إنفوغرافيك اليابان

الشركات اليابانية على طريق العولمة

اقتصاد

يعمل مجتمع شركات الأعمال في اليابان على تغيير طريقة اختيار من سيشغل مناصب الإدارة العليا. حيث يتم البحث عن واختيار مديرين ورؤساء ذي كفاءات وخبرات دولية ولهم إنجازات في شركات وأعمال أخرى بغية تعيينهم في مناصب الإدارة العليا بالشركة، بدلاً من اختيارهم من الداخل. ومع أن ذلك هو أمر مألوف في أوروبا وأمريكا إلا أن مثل هذا الأمر لا يزال ضئيلاً في اليابان. فإلى أي مدى ستنتشر ظاهرة إختيار الكوادر العليا من خارج موظفي الشركة وفي اطار نمط العمل الياباني للشركات.

نماذج أظهرت كفاءات وأسهمت في إعادة تأهيل نيسان والخطوط الجوية اليابانية ”JAL“

توجد في إطار القيام بعملية إعادة تأهيل لهذه الشركات أمثلة سابقة حول الاستعانة بمديرين من خارج موظفي الشركة في اليابان. فقد تم تعيين مديرين من أصحاب إنجازات في مناصب الإدارة العليا في كل من ”شركة نيسان موتور المحدودة Nissan Motor Corporation“ والخطوط الجوية اليابانية ”JAL“ و شركة ”ريسونا القابضة“ وغيرها.

ففي عام ١٩٩٩ وبعد تعرض ”نيسان“ لأزمة مالية دعت شركة ”نيسان“ السيد ”كارلوس غصن“ من شركة ”رينو Renault“ الفرنسية ،لتولي منصب الرئيس التنفيذي للشركة، وبدا أن ذلك الإجراء كان الدعامة الرئيسية في إقامة التحالف بين الشركتين بعد ذلك. وقد قام ”غصن“ بعرض مهاراته في الإدارة و في الإصلاحات داخل الشركة مما أدى لتحسين الأداء بها. وكمثال آخر فقد تولى رئيس مجلس إدارة شركة ”كيوسيرا“ السيد ”إناموري كازوو“، منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للخطوط الجوية اليابانية ”JAL“ في فبراير/شباط ٢٠١٠ بدون أجر، وحقق إنجازاً في عملية إعادة تأهيل الشركة. وكان ذلك بناءً على طلب تلقاه السيد ”إناموري“ من ”هاتوياما يوكيو“ رئيس الوزراء آنذاك.

وهكذا لم يكن اختيار هؤلاء الرؤساء سوى حالات خاصة واستثنائية لكن اللافت للنظر حالياً هو تعاقب حالات استقدام وتعيين الأشخاص من شركات أخرى في منصب رئيس الشركة أو رئيس مجلس الإدارة بها الواحدةً تلو الأخرى ولا سيما هذا العام، وهو غير ما ورد ذكره من الشركات التي حدث بها تحالف فى رؤوس الأموال أو كانت تشترك في نفس مجالات الأعمال.

الأمل معقود على المحترفين في تشكيل إدارة جاهزة للعمل الدولي

وقد فوجئ الناس في ٤ من أبريل/نيسان ٢٠١٤، باختيار السيد ”أوتاني ماساهيكو“،- والذي شغل منصب رئيس الشركة ورئيس مجلس الإدارة لشركة ”كوكا كولا Coca Cola“ اليابان - ليشغل منصب رئيس تلك الشركة العريقة والمُصَنِّعَة لمستحضرات التجميل ”شيسيدو“. كذلك تولى السيد ”هارادا ايكو“- والذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة لشركة ”ماكدونالدز McDonalds“ اليابان- منصب رئيس الشركة ورئيس مجلس الإدارة لشركة ”بينسيه“، الرائدة فى مجال التعلم عن بعد، ليتعامل مع الأزمة التي حَّلت بتلك الشركة إثرَ واقعة تسرب بيانات العملاء بها.

وفي يوليو/تموز، أعلنت شركة ”سانتوري القابضة“ أيضاً عن مفاجأتِها، وهي تعيين السيد ”نينامي تاكيشي“ - رئيس شركة ”لوسون“، أحد أكبر متاجر الكومبيني الرائدة في اليابان - رئيساً لها من بداية سبتمبر/أيلول. لتكون ذلك أول مرة تستقبل فيها ”سانتوري“ رئيساً من خارج أفراد العائلة المؤسسين للشركة. ومن الجدير بالذكر أن ”ساجي نوبوتادا“ رئيس الشركة ورئيس مجلس الإدارة لـ”سانتوري“ قد سبق وقام بجس نبض صديقه القديم السيد ”نينامي“ بخصوص تسلمه منصب الرئيس منذ ٣ سنوات، سيما أنه قد أشاد بحس السيد ”نينامي“ الدولي وخبرته في أعمال الشركات التجارية بشكل عام.

وتتّابع الأمثلة، فالسيد ”فوجيموري يوشياكي“ رئيس مجموعة ”LIXIL“ التي تعتبر أكبر شركة في مجال مواد البناء ومعدات الإسكان كان يعمل في شركة ”جنرال إلكتريك“ الأمريكية ”GE“، والسيد ”ماتسوموتو أكيرا“ رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة ”كالبي“ كان يعمل في شركة ”جونسون آند جونسون Johnson & Johnson“ الأمريكية، وكلاهما تمرسان كرؤساء في فروع الشركات الدولية في اليابان.

وكثيراً ممَّن وقع عليهم الاختيار كانوا ممَّن حققوا الكثير من الإنجازات كرئيس في الشركات الأجنبية. وفي ظل استمرار العولمة الاقتصادية، والتي تنعكس علي العصر لتصبح متطلباته توفر قادة الأعمال الذين يستطيعون اتخاذ القرار برؤىً إداريٍة جديدةٍ واستراتيجيات نحو الأسواق العالمية، وتنفيذها علي أرض الواقع.

كما تتجه الشركات إلى الاعتماد على الخبير الإداري المتمرس في إعطاء ”نظرة شاملة من الخارج“ والحكم بشكل موضوعي على مجريات الإدارة للشركة، وتغيير الرؤية المحدودة للموظفين الغارقين في دائرة العمل الإداري المعتادة بالشركة. كذلك أصبح هناك غاية في تشكيل إدارة لها صفة المبادئة والصمود وسط المنافسة العالمية.

نسبة قبول الأشخاص من خارج الشركة في المناصب القيادية في اليابان ٣٪ فقط

وبالرغم من أن مبدأ الاستعانة بالخبراء من خارج الشركات والمؤسسات لتولى مناصب إدارية عليا هو أمرٌ مألوفٌ في أمريكا وأوروبا إلا أنه ما زال أمراً محدوداً بشكل كبير في اليابان. فطبقاً لتقرير عام ٢٠١٣ لدراسة سنوية قامت بها الشركة الاستشارية لإدارة الأعمال ”استراتيجى آند Strategy& “ على أكبر ٢٥٠٠ شركة مُدرجة بالبورصة عالمية، تبين أن نسبة الشاغلين لمنصب الرئيس التنفيذي CEO في الشركات اليابانية من الذين يتم ترقيتهم من بين موظفي الشركة نفسها هي ٩٧٪، بينما لم تتعدى نسبة أولئك الذين يتم تعيينهم من خارج الشركة نسبة ٣٪ فقط. بينما تصل نسبة من يتم تعيينهم من خارج الشركة في أمريكا وكندا إلى ٢٣٪ وفي دول أوروبا ٢٥٪، وتصل إلى ٤٠٪ في الدول الناشئة مثل مصر وتركيا وجنوب إفريقيا والمكسيك وغيرها. (شكل ١،٢)

كما تبين لنا أيضاً من نتائج هذه الدراسة وجود بعض الخصائص الأخرى لشاغلي هذا المنصب في الشركات اليابانية. حيث أن متوسط أعمار من تم تعيينهم حديثاً في منصب الرئيس التنفيذي هو ٦١ سنة، وهذا ما يزيد بدرجة كبيرة عن المتوسط العالمي وهو ٥٣ سنة. ونجد أيضاً أن نسبة من تم تعيينهم حديثاً في منصب الرئيس التنفيذي من ذوي خبرات العمل خارج اليابان، هي ٣٧٪ وقد ارتفعت نسبتهم بشكل كبير عام ٢٠١٢ إذ بلغت ١٧٪. ومن ناحية أخرى فإن نسبة من تم تعيينهم في منصب الرئيس التنفيذي من الأجانب في الشركات اليابانية في الفترة من عام ٢٠٠٩ إلى عام ٢٠١٣ هي ٢٪ فقط، بينما تبلغ النسبة العالمية ١٨٪.

مديرون قادرون على مواكبة العولمة

ولم يعد من الواضح بعد إلى أي مدى سيتم انتشار عملية البحث عن المديرين ذوي الكفاءات ممًّن حققوا إنجازات في شركات أخرى واستقدامهم في الشركات اليابانية. ولكن نستطيع القول إن في ظل تقدم العولمة الاقتصادية فقد أصبحت نية المديرين الحاليين واضحة في البحث عن استراتيجيات عمل وفكر إداري جديد يفوق التصور المعتاد للشركة. وبغض النظر عما إذا تم هذا التعيين من داخل أو خارج الشركة، فإن هناك طلبا متزايدا على مديرين يستطيعون مواكبة عصر العولمة.

فقد انتقلت اليابان من العصر التي كانت فيه هي رائدة الصناعة في الأسواق العالمية، إلى عصر أصبحت فيه تزيد من بذل جهودها للبقاء داخل المنافسة القوية التي تواجهها من قبل الاقتصادات الصاعدة أي الدول الصناعية الجديدة (NIC). فقد إنهار نظام الأقدمية في التعيين ونظام التوظيف حتى التقاعد في اليابان منذ زمن. وبدأ الإداريون بالأخذ في الاعتبار - بجانب البحث عمن سيخلفهم بين الموظفيين الأصليين الذين كبروا في الشركة وبُنيت الشركة على كاهلهم - البحث أيضاً عن مديرين من ذوي الكفاءات من خارج الشركة. ولربما قد ينتهي العصر الذي يَحلُم فيه الموظف في العمل والاجتهاد حتى الترقي للقمة.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ٤ أغسطس/آب ٢٠١٤. عنوان الصورة: ماذا سيكون مصير الشركة عندما يَحين لهؤلاء المستجدين وقت الترقي إلى مناصب عُليا ؟ مجموعة من الموظفين حديثي التعيين في منطقة ”مارونوأُتشي“ بالعاصمة طوكيو. الصورة مقدمة من جيجي برس.)