذه التدابير في حدث تجريبي هذا الصيف، كما سينصحون المتطوعين بالراحة خلال نصف مناوبة عملهم التي تستغرق خمس ساعات.

كشفت عمدة العاصمة طوكيو كويكي يوريكو مؤخرًا عن نموذج مبدئي لقبعة تشبه المظلة تساعد على حماية مرتديها من الإصابة بضربات الشمس. وفي مؤتمرها الصحفي الشهري الذي عقد في 31 مايو/ أيار، شدّدت العمدة على أنه سيتم خلال دورة الألعاب تنفيذ كل من التدابير عالية التقنية والأساليب التقليدية جنباً إلى جنب، مثل رش المياه لتبريد الأرصفة.

موظف حكومي في حكومة العاصمة طوكيو يصمم نموذجًا أوليًا لقبعة تشبه المظلة خلال مؤتمر صحفي عقد في 24 مايو/أيار 2019. الصورة من جيجي برس.

لحماية صحة المتطوعين، تدرس اللجنة المنظمة وضع قيود على مواقع وفترة التناوب الخارجي جنبًا إلى جنب مع إنشاء مناطق مغلقة مكيفة للراحة، كما تفكر اللجنة أيضًا في السماح للمشاهدين بجلب مشروبات معلبة، وهو أمر كان محظوراً حتى يومنا هذا.

يحذر أسادا من أن على الجميع الاستعداد لأسوأ السيناريوهات التي قد تحدث في صيف أوليمبي حار كهذا وأن عليهم اتخاذ احتياطات كبيرة بما يتماشى مع توقعات الطقس.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. تم إعداد المقابلة والنص بواسطة كوواهارا ريكا من باور نيوز. صورة العنوان: ماروؤ ساتوشي (على اليمين) يمسك بمشروب أثناء سباق 50 كيلومتر مشي للرجال في 30 أغسطس/ آب في دورة الألعاب الآسيوية 2018 في جاكرتا. الصورة من جيجي برس)

طوكيو الألعاب الأولمبية الصيف